تمهيد :
يلاحظ في كثير من الأحيان أن الباحثين يعانون من مشكلة التأخير في إعداد
رسائلهم وأبحاثهم، والتي قد تنتهي بالباحث إلى ترك مجال البحث كلية وإلى
شطب رسالته، أحيانا إلى تحويلة من وظيفة التدريس (معيد/ مدرس مساعد) إلى
وظيفة إدارية أو مكتبية تتناسب مع تخصصه داخل الجامعة.
ولا شك أن التأخير في إعداد الرسالة أو البحث سوف يترتب علية أن الرسالة
لن تكتب، وإن الدرجة العلمية التي ينشدها الباحث لن يتم الحصول عليها
وساعتها يصاب الباحث بالإحباط الذي قد ينعكس على جوانب حياته الأخرى
أحيانا يودي إلى انخفاض كفائتة العلمية.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد فقد يودي تأخر الطالب(1) في إعداد رسالته مع
مرور الوقت إلى تغيير لجنة الأشراف نتيجة سفر أو اعتذار أحد المشرفين أو
وفاته، وتستمر تداعيات هذا التأخير مع الباحث حيث قد تشكل له لجنة جديدة
وقد بتغير موضوع – أو نقطة- البحث أو أجزاء منة أو على الأقل يتغير المنهج
الذي اتبعه الباحث وكأنه يبدأ من جديد.
ويلاحظ أن كفاءة الباحث في النهاية تقترن بإعداده لرسالته وبحثة بدرجة
معينة من الجودة وهى ما نطلق علية الحد الأدنى للتمكن العلمي ونعني به
التمكن من أدوات البحث وطرقة وتوظيفها في إخراج الرسالة وإعدادها والتمكن
من جوانب الموضوع ومعالجتها بأسلوب علمي سليم.
والطالب وحده هو المسئول عن عمله ومهما تكن مسئولية المشرف فيجب أن يفهم
الطالب أنه هو المسئول الأول والأخير عن نجاح أو فشل بحثه فالرسالة تعكس
روح الطالب وعلمه واجتهاده لا روح المشرف وعلمه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد منير حجاب، الأسس العلمية لكتابة الرسائل الجامعية، (القاهرة : دار الفجر للنشر والتوزيع1997م) ص:16.
هذا فضلا عن أن نجاح الباحث في إعداد رسالته والحصول على الدرجة العلمية
المنشودة سوف يدفعه مستقبلا لمواصلة البحث والدراسة في مجال تخصصه، ولذلك
فان إتباع الباحث للمدخل أو الأسلوب العلمي المنظم في إعداد بحث سوف يساعد
كثيرا في القضاء على مشكلات التأخير وتداعياتها المختلفة التي أشرنا إليها
في البداية.
ونقدم هنا عرضا لما أسميناه " المدخل المنظم في إعداد الرسائل والبحوث
العلمية " حيث يوضح مزايا وفوائد التخطيط المسبق لإعداد الرسالة وإدارة
الباحث للجوانب المختلفة في إعدادها".
تخطيط و إدارة أنشطة البحث :
إن قيام الباحث بتخطيط وإدارة الأنشطة المختلفة للبحث سوف يساعد كثيراً في
سيطرة الباحث على مجريات بحث وسوف يعمل على تنظيم وقته، كما يساعد أيضا
على إخراج رسالة علمية جيدة ويرفع من مهارة الباحث في إعداد أبحاثه
ودراساته المستقبلية.
ويبدأ تخطيط البحث من مرحلة إعداد مشروع البحث أو الرسالة The Research
Proposal. والذي يتوقف علي دقة إعداده ووضوحه النجاح في بقية مراحل إعداد
الرسالة أو البحث ويستمر هذا التخطيط ويمتد ليشمل بقية المراحل والخطوات
التي يتطلبها إعداد البحث أو الرسالة.
ويجب أن يضع الباحث في ذهنه النقاط التالية عند إعداده لمشروع البحث وقيامة بإجراء دراسته :
1- إن إعداد مشروع جيد للبحث سوف يؤدي إلى حسن أداء الباحث في رسالته،
ممثلا في اختيار أدوات البحث وطرق وأساليب التحليل وغيرها، فيما أطلقنا
عليه المدخل المنظم للبحث، والذي سنتعرض له فيما بعد.
2- إن الباحث مسئول مسئولية كاملة عن إدارة أنشطة البحث والقيام بها وبالمهام المختلفة اللازمة لإنهاء دراسته.
3- إن توافر علاقات طيبة بين الطالب والمشرفين أمر له أهميته في قيام الباحث بإعداد رسالته (ماجستير / دكتوراه).
وهذه النقاط الثلاثة يجب اعتبارها ووضعها نصب الأعين عند قيام الباحثين
بإعداد رسائلهم وأبحاثهم. وفيما يتعلق بالنقطة الأولى – وهي إعداد مشروع
البحث- فان تحسن أداء الباحث يتوقف على حسن إدارة البحث وتخطيطه الجيد
للمشروع وبقية خطوات البحث، وفي هذا الصدد يرى Peter Drucker الكاتب
المعروف في إدارة الأعمال أن :
" جعل العمل المعرفي أو العملي جيدا يعد من أهم الواجبات والمهام التي تقع
على عاتق الإدارة في هذا القرن، كما كان العمل على جعل العمل اليدوي منتجا
من أهم مهام وواجبات الإدارة في القرن الماضي.
إن الفجوة بين العمل المعرفي المنظم والمدار جيدا وبين نظيره غير المنظم
تعد أكثر اتساعاً مقارنة بالفرق بين العمل اليدوي في الماضي والعمل اليدوي
في ظل وجود الأداة العلمية". (1).
ويعتبر إعداد الرسالة العلمية عملا كبيرا محفوفا بالمخاطر في مرحلة
إعدادها أو عند قبولها، لكن هذه المخاطر يمكن الحد منها أو تخفيفها،
وزيادة فرص النجاح من خلال إتباع منهج منظم الأداة مشروع البحث وخطواته
كما أسلفنا من قبل.
(1) PeterDracker: the Age of Discontinuity. (NY: Harper and Row, 1969) p.212.
ويهدف هذا المدخل الذي ندعو إليه إلى الإعداد الجيد للرسالة في وقت معقول،
هذا بالإضافة إلى أنه يعطي الطالب مزيداً من الثقة في قدرته علي تنظيم
وإدارة أمور بحثه الحالي وأبحاثه المستقبلية، حتى انه من الممكن أن يخرج
من بين هؤلاء الباحثين الذين ينظمون أبحاثهم في الماجستير والدكتوراه
مشرفون أكفاء في المستقبل.
وبالنسبة للنقطة الثانية – وهي مسئولية الباحث عن إعداد بحثه وإكماله
وإخراجه بشكل جيد – فان مسئوليه الباحث هذه تنبع من كون رسالته – خاصة
رسالة الدكتوراه – تعد دليلا على أن هذا الباحث قادر بشكل مستقل على عمل
مساهمة علمية في مجال تخصصه، لكن المؤسف حقا أن بعض الباحثين لا يستطيعون
إدارة هذا العمل وهو إعداد أبحاثهم بشكل جيد.
وقد يعمل الباحث مع مشرفة أو أساتذته في بعض المشروعات البحثية، وهذا آمر
جيد، وقد تكون رسالته للماجستير أو الدكتوراه امتداداً لبعض المشروعات
البحثية، وهذا جيد أيضاً، حيث يكسب الطالب الخبرة من أستاذه خلال تلك
الفترة، وبالرغم من أن المشرف يقدم معاونة كبيرة للباحث عند إعداد الآخر
لبحثه أو رسالته، لكن المسئولية لا تزال مسئولية الطالب عن رسالته كما
قلنا منذ البداية.
ولاشك أن تفهم الباحث لهذا الأمر سيولد عنده روح المبادرة والاعتماد على
النفس، ويجعله أكثر قابلية للعمل بشكل مستقل في المستقبل، كما يجعله حريصا
على إعداد بحثه بشكل أفضل.
أما الجانب الثالث – وهو توافر علاقة طيبة بين الباحث ومشرفيه – فإنه يعد
في غاية الأهمية للباحثين – كما أسلفنا - فالأستاذ المشرف يقوم بالتوجيه
والنصح والإرشاد والانتقاد وتسهيل عمل الباحث، كما أنه يقدم له الدعم
المعنوي والمساندة إذا اقتنع بقدرته وعمله كباحث جيد سواء عند إعداد
الرسالة أو عند مناقشتها.
وإذا قام المشرف بدوره هذا كما ينبغي، فإنه يدفع الباحث إلى الأمام ويقلل
من إحباطاته التي تلازمه عادة في هذه المرحلة، ويختلف حجم الدعم والمساندة
التي يقدمها المشرف حسب كل حالة، كما يختلف من مشرف إلى آخر، وذلك حسب
أشغال المشرف وعدد الطلاب الذين يشرف عليهم، وحسب طريقته وأسلوبه في
الإشراف.
وعلى الطالب أن يدرك هذه الحقيقة ويتعامل معها من البداية حتى يستطيع أن يكسب معاونة أساتذته ومساندتهم العلمية والمعنوية.
ولا شك أن المدخل العلمي المنظم الذي ننشده لإعداد الرسالة أو البحث يقوم
على أساس أن هناك علاقة تبادلية بين الطالب وأساتذته، وبين دور كل منهما،
هذه العلاقة تشبه علاقة العقد برغم إنها علاقة شخصية، حيث يكون لكل منهما
دور محدد يجب القيام به.
