منتدى التربويون

أخي الزائر التربوي الكريم
مرحبا بك في منتدى التربويون
يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا
بالتوفيق

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى التربويون

أخي الزائر التربوي الكريم
مرحبا بك في منتدى التربويون
يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا
بالتوفيق

منتدى التربويون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التربويون

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:33 pm


    الدرس الأوّل


    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرا.
    وبعد.. أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة في هذه الأمسية المباركة الطيبة، وسوف يكون حديثنا بإذن الله عن منهج البحث العلمي، أيضًا أرحب بإخوتي طلاب العلم الحضور في هذه الأكاديمية الطيبة المبارك -إن شاء الله.
    أيها الإخوة، أيها الأخوات، كما ذكرت لكم في مستهل هذا الدرس أو هذه المحاضرة، أنه سوف يكون حديثنا عن البحث العلمي، ومنهج البحث العلمي، طرق البحث العلمي، خصائص البحث العلمي، وسوف نكون معكم إن شاء الله في عشرة دروس، أو عشر حلقات، أسأل الله -عز وجل- أن ينفع بها.
    ولا شك أن البحث العلمي -إخوتي الكرام وأخواتي الكريمات في كل مكان، إخوتي الحضور: لا شك أن البحث العلمي هو مما يساعد على طلب العلم الذي حث عليه دينُنا العظيم، وديننا الحنيف، فقد حثنا الله -عز وجل- على ذلك، وكما ذكر أهل العلم. فقال الله -عز وجل- بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11] ، وقد أخبرنا -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًى بما يصنع، ولا شك أن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وكما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك.
    ومما ينبغي أن نستحضره في أمثال هذه المحاضرات في الأكاديمية وفي غيرها، أننا نحسن النية، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يَنكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»، فنسأل الله -عز وجل- حسن النية والعمل، وأن يتقبل الله -عز وجل- منا ذلك.
    أيها الإخوة الكرام والأخوات الكريمات، إخوتي طلاب العلم: لا شك أن البحث العلمي مهم جدًّا، معرفة معنى البحث العلمي، طرق البحث العلمي، خصائص البحث العلمي، وكل ما يتعلق بالبحث العلمي، وخاصة أيضًا طلاب وطالبات الأكاديمية، فالأكاديمية الإسلامية المفتوحة لها من اسمها نصيب، فالأكاديمية: تعني العلم، وتدريس العلم، ونشر العلم، وكذلك البحث عن المعلومة، وفحص المعلومة، وتدقيق المعلومة، فأنت وأنت تنتسبان إلى الأكاديمية، والأكاديمية كما ذكرت معناها تلقي العلوم والبحث عن العلوم والبحث عن الفائدة، والحكمة ضالة المؤمن، الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، ولكن كيف يجدها ومتى يأخذها، هذا هو حديثنا -إن شاء الله- في هذه الدروس وهذه الحلقات.
    نتحدث في هذا الدرس الأول عن حقيقة، عن المدلول اللغوي لكلمة: البحث العلمي، هل البحث العلمي له معانٍ لغوية ومعانٍ اصطلاحية؟
    فنستهل هذا الدرس بحقيقة المعنى، بمعنى البحث العلمي، المعنى هو: المدلول، كلا الكلمتين تصب في مصب واحد، المعنى هو المدلول، والمدلول هو المعنى.
    البحث العلمي، لا شك أن نسبته إلى العلم هي المقصود به العلم، العلوم أيـًّا كانت تلكم العلوم، سواء كانت علوم شرعية، سواء كانت علوم نظرية، تطبيقية، أيـًّا كان ذلك العلم، فالنسبة هنا إلى العلم أيـًّا كان ذلك العلم، ونحن هنا نتحدث عن ماذا؟ عن العلم الشرعي، لكن لعل الذي يحتاج إلى معنى لغوي هو قضية البحث معنا، يعني كلمة..، معنى كلمة: البحث، معناها أو مدلولها اللغوي، ومدلولها الاصطلاحي.
    المدلول اللغوي -إخواني الكرام وأخواتي الكريمات في كل مكان-، معنى البحث في اللغة هو: طلب الشيء، أنت تطلب شيئا، تطلب معلومة، تطلب شيئا لم تكنْ تعلمُه من قبلُ، أو إثارته، ولذلك الآن البحث في الأرض يعني إثارة ذلك التراب، يقول الله -عز وجل-: ﴿ فَبَعَثَ اللهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ ﴾ [المائدة: 31]، يعني يثير ذلكم الغبار ويحفر في الأرض، فأنت كأنك تُقلب عن تلك المعلومة، وتُثير أشياء كثيرة للخروج بمعلومة هي مبتغاك، وهي مرادك.
    أيضًا من المدلول اللغوي لكلمة البحث: الفحص، الفحص والتدقيق، فهذه أيضًا من دلالات المعنى اللغوي، إذن نحن نخرج ونخلص بمعانٍ لكلمة البحث في اللغة، من ذلكم: طلب الشيء، والبحث عن ذلكم الشيء، إثارة ذلكم الشيء أو الأمر أو المعلومة، أيضًا فحصه بعد أن أطلبه، أو أنني أبحث عنه وأثيره، فإنني أفحصه وأدققه وأمحصه.
    هذه الكلمات تشيرُ إلى أمور، هذه المعاني وهذه الدلالات لمعنى كلمة البحث العلمي تُشير إلى أمور، من هذه الأمور: طلب المجهول، يعني أنت تبحث وتطلب شيئًا لم تكنْ تعلمه من قبل، يعني شيئا مجهولا، أنت الآن حينما تبحث بحثا علميًّا، فإنك تطلب شيئا مجهولا لم يكن عندك عنه خبر.
    والحقيقة هذا هو البحث العلم وهذا هو الذي ينبغي، ومما يدل جودة البحث العلم، أنك تبحث عن شيء مجهول لا تعلمه، أم عن شيء أنت تعلمه، أو أحد يلقنك عنوانًا للبحث، فهذا قد تضعف فيه الهمة، ولا يكون كالذي تنشأ عنده فكرة البحث من خلال قراءاته واطلاعاته وتنقيبه بين الكتب وبين المعلومة، واستخراج ذلك، فرق بين أن تُسدى إليك فكرة البحث بكل يسر وسهولة، فقد لا تتحمس إليها، وقد يكون الإنسان باردا في هذا الشأن، بينما نأتي إلى الآخر الذي يبحث عن شيء لم يكن يعلمه، ويثير أشياء لم يكن يعلمها من قبل ويُمحصها ويُدققها، فإنه سوف تخرج، يعني تسر الناظرين.
    إذن: من مدلولاتِ هذه الكلمة التي هي البحث: طلب المجهول وأيضًا فحص ذلكم المجهول وتحليله وما إلى ذلك.
    هناك أحد له سؤال في المعنى أو في المدلول اللغوي لكلمة البحث العلمي؟ هناك أحد له سؤال قبل أن ننتقل إلى المدلول الاصطلاحي للبحث العلمي، إذن هذا باختصار هو معنى البحث العلمي، البحث هو: طلب الشيء، إثارته فحصًا، العلم نسبة إلى العلوم.
    نأتي إلى قضية المدلول الاصطلاحي أو المعنى الاصطلاحي للبحث العلمي، المعنى الاصطلاحي للبحث العلمي، عرفه الذين كتبوا في البحوث العلمية، أو في البحث العلمي، وهم كثر، ولهم دراسات في ذلك كثيرة، لكنني أتيت بما هو لعله ما هو مختصر ومفيد، لكي يسهل الفهم ويسهل حفظه لطلاب العلم، أو على الأقل يسهل المعلومة في أن يبقى شيء في الذهن.
    تعريف العلماء للبحث والمدلول الاصطلاحي للبحث العلميِّ: أنه عملية علمية، إذن البحث أو مدلول البحث العلمي في الاصطلاح، أو المدلول الاصطلاحي للبحث العلمي هو: عملية علمية تجمع لها الحقائق والدراسات، يعني تجمع لها حقائق ودراسات حول موضوع معين دقيق ومتخصص، إذن هو عملية علمية، يعني يقوم الإنسان بعمل علمي بحت، هذا معنى عملية علمية، تجمع لها الحقائق والدراسات: يعني قد تكون أنت قد سبقت بدراسات، فأنت تجمع هذه الدراسات حول موضوع معين، ليس موضوعات، وانتبهوا معي في التعريف، حول موضوع معين، ليست عدة موضوعات، عدة موضوعات لا يسمى بحثًا علميًّا، وهذا ليس من المنهجية، وليس من الموضوعية، إذنْ عملية علمية تجمع لها الحقائق والدراسات حول موضوع معين ودقيق ومتخصص، وبالتالي يكون البحث هنا رائعًا، ويكون الباحث فيها -لا زلنا في التعريف أو المدلول- ويكون للباحث فيها، يعني هذه العملية العلمية البحثية التي جمع حولها دراسات، وجمع حولها حقائق، لا بد أن يكون للباحث فيها موقف، وهنا يُسمى شخصية البحث، سيمر بهذا إن شاء الله.
    هنا تخرج شخصية الباحث، لا بد من خروج شخصية الباحث، وبروز شخصية الباحث، انظروا حتى في التعريف، حينما عرف العلماء والدارسين والباحثين والأكاديميين، حينما جاء منهم ذلكم التعريف، فإنهم أشاروا إلى أن يكون للباحث موقف، إذنْ حينما عرفه الباحثون والأكاديميُّون ومن له دراسة في ذلك، فإنه قال: لا بد أن يكون في العملية العلمية أن يكون للباحث موقف، يعني لا بد أن يكون له شخصية فيها موقف، من خلال ذلكم الموقف يتوصل إلى نتائج جديدة، من خلال ذلكم الموقف يتوصل الباحث إلى نتائج جديدة.
    ولذلك نجد يا إخواني الكرام، وأخواتي الكريمات في كلِّ مكان؛ نجد أنه البحوث الجيدة والرائعة وخاصة الأكاديمية، نجد في الأخير، وفي الخاتمة ثمرات أو نتائج البحث، فيقول: وقد توصَّل الباحث، أو يقول عن نفسه: توصلت إلى: النتيجة الأولى، والثانية والثالثة، ولا يكتفي بذلك، بل يقول: وأُوصي بما يلي، يُوصي بكذا وبكذا، بدراسة كذا، وبالتوسُّع في كذا، وقد يوصي مثلاً جهات رسمية علمية وما إلى ذلك، وما يفعل ذلك إلا المتمكنُ من بحثه، ولا يفعل ذلك إلا من كان له موقف، أحسنت يا شيخ جنيد، ما يتوصل إلى ذلك إلا من كان له موقف من خلال بحثه، وقد أتقن بحثه، وأدرك أهمية بحثه، وعاش مع بحثه، وإن صح التعبير: تعارك مع بحثه كثيرًا، أصبح معه وأمسى معه، وأظهر معه، وبالتالي نجني ثمار البحوث، هذه البحوث القيمة التي تكون أوصافها هكذا.
    إذن يكون للباحث فيها موقف، من خلال ذلكم الموقف نتوصل أو يتوصل إلى نتائج جديدة، تلكم النتائج هي الثمرات، التي أشرت إليها آنفًا، هي الثمرات أو هي الثمرة، وهي الغاية التي يريدها الباحث، بل وبسببها اختار ذلكم البحث، وبسببها اختار ذلكم البحث، ولا شك أن تلك النتائج تسمى إضافة جديدة، إذا رأيت تلكم النتائج وتلكم التوصيات فإنه بالتالي أضاف شيئًا جديدًا في البحث العلمي، أما جمع المعلومات هكذا من غير تمحيص ولا تحرير ولا رأي للباحث، فإن هذا فقط جمع، لا يعد إلا أن يكون جامعًا لتلكم المعلومات.
    هذه الإضافة الجديدة نعتبرها هي العنصر الأساسي في البحث، الإضافة الجديدة هذه من التوصيات والنتائج ... وإلى آخره، ورأي الباحث وما إلى ذلك هي الإضافة التي تنفع الباحث وتنفع القارئ، وبالتالي تنفع طلاب العلم وتنفع المسلمين في كل مكان، ومما ينفع الباحث أيضًا بعد موته.
    قد يتساءل سائل ويقول: يعني تلكم الإضافة الجديدة، وذلكم العنصر الأساسي كيف يكون؟ أو هل له مثلاً أقسام أو مثلا ترتيب معين؟
    نقول: نعم، تلكم الإضافة إما فكرة جديدة يأتي بها الباحث الذي قرأ واطلع وبحث بجدية في ذلكم الموضوع أو تلكم المسألة المتخصصة، أو تلكم المسألة الدقيقة، إما أنه يأتي بفكرة جديدة، أو أنه أتى بحل لمشكلة، بعض الأحيان، ولذلك الآن في البحوث وفي خطط الرسائل العلمية في الجامعات لا بد من مشكلة للبحث لكي يكون البحث جيد ومقبول حتى في الجهات الرسمية للجامعات أو للأماكن الأكاديمية، لا بد أن يقدم الباحث خطة لبحثه سوف نتحدث عنها إن شاء الله في وقتها، ولكن يذكر في تلكم الخطة وذلكم المخطط لبحثه لرسالة سواء كانت ماجستير أو دكتوراه حتى لو كان بحث في البكالوريوس، أو كان بحث للترقية، أو بحثًا عامًّا لكنه يصح أن ينطبق عليه مسمى البحث العلمي، فإنه لا بد أن يأتي بمشكلة البحث، مشكلة للبحث يأتي بها، وهذه قد تكون من أصعب الأشياء في بيان مخطط أو بيان الموضوع في بيانه للناس، قد يدرك الطالب مشكلة البحث، لكن صياغتها قد تصعب بيان تلكم، أو يصعب بيان أو تلكم المشكلة، إذن حل المشكلة، يعني أنا عندي مشكلة الآن أريد أن أحلها، كيف أحلها؟ بالبحث العلمي، ثم في الأخير أتوصل إلى ماذا؟ إلى يعني حل تلكم المشكلة.
    أيضًا إضافة إلى أن إما أن تكون فكرة جديدة أو حلاًّ لمشكلة أيضًا بيان لغموض، بيان لأمر غامض، أمر ليس بواضح، فالباحث هنا يُبينه ويوضحه وهذه إخوتي الكرام وأخواتي الكريمات في كل مكان، هذه من الإضافات الجديدة التي هي بيان لأمر كان غامضًا، فهو بعد أن يبحث ويطلع وفي الأخير يكشف ذلكم الغموض، ويزيل ذلكم الغموض.
    أيضًا من الإضافات الجديدة، قد يكون جمع شتات، جمع يعني مسألة دقيقة، ولكن معلوماتها متشتتة في نواحٍ شتى، فهو أتى بها وجمعها وبينها وحللها، وفحص تلكم المعلومة، وأبدى رأيه فيها فإن هذا من الجديد، وكل جديد مما يصحُّ أن يتفقَ مع مدلول كلمة البحث، فإنَّه يعتبر إضافة جدية وعنصرًا جديدا من خلاله يتميز بحث ذلكم الباحث، إذن هذا معنى..، تحدثنا عنِ المدلول اللغوي لكلمة البحث والمدلول الاصطلاحي للبحث العلمي، تم شرح المدلول اللغوي والمدلول كذلك الاصطلاحي للبحث العلمي.
    من خلال ما رأينا أو سمعنا، خاصة من خلال المدلول الاصطلاحي، فإنه يتضح لنا أمور، هذه الأمور لعلنا نُخرجُها عن مصطلح البحث العلمي، نُبينها لكي لا نقعَ فيها، فنحن طلاب علم، ونريد أن نكون باحثين ذوي تميُّز وبحوثنا تنفع، تنفعنا نحن أولاً وتنفع غيرنا وفعلاً يُطلق عليها اسم البحث، أو مسمى البحث العلمي، هُناك أمور لعلنا نُخرجها عن ذلك، وإن كانت فيها إشارات إلى قضية البحث العلمي، ولكننا نستطيع أن نقول: هي جزء من البحث العلمي، ولكن لا يصحُّ أن نطلق عليها مسمى البحث العلمي، فنقول: هذا قام ببحث علمي.
    من ذلك: جمع المعلومات التاريخية، بعض الناس يأتي معلومات تاريخية دون ما يحلل ويدقق ويجمع تلكم المعلومات، ويكون له رأي في ذلك، ويخرج بنتائج، أما إذا فعل بحث ذلك، فإنه بحث علمي، لكن بعضهم فقط يأتي بالمعلومات التاريخية، وكأنه فقط جمع ذلك، فهذا أيضًا لا يسمى ولا يطلق عليه اسم البحث العلمي.
    كذلك: جمع أو تأليف الكتب الدراسية، بعض الكتب الدراسية إلا إذا قُرر كتاب دراسي أصله كان بحثًا علميًّا، انطبقت عليه شروط البحث وخصائص البحث، ومبادئ البحث، فإن هذا يُسمى بحثًا، لكن بعض الكتاب الدراسية ما هي إلا أيضًا جمع معلومات، تُؤخذ معلومات.. كتب دراسية متخصصة، فيعني مثلا تؤخذ معلومات من مؤلفات معينة ثم يجمع ذلكم المقرر الدراسي، ويُعطى الطُّلاب من قبل الدوائر المتخصصة في ذلك، مثل وزارات التعليم والتربية ومن له شان في ذلك، فهذه لا تسمى بحوثًا أيضا، لا تُسمى بحوثًا علمية، فهي فقط جمع معلومات، نَستطيع أن نقول: هي فيها جزء من البحثِ، لكن لا يُطلق عليها بحث علمي، كذلك: تطوير بعض المشاريع العلمية، من غير أن يكون له أيضًا تحليل وفحص وما إلى ذلك، هذا أيضًا لا تسمى ولا تدخل تحت مسمى البحث العلمي.
    المقالات أيضًا، المقالات الطويلة، وعلى هذا قس، يعني هناك أشياء يصح فيها كتابة وفيها قراءة وفيها كذا، لكن لا نستطيع أنْ نُسميها بحثًا علميًّا أبدًا، ما نسميها بحث علمي، مثل المقالات المطولة، بعض المقالات كثيرة، تأخذ عدة صفحات، فلا يصحُّ أن نُطلق على ذلكم المقال أنه بحث علمي، إذنْ لا زلنا نحن في المدلول الاصطلاحي، لا زلنا في قضية المدلول الاصطلاحي، ما أحد له سؤال ؟ تفضل..
    {شيخ.. أحسن الله إليك، اتضح لنا من خلال المعنى الاصطلاحي أن البحث يكون في موضوع معين ومخصص، والإنسان الآن مثلاً طالب العلم إذا بحث مسألة مثلاً في فن الفقه، أو مثلاً بحث علمي في الفقه فيحتاج أن يرجع إلى الأدلة من الأحاديث والأسانيد حتى يعرف الصحة من الضعف، وقد يحتاج إلى استشهاداتٍ بالقرآن ومن السنة أو بعض كلام العلماء، فالآن بحث في أكثر من الفن، والمعنى الاصطلاحي يقول: هو بحث في شيء معين، فكيف يُجمع بين ذلك.}
    الشيخ:
    نعم، أخي الكريم.. أحسنت، سؤال طيب، هو الآن بحث في موضوع معين، حتى وإن كان هناك أدلة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فإنك تبقى أنت الآن تبحث في مسألة معينة، يعني أقصد بذلك أنت الآن عندك مثلاً عندك مسألة علمية، مثلاً..، تعطيني مثالاً في مسألة علمية بحثتها قريبًا، أو تريد أن تبحثها، دعنا نقول مثلاً عن الإيمان، الإيمان مثلًا في القرآن الكريم، فإنك..، أو الإيمان عمومًا، فإنك تستدل على الإيمان من الكتاب ومن السنة، ثم أقوال العلماء في ذلك، ثم كم وردت كملة مثلا الإيمان في ذلك، هذا فقط، يعني مثال، لكن لا أريد حينما تحدثنا في المدلول الاصطلاحي، لا أريد أن يتحدث مثلاً عن الإيمان وعن الصلاة وعن الزكاة وعن الصوم مثلاً، وكلما رأى شيئا جعله تحت بحثه، بل إنني أدعو إلى وأقول الحديث عن الإيمان يطول، أتمنى أن تأخذ جزئية من مثلا الإيمان، مسائل الإيمان مثلا كثيرة، يعني دعنا نقول: الإيمان، نأتي إلى أخص من ذلك فنقول مثلاً: الملائكة، أيضًا الحديث عن الملائكة، ولكن لو بحث عن الملائكة لا ضيرَ، لكن دعنا نأتي بأخص من ذلك وأدق فنقول مثلا: هؤلاء الملائكة مكلفون أم لا؟ انظرْ إلى المسألة، أنت الآن بحثتَ في الإيمان عمومًا، ثم خصصت ذلك، ضاقت الآن الدائرة بالملائكةِ، ثم لم تتحدثْ عن الملائكة عمومًا، بل أنت الآن تحدثتَ عن جزئية معينة، هل الملائكةُ مكلفون مثلاً؟ فتأتي وتبحث هذه المسألة، هذه سوف تفيد الكثير، أو هل الملائكة يتشكلون بصورٍ غير الصور التي خلقهم الله عليها، فمثلا تقول: يكون في سابق ذهنك أنهم فعلاً يتشكلون بالصور لكن الصور مثلاً الحسنة، وتبحث مثلا في هذا.
    أو مثلا نأتي إلى قضية من قضايا الإيمان، فنقول: العمل، هل العمل يدخل في الإيمان، انظر فقط.. هل العمل يدخل في الإيمان أو لا؟ فتبحث فتخرج بنتيجة في الأخير أن العمل يدخل في الإيمان؛ لأن الله -عز وجل- يقول: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 25] وهكذا..
    {شيخ.. أحسن الله إليك، والآن يعني خرج عن المعنى الاصطلاحي، عندما يبحث في فن الحديث، أو يخرج مثلا يبحث مثلاً كون هذه الآيةن هل الاستشهاد بها صحيح في هذه المسألة الفقهية أم لا؟ وقد يستفيد من غير الفن الذي أراده بأكثر من استفادته من البحث يريد.}
    الشيخ:
    هذا، لا مانع، ولا يضرك هنا، بالعكس؛ هذا هو البحث، هذا هو البحث. أنت بحثت مسألة معينة دقيقة، نحن قلنا البحث أنك تُنقب وتجمع المعلومات، ثم بعد ذلك تأخذ ما يصلح لك، فأنا الآن، هذه أدوات البحث، هذه مراجع البحث التي أنت ذكرتها، فأنت لا بد أن ترجع إلى كتب اللغة وكتب الأدب أحيانًا، وقبل ذلك الكتاب والسنة، وكتب الفقه، وإن كانت المسألة عقدية إلا أنك قد تحتاج إلى كتب الفقه وهكذا..، يعني الرِّدة تُبحث في مسائل العقيدة، وتُبحث في مسائل الفقه، وأيضًا نستطيع أن نأخذَ معناها اللغوي، وأيضًا نرجع لكتاب الله ونرجع لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
    وبالتالي تكون هذه المسألة الدقيقة أو الصغيرة والقصيرة توسعت فيها أنت أيها الباحث، فلا ضير في ذلك، ولا يوجد هنا تضاد في هذا، بل بالعكس هذا هو البحث، يعني أنت الآن لو أتينا بمسألة مثلا شرعية، وهي مثلا دعنا نقول في العقيدة أو في الفقه أو أي فنون من فنون علوم الشريعة، إذا لم أرجع إلى الكتاب، ولا إلى السنة، ولا كتب أهل العلم، ولا كتب الفقه، كيف أبحث إذن! عرفت، فأنا أقول أنت تختار ..، لا تختار مسألة عائمة هكذا، أو مسألة كبيرة تحتاج إلى أن تكون مشروعا علميًّا، بعض الناس يختار في بحوثه مسألة كبيرة جدًّا أو موضوعًا فضفاضًا إن صح التعبير، وممكن أن يشترك معه خمسة أو ستة، يعني يصلح أن يكون سلسلة، أو يصلح أن يكون مشروع بحث، فهذا لا، الأفضل في ذلك كلما تخصصت، كلما كانت المسألة أخي الكريم دقيقة؛ كان البحث حسنًا، وكلما..؛ كان أجمل وأفضل، لعلها اتضحت..
    {أي اتضحت}
    الشيخ:
    قبل أن ندخل في خصائص البحث العلمي، هناك سؤال عادة حقيقة يتبادر إلى الذهن، وعادة دائمًا طلاب العلم يسألون في ذلك الكثير، ألا وهو هل هناك حجم للبحث العلم؟ أنا أسألكم يا شباب، البحث العلم أيـًّا كان ذلكم البحث العلمي، هل له حجم معين؟ عدد أوراق مثلا معينة، مئة ورقة، مائتين، خمسمائة، ثلاثمائة، هل له حجم مثلا معين أو لا؟
    {أقول يا شيخ: الظاهر من مؤلفات وبحوث العلماء أنه ليس له حجم معين، يختلف.}
    الشيخ:
    أحسنت، يختلف.
    {يختلف من فن إلى آخر، وعلى حَسَبِ الموضوع.}
    الشيخ:
    وعلى حَسَبِ الموضوع، نعم.. هذا السؤال دائمًا يعني مسألة من قِبَل الباحثين ومن قِبَل طلاب العلم وكذا، يسألون..، ولذلك بعض الأحيان إذا كلفنا بعض الطلاب ببحوث أو كذا يقولون: كم ورقة؟ أنا حقيقة يُزعجني هذا السؤال، المسألة ما هي مسألة أن تجعل هذا البحث في قالب خمس أوراق أو عشرة أو عشرين وفقط، يعني لو قال لك المرشد أو المشرف على الرسالة، وسوف نتحدث ع المرشد والمشرف على البحث، لا سيما وأننا نتحدث عن البحث العلمي وفي أكاديمية مفتوحة، حقيقة هذا السؤال كأنك تجعل البحث في قالب معين، وهذا حقيقة لا يصح، أنا أرى أن هذا السؤال لا يصح، لأن البحث العلمي لا بد أن يأخذ طبيعته وتشبعه سواء وصل أربعين ورقة، خمسين ورقة، ستين ورقة، مئة ورقة، أقل من ذلك، أكثر من ذلك، ولا يكون همُّ الباحث، لا يكون همُّ الباحث أبدًا كم عدد الأوراق، وما هو الحجم، أو أنه يخشى أن يتضخم البحث أو كذا، طبعًا الباحث الناجح والذي يبحث فعلاً عن المعلومة، والمعلومة الدقيقة ويفرح بوجودها كأنه بُشر بغائبٍ يَنتظره منذ أمد، حينما يقتنص تلكم المعلومة، فإنه لن يسألَ عن عدد الأوراق أبدًا، لن يسألَ عن عدد الأوراق، ولا عن حَجم البحثِ، يجمع هذه المعلومات، ثم بعد ذلك يَأخذ الأصلحَ لبحْثِه منها، ويصيغها صِياغة طيبةً، ولا يَهتم بكثرةِ الأوراق، وقلة الأوراق.
    {أقول يا شيخ: هل يصح أن يقال: أن البحث الناجح هو الذي يجعل البحث يجعل الموضوع..، يعني يجعل البحث يحتاج إلى الموضوع، لا العكس.}
    الشيخ:
    أعِدْ سؤالك.
    {أقول: هل يصح أن يقال: أن البحث الناجح هو من يتبع البحث بالموضوع، لا يتبع الموضوع بالبحث.}
    الشيخ:
    هذا هو البحث الناجح، البحث الناجح أنك تعطي هذا الموضوع حقه، ويكون محتويًا هذا على إطار ذلكم العنوان، ولا يخرج عنه؛ لأنَّ بعض الناس كلما ظفر بمعلومة، قال: والله هذه جميلة، والله من الصعوبة أن أتركَ هذه المعلومة، ما أجمل هذه المعلومة! فكأنه جَعَلَ البحث بدلا من أن يكون البحث متخصصا ودقيقا، لا .. كأنه موسوعة! يعني جعل بحثه يلقف كل شيءٍ، وإن كان ذلكم الشيء جميلاً، إلا أنه قد لا يخص البحث، إذن السؤال عن حجم البحث ليس له موقع عندنا في بحوثنا العلمية التي نُريد أن تكون متميزةً، وتكون رائعة، هذه وجهة نظري؛ لأن الطول والقِصر للبحثِ ليس معيارًا لجودة البحث من عدمها.. نعم.
    ننتقل إلى خصائص البحث العلم.
    البحث العلميُّ له خصائص تُميزه عن غيرِه، ويختص بها عن غيره، ولذلك سُميت خصائص، البحث العلمي له خصائص تميزه عن غيره وتخصه عن غيره، فإذا لم تتوفر تلكم الخصائص فإننا لا نستطيع أن نسميه يعني بحثًا علميًا، إذا لم توجد تلكم الخصائص، هذه خصائص اختص بها البحث العلمي الذي يصح أن نطلق عليه مسمى البحث العلمي، ومن ذلكم الموضوعية والمنهجية.
    نأتي إلى الموضوعية، يعني ينبغي أن تكون أو يكون بحثنا الذي نبحثه هذا وبين أيدينا أن يكون ذا موضوعية، كيف ذو موضوعية؟
    الموضوعية هنا نستطيع أن نقسمها إلى قسمين، ولو أردنا أن نتحدثَ عن الموضوعية؛ لطال بنا المقام، لكنْ نأخذ الأهم في قضية الموضوعية، ونأخذ الأهم فيما يمكن أن نرتقيَ به أو ترتقي به بحوثنا إلى التميُّز، وإلى أن تسمى فعلاً بحوثًا علمية.
    الموضوعية قلت إنها تنقسم إلى قسمين، أو نتحدث عنها من جانبين:
    الجانب الأول: حصر الدراسة في موضوع البحث، يعني ما هو موضع البحث، الإيمان، عن الصلاة، عن أي مسألة مثلاً علمية، في البحث العلم، في الرسالة مثلًا العلمية، أيـًّا كان ذلكم البحث، نحن نتحدث عن البحث العلمي سواء الشرعي أو غيره، يعني نحن نتحدث عن البحث العلمي بإطلاق، سواء في علوم الشريعة عمومًا أو في السيرة، في التاريخ، في العلوم الأخرى، فلا بد أن يكون هناك موضوعية، هذه الموضوعية نتحدث عنها من جانبين، الجانب الأول: حصر الدراسة في موضوع البحث، يعني تبحث وتنقب وتقرأ وتطلع وتجمع المعلومات الخاصة بموضوع ذلكم البحث، لا تشتت نفسك، ولا تشتت بحثك، وبالتالي تشتت القارئ، وبالتالي لا يصح أن نسمي هذا بحثًا علميًّا، هذه هي الموضوعية من جانب حصر الدراسة في موضوع البحث، ولا تشتت نفسك، وكما ذكرت قبل قليل: ليست كل معلومة -وإن كانت جيدة- تصلح أن تكون في بحثك، لعلك تستفيد منها إذا وجدت شيئا، اجعلها مثلا في كراس أو في ملف معين لعلك تستفيد منها في يوم من الأيام، لا تذهب عنك، ولا تنساها، أي معلومة حاول أن تقتنصها، ولكن تجعلها جانبًا وتأخذ ما يهم أو ما يهم بحثك.
    كذلك من الموضوعية: تجرد الباحث، يعني تجرد الباحث، وإنصاف الباحث، وعدل الباحث، هذه من الموضوعية، التجرد والإنصاف والعدل فيما يطرحه من أفكار، وفيما يطرحه على الآخرين، وفيما ينقله أيضًا عن ماذا؟ عن ماذا..، وفيما يطرحه يعني من أفكار، أو كذلك ما يقوله من ماذا؟ من أحكام. فأنت الآن لكي نسميك باحثًا موضوعيًّا، أو ذا موضوعية جيدة في بحثك، لا بد أن تتجرد من الأفكار السابقة، أو الأحكام التي في ذهنك قد حكمت بها قبل أن تبحث، وقبل أن تقرأ، وتجعل الأفكار التي ينبغي أن تدونَ، والأحكام التي ينبغي أن تصدرَ منك من خلال ما قرأتَ، ومن خلال ما محصتَ بكل إنصافٍ، وبكل عدلٍ وبكل تجردٍ من النزعات الشخصية، بمعنى لا بد أن يكونَ هذا البحث يعني لا يوجد فيه تحيز سواء من جانبك الشخصي أو من مؤثرات خارجية، هذا هو، وهذا يسمى عدل وإنصاف وموضوعية وتجرد، وهنا فعلاً يتبين لك شخصية الباحث، ولقد رأينا البحوث، ولعلكم رأيتم كذلك، البحوث التي فيها يعني صاحبها يحترم بحثه ويقدره فلا يكتب إلا في هذا الموضوع الذي اختاره، أو تلكم المسألة التي اختارها، وأيضًا تجد عنده تجرد تام، بحيث أنه لا يميل إلى نزعات نفسه، أو إلى المؤثرات الخارجية، يعني رأيناها أفادت، ورأينا القراء لها كثر، بل ورأينا المادحين لها بصدق، أيـًّا كانت تلكم البحوث، أو في أي فنون، فحري بنا نحن طلاب العلم أننا نكون أصحاب موضوعية في بحوثنا، بمعنى أننا اخترنا مسألة معينة وموضوع معين لا نخرج عنه، هذا أمر، لأن الذي يقرأ بحثك هو يبحث عن هذه المسألة، لا يريد التطويل والتشتيت و..و، إلى آخره. هذه ناحية، والناحية الثانية: يريد التجرد، يريد أن يأخذ المعلومة كما هي، ويأخذها بصدق، ولا يريد التعصب، ولا يريد مؤثرات يعني خارجية أيضًا، وبالتالي كما ذكرت لكم نحن أولى طلاب العلم والباحثين في العلم الشرعي أولى بالموضوعية من غيرنا.
    إذن: من خصائص البحث العلمي: الموضوعية، وتحدثنا عن الموضوعية، وتحدثنا عنها من جانبين إخواني الكرام، الجانب الأول: حصر الدراسة في موضوع معين وعدم التشتيت والشتات، وكذلك تجرد الأفكار والأحكام من النَّزعات الشخصية، وعدم التحيز للأفكار أو الأشخاص، يعني تجنب المؤثرات سواء الداخلية منك أنت أيها الباحث، أو كانت يعني خارجية، أحد له سؤال في الموضوعية فليتفضل..
    {شيخنا أحسن الله إليك.. ما هو ضابط الخروج عن الموضوعية في البحث العلمي؟}
    الشيخ:
    إذا خالف ما ذكرت، يعني ليس عنده عدل ولا إنصاف ولا موضوعية، وكان هناك شتات للأفكار ولم يدقق في بحثه، وخرج عن الموضوع، وكان هناك تعصب، وكان هناك مؤثرات أيـًّا كانت تلكم المؤثرات، داخلية أو خارجية، فهذا يعني بعيد عن الموضوعية.
    الآن ننتقل إلى قضية المنهجية ، نحن تحدثنا عن الموضوعية وأيضًا من خصائص البحث العلمي: المنهجية، ولذلك تسمعون يقولون: صاحب هذا البحث ذو منهجية رائعة، أو هناك منهجية واضحة في بحثه، بينما مَن ليست له منهجية يقال: بحث من غير منهجية، وقد لا يطلق عليه أصلا بحث؛ لأن .. قد لا يطلق عليه أيضًا بحث علمي، لأنه خلا من المنهجية.
    المنهجية يعني مأخوذة من المنهج، والمنهج معناه الطريق، نهج شيء أو انتهج شيئا؛ أي: اتخذ له طريقًا، والمنهجية هي الطريقة في البحث، والمقصود بالمنهجية هنا: هي الطريقة إلى جمع المعلومات وتدقيقها وتمحيصها، بعض الناس أو بعض الباحثين أو بعض البحوث تفتقد إلى المنهجية الواضحة في بيان المعلومات وتنظيمها ومثلًا ترتيبها، لا تجد مثلا لتلكم المعلومات إخواني الكرام لا تجدون لتلكم المعلومات عرضًا سليمًا، لا تجد تنسيقًا، لا تجد حتى عنوان البحث قد يكون مثلًا فيه ركاكة، هذا ليست من المنهجية، لا تجد هناك ترتيبًا منطقيًّا للأفكار وتسلسلها هذا ليس أيضًا ليس من المنهجية، لا تجد هناك تدرج من السهل مثلًا إلى الصعب، لأن القارئ يستفيد من هذه المنهجية حينما تكون وتتدرج من السهل إلى الصعب، أو من المعلوم إلى المجهول، أو من المسلمات إلى مثلاً الخلافيات، هذه الحقيقة منهجية رائعة، الانسجام بين الأفكار، بين الأبواب، أبواب البحث، أو فصول البحث، أو مباحث البحث، أو مطالب البحث، أو أفكار البحث عمومًا، الترابط في معلومات البحث، هذه من المنهجية، إذا افتقدت تلكم المنهجية، فإن البحث افتقد أحد خصائصه، فإن البحث فقد إحدى خصائصه، وبالتالي لا نستطيع أننا نسميه بحث علمي.
    إذن: نحن تحدثنا عن البحث العلمي، معنى كلمة البحث العلمي في اللغة، مدلولها في الاصطلاح، عن أمور لا يمكن أنها تدخل في البحث العلمي، أيضًا تحدثنا عن قضية خصائص البحث، وذكرنا الموضوعية والحديث عنها من جانبين، وكذلك المنهجية.
    هذا هو درسنا الأول من منهج البحث العلمي، والذي أسأل الله -عز وجل- أن ينفع به الإخوان والأخوات في كل مكان، وما حديثنا عن البحث العلمي والاهتمام به إلا لأننا نريد البحث العلمي الإسلامي المتميز الذي يُقرأ من قِبل المسلمين، ومن قِبل غيرهم، يقرأ في مشارق الأرض ومغاربها، نريد من الإخوة والأخوات وطلاب العلم جميعًا أن يكونوا من الباحثين المتميزين الذين يشار إلى بحوثهم بالبنان.
    أشكركم على حسن الإصغاء، وأشكر الإخوة في الأستوديو، وأسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما قلنا وبما سمعنا، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:34 pm