دور المشرف :
يرى البعض أن " الإشراف هو عمل علمي و أخلاقي يؤكد سمعة ودرجة علمية
متقدمة، ويحافظ على قدسية العلم ورقي الاختصاص، ويعتبر ركناً تربويًا
أساسيا في وظيفة الأستاذ الأكاديمية وفى دوره العلمي ". (1)
ويتلخص دور المشرف فيما يلي :
- التوجيه والإرشاد.
- الاستجابة لمتطلبات الباحث من حيث قراءة الفصول أو مشروع البحث
في خلال فترة زمنية محددة يحددها للباحث، ويعمل على الالتزام بها.
- المسئولية عن النصح المستمر.
- مساعدة الطالب بشكل عام في إعداد مشروع البحث ومسودته النهائية.
(1) محمد منير حجاب، مرجع سبق ذكره، ص: 15.
دور الطالب :
في المقابل فان هناك دوراً للباحث لا يقل أهمية عن دور أساتذته ويتخلص هذا الدور في:
- القيام بتنفيذ ما يقوله، أو يعد به، أو يكلف به من قبل أستاذه، أو تقديم تفسير منطقي ومعقول في حالة تقصيره.
- الاتصال المستمر بأستاذه المشرف.
- إعداد وتقديم الوثائق المختلفة التي يتطلبها بحثه، والتي يتناولها خلال
إعداده للبحث أو يعلق عليها داخل البحث.
- أن يكون متكاملا في بحثه وكتابته.
- أن يتبع طريقة أو منهجاً محدداَ في تقديم مشروعة وإعداد الأشراف.
- أن يكون مسئولا عن القيام بالمهام البحثية المطلوبة منه خلال الوقت المحدد له من قبل أستاذه أو لجنة الإشراف بشكل عام.
- أن يكون ذا ذهن متفتح عند تعامله مع الاقتراحات والنصائح المقدمة له من المشرف، وأن يظهر روح المبادأة عند تعامله مع أساتذته.
ويسلك الأساتذة المشرفون سبلاً مختلفة في إشرافهم علي الباحثين، وما يعد
مناسباً لأحد المشرفين قد لا يكون مناسبا للآخر، لكن وجود مدخل منظم من
البداية في الإشراف علي الطلاب سوف يكون مفيداً للأستاذ المشرف أيضا
وموفراً لجهده ووقته مع الطالب، وداعياً إلى إخراج رسالة علمية أفضل.
ويلاحظ أن المدخل المقدم في هذا الكتاب لا يعد ملزما للمشرفين، فقد يرى
الأستاذ المشرف أسلوبًا أو طريقة مختلفة عند إشرافه علي أحد طلابه، لأن
الطلاب أنفسهم يختلفون فيما بينهم من حيث قدراتهم العلمية والبحثية، لكن
الاتفاق على طريقة محددة للإشراف على الطالب من البداية سوف يكون مريحا
للأستاذ والطالب معا، ونقصد به تحديد مواعيد معينة لمقابلة الطالب ومواعيد
محددة لإنهاء الأستاذ من مراجعة الفصول والمسودات أو تخطيط أنشطة البحث
للطالب في جدول زمني محدد كخطة يسير عليها الطالب في إعداد بحثه.
الهدف من إعداد الرسالة العلمية ( ماجستير / دكتوراه):
على الرغم من أن الدافع الأساسي في معظم الحالات للطلاب لإعداد رسائل
الماجستير والدكتوراه ينبع من رغبتهم في احتلال مقعد من مقاعد الهيئة
التدريسية بالجامعات، لكن إعداد الرسائل العلمية يشمل العديد من الأهداف
التي تتضمن هذا الهدف، ومن أهم الأهداف التي يجب أن يدركها الباحثون أن
إعداد الرسالة العلمية يتضمن أيضا:
- القيام بعمل بحثي مستقل.
- تقديم مساهمة علمية في مجال التخصص( خاص في مرحلة الدكتوراه).
- توثيق البحث، أي كتابته وجعله متاحاً للآخرين في مجال تخصصه.
ويتضمن الهدف الثالث كلا من الهدفين الأول والثاني، لأنه يعد دليلا علي
توافرهما من عدمه، وفي داخل الجماعات فان اللوائح تقتضي أن يقدم الباحث
رسالته مكتوبة قبل الحكم على قدرته على تحقيق الهدفين الأول والثاني كما
هو معلوم لدينا جميعًا.
وسوف نعود للحديث عن هذه الأهداف في الفصل الثالث عند الحديث عن اختيار موضوع البحث.
طبيعة إعداد الرسالة العلمية:
لكي نتعرف على طبيعة إعداد الرسالة العلمية ( ماجستير / دكتوراه ) فإننا يجب أن نحدد أولا ما هو المقصود بالرسالة العلمية ؟
الرسالة العلمية: هي توثيق لعمل علمي مستقبل يقدم مساهمة علمية في مجال التخصص *
GordonB. Davis and Clyde A. Parker, Writing the Doctoral *
Dissertation: Asystematic approach (NY. Wood Bury, Barron's Educational Series, lnc 1979) p; 15.
وينطبق هذا التعريف على رسائل الدكتوراه، أما في مجال الماجستير، فإنه لا
يشترط أن يقدم الطالب مساهمة علمية، لأن مرحلة الماجستير هي مرحلة إعداد
للطالب لكي يكون باحثا، ويكتفي في هذه المرحلة بالكشف عن قدرات الطالب
وتمكنه من أدوات البحث والتحليل كمرحلة تمهيدية لتقديم المساهمة العلمية
في مرحلة الدكتوراه.
ويختلف حجم الرسالة أي عدد صفحاتها من باحث لآخر، حسب طبيعة موضوع البحث،
ومنهج الدراسة الذي اعتمده الباحث في كتابته لرسالته، وقد آجري باحثان
أمريكيان (Davis & Parker) دراسة حول هذا الموضوع اعتمدا فيها على
الإحصاءات المتوافرة في دليل الرسائل في العلوم الاجتماعية والمسمى
.................... Dissertations AbstractInternational
والذي يحتوي على عينة مكونة من 400 رسالة، وتوصلا إلي أن حجم الصفحات
يتراوح ما بين 600-100 صفحة، وان الوسيط Median يبلغ 225 صفحة. (1)
وفى دراسة استطلاعية محدودة آجراها المؤلف على عينة قوامها 100 رسالة
ماجستير مكتوبة بالغة العربية , ومتوافرة بمكتبة الكلية التي ينتمي إليها،
في الفترة من 2002-1980 تبين أن حجم الصفحات يتراوح ما بين 440-140 صفحة ,
وان الوسيط يبلغ 218 صفحة، وبالنسبة لرسائل الدكتوراه فقد تم فحص عينة من
100 رسالة دكتوراه عن نفس الفترة وتبين أن حجم الصفحات يتراوح ما بين
539-220 صفحة، وان الوسيط يبلغ 322 صفحة، ولكن هذه المؤشرات تحتاج إلي
استخدام عينات اكبر حجما، ويجب أن تشمل عدداً من كليات الإدارة المختلفة
في العالم العربي، حتى يمكن التوصل إلى مؤشرات أكثر دقة في هذا الخصوص.
(1) Ibid, PP: 16-17.
وبالنسبة للوقت المنقضي في إعداد الرسالة فأنه من الصعب تقدير هذا الوقت،
ولكن الباحثين نفسيهما (Davis & Parker) قاما بتقدير هذا الوقت من
واقع البيانات التي حصلا عليها فوجد انه في %80 من الحالات فان إعداد
رسالة الدكتوراه يتطلب من 19-11 شهراً كوقت فعلى من واقع نظام الدراسات
العليا في الجامعات الأمريكية التي ينفق الطالب فيها ما يقترب من -4-سنوات
في تلقى بعض المقررات الدراسية. Course Work في مجال التخصص بشكل مباشر أو
غير مباشر. (2)
لكن الخبرة المتاحة لدينا في مجال إدارة الأعمال في الجامعات العربية –
ومنها المصرية كمثال- تقول بأن هذا الوقت يتراوح - في مرحلة الدكتوراه –
ما بين 60 - 24 شهرا. وكما قلنا فان هذا الوقت – كحجم الرسالة- يعتمد على
طبيعة الموضوع ومدى توافر بياناته وطبيعة الإشراف، ومدى جدية الباحث ذاته.
وهناك بعض الجامعات في الخارج التي تحدد وقتا للطالب للانتهاء من رسالته،
وعموما فان المتعارف عليه في الجامعات المصرية – كمثال في مجال الدراسات
التجارية عموما – إن الحد الأدنى للانتهاء من إعداد رسالة الماجستير هو
عام واحد، وقد يزداد إلى عامين أو اكثر، وذلك بخلاف الوقت المنقضي قي
دراسة مقررات الماجستير( الكورسات )، وبالنسبة لرسالة الدكتوراه فإن هذه
المدة تكون عامين، وقد تمتد إلى أربعة أعوام أو أكثر حسب طبيعة العوامل
التي ذكرناها من قبل وذلك بخلاف الفترة المنقضية في دراسة مقررات
الدكتوراه.
إن السؤال المتعلق بوقت انتهاء إعداد الرسالة العلمية يصعب الإجابة عنه.
فهناك باحثون جيدون، لكنهم قد يتأخرون في إعداد رسائلهم لأنهم يضعون
لأنفسهم معايير عالية للحكم علي جودة رسائلهم، ولا يمكنهم في ذات الوقت
تحقيق هذه المعايير.