    الدرس الثاني:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا، أما بعد، أيها الإخوة الكرام، أيها الأخوات الفاضلات، إخوتي معنا في الاستوديو، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    نحييكم من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، ولا زلنا في الحديث عن البحث العلمية، وقد تحدثنا في الدرس الأول عن المدلول اللغوي لكلمة البحث العلمي، ثم تحدثنا عن المدلول الاصطلاحي للبحث العلمي، ثم تحدثنا أيضًا في الدرس الأول عن خصائص البحث العلمي، وقلنا أنه له خصائص، ومن أهم تلكم الخصائص: المنهجية وكذلك الموضوعية.
    درس هذا اليوم -إن شاء الله- هو الدرس الثاني هو عن: البحوث الجامعية، نتحدث في هذا الدرس -إن شاء الله- وهو الدرس الثاني عن البحوث الجامعية، وهذا -إخوتي الكرام أخواتي الكريمات في كل مكان- هذا يهمنا جميعًا، لا سيما وأنكم تنتسبون لهذه الأكاديمية المباركة -إن شاء الله تعالى-، فالبحوث الجامعية هي البحوث أيضًا الأكاديمية، ولعلنا نتحدث بداية حينما نريد الحديث على البحوث العلمية عن أقسام البحوث الجامعية.
    نستطيع أن نُقسم البحوث الجامعية كما هو الواقع الآن، وكما قسمها الباحثون، والذين كتبوا في البحث العلمي، قسموا البحوث الجامعية إلى قسمين:
    - القسم الأول: البحوث الخاصة بالمرحلة الجامعية البكالوريوس، يعني الآن نحن عندنا قسمين، أو عندنا قسمان من البحوث الجامعية، قسم يخص البكالوريوس، وسنوات البكالوريوس.
    - والقسم الأخر نسميه: الدراسات العليا، وهذا ينقسم إلى قسمين: الماجستير والدكتوراه.
    طبعًا البحوث التي تهتم بالمرحلة الجامعية التي هي البكالوريوس، لا شك أنها أقل جهدًا ووقتًا وتمحيصًا من البحوث المتخصصة في الدراسات العليا سواءً الماجستير أو الدكتوراه، ولا نقلل من شأن ذلك أبدًا، بل إنه ينبغي على طالب البكالوريوس أن يهتم ببحثه كما لو أنه أراد أن يقدمه لمرحلة الماجستير أو الدكتوراه، وبالتالي يرتفع هنا، ويحس أنه ماذا؟ يحس الطالب أنه قدَّم شيئًا.
    مما يحزن حقيقة أننا نطلب من طلاب المرحلة الجامعية بحوثا، فلا نجد ذلكم الاهتمام بحجة كثرة تلكم البحوث، أو الذي لا يعرف منهج البحث العلمي، مع أنه موجود في الجامعات ويدرس منهج البحث العلمي ولا يهتم به الطلاب إلا النادر، فأنا أوصي أبنائي وبناتي في كل مكان أن يهتموا بذلك، بل أتمنى أن تكون مادة البحث العلمي تدرس حتى في المتوسط وفي الثانوي، وبالنسبة للابتدائي يشار إشارات ولو يسيرة أن هناك شيء اسمه البحث العلمي، ثم إذا كان في المتوسط يُطلب منه أشياء يسيرة عن البحث العلمي، في الثانوي يطلب بعض الأساتذة من طلابهم في تلكم المرحلة المرحلة الثانوية، يطلب منهم بحوث أشبه ما تكون بالتقارير، ما أن يصل إلى المرحلة الجامعية إلا وقد استفاد من دراساته تلك.
    ولذلك نرى بعض المدارس وخاصة الخاصة حينما تهتم بتدريس اللغات ونضرب مثلاً: تدريس اللغة الإنجليزية، حينما يهتم بها، وتُدرس في الفصول المتقدمة، أو المراحل المبكرة، فإنه ما أن يتخرج الطالب، أو ينتهي من المرحلة الابتدائية، إلا وعنده حصيلة قد تصل إلى أنه يجيد اللغة بطلاقة، ثم إذا دخل المتوسط والثانوي وانتهي من المرحلتين المتوسط والثانوي، أصبح يكتب ويتحدث وقد يبحث؛ لأنه كان فيها رغبة، وأيضًا المدارس تهتم بهذا الشأن، والأهالي -أولياء الأمور- يهتمون بهذا، فلو كان عندنا، أو كانت عندنا الرغبة وبث روح البحث العلمي منذ الصغر، فبإذن الله لا يصل الطالب أو لا يتخرج من الثانوي إلا وهو باحث.
    وحقيقة سلفنا -لو خرجنا قليلاً- ضربوا لنا أروع الأمثال في ذلك، كانوا يهتمون بالصغار اهتمامًا عظيمًا، فلماذا نحن أيضًا لا نهتم بهم؟ نهتم بهم في جمع النواحي، بدينهم، بصلاتهم، بدراستهم، ببحوثهم، ولذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أردف ابن عباس خلفه كان عمره ما يقارب الثماني سنوات، كان يقول: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك» إلى آخر الحديث، ثم بعد ذلك، انظروا لفهم هذا الغلام في سن الثامنة، ثم لما كبر قليلاً كان يُدخله عمر -رضي الله عنه وأرضاه- مجالس كبار الصحابة، ثم بعد ذلك أصبح عالمًا، لماذا؟ لأنه اهتم بالمعلومة، واهتم بالبحث العلمي، حتى وإن لم يكن كتابة، لا يفهم من البحث العلمي أنه لا بد من كتابته و.. و.. إلى آخره؛ بل إن العلماء السابقون كانوا يبحثون المسألة ذهنيًّا، ويبحثونها مشافهة، ويتباحثون ويتدارسون فيما بينهم إلى أن أصبحوا علماء، ويشار إليهم بالبنان.
    أقول: إن المرحلة الجامعية تختلف عن مرحلتي الماجستير والدكتوراه بالنسبة للبحوث الجامعية.
    بالنسبة للمرحلة مرحلة البكالوريوس، لعلي آتي لكم ولو بخطوات مختصرة عن البحث العلمي، ولعلي في الدرس الثالث أو الرابع أكلف الإخوة جميعًا سواء الذين معنا في الاستوديو أو خارج الاستوديو في جميع مشارق الأرض ومغاربها، وكل من ينتسب إلى الأكاديمية، لعلنا نطلب منهم واجبات بعد ذلك، وأن يقوموا ببحوث وتُقيم -بإذن الله تعالى-، وكذلك الإخوان معنا هنا، نطلب منهم بعض الواجبات.
    الطريقة في البحث العلمي:
    أولاً: نجمع المادة العلمية من مصادرها.
    يعني أنت الآن اخترت عنوانًا معينًا، أيـًّا كان ذلكم العنوان، سواء كان في العقيدة أو في الفقه، أو في التاريخ، أيـًّا كان في ذلك.. العلوم الإنسانية، فإنك.. موضوع مثلاً في علم الاجتماع، علم التاريخ، علم النفس، المهم أنك تختار موضوعًا معينًا ومسألة معينة، ثم إذا اخترت هذا الموضوع، سيمر بنا -إن شاء الله- اختيار الموضوع، وكيف يكون اختيار الموضوع، الآن أنت اخترت الموضوع، فإنك تقوم بجمع المادة العلمية من مصادرها الأصلية والثانوية، الأصلية يعني التي بحثت المعلومة مباشرة، فلنقل مثلا: صلاة الغائب، فإنك تأتي إلى المصادر الأصلية في ذلك، وتأخذها من مصادرها، كتب الفقه، والتي تحدثت عن الصلاة وأنواع الصلاة، أقوال العلماء في ذلك، كيفية هذه الصلاة، وكتب الفقه عمومًا سواءً كانت كتب المالكية والشافعية والحنفية أو الحنبلية، وما إلى ذلك، المهم أنك تأخذها من كتبها الأصلية، المصادر الأصلية.
    ثم أيضًا تأخذ.. لا تنس المصادر الثانوية التي تعينك على البحث، مثل: كتب اللغة، ما معنى الصلاة في اللغة، الكتب الأخرى، تخريج الأحاديث، كتب الأحاديث الأخرى، هذا المقصود بالكتب الثانوية، أو المراجع والمصادر الثانوية.
    إذن: نحن عندنا مصادر أصلية، تأخذ المعلومة منها مباشرة واهتمت بتلكم المعلومة، وهناك مصادر أخرى نسميها المصادر الثانوية.
    بعد أن تجمع المادة العلمية ولعله يكون أول بحث لك تقدمه، لماذا؟ لأنك الآن في مرحلة البكالوريوس، فلعله أول بحث أو من أوائل البحوث، ولا يكون عندك دُرْبَة في ذلك، ولكن مع المصابرة والتعلم فإنك سوف تتعلم وتكون باحثًا، يُشار إلى بحوثك وإليك بالبنان، خاصة إذا كان هناك رغبة واهتمام وحب وسعة اطلاع للبحث العلمي.
    ثم إذا جمعت المادة العلمية فإنك تعيد الصياغة، تحاول أن تجمع المعلومة، ثم تحاول أن تعيد الصياغة.
    لا تجعل النصوص كما هي، إذا جعلت النصوص كما هي؛ ما قدمت شيئا، أنت الآن ما فعلت شيء، لكن إذا أخذتَ المعلومات جميعًا، وجمعتها ثم تأخذها الآن، وتنظر ما يصلح لبحثك، ثم تبدأ في صياغتها بأسلوبك، لا تعتمد في الصياغة على غيرك، لا تقل: أنا الآن أبحث -مثلًا- في الإنترنت وأفتح مثلا محرك البحث جوجل، وأنظر إلى -مثلًا- الذين تحدثوا أو البحوث التي تحدثت عن ماذا؟ عن صلاة الغائب أو صلاة الخوف والاستسقاء أو أيـًّا كان ذلكم الموضوع، أو صلاة الجماعة، أو أيـًّا كان ذلكم الموضوع، أو موضوع -مثلًا- في الإيمان، أو موضوع في علم النفس، أو علم الاجتماع، أو موضوع عن غزوة معينة، عن سيرته -صلى الله عليه وسلم- جزئية من سيرته -صلى الله عليه وسلم- أو خلق من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- تريد أن تبحثه، فتذهب إلى المحرك وتأخذ وتعتمد على غيرك، هنا أنت تكون أسيرا لغيرك، وأسيرا لمعلومات غيرك، ولست بحرٍّ في هذا، أنت هنا مقلد ومتبع.
    حاول أن تعتمد من بعد الله -عز وجل- على نفسك، ثم بعد ذلك تحاول تصيغها بأسلوبك، ما أعجبك الأسلوب للمرة الأولى وللوهلة الأولى، تحاول تعيد الأسلوب مع الصياغة، والأسلوب مرة أو مرتين، وثلاثا، وسوف يكون أستاذك الذي كلفك بذلك البحث معك.
    وأتمنى من الطلاب حتى طلاب المرحلة الجامعية، حتى لو ما طُلب منهم، فعلى الطالب أن يُبادر في البحث ويسأل أستاذه ويقول: يا أستاذي الكريم أريد أن أُقدم بحثًا أستفيد منه، حتى لو لم يعطيه على ذلك درجات أو مشاركة، لكن ثق تمامًا أن الأستاذ سوف يفرح بذلك، فأنت تبادر، لو ما بادر أنت بادر؛ لكي تكون باحثًا كبيرًا تنفع الإسلام والمسلمين بإذن الله -عز وجل-.
    ثم تكون الصياغة بأسلوب علمي واضح وطريقة منهجية منظمة، لا تكون كأسلوب الرسائل مثلا من صديق إلى صديقه، أو أسلوب المقالات أو الأسلوب والصياغة التي تعود عليها الشخص في كتابته أو الطالب الجامعي في كتابته، بل أن البحث العلمي له صياغته، وله أسلوبه وله فنه في ذلك.
    طبعًا ليس من الضروري أن يُدون الطالب رأيه وانطباعاته بالمستوى الذي يدون بها طالب الماجستير والدكتوراه، طالب الماجستير والدكتوراه يبدي رأيه في ذلك، يناقش الآراء، أصبح باحثًا في مرحلة عالية، طالب البكالوريوس قد يكون أقل من ذلك، ولكن لا مانع من أن يُبدي غاية، ويقول: أنا رأيت ذلك، طبعًا بكل تواضع جم، وخاصة في المسائل الشرعية، لا بد أن يكون عنده ثوابت وأدلة ينطلق منها، لكن لا مانع من أن يبدي رأيه، يبدي قوله. وذكر لي أحد طلاب الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله رحمة واسعة- أنه كان إذا أراد أن يفسر، أو في تفسيره للقرآن، كان يسأل بعض الطلاب يقول: ما تقول في هذه الآية؟ لأن الله -عز وجل- أمرنا بالتدبر ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24]، ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82] ، فالله -عز وجل- أمرنا بالتدبر، وأنزل القرآن بلسان عربي مبين، فأنت لماذا لا تتدبر؟ وكان بعضهم يقول ما يفهمه من هذه الآية، ويصدقه الشيخ أحيانًا، ولو أخطأ فإنه ينبه ويصحح له ذلكم الخطأ.
    فلا مانع، لا مانع من خلال بحثك حتى وأنت في المرحلة الجامعية وفي بداية البحث العلمي، وفي بداية تلقى المعلومات، فلا مانع أن تبدي رأيك، وتبين الأقوال، وبالتالي سوف يكون معك أستاذك المشرف على هذا البحث، أو المدرس لك لهذه المادة التي يتعلق بها هذا البحث، سوف يوجهك في ذلك، لا مانع أن تبدي رأيك، انطباعك، لأن المقصود هو التدريب، وحتى لو أخطأ الباحث أو طالب البكالوريوس مرة، مرتين، وثلاثا، وأربعا، فهذا لا ضير، الضير هنا في الذي يجهل البحث العلمي، ويتخرج من الجامعة، وقد يدخل في مرحلة الماجستير وهو لا يتقن البحث العلمي، ولا أساليب البحث العلمي، ولا خصائص البحث العلمي، ولا كيفية أن يبحث.
    بعض الباحثين ذهب إلى أنه لا يلوم أن تبدي رأيك ما دام أنك طالب ولا زلت في مرحلة البكالوريوس؛ لأن الذي يبدي رأيه و.. و.... إلى آخره ممكن الذي يبحثون في مرحلة الماجستير والدكتوراه، أما في البكالوريوس فليس من الضروري أن تبدي رأيك، وأنا أقول: لا، حبذا لو أبديت رأيك، لكي نعوك على إبداء رأيك في حدود المعقول وحدود الموضوعية وحدود التلطف مع الآخرين، وحدود قبل ذلك احترام النص من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما ذهب إليه العلماء في ذلك.
    سوف يتضح لك من خلال جمعك لهذه المعلومات وتنسيقك وقراءتك وأخذ المفيد والصياغة والأسلوب؛ لأول وهلة أنك لعلك أخفقت في جانب أو تخاف أنه لا ينال استحسان الأستاذ، فلا مناع أن تجعل أحد زملاءك تتواصل معه، والآن الحمد لله التواصل متيسر عبر الإيميل، والوسائل كثيرة في ذلك، ممكن يطلع على بحثك ويبدي الملحوظة، ممكن البعض من أهلك في المنزل يبدي معلومة، ممكن أنت تقرأها مرة مرتين وثلاث، وصدقني أنت الآن مقتنع اليوم ببحثك، غدًا إذا قرأته فبكل تجرد اقرأه كقارئ، لا تقرأه كباحث، اقرأ كأنك قارئ، لست صاحبَ هذا البحث، اقرأ بكل تجرد سوف يبدي لك بعض الأشياء تصيغها مرة مرتين ثلاث مرات؛ لكي يكون بحثًا قيمًا مفيدًا.
    والحقيقة، بعض طلاب البكالوريوس من خلال التجرِبة، كلفت بعض الطلاب في مرحلة البكالوريوس، وأعطيناهم بعض أدوات البحث العلمي باختصار في محاضرة أو محاضرتين، فحقيقة البعض منهم الذي عنده اهتمام، حقيقة أبدى لي تفاعلًا رائعًا، وكتب البعض منهم بحوثًا رائعة، والله لو طورت قليلاً واهتم بها أكثر لأصبحت تنازع بحوث مرحلة الماجستير، لماذا؟ لأن هناك رغبة، ولأن هناك حبًّا للبحث عن المعلومة، وحبا لطلب العلم؛ لأنَّ البحث العلمي -وخاصة في المسائل الشرعية- هو جزء من طلب العلم، هو جزء من طلب العلم، وقد نبهنا على هذا في الدرس الأول، أو الدرس الماضي.
    طبعًا بعد الصياغة، يحاول أن يكون هناك مقدمة ولو يسيرة، ثم بعد ذلك خاتمة ولو يسيرة، وسوف نتحدث عن هذا، ثم فهرس للموضوعات، ثم بعد ذلك قبل الفهرس حبذا لو أنه وثَّق المصادر.
    إذن؛ هذه لمحة موجزة عن البحث في مرحلة ماذا؟ في مرحلة الماجستير. أحد له سؤال قبل أن ننتقل إلى المرحلة الثانية والتي هي مرحلة الدراسات العليا والماجستير والدكتوراه، هل أحد له سؤال فليتفضل؟
    {يا شيخ.. لو طلع عندي.. يوم قرأت البحث خرج ناقصًا أشياء اكتشفها، وماذا يعملُ؟}
    الشيخ:
    أعِدْ السؤال..
    {لو أني عملت البحث ثم قرأته فظهر نقص أو شيء.}
    الشيخ: حاولْ أنْ تُكمل هذا النقص، أكيد المصادر لا زالت بين يديك، وأنت حديث عهد بالمصادر وبالمعلومات، فتحاول أنْ تُكملَ وتُسدد هذا النقصَ، وهذه هي فائدةُ المراجعة، أن تراجع بحثك وتقرأه، لا تقرأه أول ما تفرغ منه، حاول أن تقرأ مثلاً اليوم الثاني، وتقرأه بعين الناقد الفاحصِ الذي يَفحص ذلكم البحث.
    وكما ذكرت، حبذا لو أُعطي لغيرك يُدون لك بعض المعلوماتِ، وصدقوني؛ إذا اهتم بالبحث كهذا الاهتمام، وبهذه الخطوات، ولو أن لمحات مختصرة، فإنه سيكون البحث رائع، وأنت تفرح أنك أنتجت شيئًا، فالبحث العلمي هو محافظة على الوقت، وهو طلب للعلم، وهو إنتاج يحس الإنسان أنه أنتج وما ذهب وقته سُدى. نعم.
    طيب.. ننتقل إلى المرحلة الثانية: مرحلة الماجستير وكذلك مرحلة الدكتوراه، أو بحوث الماجستير وبحوث الدكتوراه، طبعًا هذه أعظم من الأولى وأهم من الأولى، وطلاب الماجستير والدكتوراه لا شك أنهم وصلوا مرحلة ينبغي أن يكونوا باحثين بحق.
    طبعًا هناك طرق أيضًا أو صفات أو خصائص لبحوث الماجستير والدكتوراه، طبعًا الماجستير والدكتوراه قد لا نَستطيع أن نُفرق بينهما؛ لأنها مرحلة عليا تسمى كلها الدراسات العليا، إلا أن مرحلة الدكتوراه قد تكون أدق وأخص وأكبر وقد تكون أشمل، وبالتالي يكون طالب الدكتوراه قد تدرب على البحث، فيُطلب منه أكثر من غيره، ويُنتظر منه أن يقدم أكثر مما قدم غيره.
    طبعًا بحوث الماجستير والدكتوراه، موضوع معين يتم اختياره، وسيكون لنا حديث مطول حول اختيار الموضوع وكيفية اختياره؛ لأن اختيار الموضوع ليس بالأمر الهين، إلا لمن قرأ واطلع وكان عنده سعة اطلاع وبحث وسؤال، وإلى ما يتعلق بالاطلاع والقراءة، فإنه سهل عليه، قد يسهل عليه اختيار الموضوع، أما هكذا من غير قراءة فيصعب اختيار الموضوع وعنوان البحث.
    لكن فيما لو كان هناك اختيار للموضوع، فإنه يقوم باختيار الموضوع المعين، ويكون ذا إطارٍ محدود، ولا يكون موضوعًا أو عنوانًا -إن صح التعبير- واسعًا وفضفاضًا ويدخل تحته مسائل، ويحتاج إلى مشروع بحث، وقد أشرت إلى هذا في الدرس الماضي.
    يحاول أن يجمع ما أمكنه من معلومات، يحاول طالب الماجستير والدكتوراه أن يجمع لهذا البحث ما أمكنه من معلومات، ومن دراسات، ومن أفكار، ومن بيانات، ثم يقوم بفحصها وتحليلها، ونقدها وتفسيرها، ويؤكد ذلك بما يذهب إليه بالأدلة والبراهين، ثم يبين موقفه من ذلك، وأيضًا أشرنا إلى ذلك في الدرس الماضي.
    هذه -تقريبًا بإيجاز- لمحة يسيرة أو وصف يسير عن بحوث الماجستير والدكتوراه، فإذن هي أشمل وأقوى، وتأصيلها يكون أقوى من بحوث البكالوريوس، وأيضًا إبداء الرأي، لا بد أن تظهر شخصية باحث الماجستير والدكتوراه وطالب الماجستير والدكتوراه، لا بد من إظهار شخصيته في بحثه، لا بد أن يُحلل الأقوال، ويكون له رأي في ذلك، ويكون له موقف في ذلك، ويكون له استنتاج في ذلك، ويكون له نتائج يخرج بها، وتوصيات يخرج بها، ويستدل على ما ذهب إليه، بل قد يلزمه أن يرجح في بعض المسائل.
    إذن بحوث الماجستير والدكتوراه تختلف عن بحوث البكالوريوس، فكما أن تلك مرحلة أقل ومرحلة الدراسات العليا أكبر، فكذلك البحوث هنا أقل، وهناك أكبر.
    ومن خلال ما سبق في وصفنا لبحوث الماجستير والدكتوراه، لعلنا نطلق وصفًا على بحث الدراسات العليا، ونسميه بحثًا يصلح لأن يكون للماجستير والدكتوراه إذا فعلنا ما يلي:
    - أول شيء: تحديد الموضوع بدقة: إذا حُدد الموضوع بدقة علمنا علمًا يقينيًا أن هذا يصح أن يُطلق عليه بحث للماجستير أو الدكتوراه.
    - كذلك إذا رأينا البعد عن الشمول وعن العموميات، إذا رأينا البعد عن الشمول وعن العموميات، ورأينا البحث متخصصا ودقيقًا، فإننا نستطيع أن نقول: هذا بحث يصلح للماجستير أو للدكتوراه.
    - أيضًا إذا رأينا الأصالة، إذا رأينا الأصالة والتأصيل والتحديد، فإننا أيضًا نطلق على البحث المتصف بذلك بأنه... نطلق عليه بأنه يصلح أن يكون بحثًا للماجستير والدكتوراه.
    - أيضًا إذا رأينا معالجة الموضوع وتحليله تحليلًا علميًا، ورأينا تأصيل للمسائل أو للأفكار، رأينا معالجة لأفكار أو بحث أو مسائل أو موضوعات التي تتخلل مباحث وفصول وأبواب تلكم أو ذلكم البحث، فإننا نُطلق عليه ويستحق أننا نُطلق على ذلكم البحث بأنه بحث يصلح لأن يكون للماجستير والدكتوراه.
    إذا قمنا بذلك، فإننا سوف نخرج بنتيجة، تلكم النتيجة هي: البحث العلمي المتقدم المميز المؤصل، الذي أضاف للمكتبة الإسلامية، أضاف لها جديدًا، وبالتالي يصح أن يُطلق على ذلك بحثًا للماجستير وللدكتوراه.
    ولذلك الآن حينما تأتي إلى كثير، أو إلى البعض من الرسائل... ولذلك لعلك حينما تزور وتطلع على كثير من الرسائل الجامعية في جميع مشارق الأرض ومغاربها، فإنك تستطيع أن تميز من خلال التأصيل، ومن خلال نظرتك إلى موضوعات تلكم الرسائل تستطيع أن تميز تقول: هذا البحث أصّله صاحبه، تعب فيه صاحبه، يصلح لأن يكون بحثًا للماجستير والدكتوراه، أو لا يصلح لذلك من خلال نظرتك في الناس، ينظرون.. (ومن ألَّف فقد استُهدِف)، ومن ألف -أيضًا- فقد عرض عقله في طبق على الناس.
    فاحترام البحث العلمي، واحترام المعلومة، واحترام عقول الناس، هذه أيضًا من صفات الباحث، لا سيما إذا كان الباحث وصل إلى مرحلة متقدمة في المراحل الجامعية مثل مرحلة الماجستير، ومرحلة الدكتوراه، والتي تُسمى الدراسات العليا.
    هذا عن مرحلتي الماجستير والدكتوراه، البحوث الخاصة بالماجستير والدكتوراه، وكيف تكون.
    إذا كان عند أحد سؤال فليتفضل، عن مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
    {إذا بحث في العلوم الشرعية يا شيخ، ماذا نبحث، هل علماء السلف ما لهم توضيح يا شيخ؟}
    الشيخ:
    كيف يا شيخ جنيد؟
    {إذا نبحث في العلوم الشرعية مثلا، ماذا نبحث؟}
    الشيخ:
    في العلوم الشرعية؟
    {نعم، هل علماء السلف ما لهم توضيح في بعض المسائل يا شيخ؟}
    الشيخ:
    طبعًا أنت من خلال قراءتك واطلاعك الواسع وبحثك المستمر، من خلال هذا يمرُّ عليك بعض المسائل التي ترى أنت أنها تحتاج إلى مزيد من البحث، أو تحتاج إلى توضيح، أو تحتاج إلى كشف غامض، أو ترى مسائل متفرقة، تحتاج إلى جمع، وبالتالي هنا تأتي قضية اختيار الموضوع؛ لأن اختيار الموضوع ليس من السهل، وليس من الهين كما ذكرت لكم.
    طبعا أنا قلت لكم قبل قليل: إن السلف اهتموا بالبحث العلمي، بالتدوين، وبالكتابة في عصور متقدمة، وبالتأليف، وقبل ذلك، قبل التدوين والتأليف، كان الاهتمام بالبحث العلمي حتى وإن لم يدون، إلا أنه كانت هناك بحوث علمية شفهية وذهنية، بحثًا على المسائل، ويعلق ذلك في أذهانهم، حتى أن الشافعي -رحمه الله- كان لا يستطيع أن ينظر للورقتين. ورقتي كتاب دفعة واحدة من شدة حفظه -رحمه الله رحمة واسعة- فكانوا يحفظون، والإمام البخاري كان يحفظ مئات الآلاف من ماذا؟ من الأحاديث، فكانت كراريسهم في قلوبهم وفي عقولهم، وفي ماذا؟ وفي صدورهم، وكانوا إذا رأوا المسائل، تمر عليهم المسائل تحتاج إلى بحث، ويبحثون تلكم المسائل وما تراه الآن من كتب ما هي إلا بحوث علمية ومسائل مرت عليه -رحمهم الله رحمة واسعة- وقد أثروا المكتبة الإسلامية بذلك.
    أحد له سؤال أيضًا؟
    ننتقل الآن إلى أنواع البحوث، ننتقل إلى أنواع البحوث الجامعية.
    نستطيع أن نقسم أنواع البحوث الجامعية إلى أقسام، يعني تطلق على هذا البحث أنه يدخل تحت قسم معين، سماه الباحثون بهذه التسمية، لأنه اتصف بأمور، وأيضًا تستطيع أن تفرق بين بحث وآخر على حسب هذه الأقسام: فهناك البحث الوصفي، وهناك البحث التاريخي، وهناك البحث التطبيقي، إذن هناك البحث الوصفي، والتطبيقي والتاريخي. وكلٌّ له تعريف، وبيان وتوضيح.
    البحث الوصفي: يقوم على الوصف والتحليل والتأثير، وكذلك التفسير والتعليل، هذا يسمى البحث الوصفي، وله من اسمه نصيب، كأنك تصف شيء، أيضًا يقوم على تحليل المعلومة سواءً كانت تلكم المعلومة دينية وتوضيحها وتفسيرها وتأثيرها، أو كانت اجتماعية، أو كانت ثقافية، لأننا نحن -يا إخوتي الكرام- نتحدث عن البحث العلمي عمومًا في العلوم الإنسانية والعلوم كذلك التطبيقية، والعلوم التجريبية، حديثنا عن البحث عمومًا، وأدوات البحث هذه حينما نتحدث عنها فإنها تُطلق على أو تنسحب على البحوث الشرعية، البحوث الدينية المتخصصة كبحوث الأكاديمية مثلًا، وكذلك البحوث العلمية الأخرى أيـًّا كانت، سواء في العلوم الإنسانية، من دينية، اجتماعية ثقافية، تاريخية، وما إلى ذلك، أو تطبيقية أو تجريبية.
    أيضًا البحث الوصفي يقوم على المقارنة بين الأشياء المختلفة، والبحث الوصفي يقوم على المقارنة بين الأشياء المختلفة، فإنك تقابل هناك مسائل، وأمورا مختلفة، ومشكلات في هذا البحث، ونقاطًا معينة، فتحاول أن تقارن بينها، وهنا تبرز أيضًا شخصية الباحث.
    أهم خصائص هذا النوع، يعني هذا البحث الوصفي اختص عن غيره بخصائص، تميزه عن البحث التاريخي أو البحث التطبيقي، مما يميزه، أو من أهم خصائص البحث الوصفي: الاستقراء والاستنتاج، الاستقراء والاستنتاج، إذن أهم ميزات وخصائص هذا النوع: الاستنتاج والاستقراء.
    كذلك يطرح الباحث من المعلومات ويترك ما ليس صحيحًا، يطرح ويترك ما ليس صحيحًا، هذه من أهم خصائص البحث الوصفي، فإنك تجمع معلومات كثيرة، وقد لا تستفيد في بحثك من هذه المعلومات إلا نصفها خمسين في المائة أو أربعين في المائة، ولا تقل: إني جمعت معلومات كثيرة كثيرة كثيرة، لا أريد أن أتركها لأهميتها، لا، كل ما لا يصلح لبحثك فإنك تتركه لأنه لو وضعته فإنما يكون هناك أمور في البحث وتكبير للبحث وللمسائل يعني لا تخص البحث ولا تفيد البحث، فأنت هنا تحاول أن تأخذ المهم والدقيق، والذي يهم بحثك، وأيضًا هذه تجعل البحث متضخم، لا يفيدك ولا يفيد القارئ بحجة أنك جمعت المعلومات وتعبت على هذه المعلومات، الباحث من صفته أنه يتعب ولا بد أن يتعبَ، فحاول أن -إن صح التعبير- تغربل المعلومة وتأخذ المفيد.
    أيضًا: من خصائص هذا النوع: طرح المقترحات والحلول، من خصائص هذا النوع أنك تذكر في بحثك وفي ثنايا بحث أو في التوصيات والنتائج أنك تطرح مقترحات وحلول أيـًّا كان ذلكم البحث، دينيًّا، اجتماعيًّا، ثقافيًّا.
    كذلك من أهم خصائص هذا النوع: أنه يبحث ويبين العلاقة بين الأشياء، بين الأشياء بعضها ببعض، والمسائل بعضها ببعض، وترابط المسائل فيما بينها.
    وكذلك من أهم خصائصه: وصف النماذج المختلفة، وصف النماذج المختلفة بصورة دقيقة.
    هذا هو البحث الوصفي، ننتقل إلى البحث التاريخي، البحث التاريخي، لا شك أن التاريخ هو سجل للحياة الإنسانية، وهو بيان لمنجزات الحياة الإنسانية، فالبحث التاريخي عادة يوضح الحقائق والعلاقات، بين الأشخاص، وبين الأحداث والوقائع، وبين الزمان وكذلك المكان.
    إذن: البحث التاريخي أيضًا له من اسمه نصيب، نسبة إلى ماذا؟ إلى التاريخ، إلى الوقائع، إلى الأشخاص، إلى المكان، إلى الزمان، فقراءة التاريخ مهمة للماضي، وهي تفهم أيضًا للحاضر.
    طبعًا، وهذا نبهنا عليه في الدرس الماضي، ونبهنا إليه، كون الإنسان أو الباحث يأتي ببعض المعلومات التاريخية، وبعض الوقائع التاريخية، ثم يجمعها ويقول: أنا قمت ببحث، نقول: لا .. لا شك أن جمع المعلومة هنا جزء من البحث، لكن ليست ببحث، كيف يجعلها بحث، كيف تجعل من هذه الوقائع ومن هذه المعلومات التاريخية بحثًا؟ إذا جمعتها وفحصتها ومحصتها، وحللت وبينت وربطت ذلك بالواقع، فإنك هنا قمت بماذا؟ بعمل الباحث، ويصبح بحث، وتخرج بنتائج ودراسات وتوصيات، أما هكذا تجمع معلومات، مثلًا تجمع معلومات معينة فلا يصح، لا يصحُّ أن نطلقَ على ذلك أنه بحث علمي.
    إذن: هذا القسم الثاني من أقسام أو من أنواع البحوث، والذي نستطيع أن نسميه، أو سماه الباحثون والذين اهتموا بالبحث العلمي، بالبحث التاريخيِّ.
    إذن: لا يتم هذا البحث العلمي إلا كما ذكرت لكم بالتحليل والبيان والتوضيح والخروج بنتائج وأن يكون أيضًا للباحث موقف.
    القسم الثالث: البحث التطبيقي، القسم الثالث، أو النوع الثالث هو البحث التطبيقي، وهذا نوع من أنواع البحوث.
    هذا النوع يقوم الباحث فيه بإجراء تجارب، بإجراء تجارِب ودراسة عينات، يأخذ تجارب، إجراء تجارب، يدرس العينات، أو يأخذ حالات مثلا طبيعية يلاحظها، يلاحظ المتغيرات فيها، وهذا أشبه أن يكون بالعلوم الطبية مثلا المختبرات، حتى العلوم الطبية والمختبرات هذه تسمى بحوثًا علمية، فيخرج بعد ذلك بعد التجربة وبعد التحليل، وبعد البيان، وبعد اختبار الحالات، يخرج بنتائج، تلكم النتائج هي البحث العلمي، الذي نستطيع أن نسميه بحث علمي تطبيقي، تخرج من المختبر، أو يخرج من المختبر بشيء يستطيع أن يطبقه بشيء أوسع وأشمل ويستفيد الناس من هذا.
    إذن المختبر هو: مكان إجراء التجارب، الهدف المباشر للبحث التطبيقي: هو اكتشاف جديد بكل تجرد أيضًا وموضوعية بما هو مفيد، إذن البحث التطبيقي أيضًا له من اسمه نصيب، إجراء تجارب، تحاليل، أمور، يخرج في الأخير ببحث علمي مميز.
    ولذلك نقرأ كثيرًا أن الطبيب الفلاني أو الباحث الفلاني أو المختص في العلوم الطبية اكتشف علاجًا، أو اكتشف شيئًا ينفع الطب، ويُدون له ذلك، ويدخل تحت مسمى البحث العلمي الرائع والجيد.
    هذه عن أنواع البحوث، إذن نحن تحدثنا عن البحوث الجامعية وقلنا: أنه تنقسم إلى قسمين: بحوث مرحلة البكالوريوس، والبحوث الثانية ماذا قلنا يا شيخ؟ الدراسات العليا، والدراسات العليا تنقسم إلى كم يا شيخ جنيد؟ إلى .. الدراسات العليا إلى الماجستير وكذلك الدكتوراه، ثم قمنا بوصف لهذه البحوث.
    أيضًا تحدثنا عن أنواع البحوث، البحوث العلمية، وقلنا أن هناك البحث الوصفي، والبحث التاريخي، والبحث التطبيقي، أريد أن أقول لكم شيئًا ألا وهو: أن الحديث عن البحث العلمي وأدوات البحث العلمي وكذا، قابل للاجتهاد، ليس هو قرآن منزل، اجتهد الباحثون فيه، اجتهد الباحثون والمختصون فيه، وليس معنى هذا أننا ننزل من منزلة ما قام به أولئك الباحثون والمختصون في مسألة البحث العلمي، لا نقلل من ذلك؛ ولكن نقول: أن هذه تبقى اجتهادات، عن تجربة وعراك مع البحث العلمي، وتعب مع البحث العلمي، وبعضهم بلغ سنًا وأمضى سنوات كثيرة في البحث العلمي، فنأخذ تجربته من خلال ما ألف عن البحث العلمي، ولذلك تجد أحيانًا، بعضهم حينما يتحدث عن أنواع البحوث الجامعية، تجد أشياء غير هذه، لكن عادة ما تخرج عن البحث التطبيقي والتاريخي، أو الوصفي، بعضهم يقول: التحليلي، الاستنتاجي، وما إلى ذلك.
    ممكن بعضهم يتحدث عن خصائص البحث العلمي ويأتي بخصائص ما مرت عليك أو قرأتها في الأكاديمية، فلا تنزعج من هذا، لماذا؟ لأن كل من ألف عن البحث له طريقته، كل من ألف في البحث العلمي له طريقته وله أسلوبه، وله نظامه، وله أيضًا تجربته في قضية البحث العلمي؛ لأن البحث العلمي يا إخواني الكرام ما هو إلا ممارسة وسعة إطلاع وقراءة وإشراف على البحث العلمي، ومناقشة بحوث علمية، وتحكيم بحوث علمية، وكتابة بحوث علمية، وبالتالي يأتي هذا الباحث أو الذي كتب في البحث العلمي بخلاصة وزبدة ما مرَّ عليه في هذه السنين الطويلة، فنحن نحترم ما يقول: والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها، نستفيد من ماذا؟ مما يقول.
    لعلنا نختم هذا الدرس وهو الدرس الثاني في مادة البحث العلمي، وسيكون حديثنا إن شاء الله في الدرس القادم عن الباحث وعن المشرف، أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما سمعنا، وأشكر الإخوة والأخوات الكريمات الذي تابعون على حسن الإنصات، وأشكركم أنتم كذلك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:35 pm