(2)Ibid, p.17.
وهذا الأمر موجود أيضا لدى بعض المشرفين، ويأتي هذا الشعور من أن الباحث
يعتبر رسالته للدكتوراه علي وجه الخصوص هي إنجازه الأول الذي يدخل به إلى
المحافل العلمية لذا يحاول أن يخرج رسالة جيدة، أو كما يقولون تحفة علمية
رائعة MagnumOpus.
لكننا اتفقنا من البداية علي أن الرسالة العلمية تهدف عموما إلى تقديم
إنتاج علمي مستقل يضيف إلى مجال التخصص ( خاصة في الدكتوراه )، ويمكن
اعتبار هذه الأهداف بمثابة معايير يسترشد بها الباحث في إعداد رسالته
ويحكم بها المشرف على إنتاج الباحث من الناحية العلمية، وكما ذكرنا فإن
لنا عودة لهذه الأهداف في الفصول التالية.
دورة حياة البحث أو الرسالة :
إن الهدف من إعداد مشروع البحث أو الرسالة يتلخص في تجنيب الباحث المزبد
من المخاطر التي ذكرناها في البداية، حيث تكون لديه رؤية واضحة عما يقوم
به أو ما يجب أن يقوم به من عمل ومهام لإنجاز بحثه.
وتبدأ حيرة الباحث في البداية عندما يواجه بكم من الأبحاث والدراسات
والمقالات في الموضوع الذي يرغب أن يبحث فيه، بل انه في بداية عهده بالبحث
يكون مشتتًا بين العديد من الموضوعات التي تجذبه للبحث، وبالرغم من أن بعض
الجامعات تميل إلى حصر الطالب في حقل محدد أو تخصص معين في دراسته منذ
مرحله الدراسات العليا، لكن هذه الحيرة تلزمه أيضا لكثرة ما يجده مكتوبا
في مجال تخصصه المحدد.
لكن الباحث يمكنه أن يبدد هذه الحيرة إذا ما حدد لنفسه من البداية مجالا
معيناً يكون اقرب إلي نفسه وميوله، بحيث إذا عمل فيه يكون مميزاً، على
الأقل لا يجد صعوبة في ارتياده، لكن الواقع الفعلي يقول بأن الطالب غالباً
ما يختار الموضوع الذي يجد قبولا لدي المشرف، خاصة مع ندرة المشرفين في
بعض حقول المعرفة.
وعلى الطالب أن يركز جهده، وسوف تقل حيرته وتردده مع كتابته لمشروع البحث،
فإذا كان قادراً على إعداد مشروع جيد ويعرف أنه يمكنه تنفيذه والالتزام
به، فسوف تنتهي حيرته وينطلق مع دراسته.
ولا يمر إعداد مشروع الرسالة بهذه السهولة التي ذكرناها، لأنه كما قلنا
فإن الباحث يواجه بموضوعات متعددة، وعليه أن يختار واحد منها، وهنا فانه
عادة ما يقوم بعمل أكثر من مشروع، وعليه أن يحدد أيا من هذه المشروعات سوف
يكون قادرا على إعداده وإكماله، ليكون رسالة مكتملة في النهاية، وبالطبع
فإن دور المشرف هنا يبدو جلياً في مساعدة الباحث في التخلص من هذه الحيرة.
وسوف نعرض لكيفية اختيار موضوع البحث لاحقا قي فصول هذا الكتاب، وعلى
الطالب أن يدرك أن المشروع في بدايته سوف يكون غامضاً، ويجعل الكثير من
التساؤلات، لكنه مع العمل وكثرة القراءات والاسترشاد بمنهج المشرف
والأساتذة الآخرين والزملاء في نفس مجال التخصص سوف يصل الباحث إلى مشروع
أفضل.
ويلاحظ أن مشروع البحث يبدأ عامًا، وينتهي أكثر تحديداً، ومعني هذا أنه –
كما قلنا – تتم كتابته وتنقيحه عدة مرات حتى يصل الطالب إلى صيغة محددة
وواضحة لمشروع بحثه.
خطوات إعداد الرسالة :
يمر إعداد الرسالة العلمية بالخطوات التالية :
1. اختيار موضوع عام من موضوعات البحث، كان يختار الباحث مجال دراسته في إدارة الأفراد أو السلوك التنظيمي أو التسويق .... وهكذا.
2. اختيار عدة موضوعات داخل الحقل الواحد المحدد الذي يختاره الباحث في الخطوة(1) ، علي أن تخضع هذه الموضوعات للتقييم المبدئي.
3. اختيار موضوع واحد من هذه الموضوعات يقوم بصياغته في شكل مشروع للبحث.
4. تحديد الموضوعات أو الخطوط الرئيسة التي يتضمنها كل فصل من الفصول التي ستحتويها الرسالة أو البحث
5. جمع الدراسات السابقة في موضوعات البحث ومراجعتها وتنظيمها
Literature Review
6. المضي في أعداد البحث وتكملته وأجراء الدراسات اللازمة له (دراسات
ميدانية، جمع بيانات ثانوية ... الخ ) حسب طبيعة موضوع البحث.
7. إعداد مسودة البحث أو الرسالة.
8. الكتابة النهائية للبحث بشكل يصلح معه للمناقشة والحكم عليه.
ويمكن للباحث أن يقسم أنشطة البحث هذه في شكل جدول زمني محدد يسترشد به
أثناء إعداد البحث أو الرسالة التي يقوم بها، ويوضح الشكل التالي(رقم1)
مثالاً علي تخطيط الفترة الزمنية لإعداد رسالة( الماجستير/ دكتوراه ) في
زمن افتراضي قدره 24 شهرا فيما يلي :
العمل بالشهور النسبة المئوية
9
9
2
4
الكتابة والمراجعة والتدقيق 37.5
37.5
8.3
16.7
البحث والتحليل
مراجعة الدراسات السابقة وكتابتها
اختيار الموضوع وإعداد المشروع
24 100%
شكل رقم (1)
تخطيط زمني لإعداد رسالة ماجستير / دكتوراه
وبالطبع فإن الزمن اللازم لإعداد والانتهاء من البحث سوف يختلف كما قلنا
من بحث لآخر، ومن باحث لآخر لكن الشكل السابق يوضح مثالا افتراضيا لما
يمكن أن يكون عليه تخطيط أنشطة البحث وجدولتها زمنيا.
إدارة مراحل إعداد البحث :
يمكن اتباع مدخل محدد لإدارة أنشطة البحث من خلال تقسيم هذه الأنشطة المختلفة إلى مراحل ثلاث كما يلي : (1)
1- المرحلة السابقة على إعداد الرسالة أو البحث :
يفضل آن يفكر الباحث في رسالته وموضوعها قبل أن يصل إلى هذه المرحلة،
بمعنى أنه أثناء دراسته لمقررات الماجستير أو الدكتوراه عليه أن يفكر في
هذا الآمر، فقد تعن له فكرة البحث(الرسالة) أثناء دراسته للسنة التمهيدية
عندما يكلفه أستاذه بكتابه ورقه بحثية عن موضوع معين أثناء دراسته لأحد
المقررات، ويمكنه بعد ذلك التفكير في هذه الورقة وتوسيعها وتطويرها،
وإعدادها بعد ذلك في شكل تصلح معه لموضوع رسالة ماجستير/ دكتوراه، أيضا
يمكنه استغلال الفرصة التي تتاح له عندما يكلف بإعداد مشروع بحثي ضمن
متطلبات دراسة مادة طريق البحث كمقرر من مقررات الماجستير والدكتوراه هذه
ولاشك أن الاختيار المبدئي المبكر لموضوع البحث سوف يساعد الباحث كثيراً
في إعداد رسالته في المستقبل، لأنه سيعطيه فرصة أفضل للتفكير، كما يزوده
بخلفية علمية، ولو مبدئية وسريعة عن موضوع البحث، كما أن هذا يساعد في
متابعة الموضوع ( موضوع البحث ) مع أستاذه المشرف من خلال المناقشات في
قاعات الدراسة، وقد يتوصل الباحث مع أستاذه إلى بعض التعديل في هذا
المشروع المبكر للبحث بحيث تسهل عليه صياغته فيما بعد بشكل أفضل عند وقت
التسجيل.
(1) Ibid,p.22.
ولكي يستفيد الباحث من هذه المرحلة عليه أن يحفظ كل ما يجمعه حول الموضوع
الذي يرغب في دراسته( كرسالة) من خلال عمل مجموعة من الملفات التي تحتوى
المادة العلمية التي يجمعها بحيث يمكن تنظيم هذه المادة العلمية بشكل يسهل
معه الإضافة إليها وتبويبها فيما بعد لتخدم فصول رسالته إذا استمر في ذات
الموضوع.
2- مرحلة اختيار موضوع البحث :
يعد من نافلة القول التأكيد على أهمية اختيار موضوع البحث أو الرسالة، حيث
يعتبر هذا الآمر من الأمور الصعبة والمملة في ذات الوقت، لأنه نادراً ما
يجد الباحث أمامه موضوعًا محدداً ليبحث فيه، وذلك بإستثناء بعض الحالات
التي تكون فيها المؤنسة العلمية (مثل حالة المركز القومي للبحوث في مصر
والمؤسسات البحثية الأخرى المشابهة في العالم العربي) لديها خطة محددة
للبحث في شكل موضوعات يقوم بها الباحثون بشكل محدد.