    الدرس الثالث"

    بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا, وبعد..
    أيها الإخوة الكرام والأخوات الكريمات, أيها الإخوة الطلاب الحضور في الأكاديمية, أحيكم بتحية الإسلام الخالدة, فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وهذا هو الدرس الثالث في منهج البحث العلمي, وكان الدرس السابق عن البحوث الجامعية, كان الحديث عن البحوث ماذا؟ عن البحوث الجامعية وأقسام البحوث الجامعية, وتحدثنا أن تلكم البحوث تنقسم إلى قسمين: بحوث البكالوريوس, وكذلك القسم الثاني بحوث الماجستير والدكتوراة. والبعض يقسمها إلى بحوث البكالوريوس, بحوث مرحلة الماجستير, بحوث مرحلة الدكتوراة, وإن كانت بحوث الدراسات العليا سواء الماجستير والدكتوراة قريبة من بعضها إلا أن الدكتوراة أقوى وأعظم لأن الباحث قد قطع شوطًا كبيرًا في مسائل البحث وأمور البحث.
    في هذا الدرس نتحدث إن شاء الله عن الباحث, سوف نتحدث عن الباحث وعن المشرف, الباحث هو: الذي يقوم بالبحث, والمشرف هو: الذي يشرف على ذلكم البحث, يعني عن التلميذ وعن الأستاذ, يعني سوف نتحدث عنك أنت أيها الباحث,وأنتِ أيتها الباحثة, وعنكم أيها الإخوة الباحثون.
    الباحث لا بد أن يكون ذو كفاءة علمية مؤهلة, الباحث لا بد أن يكون ذو كفاءة علمية تؤهله للبحث العلمي, وفي الدرس الماضي قلنا ينبغي أننا نوجد ونبث روح البحث في الطالب في سن مبكرة حتى وهو في الابتدائي, كما أن الناس يحرصون على اللغة واكتساب اللغة, أو اللغات الأجنبية لأبنائهم, كذلك نحن نحرص على أننا نوجد من أبنائنا باحثين, أتمنى ألا يتخرج من الثانوية وينتهي من مرحلة الثانوية إلا وهو باحث, دعونا نقول: ولو باحث صغير, وبعد ذلك ما يخلص وينتهي من المرحلة, مرحلة البكالوريوس إلا وأصبخ فعلاً باحث جيد, ثم إذا انتهى من الماجستير والدكتوراة أصبح باحثًا عظيمًا وكبيرًا ينتفع هو وينفع غيره.

    إذن الباحث لا بد أن يكون ذا كفاءة علمية تؤهله للبحث العلمي, فإذا كان هناك التأهيل العلمي ويكن ذلك -إخواني الكرام- إلا بماذا؟ بالقراءة وسعة الاطلاع والاستفادة من العلماء وكذلك القراءة والمحافظة على الوقت, فنحن أمة اقرأ, فلا بد أن نقرأ ونستفيد في جميع الفنون, ونقتبس المعلومة ونستفيد من وقتنا, ونقرأ, يعجبني حينما أكون أماكن الانتظار, في سفر, أو في المطارات أو في الأماكن العامة أنني أرى شخصًا يمسك بكتابه ويقرأ وطلع,فالقراءة والاطلاع توجِد الباحث وتوجِد الملكة البحثية عند الطالب.
    إذن التأهيل العلمي والمعارف والتزود بتلكم المعارف يوجِد شخصية باحثة بحثًا علميًا, سيوجِد شخصية علمية باحثة بحثًا جادًا مؤصلاً مفيدًا ينتفع به هو, وينتفع به قارئه.
    سؤال: مَن هو الباحث الأصيل؟ شباب؟ أيها الباحثون نريد منكم بحوث إن شاء الله في الدرس القادم أو الذي يله, لأن التطبيق لما تسمع ولما تقرأ يجعلك لا تنسى تلكم المعلومات, فهو كالحج, الآن تقرأ عن الحج كثيرًا لكن لا تفهمه كما ينبغي إلا إذا قمت ومارست أعمال الحج وأمور الحج.
    طالب: الباحث الأصيل الذي يكون ذو كفاءة علمية تؤهله للبحث, وطبعًا الكفاءة لا تأتي إلا بالقراء والاطلاع, أن يكون له علم بهذا المجال.
    الشيخ: له علم في هذا, عندك شيء يا شيخ عبد الحكيم, الباحث الأصيل. ما الذي يتبادر إلى ذهنك إذا قيل.., دعنا من كلمة أن يقال أن هذا باحث, قد تجد الباحثين كُثُر, لكن باحث, كونك تجد باحثًا أصيلا, ما الذي يتبادر إلى ذهنك؟
    طالب: هو مَن يحاول أن يوجد فكرة جديدة في بحثه تنفع الناس وتفيدهم.
    الشيخ: نعم, أحسنت, إذن الباحث الأصيل هو المتطلع إلى المجهول, لا يأتي إلى المسألة ويقول: كي أريح نفسي سوف أقوم ببحث تلكم المسألة وأرتاح وأنتهي لأن المعلومات عندي وقرأت فيها وسبقني غيري, وانتهى الأمر وقضي الأمر, هنا لا يريد أن يكلف نفسه ولا يريد أن يتعب نفسه, يريد أن يأخذ المعلومة أو البحث جاهز مجهز هكذا, هذا لا يستفيد ولم يفيد, هذا لم يستفيد ولم يفيد.
    إذن الباحث الأصيل هو: المتطلع إلى المجهول, إلى شيء لا يعلمه ليخرج بالجديد, وأيضًا هو -هذه صفة للباحث الأصيل- إذن هو: البحث عن المجهول أو المعلومة التي يجهلها أو لا يعرفها.
    ثانيًا هو الذي يبدأ من حيث انتهى السابقون الذين سبقوه, لا يكرر ما.., لا يكرر ذلكم السابق, لو كرر ذلكم السابق ما استفاد شيء, فهو تكرار ولو قام بحث على هذا المنوال فكأنه كرر نسخة أخرى من مكتبة من ذلكم السابق, إذن هو الذي -أيضًا- يبدأ من حيث انتهى السابقون وانتهى الآخرون.
    أيضًا إنه الباحث عن المصادر الأصلية, قد يكون بحثك العنوان طيب, وأنت صاحب جهد فيه, وتبحث فعلاً عن المجهول, لكن لا تبحث عن المصادر الأصلية, إذن لا نستطيع أن نسميك باحثًا أصيلا, لا بد من البحث عن المصادر الأصلية مهما كلفك ذلك, مهما كلفك ذلك, سواءً تكليفًا ماديًا وماليًا, وقتيًا, جهديًا, أيًا كان, تبحث, والآن الحمد لله تيسرت يعني وسائل الاتصال, وسائل اقتناص المعلومة, ووسائل.., بل إن الدراسات الآن يستطيع أن يجدها الإنسان أمامه, وما هذه الشبكة العنكبوتية يعني لا تخفى عليكم هناك الكتب على صيغة PDF هذه, كتب عظيمة وكثيرة جدًا, جدُّ كثيرة يستطيع أن يأخذها الباحث وهو في بيته ويقرأها, يستطيع أن يدخل على مكتبات عالمية في مشارق الأرض ومغربها ويستفيد.
    إذن ليس لك عذر, يعني منذ زمن وقبل أن تخرج هذه الشبكة كان الإنسان يبحث عن المخطوطة ويسافر ويمكث أيامًا, يمكن يذهب إلى أمريكا, يمكن يذهب إلى ألمانيا, إلى بريطانيا, إلى دول أسبانيا, ويمكث هناك ليالٍ طويلة إلى أن يؤذن له في أن يؤذن له أن يأخذ تلكم المخطوطة ثم يمكث ويصورها فتكلفه سفرًا وجهدًا وملاً وإرهاقًا وأيامًا وليالٍ, أما الآن فقد تيسرت لك المعلومة والمراجع بين يديك, إذن اختصرت قرب المعلومات وتيسيرها, اختصرت على الباحث الكثير والكثير.
    ولا يدرك ذلك إلا مَن جرب, خاصة قبل عشرين سنة وأكثر كنا نبحث عن المعلومة وقد لا نجدها فنتعب كثيرًا إلى أن يأتينا المرجع من.., سواء من الداخل أو من خارج المملكة.
    إذن الباحث الأصيل هو الذي يبحث عن.., وإضافة إلى ذلك عن المصادر الأصلية للفكرة الجيدة ولا يبخل, مهما قيل له, لو قيل لك هناك مصدر في مشارق الأرض ومغاربها فإنك تأتي به وتحاول أن تأتي به, وسوف تجد ثمرة ذلك وتجد لذة ذلك, وأنا ذكرت لكم الدرس الماضي أن الباحث أيضًا الجيد هو الذي يفرح بالمعلومة التي كان ينتظرها وكأنما بشر بغائب ينتظره منذ أمد, ويفرح بوجود ذلكم الغائب العزيز على نفسه, فأنت حينما تظفر بهذ المعلومة بعد تعب وعناء فإنك والله سوف تتلذذ بذلك.
    وأقول لكم تلكم الشبكة والتصفح الإلكتروني هذا جيد ورائع ونستفيد منه, لكن لا يغني ذلك عن لذة تصفح الكتاب وأن يبقى معك الكتاب, الكتاب يصبح معك, يمسي معك, يقيل معك, عند رأسك عندما تريد تخلد إلى النوم, معك في كل مكان, معك في كل مكان.
    أيضًا الباحث الأصيل هو المتميز بالمرونة الفكرية, يعني تميز واتصف بالمرونة الفكرية, كيف يكون ذلك؟
    كيف نستطيع أن نقول أن هذا الباحث مرن؟ كيف؟ طيف نستطيع أن نقول أن ذلك الباحث ذو مرونة؟
    مرونة في فكره وفي ممارسته لبحثه, كيف نصفه ونقول هذا الباحث, من خلال قراءتك للبحث تقول: ما شاء الله, هذا الباحث ألمس فيه مرونة؟
    طالب: هو مَن يحاول في بحثه أن يوجد.., إيصال المعلومة إلى الناس بشتى الوسائل, إما بالأدلة والاستشهادات أو غيرها, يحاول أن يوصل المعلومة إلى الناس ويتوسع في ذلك.
    الشيخ: يوصلها بكل سهولة وبكل يسر دون تعقيد وبتأصيل علمي جيد, يعني السهولة لا تمنع من التأصيل والقوة في البحث, بل قد تكمن القوة في سهولة وطرح.., أو سهولة الطرح والتيسير على القاري, طبعًا هذا هو المتمكن أيضًا من بحثه, أحسنت أخي عبد الحكيم.
    أيضًا نستطيع أننا نقول أن المتميز بالمرونة الفكرية هو الذي يقدر عمل الغير, يعني حينما تبحث في موضوع وتجد من سبقك تحدث عن هذا الموضوع أو عن جزئية من هذا الموضوع فإنك لا تصادر أقوال الآخرين, ولا تنسى كلام الآخرين, ولا تقلل من شأن الآخرين ومن شأن الباحثين, فقد تعبوا مثلما تعبت, وسهروا مثلما سهرت, وسافروا لأخذ المراجع والمصادر مثلما فعلت, بل قد يكون ذلكم الجهد الذي قاموا به أشد من جهدك ومن تعبك ومن سهرك ومن حرصك على البحث, قد يكونوا هم أيضًا أحرص منك على ذلك, فالمرن, الباحث المرن الذي يقدر عمل الغير وأيضًا يتفهم اجتهادات الآخرين ويحسن الظن كذلك بالآخرين كما ذكرت أيضًا يتفهم اجتهاداتهم وما ذهبوا إليه, إن كان هناك خطأ ويرى أن ذلك خطأ فإنه يبينه ويوضحه بكل إنصاف, لأن هذا أدعى لقبول الحق, وأدعى لأن يُقرأ هذا البحث, وأدعى لأن يُرجع إليه, وأدعى لأن يُحترم صاحب ذلكم البحث, فأيضًا نستطيع أن نقول إن صاحب المرونة هو الذي يحترم المخالفين, فالخلاف.., فالرأي لايفسد للود قضية, ومهما كانت تلكم المخالفة إلا أنك تستطيع بأدبك وخلقك وبيان المعلومة والحق واضح أنك تؤثر على ماذا, تستطيع أن تؤثر على ذلكم البحث أو تؤثر على مَن تلقى تلكم الفكرة بالقبول التي ترى أنت فيها مخالفة, التي ترى أنت فيها مخالفة.
    كذلك الباحث المرن هو الذي يتصف بالإنصاف والعدل, يكون صاحب إنصاف وعدل, ينصف في أقواله, فيما ذهب إليه في بحثه, كذلك نستطيع أن نقول إن الباحث المتميز بالمرونة هو الذي لا يتحيز, لا يتحيز لجانب دون آخر أو لنفسه دون الآخرين, أو لفئة دون أخرى, أو يتحامل على أحد في بحثه, هذا نستطيع أن نسميه باحث منصف ذو كفاءة, ذو كفاءة.
    وفي الأخير نستطيع أن نقول: مَن له قدرة -خذوا هذه فائدة- مَن له قدرة على تنظيم المعلومات, على تنظيم المعلومات تنظيمًا منطقيًا, ويرتب الأفكار ترتيبًا سليمًا متسلسلاً بعيد عن الغموض والإطالة نستطيع أننا نسميه باحثًا نستطيع أننا نسميه باحثًا, لأن البحث ليس فقط كتابة ورص معلومات وكلمات؛ لا. لا بد أن يكون هناك تسلسل, هناك منطقية, هناك منهجية, هناك موضوعية, كما تحدثنا في الدرس الماضي.
    هذا السؤال فيما ذكرت؟ تفضل يا شيخ عبد الحكيم.

    عبد الحكيم: يا شيخ أحسن الله إليك, في الفائدة الأخيرة, هو لم يأتِ بشيء من عنده, لم يبحث فيه من عنده, إنما ترتيب فقط, فكيف يطلق على من رتب المعلومات ونظمها يُطلق عليه باحثًا؟
    الشيخ: لا,أنا أقول الباحث الذي فقط يجمع معلومات ويرص هذه المعلومات -وإن صح التعبير- قص ولزق, هذا لا نسميه باحثًا.
    طالب: طيب هل الفائدة...
    الشيخ: لا.. أنا أقول لك, أقول: الباحث المميز الجيد, وهذا تحدثنا عنه, قلنا لا بد أن يكون موضوعية ومنهجية في الدرس الماضي, يأتي بهذه النصوص ويأتي بهذ الأفكار وقلنا يفحصها, يميزها, يأخذ من بين السطور ومن بين الكلمات أفكارًا جميلة ويكون له موقف من الأفكار, يأتي بشيء جديد, يحس أن هناك في جد في الموضوع, هذا تحدثنا عنه يا شيخ عبد الحكيم في الدرس الماضي, لعلك تراجع ذلك وتشاهد الدرس الماضي, ثم إذا جمع هذه المعلومات, وأتى بتلك الأفكار وفحصها وحلله وبينها ووضحها, فهنا تبرز شخصية الباحث, حينما يكون له موقف من تلك الأفكار, وموقف من تلكم المسائل, ويكون له تحليل أيضًا وفحص, ثم بعد ذلك يستدل على موقفه, هنا الجدة في البحث, وهنا تبرز شخصية الباحث, هذه النتئج, وهذا الترتيب, يعني النتائج التي يتوصل إليها ينبغي أن تكون متسلسلة, تكون مرتبة, تكون منطقية, أيضًا حتى ما يستدل به سواء من كتاب الله, ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فلا بد أن يكون منظمًا ومرتبًا.
    أيضًا نفس فصول البحث, ومباحث البحث, ومطالب البحث, وعناصر البحث, ونقاط البحث, وأفكار البحث, وفقرات البحث؛ ينبغي أن تكون مترابطة ومتسلسلة ومنطقية, ولذلك نسميه, هنا نسميه باحثًا.
    طيب..و هناك ملاحظة مهمة جدًا, حتى لو دونتموها أكون لكم شاكرًا, هناك ملاحظة مهمة, ألا وهي قد ترى عالمًا ولكنه ليس بباحث, قد ترى عالمًا ولكنه ليس بباحث, فالعلم وحده لا يكفي, وكذلك العكس, قد تجد, ترى باحثًا ولكنه ليس بعالم, عنده علم في تلكم المسألة التي قام ببحثها, فليس كل باحث عالم, وليس كل عالم باحث, لأن البحث هو أخذ المعلومات, أخذ تلكم الدراسات, أخذ تلكم الكتب, ترتيبها, تنظيمها, الاعتناء بالجديد في ذلك, وهذه قد تصعب, لا يقوم بها كل شخص.
    حينما نتكلم, حينما أقول لكم: عالم, ليس بالضروري أنني أقصد العلم الشرعي, أي عالم, عالم في العلم الشرعي, أو فسي العلوم الإنسانية الأخرى, أو عالم في الفلك, أو عالم في الطب, أو عالم في كذلك, الحديث عن مناهج البحث العلمي هنا نقصد بها البحث العلملي لجميع الفنون, ونستفيد نحن طلاب العلم الشرعي من تلككم العناصر في بحوثنا التي سوف نقوم بها.
    سؤال: ما هو شعار الباحث؟ أو نستطيع أن نقول: ما عنوان, ما عنوان شرف الباحث؟ وما شعار الباحث الذي ينبغي أن يكون عليه؟
    ينبغي للباحث أن يتخذ شعارًا, ما هو ذلكم الشعار في بحثه؟ نعم يا شيخ عبد العزيز.
    عبد العزيز: الشعار الذي ينبغي أن يكون: المصداقية والإنصاف والعدل,لا يكون بالتحيز للأشياء التي ينتمي إليها.
    الشيخ: إذن أنت قلت: المصداقية والإنصاف يعني العدل, يعني صادق وصاحب عدل, هذه صفات وشعار ينبغي أن يسير عليها الباحث ويتخذها له شعارًا, غير ذلك..
    طالب: لم يكن تكرار ما سبقه, يحاول أن يأتي بالجديد.
    الشيخ: نعم يا شيخ عبد الحكيم.
    عبد الحكيم: نعم. لو اتخذ شعارًا "كيف أنفع غيري في البحث".
    الشيخ: كيف أنفع غيري. وما ذلك إلا بالجديد, بالشيء الجديد, واهتمام بالغ بالبحث.
    عبد الحكيم: مع كل الأشياء المترتبة على ذلك, الإنصاف والعدل وغيرها.
    الشيخ: أحسنت يا شيخ عبد الحكيم, أحسنت يا أخي العزيز, نستطيع نقول إن الأمانة ينبغي أن تكون شعارًا للباحث, الباحث النزيه, الأمانة العلمية, ونسبة الأفكار والأقوال إلى أهلها, مهما قلت تلكم المعلومة, مهما كبرت ومهما صغرت, سواء كبرت أو صغُرت, والحقيقة أعجبني موقف مرَّ علي من خلال البحث العلمي واتصالنا بالبحث العلمي, أنه كان لنا أستاذ كبير في السن وصاحب علم, وفي يوم من الأيام كان يحدثنا عن البحث العلمي كحديثي إليكم الآن, ويقول: "كم أنا أجل الشيخ الدكتور فلان, والله إنني أجله وأقدر وأحترمه" هذا الشيخ نستطيع أن نقول من طلاب الذي يحدثنا الآن, يقول له رسالة علمية مكونة من ثلاثة أجزاء, وقد رجع لمعلومة قصيرة جدًا, يمكن ما تتجاوز السطرين أو أقل من كتاب لي لا يتجاوز يمكن مئة ورقة, لا يتجاوز المئة ورقة, وإنني والله لأشكره وأجله وكلَّفأحد طلابه, كلَّف واحدًا منا أن يصطحبه ويزور ذلكم.., يزور ذلكم الشيخ, لماذا؟ الأمانة, رسالة الشيخ ثلاثة مجلدات وقد لا يحتاج لتلكم المعلومة أو انه يحتاج إليها لكنها قليلة وصغيرة ومن كتاب قصير, ثم يفاجئنا أستاذنا -حفظه الله- وبين لنا أنه أثلج صدره, لا لأجل أنه أخذ من مرجعه, حتى ذلكم شيخ كبير وعالم, لكن يقول: الحمد لله أن الأمانة لا زالت موجودة.
    أنتم معي إخوتي الكرام؟ فينبغي أن يكون شعار الباحث: الأمانة ونسبة الأقوال والأفكار إلى أهلها مهما قلت أو كثرت, لا تقول: هذه معلومة كلمتين أو ثلاث, لا.., أو هذه الفكرة, لا بد أن ترجع, وهنا تقدر, أولاً: هذا بينك وبين الله-عز وجل- فالله -عز وجل- {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19], ثم ما بينك وبين الناس تُقدر وتحترم, ثم أنت أيضا يريحك ضميرك حينما -إن صح التعبير- حينما ترجع وتنسب الفضل إلى أهله.
    طيب.., سؤال آخر عن الباحث, نحن نتحدث عنكم, نحن نتحدث عن الباحثين والباحثات, نتحدث عنكم أنتم يا طلاب الأكاديمية, السؤال يقول: ما رياضة الباحث؟ رياضة الباحث, بعض الناس يكون له رياضة, كل يوم رياضة المشي, بعضهم مثلاً عنده رساضة السباحة, فأنا أسأل الباحث هذا, ينبغي أن يكون له رياضة معينة, ما رياضته؟ نعم..
    طالب: الرياضة ممكن تكون القراءة والاطلاع.
    الشيخ: نعم. البحث والاطلاع, القراءة والاطلاع, نعم. شيخ عبد الحكيم.. شيخ جنيد, طيب.
    رياضة الباحث: الصبر والتأني, كل الذي قلتموه صحيح, الراءة والاطلاع ينبغي أن تكون ملازمة له ويروض نفسه على ذلك,

    والنفس راغبة إذا رغبتها*** وإذا ترد إلى قليل تقنع

    ألا بالصبر تبلغ ما تريد *** وبالتقوى يلين لك الحديد

    وقد ذكر الصبر في أكثر من تسعين موضع في كتاب الله -عز وجل- وما ذلك إلا لثمراته الجميلة, فينبغي للباحث أن يتخذ رياضة, ويجعلها دائما معه وهي رياضة التحلي بالصبر وكذلك التأني, يصبر على بحثه, ويتأنى حينما يأخذ المعلومةأو حينما يبحث على الأقل المعلومة, قد يفرح بالمعلومة ويأخذها سريعًا, فنقول له: افرح بها, وخذها, وتلقها, وتقبلها؛ لكن لا تدونها إلا بعد أن تفحصها وتحللها وتبين ما لها وما عليها, وتنظر هل هي تصلح لبحثك أو لا؟ وهل تصلح في المكان الفلاني مثلا؟ هل تصلح في هذا المبحث هنا؟ أو تصلح في المبحث الذي قبله في هذا المطلب أم فيالباب الذي قبله؟ وهكذا..
    طيب.., سؤال آخر أيضًا لكم, وأنا أكثرت الأسئلة لأن الحديث عنكم, أنتم الباحثون؛ ما زاد الباحث؟ ما هو زاد الباحث؟ طبعًا غير الطعام والشراب.
    طالب: نعم هو زاد الباحث يكون من كتابالله ومن سنة رسوله يتزود بهما في بحثه.
    الشيخ: يا شيخ عبد العزيز, ما في شيء؟
    لا شك أن كتاب الله وسنة رسول -صلى الله عليه وسلم- ينبغي أن نحيا عليها, والتقوى, يقول الله-عز وجل- {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282], {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة الأنعام الآية * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام162- 163], لكن زاد الباحث هو الإخلاص, هذا زاد ينبغي أن يتزود به الباحث, فإذا تزود بهذا الزاد والله سوف يثمر ثمرات عظيمة, أول شيء الإخلاص في بحثه, الإخلاص في إقتناص المعلومة, لا بخل على بحثه, لا بوقت, بعض الناس يعطي.., البعض -نقول- يعطي ما فضل من وقته لبحثه, وهذا ليس بصحيح, عندي قت لا أحتاجه لعلي أجعله في البحث, هذا لا يصح, ينبغي للباحث أن يعطي أكبر الوقت لبحثه وهذا من الإخلاص للبحث, تعطيه من حسن أوقاتك, والوقت الذي ترتاح فيه, تجعله للبحث, لا تأتي في وقت مرهق وتعب ومجهد وتريد أن تبحث, أو تريد على الأقل أن تصيغ صياغة, هذا ليس من الإخلاص للبحث, وهذا يقدر بقدره, هذا يقدر بقدره, كذلك.., إذن لا يبخل بالوقت, انتظرنا قليلاً يا شيخ عبد الحكيم إذا كان عندك سؤال, أكمل هذه المعومة, إذن لا يبخل بالوقت ويعطيه اكبر وقته, فكلما أعطيت البحث أكبر الوقت كلما أعطاك.

    أيضًا الإخلاص في الجهد, لا تألوا جُهدًا أو جَهدًا وبذل ذلك الجهد في سبيل ذلكم البحث, كل ما في وسعك تبذله لهذا البحث.
    كذلك لا تبخل ماليًا على بحثك إن استطعت, فالبحوث أو البحث العلمي يحتاج أيضًا إلى, يعني يحتاج إلى وقت وجهد ومال, يحتاج إلى مراجع, يحتاج إلى حل وترحل, يحتاج إلى سفر, يحتاج إلى شراء كتب, يحتاج إلى شراء مخطوطات, يحتاج ويحتاج ويحتاج, إذن لا تبخل بالمال, البحث.., قد ينفق المال يمنة ويسرة لكن إذا أتى البحث بخل, فهذا ليس من الإخلاص في ذلك البحث.
    أيضًا التفكير, لا تبخل على بحثك بالتفكير, فكر لبحثك تفكيرًا جيدًا, يعني كأن بحثك هنا يستشيرك, والمستشار هنا مؤتمن, والمستشار هنا مؤتمن, يعني أريدك أن تجعل من بحثك كأنه شخصأمام يستشيرك الآن, ودخل في ذمتك وأمانتك, فأنت تفكر له تفكيرًا جيدًا لكي تعطيه الاستشارة كما ينبغي, طيب يا شيخ عبد الحكيم, كأنها أعجبتك هذه المعلومة, أرى تبسمك. كان عندك سؤال, تفضل..
    عبد الحكيم: أقول يا شيخ: أحسن الله إليك, عندما يكون الزاد التقوى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197], للباحث, ألا يكون أشمل وأعم من الإخلاص؟
    الشيخ: بلى, قال الله -عز وجل-{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] عمومًا للباحث ولغيره, للصغير وللكبير, للذكر وللأنثى, في اللي وفي النهار, في السفر وفي الإقامة, مع نفسك, مع الآخرين, ينبغي أن تتزود, بعض الناس إذا أراد أن يسافر يتزود بالمال, بالمأكل, بالمشرب, فخير زاد أيضًا لهذا لا يؤمن المسافر فقط المأكل والمشرب, وإلى آخره, بل عليه بالتقوى, بل عليه بالتقوى, وذلك جاء (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى), يعني المسافر أيضًا يحتاج إلى ماذا؟ إلى التقوى. هذا عمومًا, لكن نفس الباحث إضافة إلى التقوى هي المظلة التي يدخل تحتها, يعني سؤال الباحث وغيره, لكن الباحث أما وأنه يمارس أمور البحث ومع بحثه ليلاً ونهارًا, معلوماته, مراجعه, مصادر, دائمًا هو معه في مخيلته ينبغي أن يخلص في بحثه, لأنه سوف يقدم نتاج للناس ويعرضه على ماذا؟ على الناس, والبعض إذا أخذ موضوع فإنه لا يأخذه غيره, فهو الآن أخذ هذا الموضوع, فأصبح الموضوع لك أنت, فينبغي أن نتقي الله -عز وجل- نحن طلابالعلم الشرعي في بحوثنا وما نقدم لبحوثنا, وأن نخلص في بحوثنا, ونتزود بقضية الإخلاص من بعد التقوى. طيب يا شيخ جنيد؟

    وخذوا هذه الفائدة دونوها, ويعني نختم قضية الحديث عن الباحث, لا ينقاض لك البحث, ويسلم لك زمام نفسه إلا بثمن, البحث لا ينقاض لك ولا يسلم لك زمام نفسه إلا بثمن, ذلك الثمن هو خالص محبتك, وخالص محبتك, أو محبتك لذلك البحث, فإذا شعر البحث, فإذا شعر البحث بمحبة صاحبه له أعطاه خالص حكمته وسلم له زمام نفسه, هذا ينبغي أن يجعلها الباحث نصب عينه.
    أحد له سؤال فيما مضى؟
    تحدثنا عن الباحث, والآن نتحدث عن المشرف عن المشرف على هذا البحث, يعني قبل قليل تحدثنا عن التلميذ, الآن نتحدث عن الأستاذ, أحد له سؤال؟ طيب.
    نتحدث الآن عن الإشراف العلمي, نتحدث الآن عن ماذا؟ عن الإشراف العلمي, والمقصود بالإشراف العلمي يعني المشرف على الرسالة, المشرف على الرسالة -أيها الكرام- هو الأستاذ المتخصص, هو الأستاذ المتخصص الذي له ممارسة, إذن أولاً هو الأستاذ المتخصص, المشرف على الرسالة, نأتي ببعض من صفاته, أو ملامح من شخصية ذلكم المشرف على الرسالة, تلكم الملامح التي ينبغي أن تتوفر في المشرف, هو الأستاذ المتخصص, يعني المتخصص بالبحث الذي قام به ذلكم الطالب, فأنتم تعلمون أن الفنون كثيرة, فنون العلم كثيرة.
    أيضًا الذي له ممارسة, يعني له ممارسة بحثية, له ممارسة في مجال البحث العلمو يواء كانت تلكم الممارسة يا شباب تأليفًا أو توجيهًا, سواء هو يكتب, له بحوث ورسائل ودراسات وكذا, أو أنه يشرف على تلكم الرسائل, أشرف على عدة رسالئل كثيرة, هذا نستطيع أننا نسميه ممارس, أو له ممارسة في البحث العلمي.
    إذن أولاً المتخصص في هذا الفن أو متخصص في ذلكم البحث الذي قام به الطالب, وأشرف عليه ذلكم المشرف, يكون صاحب تخصص.
    ثانيًا: ممارس للبحث العلمي.
    ثالثًا: له تجربة طويلة, له تجربة طويلة في البحث العلمي.
    رابعًا: له دراسات أيضًا جادة, له دراسات جادة, وأي دراسة, تكون له دراسات وبحوث وكون نعرف أنه جادة, تكون مثلاً مُحكَّمة, بحوث معتبرة, أيضًا يكون له نتاج علمي رفيع, ذو كفاءة أيضًا عالية, أيضًا مهيئ للإشراف العلمي, أضف إلى ذلك أنه قادر على نقل الخبرات العلمية للأجيال الناشئة, يعني يستطيع أن ينقل الخبرات ويوصل لك المعلومة, بعض الناس قد يكون عالم في أي فن من الفنون ليس بالضروري علوم الشريعة, عالم جدًا ومليئ علم, عنده من العلوم, عنده من اللغات, وعنده.., لكن من الصعوبة أن يوصل لك المعلومة, وقد تجد مَن هو أقل بكثير يوصل لك المعلومة وتصل إليك بسرعة يعني لا تتخيل وتفهم منه مباشرة, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
    إذن المشرف على الرسالة-أيها الكرام-, المشرف على الرسالة -أيها الإخوة والأخوات- هو الكفء الذي يحاول أن يجدد معلوماته, حتى المشرف ينبغي أن يجدد معلوماته, وينبغي أن يكون ذو اطلاع واسع, وينبغي أيضًا أن يتابع الواقع, وأن يعرف الجدي في مجال البحث العلمي, سواء كان ذلك بالاطلاع أو بالبحث أو المشاركة في المؤتمرات والندوات أو في مناقشة البحوث وتحكيمها, ومناقشة الرسائل العلمية, أو المشاركة في ندوات البحث العلمي التي من شأنها الحديث عن البحث العلمي.
    إذن هو دائمًا مع البحث وفي قراءة وفي اطلاع, أم غير ذلك فلا نستطيع أن نسميه مشرفًا متميزًا ورائعًا.
    طيب.. سؤال: ما هي القاعدة الأساسية لاختيار المشرف على الرسالة؟ هناك قاعدة أساسية لاختيار المشرف على الرسالة, أحد عنده إجابة؟ يا شيخ عبد العزيز, الباحث عبد العزيز.
    عيد العزيز: أنه يكون متخصص بالبحث الذي جاءه من قِبل الطالب, يعني متخصص بنفس الموضوع الذي جاء البحث من خلاله.
    الشيخ: طيب.. غير هذا, يعني نستطيع أن نقول: لكي نختار مشرفًا ينبغي أن يكون صاحب تخصص, إذن أيضًا كما ذكرنا قبل قليل, حتى المشرف ينبغي أن يكون له مرونة, ونحن ذكرنا المرونة وتحدثنا عنها آنفًا.
    أيضًا لا بد أن يكون له إنتاج علمي مميز, يكون عضو في هيئة التدريس ويدرس في الجامعات وفي الكليات ويشرف على الرسائل العلمية سواء الماجستير أو الدكتوراة, فلا بد أن يكون له نتاج علمي مميز لكي نستطيع أن نختاره مشرفًا على الرسائل.
    كذلك ينبغي أن يكون ذو ثقافة, ثقافة واسعة وعالية, وما ذلك إلا بالاطلاع الدائم.
    كذلك يدخل تحت القاعدة الأساسية لاختيار المشرف مشرفًا على الرسالة: معاملة الباحثين, المعاملة الحسنة, معاملة الأب لابنه, فإذا وجدنا المشرف يعامل طلابه كمعاملة..., كمعاملته لأبنائه فإنه سوف يثمر البحث, وسوف ينتج وسوف يخرج بنتائج وسوف يكون رائعًا, لأن هذه المعاملة هي تنعكس على الطالب وبالتالي تنعكس على بحث الطالب, ولقد رأيت مَن أشرف علينا وعلى زملائنا مَن كان يعاملنا هذه المعاملة, ذو خلق, وذو أدب, نحس.., تحس كأنك أمام والدك, فاستفدنا منهم كثيرًا, فاستفدنا الأدب والتواضع والخلق والعلم وطريقة البحث, لأنه لم تكن بيننا وبين الذين أشرفوا علينا -جزاهم الله عنا خير الجزاء- لم تكن بيننا وبينهم حواجز أبدًا, متى ما أردنا المشرف وجدناه, وجدنا الحنان, وجدنا العطف من المشرف, وجدنا الحرص, وجدنا البذل, وجدنا العطاء, بعض المشرفين جزاهم الله خيرًا يفتحون أبواب قلوبهم قبل أبواب بيوتهم, وأبواب مكتباتهم, وأبواب أخلاقهم الواسعة لطلابهم, فاستفاد الطلاب فوائد عظيمة, وأثمرت تلكم البحوث وأنتجت تلكم البحوث إنتاجًا يعيني عظيمًا.
    إذن معاملة الباحثين معاملة طيبة من حيث النصح والإرشاد والرعاية والإخلاص مع الطالب والرفق والحزم, كل هذه تجعل الطالب قريب من أستاذه وبالتالي يستفيد منه فوائد عظيمة, وذا كله ينعكس على ماذا؟ على البحث العلمي.