وكما سبق بيانه فإن موضوع البحث يكون عاماً في بدايته غير محدد الملامح
وواسعاً بعض الشيء ويتطلب عادة القيام ببعض المحاولات المتكررة من جانب
الباحث لكي يحدد ملامحه ويوضح أبعاده.
ويمكن للباحث في هذه المرحلة أن يجمع عدة موضوعات عامة- كما ذكرنا من قبل
عند تحديد أنشطة البحث - وأن يخضع هذه الموضوعات للفحص والمراجعة، وذلك
بمساعدة أستاذه المشرف حتى يستقر على واحد منها. وتبدو أهمية اختيار موضوع
البحث بشكل جيد من أنه يمثل الأساس الذي يعتمد عليه مشروع البحث The
Research Proposal بعد ذلك، والذي يتسع ويمتد ليكون الرسالة والبحث في
النهاية، وسوف نعود لهذا الآمر في جزء مستقل من هذا الكتاب لاحقا.
3- مرحلة إدارة البحث وكتابته :
فى هذه المرحلة يكون من المناسب أن يقوم الباحث بعمل جدول زمني للمهام
والأنشطة التي يجب عليه القيام بها لإانتهاء من بحثه، وتبين هذه الخطة
للباحث الوقت المتاح، والوقت الذي انقضى، والوقت اللازم لإنهاء كل نشاط من
الأنشطة البحثية. وفي هذه المرحلة فإن الباحث عليه أن يحاول تحسين وتوطيد
العلاقة مع أستاذه المشرف، وأن يواصل ويعاود الاتصال به من خلال تقديم ما
يكتبه، وأن ينظم معه مواعيد المقابلات المناقشة ما كتبه.
كما أن عليه أيضا أن يحاول التحكم- بقدر الإمكان- في الوقت ويخضع الأنشطة
التي يؤديها للجدول الزمني الذي حدده لنفسه، وأن يحاول ألا يتجاوز هذا
الجدول بقدر الإمكان، وأن يراجع ما أنجزه على ضوء ما حدده لنفسه، ليدرس
مدى تقديمه في عمله حتى يزداد إنتاجه مع مرور الوقت،وسوف نتناول لاحقا هذه
المرحلة والموضوعات المرتبطة بها في أجزاء مستقلة من هذا الكتاب.
المدخل المتبع في هذا الكتاب:
تناولت هذه المقدمة عرضاً عامًا لما يمكن أن تكون عليه إدارة وتنظيم العمل
البحثي، وأثارت العديد من الموضوعات التي تحتاج إلي تفصيل مناسب في
معالجتها، مثل إعداد مشروع البحث واختيار الموضوع والعلاقة مع المشرف
وغيرها، وحتى يمكن تغطية مثل هذه الموضوعات بشكل يساعد الباحثين خلال
المراحل المختلفة لإعداد أبحاثهم، فإننا سنتبع المدخل الذي أشرنا إليه منذ
قليل، وهو تقسيم الأنشطة البحثية إلى مراحل ثلاث وهي :
• مرحلة ما قبل البحث : (الباب الأول).
ويتم تتناولها في الفصلين الأول والثاني.
حيث يتناول الفصل الأول عرضاً لطبيعة هذه المرحلة ومتطلباتها.
ويعرض الفصل الثاني كفيفة اختيار المشرف وهيئة الإشراف على الرسالة بشكل عام.
• مرحلة اختيار الموضوع (الباب الثاني).
ويتم تناولها في الفصلين الثالث والرابع.
حيث يتناول الفصل الثالث كيفية اختيار موضوع البحث ويوضح الفصل الرابع كيفية إعداد مشروع البحث.
• مرحلة إدارة أنشطة البحث وكتابته: (البابان الثالث والرابع).
ويتم تناول إدارة أنشطة البحث في الباب الثالث في الفصل الخامس والسادس
والسابع، حيث يتناول الفصل الخامس عرضا لكيفية أعداد الجدول الزمني
للرسالة، ويعرض الفصل السادس إدارة أنشطة البحث، أما الفصل السابع فإنه
يتعرض لكيفية التعامل مع المشرف الرئيس وهيئة الإشراف أثناء إعداد الرسالة
وكتابتها.
أما كتابة البحث فيتم تناولها في الباب الرابع في الفصول من الثامن إلى
الحادي عشر، حيث يعرض الفصل الثامن لكيفية القراءة والاقتباس، أما الفصل
التاسع فإنه يعرض لكتابة المسودة الأولى للرسالة، ويعرض الفصل العاشر
لكتابة المسودة النهائية ومراجعة البحث، وتنتهي هذه المرحلة بالفصل الحادي
عشر والذي يعرض للمناقشة والنشر.
وقد ذيلنا الكتاب بعد من الملاحق التي تساعد الباحثين في إعداد رسائلهم
فجاءت الملاحق كالتالي:
ملحق رقم(1): كيفية كتابة الهوامش والحواشي وقائمة المراجع.
ويتناول شرحاً تفصيليًا مدعما بالأمثلة لكيفية كتابة الهوامش والحواشي في
متن البحث باستخدام أكثر من طريق أو أسلوب، وكذلك الأمر في كتابة قائمة
المراجع في نهاية البحث أو الرسالة.
ملحق رقم (2): قواعد الإملاء.
ويتناول هذا الملحق عرضا لقواعد الإملاء، وكيفية استخدامها عند كتابة البحث أو الرسالة..
ملحق رقم(3): إرشادات حول البحث عن الدراسات السابقة.
ملحق رقم(4): مراجع وقراءات مقترحة.
ملحق رقم(5): إرشادات حول استخدام اللغة الإنجليزية في الكتابة.
مقدمة الناشر
تقديم
إن الهدف من وراء كتابة هذا المؤلف هو مساعدة الباحثين في كتابة أبحاثهم
ورسائلهم العلمية بشكل أفضل، حيث يقدم الكتاب بعض الإرشادات التي تساعد
الباحثين في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في اختيار موضوعات البحث واختيار
لجان الإشراف على رسائلهم ( إذا كان ذلك ممكنا)، كما أن الكتاب يساعد أيضا
في إعداد الأبحاث والأوراق العلمية التي يعدها طلاب الدراسات العليا في
مرحلتي الدراسة للماجستير والدكتوراه، وطلاب الدراسات العليا في مرحلة
الدبلوم في الدراسات التجارية بشكل عام وفي إدارة الأعمال بشكل خاص.
وتقدم موضوعات الكتاب مدخلا شاملا لإدارة أنشطة البحث يمكن الباحث من
السيطرة على مجريات بحث، حيث تعرض مقدمة الكتاب لهذا المدخل بشكل عام،
فيما تتناول فصوله المختلفة عرضا تفصيليا لمراحل إعداد وكتابة البحث في
أربعة أبواب، يتناول الباب الأول منها مرحلة ما قبل البحث في فصلية الأول
والثاني، بينما يعرض الباب الثاني لمرحلة اختيار موضوع البحث، وكيفية
أعداد مشروعة ، وذلك في الفصلين الثالث والرابع.
ويعرض الباب الثالث للجزء الأول من المرحلة الثالثة من مراحل إعداد وكتابة
البحث، وهى إدارة أنشطة البحث، وذلك في الفصل الخامس والسادس والسابع،
وتنتهي هذه المرحلة بالباب الرابع والأخير، والذي يعنى بكتابة البحث
ومراجعته، حيث تتناول فصوله الأربعة من الثامن آلي الحادي عشر عرضا لكيفية
البحث وأعداده في صورته النهائية حتى يصبح صالحا للمناقشة والنشر .
ويعالج الكتاب عددا من الأمور الشكلية المتعلقة بكتابة البحث أو الرسالة
العلمية وإخراجها، مثل كيفية كتابة الهوامش والحواشي، وكتابة المراجع
وقواعد الإملاء وغيرها من الموضوعات ذات الصلة بأعداد وكتابة البحوث
والرسائل العلمية.
ويمكن أن يكون هذا المؤلف مفيداً في قاعات الدرس، حيث يمكن الاستعانة به
في التدريس في قاعات البحث لطلاب الماجستير و الدكتوراه في إدارة الأعمال،
وذلك بعد أن يكون الطالب قد فرغ من دراسة مناهج وطرق البحث.
وقد يكون هذا الكتاب مفيدا أيضا لطلاب الدراسات العليا في كليات العلوم
الإدارية في التخليص الأخرى، بخلاف إدارة الأعمال، وطلاب الدراسات العليا
في العلوم الإنسانية بشكل عام، ويساعد أيضا الزملاء القائمين على الأشراف
على رسائل الماجستير والدكتوراه، وخاصة في تجارب الأشراف الأولى، حيث
يمكنهم الاسترشاد ببعض ما جاء فيه، وخاص فيما يتعلق بإدارة الباحث وعلاقات
الإشراف والتعامل بين الباحث ومشرفيه.
ويرجو المؤلف أن يكون هذا الكتاب معينا للباحثين عند إعدادهم لرسائلهم،
كما يأمل أن يسد نقصا في الكتابات المتعلقة بهذا المجال، والتي تعانى من
ندرة واضحة، وذلك باستثناء بعض الكتابات السابقة التي عالجت هذا الموضوع
بشكل سريع ومختصر.
وتسأل الله العلي القدير أن يكون هذا العمل عونا للباحثين، وأن يكون العلم الذي ينتفع به، كما نسأله سبحانه التوفيق والسداد.