    مهمة المشرف, ما هي مهمة المشرف على الرسالة, نحن نتحدث الآن كما.., لا زلنا نتحدث على المشرف, المشرف ينبغي أن يقوم بمهام, أتمنى أن تشاركونني في هذا يا شيخ علبد الحكيم.
    عبد الحكيم: المهام أن يكشف عن الفكرة الغامضة التي غفل عنها صاحب البحث.
    الشيخ: نعم, الذي غفل عنها الباحث, يكشف عن الفكرة,
    عبد الحكيم: الفكرة الغامضة التي غفل عنها الباحث, ولا بد في أغلب البحوث أن توجد فكرة غامضة أو مشكلة فيحل هذه المشكلة.
    الشيخ: أحسنت, أو مشكلة تمر على الباحث, مثلاً إن كان مبتدي ولا يعلم ذلك, فهو ينتظر من أستاذه يراه أستاذه هو عنده شيء عظيم وكبير وذو تجربة, فيريد أن يستفيد من مشرفه, بعض المشرفين إلا من شاء الله لا يقوم بذلك, وقد لا يفيد طالبه, وقد يكون في معزل, وبعضهم في بروج عاجية عن طلابهم, وهذا شيء يحزن ولا ينبغي, وليس هذا من الأمانة, والخير موجود كثير ولله الحمد, قبل قليل تحدثت عن بعض المشرفين الذين أفادونا في بحوثنا سواء أنا أو الزملاء, وهم كثير ولله الحمد, ولا يزال الخير موجود ولله الحمد.
    هل تعلمون يا شيخ عبد الحكيم أن بعض المشرفين والله هو كان يقوم بنفسه يصنع لنا الشاي أو يأتينا بالكتاب أو يخدمنا, مما يزيدنا يعني خجلاً وحياءً منه, ولا نستطيع شكره حقسقة, نعجز عن شركه, نعجز عن شكره من أفعاله الحسنة وخلقه وأدبه, فالذي يفعل هكذا فمن باب أولى أن يهدي لك المعلومة ويحرص لكم.
    ذكروني قصة من مشرف, وهذه من باب التجربة والبحث العلمي والحديث عنه, يقوم على التجربة, أنا أذكر لكم قصة حدثت معي ومع مشرفي لعلنا نستفيد منها جميعًا.., أكمل ما عندك يا عبد الحكيم قبل أن نختم الدرس.
    عبد الحكيم: أقول: وأيضًا أن ينقد البحث.
    الشيخ: هذه من مهام المشرف, نقد البحث, نعم..
    عبد الحكيم: نقد البحث, أن ينقده نقدًًا علميًا, لعل أهم شيء في ذلك كله أن يبحث عن المشكلة التي وغفل عنها الباحث.
    الشيخ: أحسنت أخي عبد الحكيم, ولعلنا في الدرس القادم إن شاء الله نتحدث عن.., نستكمل الحديث عن الإشراف وعن مهمة المشرف, إذن نحن يا عبد الحكيم وصلنا,, يا شيخ عبد الحميد, يا شيخ جنيد, وصلنا عند مهمة المشرف, مهمة المشرف.
    وبهذا أيها الإخوة الكرام, الأخوات الكريمات, الإخوة في الاستوديو, نكون قد انتهينا من هذا الدرس, والذي أسأل الله -عز وجل أن ينفع به الجميع, وأن يكون في موازين حسنات الجميع, وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:36 pm


    الدرس الرابع"
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمد تعالى، ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أيها الإخوة والأخوات، أحييكم من موقع الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    نرحب بالإخوة والأخوات، ونرحب بالإخوة أيضًا الذين معنا في الاستوديو، ونسأل الله -عز وجل- أن ينفع بهذا الدرس، حياكم الله جميعًا، ومرحبًا وأهلاً وسهلاً.
    كان حديثنا في الحلقة أو في الدرس الماضي عن الباحث وعن المشرف، عنكم أنتم أيها الباحثون، وعن الأساتذة، وعن المشرفين على البحث العلمي.
    وتحدثنا عن الباحث، وصفات الباحث، وما يتعلق بالباحث، ثم انتقلنا في الدرس الماضي إلى كذلك الإشراف العلمي، يعني المشرف، ما معنى الإشراف العلمي، أو أسس اختيار المشرف، صفات المشرف، أهداف هذا الإشراف.
    وكنا قد وصلنا إلى: من مهمة المشرف، وقبل ذلك تحدثنا على أنه ينبغي أن يكون المشرف ذو كفاءة علمية عالية، وذو خبرة واسعة، وله مجال كبير وباع كبير في قضية البحث العلمي في الإشراف، وفي المناقشة، وفي حضور الندوات والمؤتمرات العلمية، وقلنا أنه لا بد أيضًا أن يكون ذو إنتاج أو نتاج علمي مميز؛ لأن المشرف المميز والمتميز يخرج لنا باحثًا متميزًا، وبالتالي بحثًا أيضًا مميزًا -أيها الإخوة الكرام.
    وقلنا أنه لا بد ألا نغفل عن الجوانب الإنسانية، يعني المشرف ينبغي ألا يغفل عن الجانب الإنساني في معاملته لطلابه؛ لأن هذا العطف وهذا الحنان وهذه الأبوة وهذا اللطف، وهذا الرفق الذي ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وذلك بحسبه فإنه يثمر ثمرات عظيمة في شخصية الطالب، وأيضًا في البحث العلمي، ويكون البحث العلمي ناجحًا.
    فقلنا إنه لا بد أيضًا من المشرف أن يعامل الباحثين معاملة الأب لابنه، من حيث النصح والإرشاد والرعاية والإخلاص والرفق والحزم.
    ثم إنني وعدت الإخوة المشاهدين وكذلك المشاهدات، وإخوتي الكرام طلاب العلم والباحثين هنا في الاستوديو بقصة حدثت معي، ونحن قلنا أن البحث العلمي ما هو إلا نتاج وتجارب، فلعلي أهدي إلى طلاب وسواء هنا في الاستوديو أو عبر الذين يتابعوننا مشكورين مأجورين من الإخوة والأخوات طلاب العلم، أهدي لهم هذه التجربة يعني اليسيرة والمتواضعة، ليست هي حديث عن النفس بقدر ما هي حديث عن تجربة نستفيد منها جميعًا.
    أذكر أنني حينما اخترتُ بحثًا للماجستير، وكنا في بدايات البحث، حقيقة حاولت أنني أختار شيء وقد نصحنا أساتذتنا بأننا ندخل في شيء لا نعرفه؛ لكي نتعلم ونفيد ونستفيد مع الرغبة، ومن الأفضل أنك تبحث عن المجهول، ولكن لا بد أن يكون لديك رغبة في هذا الموضوع، أنت قد تجهل موضوعات كثيرة، لكن ليس من الضروري أن تحب تلك الموضوعات كلها، لكن قد تجهل.. تجمع عدة موضوعات كلها التي تجهلها، لكن سيمر عليك شيء انقدح في ذهنك وفي نفسك، وتهفو له نفسك، وتحبه، وترد أن تخوض غماره، فمن الأفضل أن تختار ما ترغبه نفسك مع عدم معرفتك المعرفة التامة به؛ لأن ما عرفته معرفة تامة انتهى أمره، استقر في ذهنك وعندك عنه الكثير، لكن من الأفضل أن تبحث عن معلومات أو تبحث عن موضوع لم يكن عندك شيء فيه، فكانوا ينصحوننا بذلك، فاخترت موضعًا حتى أنني أذكر أن بعض الإخوة لامني فيه؛ لأنه كان فيه صعوبة شيء ما، قالوا: هذا الموضوع ينبغي أن تختار له أيضًا مشرف يعني قد يكون أصعب من هذا الموضوع، فتم اختيار المشرف.
    مكثتُ -وأنا أقول لكم هذه تجربة ليس إلا- مكثت تقريبًا ستة أشهر فقط في تمهيد الرسالة لأنه متعب جدًا الموضوع، ولأننا حقيقة يعني أتحدث عن نفسي، كنت لا أعرف فيه إلا اليسير والقليل، فبدأت في التمهيد ومكثت ستة أشهر، سافرت وذهبت وأتيت، وقبل أن تأتي الشبكة، شبكة .. الشبكة المعلوماتية، النت والإنترنت، أتيت ببعض المعلومات و.. و.. إلى آخره، ثم صغت التمهيد وكان ما يقارب الثلاثين الورقة، ويمكن مراجعه كانت أكثر من ثلاثين مرجع؛ فأتيت وأنا فرح، أحسست أنني انتصرت انتصار يعني حقيقة يعني عظيم.
    فذهب إلى أستاذي وقلت: هذه الكتب معي، وهذا البحث التمهيد، والله يا شيخ إني مكثت فيه ستة أشهر، وأنا ظننت أنه سيعمل افتتاح لهذا.. أنا رأيته أنه مشروعًا يعني عظيمًا، وهكذا الإنسان في بدايات البحث وبدايات القراءة والاطلاع وكذا، يظن أنه فعل ما لم يفعله يعني غيره، أو السابقون.
    فلما رآه، قال: اقرأ، وقرأتُ، ورأى المراجع، قال: يا ابني، أنت جزاك الله خير وأحسنت، لكن أنت لم تعمل شيئًا، أنت ما سويت شيء، يعني تخيل.. ونحن هنا نتكلم نقول: ينبغي أن يعاملك المشرف معاملة الأب لابنه، وهنا أنا أشكره جزاه الله خيرًا، هو في حين كان يخدمنا، وذو لطف وأدب وخلق، حتى أنه يصنع لنا الشاي يعني بيده، ورجل ذو تواضع؛ لكن انظر إلى الجانب الآخر، جانب ماذا؟ جاتنب الحزم والتربية فجزاه الله عن خير الجزاء، ولا زلت أقوم بزيارته مع أنه في بلد غير بلدي، وأدعو له، وأدعو لكل أساتذتي، فجزاهم الله عني خير الجزاء، وأسأل الله -عز وجل- أن يثيبهم.
    قلت له: كيف يا أستاذ، يعني أنا ما عملت شيء؟ قال: أنت لم تعمل شيء، وهذه المراجع أرجو أن تقرأها وأتمنى، ومسك بيده وبأنامله الجميلة فضرب بها على جبهتي هنا، وقال: أرجو أن تكون هذه المعلومات هنا، ما ينفع أن تحملها فقط.
    انظر.. الآن يقول: أنت ما قدمت شيء، والمعلومات هذه والمراجع، ظننته سيطير فرحًا؛ لأنها نادرة، وسيعمل لي -إن صح التعبير- شيء عظيم وكذا، فيقول: أنت لم تعمل شيء. فحقيقة خرجت وأنا نوعًا ما مُتعب من ردة فعل الأستاذ، وقلت: لعل وعسى يعني قد يكون الشيخ له جانب من هذا الصواب، لكن أنا هذا الذي عملته في وسعي، استشرت الأستاذة، قالوا: هذا من أحسن المشايخ وأحسن الذين ينصحون، وهو الجيد في موضوعك، وهو المتخصص في موضوعك أيضًا. وهنا نستفيد أنه لا بد أن يكون المشرف متخصص على الموضوع الذي أنت اخترته.
    الشاهد ذهبنا وبعد مرور ثلاث سنوات، ونوقشت الرسالة والحمد لله، وكانت النتيجة طيبة، قال: أريدك يا بني أن توصلني إلى مكان ما -بعدما انتهينا- إلى المطار، فأوصلته إلى المطار، وقال: يا بني أرجو أن تسامحني، قلت: على ماذا أسامحك؟ ما رأيت منك إلا خيرًا واستفدت والله منك فائدة عظيمة.
    والله يا طلابنا الكرام والإخوة الفضلاء، أنها ذرفت عيناه، وقال: أنا أثقلت عليك وشددت عليك، لكن والله يا بني لمصلحتك، هذه لمصلحتك والله يا بني، أتذكر حين... أنا نسيت، أتذكر حينما أتيت بالتمهيد، وأخبرتني أنك فعلت وفعلت؟ فقلت: نعم. قال: لما أتيت بالتمهيد، كان من أحسن ما وصلني، وتلكم المراجع كانت حسنة، ولكنني لو قلت أنك الآن قدمت وقدمت، وأنت ما شاء الله، وفعلت وفعلت، سوف تكسل، وتظن نفسك شيخ الإسلام ابن تيمية، أو الشافعي، أو مالك، ولذلك أنا الآن، أحببت أنني أكبح من جماح نفسك، لكي لا تظن أنك أتيت بما لم يستطعه غيرك، فسامحني، وما أردت من ذلك إلا التربية، أسأل الله أن يوفقك.
    حقيقة هذه تجربة مرت علينا، ولمست فعلاً من ذلكم المشرف الأبوة الحانية.
    طيب.. السؤال: ما هي مهمة المشرف؟
    الآن المشرف على الرسالة له مهام، يعني مثلاً أنا أسألكم أيها الباحثون -إن شاء الله- قريب، و -إن شاء الله- نكلفكم، وأنا ذكرت هذا في دروس سابقة، لا بد أن يكون البحث له تطبيق في حياتكم، فكل واحد يقوم ببحث، ولو يعني بحث مُصغر، ويكون واجب سواء للإخوان في الاستوديو، أو الإخوة والأخوات الذين معنا على موقع الأكاديمية.
    السؤال لكم جميعًا خاصة الإخوة الذين معي الآن في الاستوديو: ماذا تنظر من المشرف؟ ماذا تنظر؟ في نظرك، ما هي مهمة المشرف من ناحيتك؟ أحد عنده شيء؟ إجابة؟ تفضل.
    {قد يكون النصح والتوجيه والإرشاد}.
    الشيخ:
    أحسنت، النصح والتوجيه والإرشاد، إذن: أنت تريد من مشرفك: النصح والتوجيه والإرشاد، فيما يتعلق بالبحث وما يتعلق بالعلم، كذا يا شيخ؟ أحد عنده شيء، تعليق آخر؟
    طيب.. المشرف له مهام، كما ذكر أخونا، توجيه الطالب إلى المنهج العلمي في دراسة الموضوع، كيفية عرض الموضوع ومناقشته، استخلاص بعد جمع الأفكار وكذا، استخلاص النتائج، القيام بالتوصيات، أن يكون له أيضًا رأي، نفس الباحث له رأي في بحثه وفق معايير البحث المعتبرة.
    إذن نحن ننتظر من المشرف هذه المهام، التي هي : النصح والإرشاد، والأخذ بيد الطالب إلى أن يكون باحثًا متميزًا.
    أيضًا ننتظر منه، ثانيًا.. لو تدونوا معي هذه، تدونون معي هذه لكي لا يُنسى لأن العلم صيد والكتابة قدي لذلك الصيد، وهذا يجعلك إذا كان عندك سؤال يعني تثيره، لأننا نستفيد جميعًا من أسئلتكم، وكذلك الذي يتابعوننا من الإخوة والأخوات، ويستفيدون من أسئلتكمح لأن بعضهم يقول: ليتني الآن في الدرس مع الأستاذ وأناقش وآخذ وأعطي، فأنتم في مكان قد تُغبطون عليه.
    إذن: ثانيًا من مهام المشرف: استثارة مواهب الطالب وتنمية ملكته، يعني الطلب لا تجعله دائمًا.. أو لا ينبغي للمشرف أن يجعله دائمًا مقلد، بل إنه يستثير مواهب الطالب، عنده موهبة، أستثير هذه المواهب، قد يكون الطالب كله مواهب، كل الطالب قد يكون عنده مواهب، عندك مواهب. عندك يا أخي الكريم مواهب، عند الأخ جنيد مواهب، وعند من يتابعنا.. كثير، كثير من الناس عندهم مواهب، لكن من يستثيرها؟
    ولذلك يذكرون أن أحد، أحد العلماء مر على طفل لم يكن إلا في الثامنة أو أقل من ذلك، فرآه، قال: ما شاء الله يا بني، ما شاء الله خطك يشبه خط المحدثين، فانقدحت في ذهنه، انظروا إلى الاستثارة، انقدح هذا الأمر في ذهنه، خطي يشبه خط المحدثين، ومن هم المحدثين؟ عرف من هم المحدثون الذين هم أهل الحديث، وأهل صناعة الحديث، فما كان منه إلا أن انصرف.. ترك اللعب، وانصرف انصرافًا تامًا إلى الحديث، وأصبح من علماء الحديث الكبار.
    فأنت حينما يستثيرك المشرف، يستثير معلوماتك ومواهبك، فإنه سوف ينمي فيك أشياء كبيرة، وتكون باحثًا وطالب علم متميز، وذو ملكة في البحث العلمي.
    ثالثًا: إيجاد باحث له التفكير المستقل، لكن هذا التفكير لا يكون هكذا لا مسئول، التفكير المستقل الملتزم بالمنهجية والموضوعية، ونحن تحدثنا فيما سبق عن المنهجية وعن الموضوعية، تحدثنا فيما سبق عن ما معنى المنهجية، وما معنى الموضوعية التي ينبغي أن يتصف بها الباحث، وذلك في صفات الباحث.
    إذن يجب على المشرف أن يوجد من طالبه أو من الطالب الذي يُشرف عليه، أو الباحث الذي يُشرف عليه؛ أن يُوجد له التفكير المستقل، يُوجد له تفكيره المستقل، ويجعل يُبين شخصيته، ويُبين فيما يذهب له، ويُبين رأيه، إن كان فيه هناك خطأ فيوجهه، لكن يجعل له ماذا؟ يجعل له شخصيته المتميزة، وينمي فيه ماذا؟ الاستقلالية وعدم التبعية، ولا يتدخل في كل شيء المشرفُ، إلا إذا رأى شيء خطأ، وأنا يعجبني حقيقة أيضًا ممن أشرف عليّ أيضًا في مرحلة الدكتوراه، ومن ساعدني من المشائخ الفضلاء، أسأل الله لهم التوفيق والسداد والجنة، كان بعضهم يقول: هذه .. هذا رأي لي في بحثك، يقصد في بحثي، وهذه ملاحظتي، إما أنك تقنعني أو أقنعك، يعني يقول: أنت ترى ملاحظتي، إن اقتنعت فخذ بها، إن لم تقتنع فتأتي وتناقشني، ناقشني، إما أنني أقنعك أن تقنعني.
    وحقيقة كانت هذه منهجية، وموضوعية، وأدب وخلق حقيقة رفيع، لا يستبد المشرف برأيه أبدًا إلا إذا كان هناك يعني خطأ واضح وبيّن سواء كان في منهجية البحث أو طريقته أو يعني علمي، خطأ علمي واضح جدًا، فهذا لا، يكون فيه الرأي لماذا؟ للمشرف.
    وبعض المشرفين أيضًا ذو أدب وخلق، فيقول للطالب: أنا هذا رأيي، إن لم تذهب له وتقنعني فتحمل فيما لو نوقشت فيه أو كذا، تتحمله أنت، فهو أيضًا يجعله يتحمل المسؤولية، فهو أيضًا يجعله يتحمل المسؤولية، وأيضًا لا يستبد برأيه ذلكم المشرف.
    أيضًا: أن يُربي في الطالب، أو تربية الطالب على الأمانة والإخلاص، الأمانة، الأمانة العلمية، والإخلاص في ماذا؟ في البحث.
    أيضًا: من مهام المشرف: إعطاء أيضًا الطالب الحرية التامة، وهذه تبع لقضية الاستقلالية وعدم التقليد، تعطيه حرية تامة؛ لكي تعود أنه يبحث، ويأخذ، ويعطي، ويحلل، ويمحص، ويجمع الأفكار، ويكون له رأي في ذلك، ويخرج بنتائج وتوصيات؛ لأن هذا يبث الثقة في نفس الطالب. وهذا أيضًا من مهام المشرف، ينبغي عليه أن يبث الثقة في نفس الباحث، ولا يكون ذلك إلا باحترامه وتقديره، وبالعطف عليه، وبإعطائه الاستقلالية والحرية، فالطالب أو الباحث في حاجة ماسة للمشرف وخاصة في البدايات؛ لأنه يرى من مشرفه أنه ذو تجربة كبيرة وله باع واسع في البحث.
    طيب.. هذه مهام المشرف، أحد عنده سؤال؟ أحد عنده سؤال يا إخوان في مهام المشرف؟ طيب.
    نستطيع أن نسمي هذه وقفة، نقف الآن، تقول هذه الوقفة: أن الطالب الباحث، الطالب الباحث، صاحب البحث، أنتم، هو مسؤولية المشرف، وتحمل المسؤولية من قبل المشرف هي من الأخلاق الرفيعة حقيقة، وهذا الطالب هو أمانة في عنقك أنت أيها المشرف، ويحتاج هذا الطالب كما ذكرنا إلى أمور: الرعاية، رعايته كرعايتك لابنك، العناية، تقويم الأفكار -كما ذكرنا- إبراز المواهب، التوجيه.
    إذا أتت هذه الأمور فالثمرة إنجاح البحث العلمي، ومما يُحزنني الحقيقة، وأحزن كثيرًا حينما أسمع من بعض الإخوة الباحثين أن المشرفين -وهم قلة الحمد لله- قلة قلة ونادرة، وهذا الحديث في مشارق الأرض ومغاربها، ليس فقط في بلد معين، وليس المقصود به فقط في العلم الشرعي، أو البحث في العلوم الشرعية، وإنما عمومًا، البحث العلمي نتحدث عنه عمومًا، يقولون: المشرف لا يعطينا فُرصة، ولا ينتبه لنا، وحتى أننا لا نلتقيه يمكن في خلال الثلاث سنوات إلا مرة أو مرتين، ويتعامل معنا كأننا فعلاً صغار، مع أننا طلبة ماجستير ودكتوراه، طلاب دراسات عليا، الحقيقة حينما نسمع بهذا، ولعلكم تشاركونني جميعًا والأساتذة الكرام يشاركونني جميعًا أن هذا حقيقة مؤلم ولا ينبغي، وليس من الرحم، وليس من صلة الرحم؛ لأن العلم رحم بين أهله.
    إذن: المشرف مربي، ومدرس، وموجه، ومشرف، وباحث. إذن: المشرف مربي، ومدرس، وموجه، ومشرف، وكذلك هو باحث.
    طيب.. نتحدث الآن يا شباب، أيها الباحثون عن العلاقة بين المشرف وطالبه.
    أنا أسأل سؤال: ما هي العلاقة بين المشرف وطالبه. فرّق بين العلاقة وبين المهام، وبين ما يجب أن يكون بين المشرف والباحث، لا.. أنا الآن أسأل سؤال هو دقيق: ما العلاقة بين المشرف وطالبه؟ كيف ينبغي أن تكون العلاقة؟ أشرنا إلى البعض قبل قليل، ما هي العلاقة؟ العلاقة بين المشرف وطالبه؟ تفضل..
    {أن يُلين له الجانب، وأن يستقبله بوجه حسن}
    الشيخ:
    يلين له الجانب، يستقبله استقبالاً حسنًا، وبالتالي يكون له أب له.
    {تكون بينهم العلاقة بتواضع}.
    الشيخ:
    والتواضع.. نعم، عندك شيء يا شيخ؟
    {كما ذكرت، تكون علاقة بين أب وابن}.
    الشيخ:
    نعم، تكون علاقة كالعلاقة بين الأب وابنه، طيب، شيخ جنيد عندك شيء؟
    طيب.. العلاقة لا بد أن تكون ودية، علاقة الأب بابنه كما ذكر الإخوة الباحثين والمشايخ الفضلاء، كذلك المحبة والتقدير والثقة المتبادلة، هذه من العلاقة، وبالتالي، لا بد من تنوع الأسلوب في التعامل مع الطالب، لا بد من التنوع في الأسلوب، في العلاقة مع الطالب، تارة بالإقناع، تقنعني أو أقنعك، كما ذكرت لكم قبل قليل، بالتشجيع، مشكور، وجزاك الله خير، وأحسنت، وقدم حاجة طيبة، وأنت تُشكر على ذلك، بعض الأحيان بالحزم، مثل القصة التي ذكرتها حدثت مع مشرفي، كذلك الرفق، يرفق بالطالب لأنه في بداياته، فقد يحتاج إلى جهود وإلى تفكير، وقد يحتاج إلى حتى مال، يعجبني بعض المشرفين -جزاهم الله خير- يتفقدون حتى أحوال طلابهم، وينفقون ويبذلون لهم فجزاهم الله خير الجزاء.
    أيضًا: هناك ملاحظة مهمة، جدًا مهمة، وهي حساسة في العلاقة بين المشرف والباحث، ألا وهي: أنه لا بد للمشرف -وإن شاء الله معظمهم كذلك، إن شاء الله- أنه لا بد للمشرف من الابتعاد عن المواقف التي تؤثر على سمعة المشرف وعلى سمعة المكان الذي ينتمي إليه المشرف، سواءً أكاديمية أو كلية، أو -مثلا- جامعة أو مركز بحث علمي، فهو لا بد أن يحافظ على سمعته هو، ثم سمعة المؤسسة التي ينتمي إليها ذلكم المشرف، كيف يكون ذلك؟ كيف يكون ذلك يا شباب؟ يكون بعد استغلال الطالب في المصالح الشخصية، ينبغي أن يتورع المشرف، حتى لو أراد الطالب أن يقدم ما يقدم، فليقل له: وقتك وجهدك اصرفه ومالك وتفكيرك اصرفه لبحثك يا بني، هذا الذي ينبغي من المشرف.
    إذن عدم استغلال الطالب في المصالح الشخصية، وأنا حينما أتحدث عن ذلك لا يعني أن المشرفين يفعلون ذلك، لا.. وإنما تحذير وتنبيه، وأيضًا ينبغي للطالب أيضًا أن يبتعد عن هذا الجانب، وليعلم أن هذا الجانب حساس ومهم، جدًا مهم وحساس.
    قد يسأل، يعني كيف تكون المصالح؟ إما مثلا تقديم خدمات أو طلب خدمات، أو مثلا تسهيل بعض الأمور المادية، أو الإدارية أو الهدايا، أو أيًا كان، أي شيء، لا شيء شخصي ولا علاقة شخصية، فعليه أن يبتعد، يعني عليه أن يبتعد عنه، فاتقوا الشبهات، لماذا؟ لأن الأستاذ المشرف مهما كان حينما يُنصح بذلك وهم كذلك إن شاء الله، حينما يُنصح بذلك لأنه قدوة، أيًا كان تخصصه، سواء كان شرعي، أو كان تخصصه في الاجتماعيات، أو في التاريخ، أو في السيرة، أي كان ذلك، أو علمي أو طبي، أو تطبيقي، أيًا كان ذلكم المشرف، أيًا كان تخصصه فهو قدوة، ويُشار إليه بالبنان، يكفي أنه أستاذك، وأنت الآن تنهل من أستاذك ليس فقط توجيه في البحث وفي القاعات الدراسية، وفي يومك الدراسي؛ بل أنت تنهل من أخلاقه، وأدبه، وجلده على العلم، ودينه، وأمانته، وخلقه، فهو قدوة لك، وأيضًا هو قدوة لأبنائه.
    طيب.. أحد له سؤال هنا؟ في هذا الأمر الحساس؟ أحد له شيء في هذا الأمر؟
    طبعًا وهذا أيضًا ليس فقط بين الطالب ومشرفه، حتى بين الطالب وأستاذه سواء كان في المتوسط أو الثانوي، أو في البكالوريوس أو في مرحلة الماجستير والدكتوراه، هذا الذي يعني ينبغي.
    طيب.. وهناك أيضًا وصايا نهديها لطلاب العلم، أنتم أيها الطلاب والطالبات، والإخوة الكرام، ألا وهي: أنه ينبغي أن يحرص الطالب -أنتم الباحثون، أيها الباحثون والباحثات- ينبغي أن يحرص الطالب على الاستفادة من المشرف، عُيّن لك مشرف، ينبغي أن تحرص على الاستفادة من المشرف، وتقتنص كل، كل فائدة بكل أدب وبكل تقدير وبكل احترام، يعني كلما قدرت واحترمت وتأدبت وتلطفت وحرصت9 فقد يجعلك المشرف من خاصته، بل من أهله، بل فعلاً يتخذك ابن، وبالتالي سوف يعطيك كل ما عنده من تجارب ومن علم، وسوف يفتح لك بيته، وقلبه وبيته ومكتبته، وسوف يحرص عليك كل الحرص، ويُتابعك كل متابعة، لكن لا يكون ذلك إلا بالخلق والأدب والحرص وبذل الجهد واحترامه وتقدير الأستاذ.
    إذن: ينبغي التقدير والاحترام للأستاذ، لمشرف، عدم ضياع الأوقات، تحمل المشرف، قد يقسو كقسوة الأب على ابنه، قد يكون مثلا متعب، قد يكون ذهنيته مشتتة، فما هو إلا بشر، فعلى الطالب أن يتحمل أستاذه ويصبر على مشرفه.
    إذن عدم ضياع الأوقات، الاستفادة قد الإمكان من المشرف، يستفد منه قدرًا من تجاربه ومن علمه، ومن توجيهاته، أيضًا عدم الحياء.. لا.. الحياء مطلوب، عدم الخجل، لا تخجل من معلومة أو من سؤال تحس أنك لا بد أن تسأله للمشرف، وبالتالي تكتمه في نفسك، لا.. ينبغي أن يُعودك أن تسأل أي سؤال، وأنت أيضًا تتعود مع مشرفك أن تسأل أي سؤال يهم بحثك، ولا تخجل من ذلك.
    إذن: إضافة إلى ما ذكرت: نستطيع أن نقول: هذا هو يعني إضافة إلى الخُلق، والسؤال، والاستفادة من الوقت، كذلك.. والصبر على المشرف، فهو بشر يخطئ ويصيب، هذه يعني بعض الوصايا التي ينبغي أن نوصي بها يعني طلاب العلم.
    أحد له سؤال هنا؟ الآن انتهينا من الحديث عن ماذا؟ عن قضية الباحث والمشرف.
    ننتقل إلى اختيار موضوع البحث، لكن فيه سؤال قبل ذلك؟ أحد له سؤال فليتفضل.. تفضل يا شيخ.
    {شيخ أحسن الله إليك؛ كيف تكون الاستفادة من المشرف، وخصوصًا في هذه الأيام مع الانشغال}
    الشيخ: هو عادة يُحدد لك حتى رسميًا، يُحدد رسميًا لك ساعة مثلا أو ساعتين في الأسبوع، وإذا يعني رأى منك المشرف اجتهادًا وأدبا وخلقًا سوف يعطيك أكثر من ذلك بكثير، وأنا أعرف بعض المشرفين يعني يعطي بالساعات الكثيرة، يعطي الساعات الكثيرة لطلابه، فأنت يوجد وقت رسمي يُتفق عليه في هذا، وهذا منظم، يعني ما تُرك هكذا. نعم..
    طيب..الآن نتحدث عن ماذا؟ عن اختيار، اختيار موضوع البحث، اختيار الموضوع، جيد.
    بعد أن تحدثنا عن الباحث وعن المشرف، الآن نتحدث عن اختيار موضوع البحث، قد يتساءل سائل ويقول: ما هي البداية الصحيحة لاختيار الموضوع؟ هيا يا شباب كيف أختار الموضوع؟ ما هي البداية الصحيحة في هذا، ترى بعضها أجبنا عليه، بعضها أجبنا عليه في ماذا؟ بعضها أجبنا عليه من خلال حديثنا عن المشرف وعن الباحث، يا شباب ما هي البداية الصحيحة لاختيار الموضوع؟ شباب..
    {أن يكون لك ما ذكرنا سابقًا، يكون الموضوع يعني مجهول عند الباحث}
    الشيخ: أحسنت، يعني يبدأ من المجهول، وهذا هو الصحيح، لكن أنت قلت كلمة جملية، قلت: يبدأ، ما قلت: يبدأ المشرف، قلت: يبدأ الباحث، صح؟ يا جنيد؟ إذن يبدأ هو، ما يجعل أحد يختار له، هذا هو الصح.
    {ويكون عن الرغبة}.
    الشيخ:
    ويكون على الرغبة، إذن هو يبدأ وبرغبة، وبشيء يجهله، هذه مقومات الاختيار الصحيح لموضوع البحث.
    إذن إحساس الدارس المُلِح، أو الباحث المُلِح بوجود موضوع جدير، جدير بأنه يُبحث، وجدير بالدراسة، هذا الإحساس يسمى الإلحاح الداخلي، يسمونه الإلحاح الداخلي، ويسمى الرغبة الذاتية، وبالتالي هذا الاختيار من الباحث سوف يجعل الباحث ذا شخصية في بحثه، أما إذا اختير له من قِبل الغير، فسوف يكون ذو تبعية للغير حتى في ثنايا بحثه، أنتم معي؟ معي يا شباب؟ نعم..
    إذن.. وهذا يسمى الاختيار الشخصي للبحث، أعظم انطلاقة وأسميها انطلاقة صحيحة لاختيار موضوع البحث، هو: الاختيار الشخصي من قِبلك أنت، ما تهواه نفسك طبعًا وفق معايير سنتحدث عنه -إن شاء الله- بعد قليل.
    إذن اختيار الموضوع ينبعث من نفسك، شعور داخلي، اختيار ذاتي، وبالتالي هذا ينعكس أيضًا على بحثك، أو أنك تكون يوم من الأيام تقرأ، ومن كثرة القراءة والاطلاع، والذهاب والإياب، والقراء، ومعاركة البحث والمسائل، والاستفادة من ذلك، يمر عليك مشكلة بحثية، يمر عليك مشكلة ترى أنها يعني تحتاج إلى أن تُعالج، تمر عليك مشكلة تحس أنها ينبغي أن تُعالج، فهنا يأتيك شعور أنه لا بد أنني أبحث لكي أعرف هذه المشكلة، وتُحل هذه المشكلة، وأيضًا تُوضح لهذا ؟؟..
    أضرب لكم مثال من خلال.. لا نذهب بعيدًا، من خلال ما مر علي أنا، مر علي في يوم من الأيام قضية الزواج من الكتابية، وقضية الولاء والبراء، الزواج من الكتابية سواء كانت يهودية أو نصارنية أباحه الله -سبحانه وتعالى-، ولا شك أن الزوج والزوجة بينهما مودة ورحمة، أم لا يا شباب؟ يا إخوان؟ بينهما مودة ورحمة، هذا أمر مفروغ منه، وهنا الله -عز وجل- يقول: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22]، إذن أنا كيف أجمع الآن هذا الرجل تزوج هذه المرأة وهي كتابية، يهودية أو نصرانية، إذن هي على شرك أو كفر، وعادة يكون بين الزوج وزوجته مودة ورحمة، وهناك الله -عز وجل- ينهانا، نهانا أن يكون بيننا وبين اليهود والنصارى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 51].
    فهنا في مشكلة، لا بد أن تبحث هذه المشكلة، ونبين، اتضح بعد ذلك، يعني في خلاصة مثلا البحث، أنا رأيت أن هذا مشكلة، فقلت: لماذا لا تُبحث؟ بُحثت، واتضح أن هناك فرق بين المحبة التألهية التعبدية، وبين المحبة الجبلية، والحديث عن هذا يطول، والبحث هو يعني حتى موجود على الشبكة، وهو مطبوع، لكن لكي أبين لكم ما معنى مشكلة، مشكلة بحث، أو تمر عليك مشكلة لا بد.. أو مسألة لا بد من علاجها، لعلني اختصرت في قضية هذه المشكلة، لكي لا نطيل.
    طيب.. هناك فائدة، وهذه الفائدة مهمة، تثبت لنا الدراسات والتجارب، وأنا قلت لكم أن البحث العلمي، أو من ألف في كتابة البحث العلمي أكثرها عن تجارب وناس سبقونا، ونحن نستفيد من تلكم التجارب، والحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها أخذ بها.
    تُثبت الدراسات والتجارب أن أحسن البحوث تفوقًا وإبداعًا ونجاحًا، هي التي يختارها أصحابها، قد يُختار لك موضوع ويكون جيد وناجح، لكن الذي أنجح منه، وأفضل منه، وأحسن منه هو الذي أنت تختاره؛ لأنك سوف تبدع فيه، ولا زلت أكرر في قضية اختيار الموضوع أنه ينبغي أن تكون على الطالب.
    إذن بينما الباحثون والدارسون ومن كتب عن منهج البحث، وعن كيف تكتب بحثًا أو رسالة يُحذرون من اعتماد طالب الدراسات العليا، يُحذرون من اعتماد طالب الدراسات العليا على غيره في اختيار الموضوع، ويقولون: هذه طريقة خطرة، فقد يختار لك موضوع لا يوافق ميولك، ولا رغباتك، وإنما لأجل أن الطالب أدركه الوقت فيريد الخلاص، يعني يريد الخلاص، وبالتالي لن يعطي هذا الموضوع حقه، بعضهم يقول: نخلص وأتخلص، وآخذ هذا البحث، أهدي لي العنوان وأنتهي، وهذا موضوع خطر، لو أنه بحث عادي ممكن، لكن بحوث الماجستير والدكتوراه لا، ينبغي أن يهتم بها ويكون الاختيار من قِبل الطالب نفسه، ومهما أتى عند المشرف، يوجهون توجيهات عامة، ولذلك يحزنني أن بعض الفضلاء الذي هم فعلاً كالآباء لأبنائهم، يقولون: تعثر الطلاب، إذن ينبغي أننا نحرص على ماذا؟ على أننا نبحث له أو نختار له موضوع، هذا حقيقة محزن، لا. المتعثر هو سبب تعثر نفس، ينبغي أن نعطيه فرصة مرة، مرتين، ثلاث، إلى أن يختار هو، أما أن يُختار له موضوعه، فلا أرى أن ذلك مناسب، وجهة نظري أنه لا يُناسب ذلك، عليه أن يختار هو.
    ولكن هذا أيضًا يُقدر بقدره، قد أرى موضوع ممتاز، وأرى أيضًا طالبًا ممتازًا وأرى أنه سوف يُبدع، وقد يوافق ميوله من خلال معرفتي للطالب، لأني أصبحت كالأب لهذا الطالب وأعرف ما عند هذا الطالب، هذا ممكن، أما هكذا خذ هذا الموضوع، وأعطيه الموضوع جاهز، ولا أدري عنه، هذه أيضًا شيء خطير، ويحذر الباحثون من ذلك، لماذا؟؛ لأن بعض الطلاب -وفقهم الله لكل خير- أنا أقول البعض يصرح ويقول: أهم شيء أنني أنتهي، وآخذ المرحلة الماجستير والدكتوراه، أنتهي، أيـًّا كان هذا الموضوع.
    نقول له: لا يا أخي.. قف، هذه أمانة، أنت تحمل رسالة ماجستير أو دكتوراه، ينبغي أن تأخذها بحقها، وأنت محاسب على هذا الأمر.
    والبعض من المشرفين،-أنا أقول: البعض- بحكم الحرص يبحث عن موضوع للطالب -كما ذكرت لكم- بحجة التعثر.
    إذن من أخطر الأشياء أن يبدأ الباحث حياته، يبدأ حياته على غيره، هذا خطير ولا ينبغي.
    طيب.. سؤال يا شباب: ما الطريقة العلمية في التوصل إلى اختيار عنوان البحث؟ انتبهوا.. ما الطريقة العلمية في التوصل إلى اختيار عنوان البحث؟
    أنا أريدك أخي تبحث لي في وموضوع، وأخي جُنيد أريده أن يبحث في موضوع، وموسى أريده أن يبحث في موضوع، اختاروا أي موضوع، لو طلبت منكم الآن الأسبوع القادم تأتون لي ببحوث، لكن لا بد أن تعطيني عنوانًا الآن، ماذا سوف تختار مثلاً يا موسى؟
    {أحسن الله إليك، طبعًا سأختار الموضوع، شيء أرغب فيه، ويناسب المجتمع ويناسب شيء مهم}.
    الشيخ:
    أحسنت، يعني هو علمي، يأخذ مسائل علمية ومهمة، وأيضًا ينفع الناس وينفع المجتمع، ليكون له وقع أيضًا، وهذه من عوامل نجاح البحث، طيب.. كيف يكون ذلك الاختيار؟ ممكن تعطي الأخ يجيب. كيف يكون الاختيار أيضًا؟
    {قد يكون في حال القراءة كما ذكرنا}
    الشيخ:
    أحسنت، حال القراءة والاطلاع، أنتم معي أشكركم، هذه الإجابات تنم على أنكم معي، فأنا أشكركم على ذلك. فعلاً؛ القراءة والواسعة والاطلاع الواسع يثمر ثمرة، لأنه يعطيك خيارات كثيرة في أن تختار، صح يا جُنيد أم لا؟ صح؟
    {صح}
    الشيخ:
    نعم.
    إذن الطريقة هي القراءة الواسعة، اختيار مجموعة من المصادر، حول تخصصك، تخصصك أصول فقه، أو سيرة، أو مثلاً عقيدة، أو طب، أو أيًا كانت، يعني أيًا كان ذلكم التخصص، تأخذ الكتب الكبيرة في التخصص والمصادر، وتحاول تقرأ وتقرأ وتقرأ وتقرأ، ثم القراءة وكثرتها تتولد الأفكار ثم إذا تولدت الأفكار تنظر لأحسنها وأدقها وأفضلها، ثم تنظر لأحسن الحسن، ولأفضل الأفضل، وتختار يعني موضوعًا جيدًا أنت تسعد به، ويسعد به غيرك، وما يكون ذلك إلا بعد الاعتكاف يا شباب على القراءة.
    وأنا قلت في درس سابق: يعجبني الذي دائمًا أرى في يده كتاب. وهو عند إشارة ، في سيارته فيه كتاب، أو يسمع شريطًا مفيدًا، وفي المطار، في الانتظار يقرأ كتاب، وفي كل وقت، وفي الطائرة يقرأ كتابًا، ولا يضيع الفرص؛ لأننا نحن أمة اقرأ وسوف يُثمر ذلك في حياتك تجد عقباها بعد ذلك، نعم..
    بعد ذلك -كما ذكرت- يخرج بأفكار وعناوين، تحتاج أيضًا هذه الأفكار والعناوين التي هي أحسن الحسن، وأفضل الأفضل، وأدق الدقيق، وكذا، أو الأدق، يخرج بأفكار، هذه الأفكار تحتاج إلى بعد ذلك تمحيص وماذا؟ اختيار، يختار أحسنها وأقواها، يشاور، الاستشارة، مشايخه، حتى طلابه يشاورهم، أساتذته، من له باع في ماذا؟ في التخصص.
    فائدة مهمة جدًا، فائدة مهمة لكم أيها الإخوة الباحثون، أيها الإخوة الباحثون، والأخوات الذين يتابعوننا، أقول: حسن اختيار الموضوع هو محور العمل العلمي الناجح، وعلى الباحث أن يضع في اعتباره أنه سوف يعيش مع ذلك العنوان، انتبه معي يا أخي الكريم، أنت الآن تختار عنوان تره معك، يعيش معك سنوات، فاختر عنونًا محببًا للنفس، لا يكون ثقيل، وأنا أتكلم لا أقصد.. أتكلم حينما أقول عنوانًا في البحث العلمي عمومًا، لا يكون ذلك الموضوع أو تلكم المسألة أو ما تريد أن تبحثه، يعني ثقيلاً على النفس، أو قد اختاره لك غيرك، فما يسير بينك وبينه تناغم وتوادد، اختر موضوع لأنه سوف يمسي معك، ويصبح معك ويظهر معك، وينام معك حتى.
    أذكر بعض الباحثين كان عنده ورقة عند رأسه، يقول: إذا جائني النوم تأتيني أفكار جميلة للبحث، فاليوم الثاني تذهب، فأقوم مباشرة وأدون لكي لا أنسى تلكم يعني، تلكم الأفكار.
    بقي لنا أمور يجب أن يتجنبها الباحث عن اختيار الموضوع، لعل ذلك إخوتي الكرام يكون في الدرس القادم بإذن الله، وهو لعله يكون الدرس الخامس.
    أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما سمعنا، حقيقة أشكر الإخوة المنتميين لهذه الأكاديمية المباركة إن شاء الله، وكذلك الأخوات، أشكركم أنتم أيها الإخوة في الاستوديو.
    وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، شكرًا لكم، وشكر لكم أنتم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:37 pm


    الدرس الخامس"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد..
    أيها الإخوة والأخوات الذين يتابعوننا عبر الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، إخوتي الكرام معنا في الاستوديو، أرحب بكم أجمل ترحيب، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    كان حديثنا في الدرس الماضي عن اختيار موضوع البحث، وتحدثنا عن البداية الصحيحة لاختيار الموضوع، وقلنا: إنه لا بد أن يكون الاختيار عن إحساس مُلحّ يجده الباحث في نفسه، وهذا يسمى الإلحاح الداخلي أو الرغبة الذاتية، فإذا كان هناك إلحاح ذاتي ورغبة داخلية، فإنه سوف ينتج عن ذلك الاستقلالية والجودة بعد ذلك في البحث.
    إذن: اختيار الموضوع من تلقاء نفسك ينعكس ذلك عليك في بحثك أنت أيها الباحث.
    قلنا أيضًا: تثبت الدراسات والتجارب أن أحسن البحوث تفوقًا وإبداعًا ونجاحًا هي التي يختارها أصحابها بأنفسهم، لا يجعلون غيرهم يختارُ لهم، بل هم الذين يختارون البحوث، أو موضوعات بحوثهم، وما ذلك إلا بوجود كفاءة عالية في القراءة والاطلاع والبحث والتمحيص، ثم بعد ذلك يستقر على موضوع معين.
    وقلنا إنه يحذر الباحثون بشأن هذا الأمر، ألا وهو اختيار الموضوع، يحذر الباحثون من اعتماد طالب الدراسات العليا خاصة طالب الماجستير والدكتوراه، فإن الباحثين الذين يهتمون بالبحث العلمي وبكتابة البحث العلمي وكذلك المشرفون والناصحون والأكاديميون والمتخصصون، فإنهم ينصحون بألا يعتمد الطالب على غيره في اختيار الموضوع.
    وقلنا: إن بعض الطلاب يصرح بأن أهم شيء أنه ينتهي، أهم شيء أنه يكون عنده موضوع ويخلص من قضية الماجستير، وقضية الدكتوراه وينتهي، وكأن الهدف من ذلك هو الشهادة، والحصول على الدرجة، وهذا لا ينبغي، الشهادة ستحصل عليها بإذن الله، والمرحلة ستأخذها بإذن الله، سواء الماجستير أو الدكتوراه، نسأل الله لنا ولكم التوفيق، وكذلك الإخوة والأخوات الذين يتابعوننا، وسوف تأخذ هذه الدرجة، وسوف يمر بك الوقت هو الوقت، سنتان وثلاث، وسوف تذهب وتتعب وتجمع، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يكون على موضوع يستحق أن تبحث فيه وتستفيد منه علمًا وتُحسن النية، ويكون لك أجر في ذلك، وأيضًا ينتفع به غيرك.
    فمن أخطر الأشياء أن يبدأ الباحث حياته على غيره.
    ثم تحدثنا عن الطريقة العملية في التوصل إلى اختيار عنوان البحث، وقلنا أهم شيء في ذلك هو القراءة وسعة الاطلاع.
    أيضًا تحدثنا عن أمر مهم، ألا وهو أن هذا الموضوع الذي سوف تختاره لا بد أن تهتم به، لماذا؟ لأنه سوف يكون معك في هذه السنوات الثلاث، أليس كذلك؟ سيكون معك هذا الموضوع، معك لفترة أكثر من سنتين أو ثلاث أو أربع، يصبح معك، ويمسي معك، ويقيل معك، ويأخذ كثيرًا من أفكارك وتفكيرك وخطراتك، فلا بد أن تحسنَ الاختيار؛ لأنه سيكون ملاصقًا وصاحبًا لك، فلا بد أن تحسن الاختيار بعد حسن النية، والتوفيق من الله -عز وجل- أسأل الله -عز وجل- أن يوفق الجميع.
    أريد أن أنبه إلى أمر، ألا وهو: أن اختيار الموضوع -لا زلنا نحن في اختيار الموضوع في حديث الدرس الماضي- لا بد أن يكون له فائدة، سواء كانت تلكم الفائدة علمية أو اجتماعية، أي يكون ذا قيمة علمية، بحيث إنه لو قُرئ عُرف أن فيه تأصيلا وفيه قوة علمية، وفيه قوة بحثية، وفيه أيضًا جهدا، هذا من الناحية العلمية والعملية.
    إذن: قوة أو فائدة علمية، وقوة عملية، كذلك له أهمية من الناحية الاجتماعية، يعني يُفيد المجتمع، يُفيد الأكاديميين، يُفيد الجامعات، يفيد الدارسين، يُفيد المجتمع، يُفيد الناس جميعًا، هذا إذا كان موضوعًا عامًّا، وإن كان هو متخصصًا من جانب إلا أنه عام من جانب آخر، ويفيد الناس جميعًا، وإذا كان متخصص جدًّا جدًّا فإنه يفيد الباحثين، ويثنون خيرًا، ويقولون: جزى الله خيرًا هذا الباحث الذي قدم وأعطى ونفع الله به.
    خذوا أيضا هذه الفائدة: قد تختار موضوعًا جذابًا ورائعًا، ولافتا للنظر، ولكن يتبين لك بعد ذلك أنه لا يصلح لأن يكون موضوعًا لبحث طويل، فلتنتبه لهذا، قد يصلح لأن يكون بحثًا طويلاً للماجستير أو الدكتوراه، وقد لا يصلح أن يكون بحثًا تنال عليه درجة علمية عالية، ولذلك ينتبه لهذا، ليس كل موضوع يستهويك، وليس كل ما هو جذاب أيضًا يأخذك، بعض البحوث هي جذابة ورائعة، لكن تصلح لبحوث صغيرة، أو بحوث قصيرة، أو بحوث لترقية، أو بحوث مُحكمة في مجلات علمية، أما كرسالة علمية فقد لا تنفع في قضية أن يُنال عليها الماجستير الدكتوراه، وكذلك درجة علمية.
    هذا ملخص الدرس الماضي، وقلنا إن هناك أمورًا يجب أن يتجنبها الباحث عند اختيار الموضوع؛ لأن اختيار الموضوع تحدثنا عنه في الدرس الماضي، وأيضًا في هذا الدرس نتحدث عن اختيار الموضوع، لماذا؟ لأهميته، لأنك إذا اخترت الموضوع، فأنت أنجزت إنجازًا كبيرًا، منذ أن تختار الموضوع فأنت الآن أنجزت وبدأت في طريق البحث، ومَن بدأ وسار فإنه يصل، من سار على الدرب وصل.
    فهناك أمور يجب أن يتجنبها الباحث عند اختيار الموضوع، ماذا تظنون يا شباب؟ يا شيخ عبد الحكيم، هناك أمور يجب أن يتجنبها الباحث عند اختياره للموضوع، ماذا ينقدح في أذهانكم؟
    {أقول يا شيخ ربما يتجنب الأشياء المكررة، المبحوث فيها من قبله، ويبحث جيدًا حتى يأتي بشيء جديد ينفع الناس.}
    الشيخ:
    ممتاز رائع، إذن: يتجنب الأشياء المكررة؛ لأنها مكررة لن تُضيف الجديد، وسيكون أسيرًا لما كُرر، فلم يجد شيئا جديدًا، سيمر بين هذا.. أحسنت، ووفقك الله وإخوانك جميعًا ومَن يسمعنا أيضًا.
    هنا لم يأتِ بجديد، وسيمر بنا في خطة البحث -إن شاء الله- أو في عناصر خطة البحث شيء اسمه الدراسات السابقة، يعني دراسات سابقة لموضوعك لا تغفلها، أنت الآن تبدأ من حيث انتهى السابقون الآخرون، لا تأتي هكذا وينقدح في ذهنك موضوع، وتقول: الموضوع جيد وسوف أبدأ ثم تُجمِّع حوله دراسات قد تكون أرفف المكتبات مليئة بهذا الموضوع، إذن ما هو الجديد هنا؟ نعم..
    {شيخ.. أحسن الله إليك، ذكرتم أن أفضل البحوث هي ما يختارها أهلها، طيب وإن كان الطالب المبتدئ ألا يكون الأفضل له أن يجعل له مشرفًا في اختيار موضوعه، الباحث المبتدئ قد لا يوفق في اختيار موضوع مناسب، ألا يكون له مشرف أفضل}.
    الشيخ:
    الحقيقة، هذه الحقيقة مسألة تؤرق، ولعلك تذكر في بدايات الدرس، بدايات دروسنا في البحث العلمي قلت: أتمنى أن الطالب حتى لو في الابتدائي خاصة في المراحل المتأخرة في الابتدائية، الخامس والسادس، وكذلك المتوسطة والثانوي، أن يُعوَّد على البحث، بالتالي يكون عنده مَلَكَة، وكذلك المفروض في البكالوريوس أن يكون هناك مادة البحث العلمي، والظاهر أنها توجد في كثير من الجامعات، وكثير من الأساتذة -وفقهم الله- يطلبون من طلابهم بحوثًا، لكن للأسف الطلاب.. أصابنا الحقيقة الضعف والكسل، ولذلك يذهبون إلى مراكز البحوث، مراكز خدمة الطالب، ويجد يقول: أريد بحثًا مثلا عن كذا، فمباشرة يُعطيه، يكون موجودًا أصلا قد طُبع من قبل؛ لأن بعضهم يكون عنده أرشيف خدمات الطالب، فيكون عنده مئة بحث في الصلاة، مائة بحث في هجرة الصحابة إلى الحبشة، وهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، عنده مثلاً مائة بحث في صلاة الكسوف، مائة بحث في الطهارة، عرفتم؟ فلذلك فقط مجرد ما يفتح الجهاز ويعطيه أمر طباعة، ويقول له: تفضل، ويقدمها الطالب للأستاذ وللأسف.. أين الأمانة العلمية؟ ويقدمه وما قرأه، وقد رأيت بحوثًا من هذا خاصة في طلاب البكالوريوس، خاصة طلاب إعداد المواد العام أصبحنا نقلل من قضية البحوث، ونكلفهم بأشياء أخرى خوفًا من هذه المأساة، مأساة أن يذهب ويأخذ البحث جاهزًا مُجهزًا من خدمة الطالب، فهذه خيانة للأمانة، وهو خان علميته، يخرج طالبًا هزيلا من ناحية البحث العلمي، فنقول: هذه مسألة تؤرق، لكن إذا بلغ الطالب مرحلة الماجستير، فلا ينبغي أيضًا أن يكون أسيرًا للمشرف أو المرشد، لا مانع أن يستشير المرشد والمشرف؛ لأن الطالب ما دخل مرحلة الماجستير إلا وهو ذو مكانة -إن شاء الله- علمية طيبة، وقد بلغ مرحلة طيبة، يستطيع أنْ يبحث ويقرأ ويطلع، ثم بعد ذلك يأتي بالموضوع، لعله يأتي بعدة موضوعات، فيقول: أنا هذه أرغبها يا دكتور أو يا مشرفي العزيز، فما رأيك؟ أما أنه يقول: لا.. أرجوك، أنا الآن أنام وأرتاح قرير العين، وأنا تعبت، وأنا لا أريد أن أُكلف نفسي، ورجاء يا أستاذي الكريم تبحث لي عن موضوع بحجة أنني لا أعرف، وأنا في البدايات، لا، هذا كسل وضعف.
    طيب.. الأمور التي يجب أن يتجنبها الباحث عند اختيار الموضوع، نقول:
    - أولا: عليه أن يتجنب الموضوعات ذات الخلاف الشديد المحتدم.
    هناك موضوعات فيها خلاف وأشياء قد تكون فيها مسائل شائكة ومسائل مُعقدة، مسائل اختلف فيها العلماء، والطالب هنا في البدايات، وخاصة في الماجستير، فقد لا يخرجُ من ذلك بنتيجة، أو قد يتعبه أن يخرج بنتائج وأفكار يمحصها، و.. و.. إلى آخره، فحبذا لو تجنب ذلك، هذه من توصيات الذين يتحدثون عن البحث العلمي.
    وأنا أقول: إذا كان الطالب في بداياته، خاصة في مرحلة الماجستير، لعله يتجنبُ مثل ذلك، لكن إذا كان في مرحلة، مرحلة الدكتوراه وأن الطالب جيد، وعلميته جيدة، فلا مانع أن يخوض في أمثال هذا إذا كان عنده ملكة علمية ومهيأ وقويًّا علميًّا بعد أن يستشير المشرف، ويستشير أساتذته في ذلك.
    - أيضًا الموضوعات يعني المعقدة: أيضًا ينصح الباحثون الذين كتبوا في عن كيفية كتابة البحث العلمي، ومنهج كتابة البحث العلمي ينصح بأن يبتعد -وخاصة المبتدئ- عن الموضوعات المعقدة.
    - أيضًا ينصحون بقضية الابتعاد عن الموضوعات الخاملة، فيها خمول، ليست فيها متعة، فحبذا لو اختار الموضوعات الحيوية التي فيها متعة، طبعًا نحن نتحدث إخوتي وأخواتي الإخوة في الاستوديو، نتحدث عن البحث عمومًا، نتحدث عن البحث العلمي عمومًا.
    - كذلك الابتعاد عن الموضوعات التي يصعبُ الحصول على مادتها العلمية، يعني أنت الآن في البدايات، وعندك مصادرك وقرأت، واطلعت وتعلم أن هناك ندرة، ويوجد شُح في المعلومات، وبالتالي لا تُعينك تلك المعلومات على أن تَفِيَ بجميع مباحث الدراسة، أو مباحث البحث، سواء كان الماجستير أو الدكتوراه، فقد لا تسعفك هذه المادة، المادة العلمية، ولذلك ينصح بالابتعاد عن أمثال هذه الموضوعات التي مادتها العلمية شحيحة.
    أيضًا، يُنصح بأن يتجنب الباحث الموضوعات الواسعة التي يُمكن -وهذا نبَّهنا عليه في البدايات- أن تكون مشروعًا، موضوعات كبيرة وفضفاضة وواسعة، هذه يتعب الباحث؛ لأنه لا يستطيعُ أن يُلمَّ بالموضوع، فقد تتكاثر عليه المعلومات ولا يستطيع أن يحد من ذلك، ولا يستطيع أن يمسكَ بزمام البحث، ويصبح حاله كحال الشاعر حينما قال:
    تكاثرت الظباء على خراش
    فما يدري خراش ما يصيد