أسيوط في 2003/6/9م
أ.د. عادل ريان
يلاحظ في كثير من الأحيان أن الباحثين يعانون من مشكلة التأخير في إعداد
رسائلهم وأبحاثهم، والتي قد تنتهي بالباحث إلى ترك مجال البحث كلية وإلى
شطب رسالته، أحيانا إلى تحويلة من وظيفة التدريس (معيد/ مدرس مساعد) إلى
وظيفة إدارية أو مكتبية تتناسب مع تخصصه داخل الجامعة.
ولا شك أن التأخير في إعداد الرسالة أو البحث سوف يترتب علية أن الرسالة
لن تكتب، وإن الدرجة العلمية التي ينشدها الباحث لن يتم الحصول عليها
وساعتها يصاب الباحث بالإحباط الذي قد ينعكس على جوانب حياته الأخرى
أحيانا يودي إلى انخفاض كفائتة العلمية.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد فقد يودي تأخر الطالب(1) في إعداد رسالته مع
مرور الوقت إلى تغيير لجنة الأشراف نتيجة سفر أو اعتذار أحد المشرفين أو
وفاته، وتستمر تداعيات هذا التأخير مع الباحث حيث قد تشكل له لجنة جديدة
وقد بتغير موضوع – أو نقطة- البحث أو أجزاء منة أو على الأقل يتغير المنهج
الذي اتبعه الباحث وكأنه يبدأ من جديد.
ويلاحظ أن كفاءة الباحث في النهاية تقترن بإعداده لرسالته وبحثة بدرجة
معينة من الجودة وهى ما نطلق علية الحد الأدنى للتمكن العلمي ونعني به
التمكن من أدوات البحث وطرقة وتوظيفها في إخراج الرسالة وإعدادها والتمكن
من جوانب الموضوع ومعالجتها بأسلوب علمي سليم.
والطالب وحده هو المسئول عن عمله ومهما تكن مسئولية المشرف فيجب أن يفهم
الطالب أنه هو المسئول الأول والأخير عن نجاح أو فشل بحثه فالرسالة تعكس
روح الطالب وعلمه واجتهاده لا روح المشرف وعلمه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد منير حجاب، الأسس العلمية لكتابة الرسائل الجامعية، (القاهرة : دار الفجر للنشر والتوزيع1997م) ص:16.
هذا فضلا عن أن نجاح الباحث في إعداد رسالته والحصول على الدرجة العلمية
المنشودة سوف يدفعه مستقبلا لمواصلة البحث والدراسة في مجال تخصصه، ولذلك
فان إتباع الباحث للمدخل أو الأسلوب العلمي المنظم في إعداد بحث سوف يساعد
كثيرا في القضاء على مشكلات التأخير وتداعياتها المختلفة التي أشرنا إليها
في البداية.
ونقدم هنا عرضا لما أسميناه " المدخل المنظم في إعداد الرسائل والبحوث
العلمية " حيث يوضح مزايا وفوائد التخطيط المسبق لإعداد الرسالة وإدارة
الباحث للجوانب المختلفة في إعدادها".
تخطيط و إدارة أنشطة البحث :
إن قيام الباحث بتخطيط وإدارة الأنشطة المختلفة للبحث سوف يساعد كثيراً في
سيطرة الباحث على مجريات بحث وسوف يعمل على تنظيم وقته، كما يساعد أيضا
على إخراج رسالة علمية جيدة ويرفع من مهارة الباحث في إعداد أبحاثه
ودراساته المستقبلية.
ويبدأ تخطيط البحث من مرحلة إعداد مشروع البحث أو الرسالة The Research
Proposal. والذي يتوقف علي دقة إعداده ووضوحه النجاح في بقية مراحل إعداد
الرسالة أو البحث ويستمر هذا التخطيط ويمتد ليشمل بقية المراحل والخطوات
التي يتطلبها إعداد البحث أو الرسالة.
ويجب أن يضع الباحث في ذهنه النقاط التالية عند إعداده لمشروع البحث وقيامة بإجراء دراسته :
1- إن إعداد مشروع جيد للبحث سوف يؤدي إلى حسن أداء الباحث في رسالته،
ممثلا في اختيار أدوات البحث وطرق وأساليب التحليل وغيرها، فيما أطلقنا
عليه المدخل المنظم للبحث، والذي سنتعرض له فيما بعد.
2- إن الباحث مسئول مسئولية كاملة عن إدارة أنشطة البحث والقيام بها وبالمهام المختلفة اللازمة لإنهاء دراسته.
3- إن توافر علاقات طيبة بين الطالب والمشرفين أمر له أهميته في قيام الباحث بإعداد رسالته (ماجستير / دكتوراه).
وهذه النقاط الثلاثة يجب اعتبارها ووضعها نصب الأعين عند قيام الباحثين
بإعداد رسائلهم وأبحاثهم. وفيما يتعلق بالنقطة الأولى – وهي إعداد مشروع
البحث- فان تحسن أداء الباحث يتوقف على حسن إدارة البحث وتخطيطه الجيد
للمشروع وبقية خطوات البحث، وفي هذا الصدد يرى Peter Drucker الكاتب
المعروف في إدارة الأعمال أن :
" جعل العمل المعرفي أو العملي جيدا يعد من أهم الواجبات والمهام التي تقع
على عاتق الإدارة في هذا القرن، كما كان العمل على جعل العمل اليدوي منتجا
من أهم مهام وواجبات الإدارة في القرن الماضي.
إن الفجوة بين العمل المعرفي المنظم والمدار جيدا وبين نظيره غير المنظم
تعد أكثر اتساعاً مقارنة بالفرق بين العمل اليدوي في الماضي والعمل اليدوي
في ظل وجود الأداة العلمية". (1).
ويعتبر إعداد الرسالة العلمية عملا كبيرا محفوفا بالمخاطر في مرحلة
إعدادها أو عند قبولها، لكن هذه المخاطر يمكن الحد منها أو تخفيفها،
وزيادة فرص النجاح من خلال إتباع منهج منظم الأداة مشروع البحث وخطواته
كما أسلفنا من قبل.
(1) PeterDracker: the Age of Discontinuity. (NY: Harper and Row, 1969) p.212.
ويهدف هذا المدخل الذي ندعو إليه إلى الإعداد الجيد للرسالة في وقت معقول،
هذا بالإضافة إلى أنه يعطي الطالب مزيداً من الثقة في قدرته علي تنظيم
وإدارة أمور بحثه الحالي وأبحاثه المستقبلية، حتى انه من الممكن أن يخرج
من بين هؤلاء الباحثين الذين ينظمون أبحاثهم في الماجستير والدكتوراه
مشرفون أكفاء في المستقبل.
وبالنسبة للنقطة الثانية – وهي مسئولية الباحث عن إعداد بحثه وإكماله
وإخراجه بشكل جيد – فان مسئوليه الباحث هذه تنبع من كون رسالته – خاصة
رسالة الدكتوراه – تعد دليلا على أن هذا الباحث قادر بشكل مستقل على عمل
مساهمة علمية في مجال تخصصه، لكن المؤسف حقا أن بعض الباحثين لا يستطيعون
إدارة هذا العمل وهو إعداد أبحاثهم بشكل جيد.
وقد يعمل الباحث مع مشرفة أو أساتذته في بعض المشروعات البحثية، وهذا آمر
جيد، وقد تكون رسالته للماجستير أو الدكتوراه امتداداً لبعض المشروعات
البحثية، وهذا جيد أيضاً، حيث يكسب الطالب الخبرة من أستاذه خلال تلك
الفترة، وبالرغم من أن المشرف يقدم معاونة كبيرة للباحث عند إعداد الآخر
لبحثه أو رسالته، لكن المسئولية لا تزال مسئولية الطالب عن رسالته كما
قلنا منذ البداية.
ولاشك أن تفهم الباحث لهذا الأمر سيولد عنده روح المبادرة والاعتماد على
النفس، ويجعله أكثر قابلية للعمل بشكل مستقل في المستقبل، كما يجعله حريصا
على إعداد بحثه بشكل أفضل.
أما الجانب الثالث – وهو توافر علاقة طيبة بين الباحث ومشرفيه – فإنه يعد
في غاية الأهمية للباحثين – كما أسلفنا - فالأستاذ المشرف يقوم بالتوجيه
والنصح والإرشاد والانتقاد وتسهيل عمل الباحث، كما أنه يقدم له الدعم
المعنوي والمساندة إذا اقتنع بقدرته وعمله كباحث جيد سواء عند إعداد
الرسالة أو عند مناقشتها.
وإذا قام المشرف بدوره هذا كما ينبغي، فإنه يدفع الباحث إلى الأمام ويقلل
من إحباطاته التي تلازمه عادة في هذه المرحلة، ويختلف حجم الدعم والمساندة
التي يقدمها المشرف حسب كل حالة، كما يختلف من مشرف إلى آخر، وذلك حسب
أشغال المشرف وعدد الطلاب الذين يشرف عليهم، وحسب طريقته وأسلوبه في
الإشراف.
وعلى الطالب أن يدرك هذه الحقيقة ويتعامل معها من البداية حتى يستطيع أن يكسب معاونة أساتذته ومساندتهم العلمية والمعنوية.
ولا شك أن المدخل العلمي المنظم الذي ننشده لإعداد الرسالة أو البحث يقوم
على أساس أن هناك علاقة تبادلية بين الطالب وأساتذته، وبين دور كل منهما،
هذه العلاقة تشبه علاقة العقد برغم إنها علاقة شخصية، حيث يكون لكل منهما
دور محدد يجب القيام به.