    - كذلك الموضوعات الضعيفة جدًّا، هناك موضوعات ضعيفة، ولا ترتقي إلى أن تُبحث بحثًا موسعًا ومطولاً، وأن يمكث الباحث فيها ثلاث سنوات أو أربعا.
    - كذلك الموضوعات الغامضة، ثم التي فيها غموض، وصعب أن يفك ذلكم الغموض.
    ونضيف أيضًا ما قاله الباحث، باحث المستقبل -إن شاء الله- الأستاذ عبد الحكيم حينما قال: التكرار واجتنابه، فإن الباحث أيضًا عليه أن يجتنب ذلك.
    وبعد هذا إخوتي الكرام، أعني بعد اختيار البحث، وهذه هي المرحلة الأولى تأتي المرحلة، تأتي مرحلة أخرى، ألا وهي مرحلة استعداد الباحث للبحث.
    الآن أنت اخترت الموضوع، طيب.. ماذا بعد هذا الاختيار؟ تأتي مرحلة خاصة بك أنت أيها الباحث، أنتِ أيتها الباحثة، ألا وهي استعداد الباحث أو الباحثة للبحث العلمي، طيب.. كيف يكون الاستعداد؟ كيف يكون الاستعداد يا إخوان؟ سؤال: كيف يكون استعداد الباحث؟
    {الحصول على المصادر للمعلومات}.
    الشيخ:
    إذن: الحصول على المصادر، يحاول أن يحصل على المصادر، هناك شيء آخر يا شيخ عبد الحكيم؟
    {التهيؤ الكامل، والتفرغ في الوقت والاشتغالات}.
    الشيخ:
    إذن: جمع المصادر وكذلك قضية التفرغ، والاهتمام بالوقت.
    طيب.. هناك شيء يا شيخ جنيد؟
    طيب.. إذن الكفاءة.. استعداد الباحث، نستطيع أن نتحدث عنها في جانبين:
    الجانب الأول: الكفاءة العلمية، كفاءة الباحث العلمية.
    وثانيًا: الرغبة الصادقة.
    طيب.. حينما نقول: الكفاءة العلمية، ماذا نقصدُ بالكفاءة العلمية؟ ما الذي يتبادر للأذهان حينما نقول: كفاءة الباحث العلمية، ينبغي أن تكون ذا كفاءة علمية أيها الباحث، أيها الباحثون والباحثات، كيف تكون الكفاءة العلمية؟ نعم.. عبد الحكيم.
    {أي يكون ذا ثقافة علمية، وتخصص فيما سيبحث فيه.}
    الشيخ:
    نعم.. ثقافة نعم.
    {كثرة الاطلاع والقراءة في الموضوع الذي يبحثه}.
    الشيخ:
    كثرة الاطلاع والقراءة، نعم..
    الكفاءة العلمية، إضافةً إلى ما ذكر الإخوة، الإحاطة بالموضوع؛ لأن هذه من الكفاءة، إذا كنت كفؤا علميًّا لهذا البحث، فإنك سوف تحيط به؛ لأنك ما اخترت الموضوع إلا بعد قراءة واطلاع كما ذكر الإخوان، وأعطيتها من وقتك وجهدك و.. و.. إلى آخره، لكن بعد هذا الجهد، وبعد هذا الاطلاع وسعة الاطلاع والقراءة الدؤوبة، فإنه أصبح عندك ولو اليسير من الإحاطة بالموضوع، وبالتالي أيضًا من الكفاءة تحديد زمن للدراسة، يعني تجعل لك وقتًا، وبعض الناس يعطي لنفسه يقول: خمس سنوات، ست سنوات، عشر سنوات، فلان من الناس مكث ست سنوات وسبع سنوات، فلان من الناس مدد في الجامعة وفي الأكاديمية، البحث له وقت محدد سنتان أو ثلاث، هو يقول: حق لي أن أمدد سنة أو سنتين، أو ثلاث، وأربع، إذا كان يحتاج البحث ذلك فلا مانع، وما أظنه -مهما عظم البحث- يمكث ست وسبع وعشر سنوات، هذه ليست من الكفاءة.
    كذلك، الجانب الآخر في استعداد الباحث: الرغبة الصادقة، الذي عنده الرغبة الصادقة، أو الذي عنده استعداد، عنده استعداد للبحث العلمي لا شك أن عنده رغبة صادقة منبعثة من نفسه، عنده رغبة صادقة القيام بهذا البحث، وحب هذا البحث، ويجد متعة في ذلك، وبالتالي سوف يجد الحماس، وسوف يقدم بحثا ذا مستوًى عالٍ.
    طيب.. هناك أمر هام في اختيار الموضوع قبل أن نختم في قضية اختيار الموضوع، ألا وهو أنه لا بد من موافقةِ المشرف أو المرشد الذي سأل عنه الأخُ عبد الحكيم قبل قليلٍ، يُوافق ويقول لك: إن هذا العنوان، أو هذا الموضوع بالذات الذي سوف تبحث عنه، أو تبحث فيه، ويمكث معك سنين، حقيقة جدير بأن يُبحث.
    لاحظ أنت الذي اخترت الموضوع، وأنت الذي قرأته قبل ذلك، وأنت الذي أتيت به إلى مرشدك أو إلى مشرفك وأستاذك، هو الآن يقول لك: هذا جدير بالبحث أو أنني أنصحك بأن تبحث عن غيره، حتى لو بحثت مرة ومرتين وثلاثا، حتى لو أتيت بموضوع، وموضوعين وثلاث وأربع، لا ضير في أن يرد، بعض الجهات، والمؤسسات العلمية ترد الموضوع مرة أو مرتين، وثلاثا، وقد ينزعج الطالب من هذا، بينما ينبغي أن يكون هناك ثقة في أستاذك وفي أساتذتك، وفي هذه المؤسسة العلمية التي تنتمي إليها، لا بد أن يكون هناك ثقة، وتعلم علم اليقين أنه ما رُد الموضوع مرة أو مرتين وثلاثا إلا لأجل لأن يُرتقى بك في اختيار الموضوع لكي يكون موضوعك نافعًا لك وللمجتمع وذا قيمة علمية.
    يعني هب أن الأكاديمية، أو أنني كلفتك الآن ببحث، الأكاديمية مثلا ببحث سوف تأخذ عليه درجة، اخترت أنت العنوان، اجتمعت اللجنة العلمية في الأكاديمية، وقالت: لا ما هو مناسب، أتيت أنت بموضوع آخر، استعجلت في الموضوع، فما هو مناسب، المرة الثانية لم تستعجل، لكن الموضوع قد بُحث، أنت أمام أساتذة لهم باع في ذلك ومتخصصون في هذا الجانب، فردوه، فلا تحزن ولا تنزعج، بل ابحث مرة ثانية، وثالثة، ورابعة.
    أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
    ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

    إذن: لا بد من موافقة المشرف على العنوان وأنه جدير بالبحث وكذلك فيه مادة علمية، وأن المصادر متوفرة؛ لأن المشرف هنا ذو دراية، ويكفيك مؤنا كثيرة، أنت قد تتحمس للموضوع لكن ليس هناك مراجع، الأستاذ هنا أو المشرف يقول: ليس هناك مراجع، سوف تتعب فيه، ما أرى ذلك مناسبًا. والمشرف في هذا الجانب يقدر هذه الأمور بقدرها على حَسَبِ قراءته واطلاعه وتجاربه.
    أيضًا على المشرف أن ينصح الطالب؛ لأنه يعرف طالبَه ويعرف طلابه هل يمكن هذا الطلاب يستوعب هذا الموضوع أو لا، أو قد يكون هذا الموضوع أسهل من قوة الطالب وجهد الطالب التي منحه الله إياها، فننظر ونعطي الطالب موضوعًا يليق بهذا الطالب، وهكذا.. فالمشرف هنا ينبغي أن يحرص على ذلك، وينبغي على الطالب أن يأخذ من المشرف، حتى لو كتب في فكرة الموضوع، أو جمع حوله معلومات، أو تعب، أو رغب أو أحب ذلكم الموضوع؛ فإنه عليه بالالتزام بما يراه المشرف، طيب.
    بعد ذلك، الآن نحن يا شباب اخترنا ماذا؟ اخترنا الموضوع. بعد ذلك ينبغي تحديد الموضوع، يعني أنت الآن تختار الموضوع، الموضوع في مثلاً، هاتوا موضوعًا يا شيخ عبد الحكيم، مثلاً تختاره.
    {التأمين.}
    الشيخ:
    التأمين، يبدو أنك تحب الفقه يا شيخ، فدعونا نقول مثلاً: أنت الآن اخترت موضوع ماذا؟ التأمين، طيب التأمين هذا الآن رائع وحديث العصر، وهو -إن صح التعبير- من النوازل، ومن الموضوعات التي يَنبغي أن تُدرس، إذن الآن التأمينُ موضوع شامل، إذن ينبغي أن أحدد الآن، ينبغي تحديد الموضوع، وبيان مشكلة الموضوع، التأمين ماذا؟ التجاري، الصحي الذي هو الطبي، أي تأمين تقصد؟
    {أقول يا شيخ: أشهرها التجاري طبعًا}.
    الشيخ:
    إذن آخذ التأمين التجاري، ثم أنظر هل التأمين التجاري فيه أقسام؟ فيكون من الموضوعات المتوسعة، أو أنه تفي به دراسة واحدة، أو يحتاج إلى مشروع، إذن أُحدد الموضوع، ومشكلة ماذا؟ مشكلة هذا.. أحاول أنني أُحد من انتشار وتوسع ذلك الموضوع، فكلما ضيقت الموضوع؛ استفدت أنا واستطعت أن أنجز، واستفاد الآخرون.
    إذن: اختيار الموضوع، لا يعني تحديده تلقائيًّا، لا يعني ذلك الاختيار أنك حددت، أبدًا، أنت الآن تختار الموضوع الواسع ثم بعد ذلك تحدد ذلك الموضوع.
    وطبعًا: قضية اختيار الموضوع، وقضية خاصة تحديد الموضوع، هذه من أصعب المراحل التي يمر بها الطالب، هذه من أصعب المراحل، ولذلك ينبغي أن يكون هناك التصاق بأساذته ويستفيد من مشرفه.
    لكنْ هناك أمورٌ ممكن تساعده في التغلب على هذه المرحلة، هناك أمور تساعده في تحديد ذلك الموضوع الذي اختاره، وتحديد كذلك تلكم المشكلة.
    - أولاً: قراءة كل ما له صلة بالموضوع هو المشكلة، فيحاول، لا، يقول: أن قرأت كثيرًا الآن، لا.. يحاول أن يقرأ، يقرأ أيضًا مرة أو مرتين وثلاثًا، إلى أن تبرز له ملامح والخطوط العريضة لمشكلة البحث، يقرأ بحوثًا، ويقرأ كتابات، ويقرأ حول الموضوع أيضًا كثيرًا.
    أيضًا مما يساعده الاستفادة من خبراته العلمية، يعني لا يُحقر من جهد نفسه، وتعبه وتحصيله، الذي سبق له من قبل، فكذلك الاستفادة من خبراته العلمية التي اكتسبها من خلال السنين الماضية، هذا يساعدك في أن تتغلب على هذه.. أو هذا الوقت المتعب للطالب، وهو اختيار الموضوع، وأخص من ذلك تحديد مشكلة الموضوع.
    كذلك البحوث التي سبق أن قام بها، يعني مثلاً الأخ جنيد أو الأخ عبد الحكيم، أو الأخ الكريم عبد الحميد، عبد الحميد وعبد الحكيم، يعني لعلكم قمتم ببحوث من قبل، كُلفتم ببحوث، فهذا الجهد، وهذا التعب، وتلكم الاستشارات التي قدمها، والآراء التي قدمها لكم أساتذتكم، فإنها تنفعك وتفيدك في هذا الجانب. هذا عن اختيار الموضوع، أحد له سؤال؟ أحد له سؤال؟ تفضل يا شيخ عبد الحميد.
    {شيخ.. أحسن الله إليك، نرى في عصرنا اليوم، أن المكتبات يعني مشبعة بالبحوث المختلفة في شتى الفنون، أصولاً وفروعًا، وحتى وصلت للإلكترونيات، يعني الكتب الإلكترونية وغيرها، ماذا يبقى للباحث المبتدئ أن يبحث فيه؟}.
    الشيخ:
    أنا أقول: الباحث الجيد.. أعد، أعد، لعل يسمعك الإخوان، وارفع صوتك.
    {أقول يا شيخ: أحسن الله إليك، نرى في عصرنا الحاضر أن المكتبات مشبعة بكثير من البحوث والكتب في شتى الفنون، أصولاً وفروعًا، وأيضًا حتى الكتب وصلت للإلكترونيات من كتب إلكترونية وغيرها، حتى في الجوالات أحيانًا يكون هناك كتب، فماذا يبقى للباحث المبتدئ أن يبحث فيه؟}.
    الشيخ:
    نعم.. أنا أقول: إنَّ الباحثَ الجيد والرائع والذي ستُفيد سوف يجد من الموضوعات الكثيرة، واللهِ يا أخي الكريم، عن تجربة، كثير من الأحيان حينما نقرأ رسالة نناقشها، أو نَكون نقرأ في كتاب، أو نقرأ بحثًا لطالب، أو بحثًا مثلا لزميل أهداك إياه لكي تُبدي ملاحظات أو كذا، تتوافر أفكار أقول هذه تصلح للماجستير، هذه تصلح للدكتوراه، هذه ممتازة، أين الناس عن هذا؟ يوجد من الأفكار ومن الموضوعات الكثير، لكن يحتاج يا عبد الحكيم إلى قراءة، وسعة اطلاع، كلما توسعت في القراءة والاطلاع والثقافة تأتيك الموضوعات بكثرة، أما الذي يريد، يقول أنا أريد الآن موضوع، ويقلب هنا ويقرأ هنا ويفتح في النت هنا، و.. و.. لن يخرج بنتيجة من هذا، وسوف ينتابه هذا الشعور، السؤال الذي سألت سوف ينتابك أنه ما بقي شيء، الأول لم يبق للآخر شيء، نعم يوجد شح في الموضوعات الآن، لكن ليس كما يتصوره البعض.
    {إذن مسألة تجنب التكرار أمر صعب جدًّا}.
    الشيخ:
    التكرار، لا، هو لا يكرر ولذلك الآن في المؤسسات العلمية في الجامعات وكذا، في الخطة شيء اسمه "الدراسات السابقة" إذا رأى الأساتذة المختصون الذين تمر عليهم تلكم الخطط، إذا رأوا أن هناك تكرارًا فإنهم لا يُوافقون، لا يوافقون أبدًا، إلا إذا كان في شيء أتى بجديد، حتى لو كانت الموضوعات متشابهة، وهذا سوف يأتي بالجديد أو يستردك أو كذا، فلعلهم يوافقون، أهم شيء تَفي المادة العلمية بذلك. نعم..
    أحد له سؤال؟ أحد عنده شيء؟
    ننتقل الآن إلى عنوان البحث، انتبهوا، فرقوا بين أمرين:
    - الأمر الأول: أيها الإخوة الكرام، هو: موضوع البحث، الآن أخذنا موضوع البحث، انتهينا من أننا اخترنا موضعًا للبحث.
    - الأمر الثاني: تحديده، نحاول نحصر هذا الموضوع، لكي لا يكون متشبعًا.
    مثلاً لو ضربنا مثلاً للتأمين وما يتعلق به مثلاً، الآن نأتي إلى قضية، أخذنا الموضوع، وحددنا من ذلكم الموضع، وعرفنا ماذا سوف ندرس، وتخيلنا ولو لمحة سريعة أبواب وفصول ومباحث ومطالب تلكم أو ذلكم البحث أو تلكم الرسالة سواء ماجستير أو دكتوراه، بعد هذا التخيل؛ نريد أن نصيغ العنوان، عنوان يحمل، عنوان هذا البحث، شعار هذا البحث، يكون شعارًا لهذا البحث، عنوان واضح لهذا البحث، كيف يتم هذا الاختيار؟ هذه أيضًا مرحلة فيها تعب، نحن ما نخوفكم، ولكن نقول: هي فيها تعب قليلا، يستعين الواحد بالله -سبحانه وتعالى- وتتسير بإذن الله الأمور.
    أنا عندي سؤال: كيف تختار عنوانًا لبحثك أو لموضوعك الذي اخترته؟ أنت اخترت الآن موضوع، كيف تختار العنوان؟ أو ما هي المواصفات، أو ماذا ينبغي للباحث عند اختياره للعنوان أن يكون، أو ما هي المواصفات التي ينبغي أن أجعلها أمامي في صياغتي لعنوان البحث، وعنوان ذلكم الموضوع الذي اخترت الآن؟ أحد عنده إجابة؟ اختيار العنوان الذي أضعه على أول ورقة في الرسالة، الذي سوف يكون في المكتبات، وسوف يكون عبر الشبكة، هذا الموضوع ثابت.
    {أقول يا شيخ لعله -والله أعلم- أنه يجعل العنوان تشكل الفكرة الرئيسية التي بحث من أجلها}.
    الشيخ:
    إذن: يحتوي على الفكرة الرئيسية التي بحث من أجلها.
    {ويعلم أن الناس من هذا العنوان يعرفوا أو يعلموا ما بداخل هذا البحث، من العنوان؛ لأنه هو الباب}.
    الشيخ:
    نعم ويكون عنده اهتمام في إعلام الناس ماذا يريد من بحثه، أحسنت، عندك شيء يا شيخ عبد الحميد؟
    {يعني ألا يكون العنوان طويلا، بل مختصرًا ومفيدًا.}
    الشيخ:
    ممتاز، أحسنت، لا يكون طويلا، بعض الموضوعات -ما شاء الله- كأنها مقطوعة شعرية، أو.. نعم.
    - إذن: نقول: العنوان هو مطلع البحث، وهو أول ما يصافح نظر القارئ، والعنوان ينبغي أن يكون ذو جدة وفيه ابتكار، هذه مواصفات نستطيع أن نجعلها أو نستحضرها عند وضعنا عنوانًا لموضوعاتنا ولبحوثنا.
    - أيضًا ينبغي أن يليق بالموضوع، ويكون مطابقًا للأفكار، كما أشار الإخوان.
    - أيضًا هو الذي يعطي انطباعا عن الموضوع وعن محتواه من أول وهلة، يعني الآن نزلت مثلاً مكتبة أو معرض الكتب، أو دخلت المكتبة، مكتبة الأكاديمية، أو مكتبة الجامعة، أو مكتبة تجارية، فرأيت العنوان، مباشرة هذا العنوان ينقدح في ذهنك ماذا يحتوي عليه البحث، ولذلك الباحث الجيد هو الذي حتى لو تأنى وتعب وصبر، وتأخر قليلاً في صياغة العنوان لكان حسنًا؛ لكي يظهر بمظهر رائع.
    وهناك أيضًا مواصفات أخرى للعنوان، ألا وهي:
    - ينبغي أن يكون مفصحًا عن الموضوع -كما ذكر الأخ- مُفصحًا عن الموضوع.
    - وأيضًا يبين حدود الموضوع وأبعاده لأول وهلة.
    - وأيضًا لا يتضمن ما ليس داخلاً في الموضوع، يعني بعض الأحيان يكون الموضوع واضحًا، وأنت تطير به فرحًا، تقول: هذا الذي أريده، وهذا الذي ينفعني في بحثي أو في رسالتي أو فيما طُلب مني، أو حتى في تقرير يسير، أو أريد مثلا أن أُلقي محاضرة، أو خطبة أو كذا؛ فأقتني هذا الكتاب، يعني لأول وهلة أظن أنه يخدم بحثي، حينما أتصفح لا أجد داخل البحث شيئا مما يوحي إليه ذلكم العنوان وهذا خلل.
    - أيضًا حبذا لو أنه يوحي بالأفكار الرئيسة للبحث، وذلك بصورة ذكية، وهذا يحتاج إلى تأنٍّ.
    طيب.. ماذا تقول الدراسة المنهجية عن عنوان البحث؟ عندنا الآن في الدراسات المنهجية، وفي الذين تحدثوا عن البحث العلمي لهم كلام حول هذا، لهو قول على عنوان البحث، فيقولون: ينبغي أن يحمل العنوان الطابع العلمي الهادئ والرصين، يعني ينبغي أن يكون العنوان على طابع علمي ورصين.
    - كذلك ينبغي أن يبتعد أو يُراعى فيه الابتعاد عن العبارات الدعائية المثيرة التي تناسب الإعلانات التجارية، أنت في موضوع بحث علمي ينبغي أن يكون دقيقًا وواضحًا -وكما أشار الأخ- مختصرًا، لا ينبغي أن يكون موضوعًا فضفاضًا مثيرًا أشبه بالإعلانات التجارية، لا.. هذا لا يليق بالبحوث العلمية.
    - كذلك البُعد عن العنوانات الوصفية المسجوعة الطويلة، بعض الناس يأتي بموضوع كأنه يصف كل الذي في الكتاب، كأنها قصيدة شعرية تصف البحث، هذا ما يصلح، أن يأتي بسجع، لا يناسب هذا العصر، وهذا أيضًا لا ينبغي، وبعضهم يأتي أيضًا بسجع متكلف، وهذا أيضًا لا ينبغي.
    -كذلك مما تقوله الدراسة المنهجية عن عنوان البحث: المرونة والشمول، حبذا لو كان العنوان فيه مرونة شمول، بحيث أنك لو أنقصت شيئًا في البحث، رأيت من المصلحة أنك لا تأتي به؛ لا يضر ذلك، ولو أردت أن تزيد فإنه لا يضر ذلك.
    مثال: لو أن أخًا قال: العقوبات في الإسلام، وتحدث.. طبعًا العقوبات في الإسلام، هناك العقوبات المالية، والعقوبات الجسدية، عدة أنواع، لو قال: العقوبات في الإسلام؛ إن أراد أن يُطيل ويُقسم فلا ضير، وإن اكتفى مثلاً المالية والجسدية أيضًا فلا ضير، هذا كمثال عابر.
    - كذلك ينبغي استشارة الأساتذة المتخصصين في ذلك، أنت استشرت في الموضوع، استشرت في تحديد الموضوع، لكن لا مانع من الاستشارة في وضع عنوان البحث، ولا يفهم من قولنا حينما ننصح الطلاب، طلابنا وطالباتنا، وطالبات الأكاديمية، وطلاب الأكاديمية والإخوة معنا هنا، لا يفهم حينما نقول: إنه ينبغي أن يكون هناك استقلالية في البحث عن الموضوع أنك لا تستشير ولا تأخذ برأي أحد، لا.. لا.. نحن نريد أن تعتمد -من بعد الله عز وجل- على نفسك، ثم تستشير في ذلك.
    - أيضًا الأخذ في الاعتبار أن عنوان بحثك -وهذا أهم شيء يَنبغي أن يكون معك- الأخذ في الاعتبار أن عنوان بحثِك سوف يُصنف ضمن قوائم المكتبات العالمية، وسوف يُفهرس على حَسَبِ فهارسها، فلا بد من التأكد من تمييز كلمات عنوان بحثك.
    إذا علمت أن بحثي هذا، أو هذا العنوان سوف يُصنف، إذن انظر ماذا تريد أن يُصنف؟ وماذا تريد أن يُقال عنه، وماذا تريد أن يُوضع؟ وفي أي فن يوضع؟ ثم إذا أردت الفن الفلاني نفس الفن الذي اخترته قد يكون نفس الفن ينقسم إلى فنون، ولذلك إذا أصبح هذا الهاجس في ذهنك، سوف تبدع في اختيار موضوع وعنوان بحثك.
    نفتح باب للأسئلة والنقاش وإذا كان هناك إضافات في شيء، فليتفضل الإخوة..
    {يا شيخ: هل يمكن وضع عنوان مبدئي وترك العنوان النهائي بعد اكتمال البحث؟}
    الشيخ:
    ممكن، لكن لو تعب، أتعبت نفسك في البداية إلا إذا ما وجدت واحترت في ذلك، وكنت تظن أن العنوان المبدئي رائع، و.. و.. إلى آخره؛ فلعل يعني يُتجاوز عن هذا، لكن هذا يصعب في المؤسسات العلمية، المؤسسات العلمية تريد عنوانًا لا تغيره بعد ذلك، ولذلك اتعب من الآن لكي ترتاحَ بعد ذلك، لكن لو كان عندك بحث علمي ليس ينتمي إلى مؤسسة مثلاً، أو المؤسسة تتجاوز في هذا، ومشرفك معك، وتعبت أيضًا في الدقة فلعله..، لكن إذا كان الموضوع من البداية هكذا ما له شيء، فأيضًا نتوقف حول هذا الأمر، لكن لو كان من البداية أفضل وأحسن.
    نعم.. تفضل..
    {شيخ: أحسن الله إليك، هناك أمر حبذا لو كان الباحثون يقتدون به أو يأخذون به، وهو: يأخذون أمثلة مواضيعهم أو عناوين كتب من أمثلة سور القرآن ومناسبتها للآيات}.
    الشيخ:
    أعد يا شيخ عبد الحكيم.
    {أقول: حبذا لو أخذ الباحثون مواضيع أو عناوين بحوثهم، أخذوها من أسماء سور القرآن، وما تضمنته الآيات، كيف موافقة عنوان السورة، مثلاً: سورة العصر كيف أتت بالآيات، آيات مناسبة في هذه السورة، فلو ابتدؤوا بها، يعني اختصارا، يعني في سور القرآن هناك اختصار مفيد جدًّا، فيشمل كل.. أو الأغلب أو الفكرة الرئيسية من الآيات لاسم السورة}.
    الشيخ:
    وهذا حقيقة جيد الأخذ بالقرآن، فهو ذو فصاحة ما يحتاج.. والاقتداء به وكذا، لكن هناك موضوعات كثيرة متشعبة، ممكن الذين لهم في علوم القرآن أو في تفسير القرآن، أو في موضوعات مشابهة لما هو في القرآن، نعم. لكن هناك موضوعات قد.. إلا إن كان قصدك من باب القياس أو..
    {هو يقيس المناسبة، لا أقصد أن يتعلق بخصوص السورة، المناسبة، كيف مثلا سورة ..}.
    الشيخ:
    يعني قصدك عنوان البحث، وعلاقته بالمحتوى.
    {بالمحتوى فقط، هذا قصدي، وإلا لسور القرآن.. الموضوعات كثيرة}.
    الشيخ:
    يعني كما أن هناك يعني السورة معروفة لها تسمية، انظر ماذا تحتوي عليه، هذا ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42].
    {وكل سور القرآن فيها اختصار عديد، يعني مثلا سورة النجم، سورة الرحمن، ليس فيها إطالة ولا أي شيء}.
    الشيخ:
    جيد جيد، أحسنت بارك الله فيك، أحد عنده شيء؟ أحد عنده سؤال؟
    إذن: هذا حديثنا كان عن عنوان البحث، وقبل ذلك موضوع البحث، لعلنا في درس سابق -إن شاء الله- نتحدث عن خطة البحث.
    أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما سمعنا، وأن يُوفقنا لكل ما هو خير، وفي ختام هذا الدرس أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
    أشكر الإخوة والأخوات الذين تابعونا عبر استوديوهات الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، أشكركم أنتم أيها الإخوة الكرام، فقد أثريتم هذا الدرس، وصلى الله اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:38 pm