دور المشرف :
يرى البعض أن " الإشراف هو عمل علمي و أخلاقي يؤكد سمعة ودرجة علمية
متقدمة، ويحافظ على قدسية العلم ورقي الاختصاص، ويعتبر ركناً تربويًا
أساسيا في وظيفة الأستاذ الأكاديمية وفى دوره العلمي ". (1)
ويتلخص دور المشرف فيما يلي :
- التوجيه والإرشاد.
- الاستجابة لمتطلبات الباحث من حيث قراءة الفصول أو مشروع البحث
في خلال فترة زمنية محددة يحددها للباحث، ويعمل على الالتزام بها.
- المسئولية عن النصح المستمر.
- مساعدة الطالب بشكل عام في إعداد مشروع البحث ومسودته النهائية.
(1) محمد منير حجاب، مرجع سبق ذكره، ص: 15.
دور الطالب :
في المقابل فان هناك دوراً للباحث لا يقل أهمية عن دور أساتذته ويتخلص هذا الدور في:
- القيام بتنفيذ ما يقوله، أو يعد به، أو يكلف به من قبل أستاذه، أو تقديم تفسير منطقي ومعقول في حالة تقصيره.
- الاتصال المستمر بأستاذه المشرف.
- إعداد وتقديم الوثائق المختلفة التي يتطلبها بحثه، والتي يتناولها خلال
إعداده للبحث أو يعلق عليها داخل البحث.
- أن يكون متكاملا في بحثه وكتابته.
- أن يتبع طريقة أو منهجاً محدداَ في تقديم مشروعة وإعداد الأشراف.
- أن يكون مسئولا عن القيام بالمهام البحثية المطلوبة منه خلال الوقت المحدد له من قبل أستاذه أو لجنة الإشراف بشكل عام.
- أن يكون ذا ذهن متفتح عند تعامله مع الاقتراحات والنصائح المقدمة له من المشرف، وأن يظهر روح المبادأة عند تعامله مع أساتذته.
ويسلك الأساتذة المشرفون سبلاً مختلفة في إشرافهم علي الباحثين، وما يعد
مناسباً لأحد المشرفين قد لا يكون مناسبا للآخر، لكن وجود مدخل منظم من
البداية في الإشراف علي الطلاب سوف يكون مفيداً للأستاذ المشرف أيضا
وموفراً لجهده ووقته مع الطالب، وداعياً إلى إخراج رسالة علمية أفضل.
ويلاحظ أن المدخل المقدم في هذا الكتاب لا يعد ملزما للمشرفين، فقد يرى
الأستاذ المشرف أسلوبًا أو طريقة مختلفة عند إشرافه علي أحد طلابه، لأن
الطلاب أنفسهم يختلفون فيما بينهم من حيث قدراتهم العلمية والبحثية، لكن
الاتفاق على طريقة محددة للإشراف على الطالب من البداية سوف يكون مريحا
للأستاذ والطالب معا، ونقصد به تحديد مواعيد معينة لمقابلة الطالب ومواعيد
محددة لإنهاء الأستاذ من مراجعة الفصول والمسودات أو تخطيط أنشطة البحث
للطالب في جدول زمني محدد كخطة يسير عليها الطالب في إعداد بحثه.
الهدف من إعداد الرسالة العلمية ( ماجستير / دكتوراه):
على الرغم من أن الدافع الأساسي في معظم الحالات للطلاب لإعداد رسائل
الماجستير والدكتوراه ينبع من رغبتهم في احتلال مقعد من مقاعد الهيئة
التدريسية بالجامعات، لكن إعداد الرسائل العلمية يشمل العديد من الأهداف
التي تتضمن هذا الهدف، ومن أهم الأهداف التي يجب أن يدركها الباحثون أن
إعداد الرسالة العلمية يتضمن أيضا:
- القيام بعمل بحثي مستقل.
- تقديم مساهمة علمية في مجال التخصص( خاص في مرحلة الدكتوراه).
- توثيق البحث، أي كتابته وجعله متاحاً للآخرين في مجال تخصصه.
ويتضمن الهدف الثالث كلا من الهدفين الأول والثاني، لأنه يعد دليلا علي
توافرهما من عدمه، وفي داخل الجماعات فان اللوائح تقتضي أن يقدم الباحث
رسالته مكتوبة قبل الحكم على قدرته على تحقيق الهدفين الأول والثاني كما
هو معلوم لدينا جميعًا.
وسوف نعود للحديث عن هذه الأهداف في الفصل الثالث عند الحديث عن اختيار موضوع البحث.
طبيعة إعداد الرسالة العلمية:
لكي نتعرف على طبيعة إعداد الرسالة العلمية ( ماجستير / دكتوراه ) فإننا يجب أن نحدد أولا ما هو المقصود بالرسالة العلمية ؟
الرسالة العلمية: هي توثيق لعمل علمي مستقبل يقدم مساهمة علمية في مجال التخصص *
GordonB. Davis and Clyde A. Parker, Writing the Doctoral *
Dissertation: Asystematic approach (NY. Wood Bury, Barron's Educational Series, lnc 1979) p; 15.
وينطبق هذا التعريف على رسائل الدكتوراه، أما في مجال الماجستير، فإنه لا
يشترط أن يقدم الطالب مساهمة علمية، لأن مرحلة الماجستير هي مرحلة إعداد
للطالب لكي يكون باحثا، ويكتفي في هذه المرحلة بالكشف عن قدرات الطالب
وتمكنه من أدوات البحث والتحليل كمرحلة تمهيدية لتقديم المساهمة العلمية
في مرحلة الدكتوراه.
ويختلف حجم الرسالة أي عدد صفحاتها من باحث لآخر، حسب طبيعة موضوع البحث،
ومنهج الدراسة الذي اعتمده الباحث في كتابته لرسالته، وقد آجري باحثان
أمريكيان (Davis & Parker) دراسة حول هذا الموضوع اعتمدا فيها على
الإحصاءات المتوافرة في دليل الرسائل في العلوم الاجتماعية والمسمى
.................... Dissertations AbstractInternational
والذي يحتوي على عينة مكونة من 400 رسالة، وتوصلا إلي أن حجم الصفحات
يتراوح ما بين 600-100 صفحة، وان الوسيط Median يبلغ 225 صفحة. (1)
وفى دراسة استطلاعية محدودة آجراها المؤلف على عينة قوامها 100 رسالة
ماجستير مكتوبة بالغة العربية , ومتوافرة بمكتبة الكلية التي ينتمي إليها،
في الفترة من 2002-1980 تبين أن حجم الصفحات يتراوح ما بين 440-140 صفحة ,
وان الوسيط يبلغ 218 صفحة، وبالنسبة لرسائل الدكتوراه فقد تم فحص عينة من
100 رسالة دكتوراه عن نفس الفترة وتبين أن حجم الصفحات يتراوح ما بين
539-220 صفحة، وان الوسيط يبلغ 322 صفحة، ولكن هذه المؤشرات تحتاج إلي
استخدام عينات اكبر حجما، ويجب أن تشمل عدداً من كليات الإدارة المختلفة
في العالم العربي، حتى يمكن التوصل إلى مؤشرات أكثر دقة في هذا الخصوص.
(1) Ibid, PP: 16-17.
وبالنسبة للوقت المنقضي في إعداد الرسالة فأنه من الصعب تقدير هذا الوقت،
ولكن الباحثين نفسيهما (Davis & Parker) قاما بتقدير هذا الوقت من
واقع البيانات التي حصلا عليها فوجد انه في %80 من الحالات فان إعداد
رسالة الدكتوراه يتطلب من 19-11 شهراً كوقت فعلى من واقع نظام الدراسات
العليا في الجامعات الأمريكية التي ينفق الطالب فيها ما يقترب من -4-سنوات
في تلقى بعض المقررات الدراسية. Course Work في مجال التخصص بشكل مباشر أو
غير مباشر. (2)
لكن الخبرة المتاحة لدينا في مجال إدارة الأعمال في الجامعات العربية –
ومنها المصرية كمثال- تقول بأن هذا الوقت يتراوح - في مرحلة الدكتوراه –
ما بين 60 - 24 شهرا. وكما قلنا فان هذا الوقت – كحجم الرسالة- يعتمد على
طبيعة الموضوع ومدى توافر بياناته وطبيعة الإشراف، ومدى جدية الباحث ذاته.
وهناك بعض الجامعات في الخارج التي تحدد وقتا للطالب للانتهاء من رسالته،
وعموما فان المتعارف عليه في الجامعات المصرية – كمثال في مجال الدراسات
التجارية عموما – إن الحد الأدنى للانتهاء من إعداد رسالة الماجستير هو
عام واحد، وقد يزداد إلى عامين أو اكثر، وذلك بخلاف الوقت المنقضي قي
دراسة مقررات الماجستير( الكورسات )، وبالنسبة لرسالة الدكتوراه فإن هذه
المدة تكون عامين، وقد تمتد إلى أربعة أعوام أو أكثر حسب طبيعة العوامل
التي ذكرناها من قبل وذلك بخلاف الفترة المنقضية في دراسة مقررات
الدكتوراه.
إن السؤال المتعلق بوقت انتهاء إعداد الرسالة العلمية يصعب الإجابة عنه.
فهناك باحثون جيدون، لكنهم قد يتأخرون في إعداد رسائلهم لأنهم يضعون
لأنفسهم معايير عالية للحكم علي جودة رسائلهم، ولا يمكنهم في ذات الوقت
تحقيق هذه المعايير.
(2)Ibid, p.17.
وهذا الأمر موجود أيضا لدى بعض المشرفين، ويأتي هذا الشعور من أن الباحث
يعتبر رسالته للدكتوراه علي وجه الخصوص هي إنجازه الأول الذي يدخل به إلى
المحافل العلمية لذا يحاول أن يخرج رسالة جيدة، أو كما يقولون تحفة علمية
رائعة MagnumOpus.
لكننا اتفقنا من البداية علي أن الرسالة العلمية تهدف عموما إلى تقديم
إنتاج علمي مستقل يضيف إلى مجال التخصص ( خاصة في الدكتوراه )، ويمكن
اعتبار هذه الأهداف بمثابة معايير يسترشد بها الباحث في إعداد رسالته
ويحكم بها المشرف على إنتاج الباحث من الناحية العلمية، وكما ذكرنا فإن
لنا عودة لهذه الأهداف في الفصول التالية.
دورة حياة البحث أو الرسالة :
إن الهدف من إعداد مشروع البحث أو الرسالة يتلخص في تجنيب الباحث المزبد
من المخاطر التي ذكرناها في البداية، حيث تكون لديه رؤية واضحة عما يقوم
به أو ما يجب أن يقوم به من عمل ومهام لإنجاز بحثه.
وتبدأ حيرة الباحث في البداية عندما يواجه بكم من الأبحاث والدراسات
والمقالات في الموضوع الذي يرغب أن يبحث فيه، بل انه في بداية عهده بالبحث
يكون مشتتًا بين العديد من الموضوعات التي تجذبه للبحث، وبالرغم من أن بعض
الجامعات تميل إلى حصر الطالب في حقل محدد أو تخصص معين في دراسته منذ
مرحله الدراسات العليا، لكن هذه الحيرة تلزمه أيضا لكثرة ما يجده مكتوبا
في مجال تخصصه المحدد.
لكن الباحث يمكنه أن يبدد هذه الحيرة إذا ما حدد لنفسه من البداية مجالا
معيناً يكون اقرب إلي نفسه وميوله، بحيث إذا عمل فيه يكون مميزاً، على
الأقل لا يجد صعوبة في ارتياده، لكن الواقع الفعلي يقول بأن الطالب غالباً
ما يختار الموضوع الذي يجد قبولا لدي المشرف، خاصة مع ندرة المشرفين في
بعض حقول المعرفة.
وعلى الطالب أن يركز جهده، وسوف تقل حيرته وتردده مع كتابته لمشروع البحث،
فإذا كان قادراً على إعداد مشروع جيد ويعرف أنه يمكنه تنفيذه والالتزام
به، فسوف تنتهي حيرته وينطلق مع دراسته.
ولا يمر إعداد مشروع الرسالة بهذه السهولة التي ذكرناها، لأنه كما قلنا
فإن الباحث يواجه بموضوعات متعددة، وعليه أن يختار واحد منها، وهنا فانه
عادة ما يقوم بعمل أكثر من مشروع، وعليه أن يحدد أيا من هذه المشروعات سوف
يكون قادرا على إعداده وإكماله، ليكون رسالة مكتملة في النهاية، وبالطبع
فإن دور المشرف هنا يبدو جلياً في مساعدة الباحث في التخلص من هذه الحيرة.
وسوف نعرض لكيفية اختيار موضوع البحث لاحقا قي فصول هذا الكتاب، وعلى
الطالب أن يدرك أن المشروع في بدايته سوف يكون غامضاً، ويجعل الكثير من
التساؤلات، لكنه مع العمل وكثرة القراءات والاسترشاد بمنهج المشرف
والأساتذة الآخرين والزملاء في نفس مجال التخصص سوف يصل الباحث إلى مشروع
أفضل.
ويلاحظ أن مشروع البحث يبدأ عامًا، وينتهي أكثر تحديداً، ومعني هذا أنه –
كما قلنا – تتم كتابته وتنقيحه عدة مرات حتى يصل الطالب إلى صيغة محددة
وواضحة لمشروع بحثه.
خطوات إعداد الرسالة :
يمر إعداد الرسالة العلمية بالخطوات التالية :
1. اختيار موضوع عام من موضوعات البحث، كان يختار الباحث مجال دراسته في إدارة الأفراد أو السلوك التنظيمي أو التسويق .... وهكذا.
2. اختيار عدة موضوعات داخل الحقل الواحد المحدد الذي يختاره الباحث في الخطوة(1) ، علي أن تخضع هذه الموضوعات للتقييم المبدئي.
3. اختيار موضوع واحد من هذه الموضوعات يقوم بصياغته في شكل مشروع للبحث.
4. تحديد الموضوعات أو الخطوط الرئيسة التي يتضمنها كل فصل من الفصول التي ستحتويها الرسالة أو البحث
5. جمع الدراسات السابقة في موضوعات البحث ومراجعتها وتنظيمها
Literature Review
6. المضي في أعداد البحث وتكملته وأجراء الدراسات اللازمة له (دراسات
ميدانية، جمع بيانات ثانوية ... الخ ) حسب طبيعة موضوع البحث.
7. إعداد مسودة البحث أو الرسالة.
8. الكتابة النهائية للبحث بشكل يصلح معه للمناقشة والحكم عليه.
ويمكن للباحث أن يقسم أنشطة البحث هذه في شكل جدول زمني محدد يسترشد به
أثناء إعداد البحث أو الرسالة التي يقوم بها، ويوضح الشكل التالي(رقم1)
مثالاً علي تخطيط الفترة الزمنية لإعداد رسالة( الماجستير/ دكتوراه ) في
زمن افتراضي قدره 24 شهرا فيما يلي :
العمل بالشهور النسبة المئوية
9
9
2
4
الكتابة والمراجعة والتدقيق 37.5
37.5
8.3
16.7
البحث والتحليل
مراجعة الدراسات السابقة وكتابتها
اختيار الموضوع وإعداد المشروع
24 100%
شكل رقم (1)
تخطيط زمني لإعداد رسالة ماجستير / دكتوراه
وبالطبع فإن الزمن اللازم لإعداد والانتهاء من البحث سوف يختلف كما قلنا
من بحث لآخر، ومن باحث لآخر لكن الشكل السابق يوضح مثالا افتراضيا لما
يمكن أن يكون عليه تخطيط أنشطة البحث وجدولتها زمنيا.
إدارة مراحل إعداد البحث :
يمكن اتباع مدخل محدد لإدارة أنشطة البحث من خلال تقسيم هذه الأنشطة المختلفة إلى مراحل ثلاث كما يلي : (1)
1- المرحلة السابقة على إعداد الرسالة أو البحث :
يفضل آن يفكر الباحث في رسالته وموضوعها قبل أن يصل إلى هذه المرحلة،
بمعنى أنه أثناء دراسته لمقررات الماجستير أو الدكتوراه عليه أن يفكر في
هذا الآمر، فقد تعن له فكرة البحث(الرسالة) أثناء دراسته للسنة التمهيدية
عندما يكلفه أستاذه بكتابه ورقه بحثية عن موضوع معين أثناء دراسته لأحد
المقررات، ويمكنه بعد ذلك التفكير في هذه الورقة وتوسيعها وتطويرها،
وإعدادها بعد ذلك في شكل تصلح معه لموضوع رسالة ماجستير/ دكتوراه، أيضا
يمكنه استغلال الفرصة التي تتاح له عندما يكلف بإعداد مشروع بحثي ضمن
متطلبات دراسة مادة طريق البحث كمقرر من مقررات الماجستير والدكتوراه هذه
ولاشك أن الاختيار المبدئي المبكر لموضوع البحث سوف يساعد الباحث كثيراً
في إعداد رسالته في المستقبل، لأنه سيعطيه فرصة أفضل للتفكير، كما يزوده
بخلفية علمية، ولو مبدئية وسريعة عن موضوع البحث، كما أن هذا يساعد في
متابعة الموضوع ( موضوع البحث ) مع أستاذه المشرف من خلال المناقشات في
قاعات الدراسة، وقد يتوصل الباحث مع أستاذه إلى بعض التعديل في هذا
المشروع المبكر للبحث بحيث تسهل عليه صياغته فيما بعد بشكل أفضل عند وقت
التسجيل.
(1) Ibid,p.22.
ولكي يستفيد الباحث من هذه المرحلة عليه أن يحفظ كل ما يجمعه حول الموضوع
الذي يرغب في دراسته( كرسالة) من خلال عمل مجموعة من الملفات التي تحتوى
المادة العلمية التي يجمعها بحيث يمكن تنظيم هذه المادة العلمية بشكل يسهل
معه الإضافة إليها وتبويبها فيما بعد لتخدم فصول رسالته إذا استمر في ذات
الموضوع.
2- مرحلة اختيار موضوع البحث :
يعد من نافلة القول التأكيد على أهمية اختيار موضوع البحث أو الرسالة، حيث
يعتبر هذا الآمر من الأمور الصعبة والمملة في ذات الوقت، لأنه نادراً ما
يجد الباحث أمامه موضوعًا محدداً ليبحث فيه، وذلك بإستثناء بعض الحالات
التي تكون فيها المؤنسة العلمية (مثل حالة المركز القومي للبحوث في مصر
والمؤسسات البحثية الأخرى المشابهة في العالم العربي) لديها خطة محددة
للبحث في شكل موضوعات يقوم بها الباحثون بشكل محدد.
وكما سبق بيانه فإن موضوع البحث يكون عاماً في بدايته غير محدد الملامح
وواسعاً بعض الشيء ويتطلب عادة القيام ببعض المحاولات المتكررة من جانب
الباحث لكي يحدد ملامحه ويوضح أبعاده.
ويمكن للباحث في هذه المرحلة أن يجمع عدة موضوعات عامة- كما ذكرنا من قبل
عند تحديد أنشطة البحث - وأن يخضع هذه الموضوعات للفحص والمراجعة، وذلك
بمساعدة أستاذه المشرف حتى يستقر على واحد منها. وتبدو أهمية اختيار موضوع
البحث بشكل جيد من أنه يمثل الأساس الذي يعتمد عليه مشروع البحث The
Research Proposal بعد ذلك، والذي يتسع ويمتد ليكون الرسالة والبحث في
النهاية، وسوف نعود لهذا الآمر في جزء مستقل من هذا الكتاب لاحقا.
3- مرحلة إدارة البحث وكتابته :
فى هذه المرحلة يكون من المناسب أن يقوم الباحث بعمل جدول زمني للمهام
والأنشطة التي يجب عليه القيام بها لإانتهاء من بحثه، وتبين هذه الخطة
للباحث الوقت المتاح، والوقت الذي انقضى، والوقت اللازم لإنهاء كل نشاط من
الأنشطة البحثية. وفي هذه المرحلة فإن الباحث عليه أن يحاول تحسين وتوطيد
العلاقة مع أستاذه المشرف، وأن يواصل ويعاود الاتصال به من خلال تقديم ما
يكتبه، وأن ينظم معه مواعيد المقابلات المناقشة ما كتبه.
كما أن عليه أيضا أن يحاول التحكم- بقدر الإمكان- في الوقت ويخضع الأنشطة
التي يؤديها للجدول الزمني الذي حدده لنفسه، وأن يحاول ألا يتجاوز هذا
الجدول بقدر الإمكان، وأن يراجع ما أنجزه على ضوء ما حدده لنفسه، ليدرس
مدى تقديمه في عمله حتى يزداد إنتاجه مع مرور الوقت،وسوف نتناول لاحقا هذه
المرحلة والموضوعات المرتبطة بها في أجزاء مستقلة من هذا الكتاب.
المدخل المتبع في هذا الكتاب:
تناولت هذه المقدمة عرضاً عامًا لما يمكن أن تكون عليه إدارة وتنظيم العمل
البحثي، وأثارت العديد من الموضوعات التي تحتاج إلي تفصيل مناسب في
معالجتها، مثل إعداد مشروع البحث واختيار الموضوع والعلاقة مع المشرف
وغيرها، وحتى يمكن تغطية مثل هذه الموضوعات بشكل يساعد الباحثين خلال
المراحل المختلفة لإعداد أبحاثهم، فإننا سنتبع المدخل الذي أشرنا إليه منذ
قليل، وهو تقسيم الأنشطة البحثية إلى مراحل ثلاث وهي :
• مرحلة ما قبل البحث : (الباب الأول).
ويتم تتناولها في الفصلين الأول والثاني.
حيث يتناول الفصل الأول عرضاً لطبيعة هذه المرحلة ومتطلباتها.
ويعرض الفصل الثاني كفيفة اختيار المشرف وهيئة الإشراف على الرسالة بشكل عام.
• مرحلة اختيار الموضوع (الباب الثاني).
ويتم تناولها في الفصلين الثالث والرابع.
حيث يتناول الفصل الثالث كيفية اختيار موضوع البحث ويوضح الفصل الرابع كيفية إعداد مشروع البحث.
• مرحلة إدارة أنشطة البحث وكتابته: (البابان الثالث والرابع).
ويتم تناول إدارة أنشطة البحث في الباب الثالث في الفصل الخامس والسادس
والسابع، حيث يتناول الفصل الخامس عرضا لكيفية أعداد الجدول الزمني
للرسالة، ويعرض الفصل السادس إدارة أنشطة البحث، أما الفصل السابع فإنه
يتعرض لكيفية التعامل مع المشرف الرئيس وهيئة الإشراف أثناء إعداد الرسالة
وكتابتها.
أما كتابة البحث فيتم تناولها في الباب الرابع في الفصول من الثامن إلى
الحادي عشر، حيث يعرض الفصل الثامن لكيفية القراءة والاقتباس، أما الفصل
التاسع فإنه يعرض لكتابة المسودة الأولى للرسالة، ويعرض الفصل العاشر
لكتابة المسودة النهائية ومراجعة البحث، وتنتهي هذه المرحلة بالفصل الحادي
عشر والذي يعرض للمناقشة والنشر.
وقد ذيلنا الكتاب بعد من الملاحق التي تساعد الباحثين في إعداد رسائلهم
فجاءت الملاحق كالتالي:
ملحق رقم(1): كيفية كتابة الهوامش والحواشي وقائمة المراجع.
ويتناول شرحاً تفصيليًا مدعما بالأمثلة لكيفية كتابة الهوامش والحواشي في
متن البحث باستخدام أكثر من طريق أو أسلوب، وكذلك الأمر في كتابة قائمة
المراجع في نهاية البحث أو الرسالة.
ملحق رقم (2): قواعد الإملاء.
ويتناول هذا الملحق عرضا لقواعد الإملاء، وكيفية استخدامها عند كتابة البحث أو الرسالة..
ملحق رقم(3): إرشادات حول البحث عن الدراسات السابقة.
ملحق رقم(4): مراجع وقراءات مقترحة.
ملحق رقم(5): إرشادات حول استخدام اللغة الإنجليزية في الكتابة.
مقدمة الناشر
تقديم
إن الهدف من وراء كتابة هذا المؤلف هو مساعدة الباحثين في كتابة أبحاثهم
ورسائلهم العلمية بشكل أفضل، حيث يقدم الكتاب بعض الإرشادات التي تساعد
الباحثين في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في اختيار موضوعات البحث واختيار
لجان الإشراف على رسائلهم ( إذا كان ذلك ممكنا)، كما أن الكتاب يساعد أيضا
في إعداد الأبحاث والأوراق العلمية التي يعدها طلاب الدراسات العليا في
مرحلتي الدراسة للماجستير والدكتوراه، وطلاب الدراسات العليا في مرحلة
الدبلوم في الدراسات التجارية بشكل عام وفي إدارة الأعمال بشكل خاص.
وتقدم موضوعات الكتاب مدخلا شاملا لإدارة أنشطة البحث يمكن الباحث من
السيطرة على مجريات بحث، حيث تعرض مقدمة الكتاب لهذا المدخل بشكل عام،
فيما تتناول فصوله المختلفة عرضا تفصيليا لمراحل إعداد وكتابة البحث في
أربعة أبواب، يتناول الباب الأول منها مرحلة ما قبل البحث في فصلية الأول
والثاني، بينما يعرض الباب الثاني لمرحلة اختيار موضوع البحث، وكيفية
أعداد مشروعة ، وذلك في الفصلين الثالث والرابع.
ويعرض الباب الثالث للجزء الأول من المرحلة الثالثة من مراحل إعداد وكتابة
البحث، وهى إدارة أنشطة البحث، وذلك في الفصل الخامس والسادس والسابع،
وتنتهي هذه المرحلة بالباب الرابع والأخير، والذي يعنى بكتابة البحث
ومراجعته، حيث تتناول فصوله الأربعة من الثامن آلي الحادي عشر عرضا لكيفية
البحث وأعداده في صورته النهائية حتى يصبح صالحا للمناقشة والنشر .
ويعالج الكتاب عددا من الأمور الشكلية المتعلقة بكتابة البحث أو الرسالة
العلمية وإخراجها، مثل كيفية كتابة الهوامش والحواشي، وكتابة المراجع
وقواعد الإملاء وغيرها من الموضوعات ذات الصلة بأعداد وكتابة البحوث
والرسائل العلمية.
ويمكن أن يكون هذا المؤلف مفيداً في قاعات الدرس، حيث يمكن الاستعانة به
في التدريس في قاعات البحث لطلاب الماجستير و الدكتوراه في إدارة الأعمال،
وذلك بعد أن يكون الطالب قد فرغ من دراسة مناهج وطرق البحث.
وقد يكون هذا الكتاب مفيدا أيضا لطلاب الدراسات العليا في كليات العلوم
الإدارية في التخليص الأخرى، بخلاف إدارة الأعمال، وطلاب الدراسات العليا
في العلوم الإنسانية بشكل عام، ويساعد أيضا الزملاء القائمين على الأشراف
على رسائل الماجستير والدكتوراه، وخاصة في تجارب الأشراف الأولى، حيث
يمكنهم الاسترشاد ببعض ما جاء فيه، وخاص فيما يتعلق بإدارة الباحث وعلاقات
الإشراف والتعامل بين الباحث ومشرفيه.
ويرجو المؤلف أن يكون هذا الكتاب معينا للباحثين عند إعدادهم لرسائلهم،
كما يأمل أن يسد نقصا في الكتابات المتعلقة بهذا المجال، والتي تعانى من
ندرة واضحة، وذلك باستثناء بعض الكتابات السابقة التي عالجت هذا الموضوع
بشكل سريع ومختصر.
وتسأل الله العلي القدير أن يكون هذا العمل عونا للباحثين، وأن يكون العلم الذي ينتفع به، كما نسأله سبحانه التوفيق والسداد.
أسيوط في 2003/6/9م
أ.د. عادل ريان