    الدرس السادس
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده تعالى ونستيعنه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
    اللهم صلِّ وسلّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد أيها الإخوة الكرام، أيها الأخوات الكريمات، أحييكم من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، أجمل تحية وأجمل ترحيب، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    وأحيي إخوتي أيضًا في الاستوديو، فحياكم الله وأهلاً وسهلاً.
    درسنا في هذا اليوم -إن شاء الله- درس -حقيقة- مشوق لمنهج البحث العلمي، ويعتبر ركيزة من ركائز البحث العملي، لكن لدي سؤال إخوتي حبذا لو ذكرتمونا عن درسنا الماضي، عما كان؟ يا شيخ جنيد؟ تذكر شيئًا يا شيخ جنيد؟
    {حياكم الله يا شيخ، درسنا يا شيخ ما تبقى من موضع البحث.}
    الشيخ:
    نعم.. تحدثنا عن موضوع البحث في الحلقة الماضية، والتي قبلها، وبيّنا مواصفاته، أموره، حدوده، ما ينبغي أن يكون عليه، أحسنت أخي جنيد، يا شيخ عبد الحميد هل تحدثنا عن موضوع البحث، أم هناك أمر آخر؟
    {نعم، تحدثنا عن صياغة عنوان البحث}.
    الشيخ:
    نعم، تحدثنا عن عنوان البحث، الآن تحدثنا عما تبقى من موضوع البحث، الموضوع غير العنوان، الموضوع نضرب مثلاً، الإيمان، دعنا نقول: إنه كان موضوع مثلاً، موضوع البحث الذي اخترته واستقر عليه رأيك هو "الإيمان"، أو "العمل والإيمان" مثلاً، أو "دخول العمل في مسمى الإيمان"، الآن نحن حددنا، إذن الموضوع يتحدث عن الإيمان وما يتعلق به، العنوان هو: العلم والإيمان أو "دخول العمل في مُسمى الإيمان"، أحسنت.
    هل يوجد شيء آخر تحدثنا عنه في نفس العنوان؟ ماذا قلنا باختصار يا شيخ عبد الحميد؟
    {نعم، تحدثنا عن صياغة عنوان البحث}.
    الشيخ:
    صياغة عنوان البحث وأن هذا مهم، وأنه سوف يكون معك صباحًا مساء، ويعيش معك سنين، لذلك فلا بد من اختياره بدقة وعناية، وهذا لا بد فيه من قراءة واطلاع واستشارة.
    {ولا بد أن يتصف بعدة صفات هذا العنوان}.
    الشيخ:
    نعم، وهذا العنوان لا بد أن يتصف بصفات تحدثنا عنها، لا مجال للإعادة والتكرار، نعم، أحسنت.
    في هذا الدرس -إن شاء الله- نتحدث عن خطة البحث، وهذه مهمة جدًّا، ومن ركائز حقيقة بدايات البحث العلمي، لا بد أن يكون لك خطة تَسير عليها، يُسمى مخططَ الرسالة، وتُسمى خطة البحث، وأيضًا تُسمى هيكلة البحث، له هيكلة ونظام يسير عليه، ويُسمى أيضًا رسمًا عامًّا لهيكلة البحث، ولذلك الجهات والمؤسسات العلمية والرسمية لا تقبل بحثًا هكذا يأتي من غير مخطط، لا بدَّ من مخطط، لا بد من هَيكل ورسم بياني توضيحي للبحث العلمي، يُسمى هذا خطة.
    وهو أيضًا نسميه هندسة البحث -إن صحَّ التعبير- لا بدَّ من رسم هندسي للبحث، لا بد من رسم هندسي للبحث يبين لك، أو تبين فيه معالمك وأمورك التي سوف تسير عليها في بحثك هذا.
    طيب.. عندي سؤال: ما فائدة أن نجعل مخططًا للبحث؟ ما الفائدة؟ لماذا لا بد لنا من مخطط؟ مخطط للبحث، أو خطة للبحث، طبعًا أنا أقصد، ولعلي لا أريد أن أستبق شيء قبل أوانه، لأني سوف أتحدث عن هذه النقاط بعد قليل، لكن أنا أقصد بالمخطط المقدمة، التمهيد، الفصول، الباحث، كيف سوف تسير على هذا، منهجك، مشكلة البحث، هكذا، سيمر بنا هذا -إن شاء الله- بعد قليل في عناصر خطة البحث، لكن لماذا نجعل هذا، يا شيخ عبد الحميد؟
    {أعتقد -والله أعلم- حتى نلتزم بالخطة هذه، ولا نخرج، ولا نحيد، لا نتشعب.}
    الشيخ:
    أحسنت، نعم، نلتزم بها من ناحية معلوماتية، يا شيخ جنيد، يا شيخنا الكريم، من ناحية معلوماتية علمية، لا نخرج عنها، وأيضًا حينما نجعل لنا مخطط، فإننا أيضًا نحافظ على وقتنا، نجعل هناك زمن، حينما يكون أمامنا مخطط للرسالة، أو مخطط لهذا البحث، نجعل لكل عنصر، أو لكل مبحث، أو لكل مسألة وقتًا نلتزم به، ويتابعنا في ذلك المشرف، وتتابعنا أيضًا المؤسسات العلمية، فهذا حقيقة تنظيم لعلمك، ولمعلوماتك، وأيضا لوقتك، والمحافظة على الوقت مبدأ عظيم، وحث عليها إسلامنا العظيم.
    إذن: هذه من الفوائد، هل يوجد فوائد أخرى لكوننا نضع خطة للبحث؟ هل يوجد فوائد أخرى؟ لعلي أذكرها لكم:
    من الفوائد: تحديد معالم البحث، حينما نجعل خطة، لا يكون البحث متشعبا، ولا نعلم كم فصلا فيه؟ وكم مبحثًا؟ وكم مطلبًا فيه؟ نُحدد المعالم، وأيضًا هذا يحد أيضًا من المعلومات، فليس الأمر أننا كلما وجدنا شيئا؛ أخذنا به، نتلقف كل شيء حتى وإن كان حسنًا، هذه الخطة، وهذا المخطط، وهذا البيان، وهذا الرسم الهندسيُّ، فإنه يحدد لنا معالم البحث.
    أيضًا، تحديد آفاق البحث، أنا حينما أجعل لي خطة، ما جعلت هذه الخطة -يا إخوان- إلا بعد أن جعلت لي عنوانًا، ما جعلت عنونا للبحث إلا بعد أن كان عندي موضوع للبحث، وما كان عندي موضوع للبحث إلا بعد قراءة واطلاع وتوسع وتمحيص وتدقيق، وتعبت إلى أن اخترت هذا الموضوع.
    إذن: هذا المخطط ما أتى من فراغ، يفيدني زيادة تحديد معالم البحث تحديد آفاق البحث، يعني الأشياء المستقبلية، أو البُعد النظري للباحث، يبين المسائل، يعني أشياء مستقبلية سوف تخرج لي من هذه المسائل، فإنه يحاول أن يبين الآفاق قدر المستطاع.
    أيضًا، معرفة ما يمكن.. نحن الآن النقطة الثالثة، إذن: تحديد معالم البحث أولاً، هذه فائدة الخطة، هذا درسنا هذا اليوم، هذه خطة البحث ومخطط البحث، أو مخطط الرسالة، أو خطة الرسالة، إذن تحديد المعالم، معالمه؛ يعني أبوابه وفصوله ومباحثه، ما يتعلق به.
    ثانيًا: تحديد آفاقه، وما سوف يخرج، يعني يتحسب الباحث أي تحسبات لماذا سوف ينتج عن هذه المسائل وهذه المباحث وهذه الفصول، وماذا سوف يخرج عنها مستقبلاً، هل هو باحث، وما اختار هذا الموضوع إلا وله على الأقل، أدرى.. قد يكون أدرى الناس أو من أدرى الناس ببحثه، وبآفاق ذلكم البحث.
    ثالثًا: معرفة ما يمكن أن يُبحث وما لا يمكن، حينما يأتيني أنا أو الباحث، كباحث، أمام طالب العلم، أو أمام الباحث، يأتي أمامه ذلكم المخطط، فإنه يبين له، ويتبين له ماذا سوف يمكن أن يبحثه وما لا، بحيث لو مرَّت عليه، بحيث لو مرَّ عليه بعض المسائل حتى وإن كانت مهمة، وإن كانت قد تكون قريبة، لكن قد يستبعدها، لماذا؟ بناءً على ذلكم المخطط الذي وضع بعناية.
    أما المخطط الذي لا يوضع بعناية، وهكذا يكون فيه استعجال فسوف يتعب صاحبه كثيرًا، سوف يَتعب ويُتعب، يتعب نفسه الباحث، ويُتعب غيره، حتى إن بعض المخططات قد تُرد من المؤسسات العلمية، وقد يكون الموضوع -إخوتي الكرام- حسنا ورائعا وجيدا وممتازا، الموضوع والعنوان، قد يكونا رائعين وممتازين وجيدين، لكن المخطط استعجل فيه صاحبه، وأتى به مهلهلاً، هذا الاستعجال وعدم الصياغة الجيدة لمخطط البحث أفسد عليه حُسن اختيار الموضوع وحُسن اختيار العنوان، ولذلك لا بد أن يكون المخطط سليمًا وجيدًا ورائعًا، ويقرأ مرة ومرتين، ويكرر ويستشير المختصين بذلك ويقرأ لكي يخرج رائع.
    أيضًا من فوائد المخطط: أيضًا يكون الباحث على دراية تامة من أمور بحثه جميعًا، لأن يسير على وفق خطة، يعني مهما أراد أن يذهب به قلمه، فإنه يأخذ بزمامه، لماذا؟ لأنه يسير وفق مخطط فيه نظام وترتيب يسير عليه، لا يمكن أن يخالفه.
    أيضًا، كما أشرنا في البداية التخطيط السليم يحفظ وقت الباحث، يحفظ عليك وقتك، ويختصر عليك الكثير والكثير، إذن يحافظ على الوقت ويختصر الكثير والكثير.
    أحد له سؤال فيما مضى؟ أحد له سؤال؟ طيب..
    فائدة: -دوِّنوا هذه الفائدة- الخطة أشبه بهندسة البناء، وكل مهندس له فنه ولمساته، وله أسرار مهنته، فكذلك البحث والباحث، وكذلك المخطط الذي يُقدم لذلكم البحث، أو لتلكم الرسالة، سواء كانت في الماجستير أو الدكتوراه.
    وهنا سؤال: هل هناك سلبيات للبحث الذي لا خطة له؟ يوجد سلبيات يا شيخ عبد الحميد؟ تخيل أمامك الآن بحث بدأ صاحبه، ولا يوجد لديه لا مخطط ولا هيكلة ولا هندسة لهذا البحث، ولا رسم بياني يسير عليه، ما هي السلبيات التي تتوقع في هذا؟
    {سيكون غير محدد المعالم}.
    الشيخ:
    إذن: سيكون غير محدد المعالم، وبالتالي فإنه يخبط خبط عشواء، صح أم لا يا شيخ عبد الحميد؟
    {يكون غير متناسق}.
    الشيخ:
    نعم، أيضًا يكون غير متناسق، أحسنت، نعم، في شيء يا شيخ جنيد؟
    إذن البحث من غير خطة مدروسة بدقة وعناية له سلبيات، وهذه السلبيات خطيرة على الباحث، وعلى ماذا؟ وعلى البحث.
    فأول السلبيات إخوتي الكرام: ضياع الوقت، لأنه يريد أن يكتب هنا، ويكتب هنا، ويبحث هنا، ويمنة ويسرة، ويأخذ معلومات، يعني يُذهب الوقت، يُذهِب على نفسه الوقت، فما أجمل النظام، والإسلام دين النظام والترتيب.
    انظروا إلى حياته -صلى الله عليه وسلم- في ترتيبه وفي نظامه وكيف.. يعني راعِ حقيقة سيرته -صلى الله عليه وسلم- حينما نقرأها، كيف يرتب، كيف ينظم، كيف يستقبل، كيف يتكلم، كيف يُوعظ -صلى الله عليه وسلم-، كيف يُرشد بدقة ونظام رائع جدًّا، فنحن أولى بديننا إسلامنا في كل صغيرة من حياتنا، ومن أعظم الأمور البحث العلمي، والعلم وطلبه.
    إذن أول شيء: يضيع عليه الوقت الذي ليست له خطة لرسالته، أو لبحثه.
    أيضًا، يبدد الجهود، ويشتتها، فبدلاً من أن يكون له مخطط أمامه، ويعلم ماذا سوف يقدم، مثلاً هذا الشهر سوف أجعله للمبحث الفلاني، وهذا الشهر سوف يكون للمطلب الفلاني، والشهر القادم سيكون مثلاً للمسألة الفلانية، هكذا يرتاح ويطمئن، وأنا وصلت الآن إلى كذا كذا، وبقي لي مثلا ثلث الرسالة، بقي لي ربع الرسالة، شارفت على الانتهاء، لكن إذا ما عنده مخطط، تبديد للجهود، إذن: تبديد للوقت، وضياع للوقت، ثانيًا: تبديد للجهود.
    أيضًا: قد يتفاجأ بأمر لا يحمد عقباه، والحقيقة هذا وُجد وإن كان في نذر قليل، قلة، قلة ولا تذكر ولله الحمد، ألا وهي السلبية الثالثة: أنه قد يضطر لإعادة البحث، قد يضطر الباحث لإعادة البحث، فبعض الأحيان بعد المناقشة، ترى اللجنة أنه لا بد من التعديل الكلي وإعادة الرسالة للمناقشة مرة أخرى، وبعضهم يرى أنه لا بد من إعادة التعديلات كاملة، ثم يحال إلى المشرف، وبعضها ذات المخطط والجهد والتعب تأخذ مرتبة الشرف الأولى، وتصبح تسر الناظرين، ويُسعد بها الآخرين، أسأل الله لكم ذلك.
    إذن: خطة البحث هي رسم صورة كاملة عنه، أنت الآن تعطي صورة كاملة تصف بحثك، بحثي هذا في المسألة الفلانية هو كذا، كذا، من البداية وحتى النهاية، بل حتى تضع المراجع، أو بعض المراجع، وأعني بذلك مراجع الخطة.
    هذه المرحلة يا إخوان، هذه المرحلة والتي هي مرحلة إعداد الخطة هي أنسب المراحل، هي أنسب المراحل، انتبهوا معي، هي أنسب المراحل لترتيب موضوعات البحث، لما تراه مناسبا، ما ينفع أن تنظم بحثك وأنت في منتصف الرسالة أو منتصف البحث إلا شيئا يسيرا، وكلٌّ يُقدر بقدره، لكن الترتيب الجوهري والتنسيق العام وأمور البحث الكبيرة وقوام البحث وكذا، في هذه المرحلة، في مرحلة إعداد الخطة، في مرحلة إعداد الخطة.
    إذن: لا زلنا نكرر ونقول إن مرحلة إعداد الخطة مرحلة مهمة جدًّا جدًّا، وتحتاج إلى تأنٍّ، وتحتاج إلى دارسة واستشارةٍ لكي ترتاحَ بعد ذلك، إذا تعِبت في إعداد الخطة سوف ترتاح بعد ذلك، إذا تساهلت في إعداد الخطة سوف تتعب بعد ذلك؛ لأن وضع الخطة بعد ذلك يصعب، ويصعب الكتابة في ماذا؟ في الخطة أو عناصر الخطة.
    طيب.. سؤال: ما الذي يُعين الباحث على وضع خطة جيدة؟ ما الذي يُعين الباحث على وضع خطة جيدة؟ أنتم باحثون، ما الذي يعينك أنت كباحث بعد أن اخترت الموضوع، واخترت العنوان، وتريد أن تضع له خطة، ما الذي يعينك على ذلك في نظرك يا شيخ عبد الحميد؟
    {سعة الاطلاع}.
    الشيخ:
    أحسنت.. القراءة الواسعة وسعة الاطلاع، القراءة الواسعة، إن القراءة الواسعة في المصادر وفي المراجع التي تهتم بهذا الموضوع الذي اخترته بهذا العنوان الذي اخترته، فإن هذا يُعينك على وضع المخطط.
    المستوعب لموضوع بحثه وعنوان بحثه، المستوعب لذلك جيدًا فإنه سوف يرتاح في وضع الخطة.
    إذن الذي أتعب نفسه في القراءة والاطلاع إلى أن اختار الموضوع، ثم أتعب نفسه إلى أن اختار العنوان، سوف يرتاح في وضع الخطة، لأنه مستوعب بحثه، وهو أدرى الناس ببحثه.
    إذن: القراءة الواسعة في المصادر والمراجع مساعدة، وصدقوني القراءة هنا، حينما نقول قراءة ليست في عشية وضحاها، وليست في يوم أو يومين، بل تأخذ وقتا، أعطِ القراءة وأعطِ الكتاب من نفسك الكثير، سوف يعطيك هو أيضًا، لا تظن القراءة السريعة وكذا تجعلك تكتب مخططا وعنوانا وموضوعًا؛ لا، لا، لا بد من القراءة بتمعُّن وكثرة القراءة والتوسُّع في ذلك والاطلاع.
    أيضًا مما يُعين الباحث على وضع خطة جيدة: مناقشة المشرف فيما قرأ، أنا قرأت في هذا العنوان الذي اخترناه بعد أن اخترنا الموضوع، يعني تقول لمشرفك: قرأت كذا كذا كذا، وتتناقش أنت وإياه، وتتناقش أنت والمختصين، وأخص منهم المشرف الذي عُين، أو المرشد الذي يرشدك في بحثك ورسالتك.
    أيضًا مما يُعين تدوين كل شيء، إذا لم تدوِّن سوف يذهبُ، وأعظم شيءٍ لحفظ العلْم هو الكتابة، إذن تدوين ذلك في بطاقاتٍ أو في أوراق معينة بصورةٍ سليمة هذا يعطيك تصورا عن بحثك ولا يجعلك أيضًا تنسى، ويكون أمامك، يكون أمامك البحث وأموره وما يتعلق به، وفكرة البحث الشاملة تكون أمامك.
    هنا ملاحظة -لو تدونها- حينما نتحدث عن الخطة فهناك ملاحظة هي: أن إبراز البحث في عناصر، إبراز البحث في عناصر رئيسة ومنسقة يعني كيف نبرز البحث في عناصر رئيسة ومنسقة، والتي هي الخطة، هي التي نتحدث عنها، يعني إبراز البحث في مخطط أو في خطة الرسالة، وبيان العناصر؛ بصورة جيدة، فإن هذا يساعدنا على أمور:
    أولاً: معالجة الموضوع معالجة رائعة وجيدة وشاملة، يعيننا ذلك على دراسة الموضوع بهدوء، لا يكون فيه ارتباك وتعب، لماذا؟ لأن الموضوع وضع بدقة وعناية فائقة.
    أيضًا الخطة الجيدة تجعلنا نفكر تفكيرا منطقيًّا، تفكيرًا سليمًا أنها رائعة وجيدة، وما أتت من فراغ. وأيضًا يُعطينا تصورًا تامًّا وعامًّا للموضوع عمومًا.
    أيضًا: يجعل الباحث يتأمل تأملاً ذهنيًّا وجيدًا، مما يجعل هذا التأمل، يجعل هناك توالدًا وتولُّدًا للأفكار، وتكاثرا للأفكار الجيدة التي تخدم البحث، وبالتالي ما يكون هناك تشتيت حتى في الأفكار، ثم بعد ذلك، بعد هذا كله يكون الباحث مُهيأً لأن يفحص ما جمع حول هذا المخطط، وبالتالي يبدأ في كتابة البحث الذي سوف نتحدث عنه إن شاء الله في دروس قادمة.
    ملاحظة أخرى مهمة: ينبغي أن نعلم جميعًا أيها الإخوة والأخوات، إخوتي هنا معي في الاستوديو: أن كل عنصر في الخطة، كل عنصر في الخطة تضعه، الذي وضع بعناية، كل عنصر في الخطة هو موضوع رئيس في البحث، اعلم أن كل شيء تضعه في الخطة فهذا موضوع يُعتبر موضوع رئيس في البحث، وهذا الموضوع ينمو، يعني كل عنصر من هذه العناصر ينمو كلما ازدادت الدارسة، وكل يوم في جمعك للمعلومات، في تدوينك للبطاقات، و .. و.. إلى آخره، ينمو كلما ازدادت الدراسة، لكن أخيرا ينبغي أن نلاحظ أنه لا بد أن يصبَّ في مصب نتيجة البحث، أو ما يهدف إليه البحث، أو ما يرمي إليه البحث في النهاية.
    إذن: كل عناصر الموضوع كلها، كل هذه العناصر تعتبر أساسيات، وتنمو هي مع الأيام والاطلاع والقراءة، والبحث وتدوين المقالات، هي تنمو وتتكاثر، ثم في الأخير يُمحص ما يؤخذ منها، ولكن أخيرًا ينبغي أن تصب في مصب هدف البحث، الهدف ماذا؟ العام، لا تكون هذه العناصر وإن كانت هي من الخطة، وجزءا لا يتجزأ من الخطة، وجزءا من جسد الخطة، وإن كانت كذلك، إلا أنها لا ينبغي أن تخرج عن هدف البحث، وما يرمي إليه البحث، وعن نتيجة البحث النهائية.
    نعم.. أحد له سؤال فيما ذكرنا؟ أحد له سؤال؟ طيب..
    هناك أمور ينبغي أن يتفادها الباحث في ماذا؟ في وضعه للخطة، من أعظم هذه الأمور... يعني يتجنبها، من أعظم هذه الأمور:
    التقسيمات المتعددة والكثيرة، إضافة إلى ما ذكر، نحن حددنا بعض الطلبات وبعض الأمور في ماذا؟ في الخطة، إضافة إلى ذلك ينبغي أن نتفادى أمور، من تلكم الأمور:
    - التقسيمات المتعددة والكثيرة والتشعبات الجزئية التي يمكن أن تكون في كليات، فتجد الباحث أكثر على نفسه من تلكم الجزئيات، مما يشتته هو أولا ويشتت القاري.
    ثانيًا: نبتعد عن التعقيدات في التقسيم، لا نأتي بأشياء وبألفاظ وبمباحث لا تفهم، أو عنوانات لأبواب، أو عناوين لأبواب وفصول ومباحث أيضًا معقدة لا تفهم، هذه تربك، تربكه هو كباحث وتربك القارئ، وأيضًا تحيره وتحير القارئ.
    فكلما كانت التقسيمات واضحة ومبسطة؛ كان استيعاب القارئ أيسر وأشمل، وكان البحث ميسرا وسهلا، حتى وإن كان البحث عنوانه ذو صعوبة، فيه صعوبة مثلاً، أو قويا، ومسائله شائكة، لكن كلما كانت خطته مريحة وجيدة؛ ارتاح الباحث، وارتاح بعد ذلك القارئ، لأن هذه الخطة يمكن 90 % منها هي التي سوف تثبت بعد ذلك، أو هي التي سوف يسير عليها البحث والرسالة، لأنها مقررة من جهاتٍ رسمية، وهي التي سوف تُثبت بعد ذلك في بحثك، حتى إنه إذا طُبع البحث، وأصبح بين أرفف المكتبات، أول ما يأتي القارئ وينظر إلى هذا الكتاب، فإنه ينظر للعنوان ثم بعد ذلك يفتح الكتاب ويبدأ في قراءة المخطط، فالمخطط يُعتبر واجهة عظيمة بعد العنوان للبحث، واجهة عظيمة بعد العنوان للبحث، فينبغي أن يكون منسقًا وجيدًا بعيدًا عن التعقيدات والتشعبات التي لا داعيَ لها.
    طيب.. ما يجب أن تحتوي عليه الخطة؟
    هناك أمور ينبغي أن تسير عليها الخطة، أو تحتوي عليها الخطة مهما تنوعت الخطط وعنوانات الخطط، ومواضيع الخطط، أقصد بها عنوانات البحث ومواضيع البحث، هناك أمور لا بد أن تسير عليها كل خطة.
    أولاً: حينما أريد أن أضعَ مخططًا، فإنه ينبغي أن أضع المشروع الرئيسي في البحث أو المشكلة، إذن: أهتم بالموضوع الرئيسي في البحث والمشكلة وأبرزها في مخطط الرسالة.
    إذن: الموضوع، المشروع الرئيسي في البحث، وكذلك مشكلات البحث، هذه ينبغي أن تبرز في المخطط.
    كذلك: الأفكار الرئيسية، الأفكار الرئيسة، وكذلك الأفكار الأخرى نستطيع أن نسميها المساعدة، ولا بد من إبراز ذلك.
    إذن الأفكار، أفكار البحث الرئيسة، ما يأتي الباحث بعد أن أجهدَ نفسه وأتعب نفسه في اختيار الموضوع واختيار العنوان، ويأتي يريد أن يكتب مخطط الرسالة، ويبتعد عن المشروع الرئيسي للبحث وعن أفكاره الرئيسية وعن مشكلته الحقيقية، ويأتي بكلام غير ذلك.
    لا، لا يصلح هذا، أبدًا، لا بد أن يبرز المشروع الرئيسي ومشكلة البحث هذا أولاً، أيضًا الأفكار الرئيسية والمساعدة للبحث، يعني إذن وضع الخطة فن، وهو أمر حقيقة شاق ومتعب، لكن بتيسير الله -عز وجل- ثم مساعدة المختصين والمشرف، والقراءة قبل ذلك الواسعة من الباحث، واهتمام الباحث وفهمه فإن هذا ييسر عليه، بإذن الله.
    كذلك ينبغي أن تحتوي الخطة على ماذا؟ على الوثائق والمصادر، إن رأيت أن هناك وثيقة ينبغي أن توضع، تدعم هذه الخطة وتُبين للذي يقرأ مخطط بحثك، فإما أن تضعها إما جزءًا من مخطوط مثلاً أو جزءًا من بيان مثلا محددٍ أو صورة لشيء ما، أو شيء نادر يخدم ذلك البحث، ويجعل الجهات الرسمية تتبنى ذلك وتوافق عليه، فلا مانع من تدعيم ذلك بالمصادر أو بماذا؟ الوثائق، ولو صُورت ووضعت لكن بقدر، فليس كل شيء يُصوَّر، وتتضخم الخطة، لا.. شيء بقدر شيء مهم، الشيء المهم في ذلك.
    أيضًا، من الأمور التي ينبغي أن تحتوي عليها الخطة، أو خطط البحث العلمي مهما كان ذلكم البحث: توضيح منهج الباحث في بحثه، وطريقته التي سوف يمشي عليها، ويعني يسير عليها، ونحن تحدثنا، قلنا هناك مناهج للبحث، المنهج الوصفي، المهج التحليلي، الاستقرائي، المنهج التطبيقي، المنهج العلمي، فهو ينظر ما الذي يناسبه من ذلك.
    أيضًا، مما ينبغي أن تحتوي عليه الخطة مهما تنوعت: التقسيم العلمي لموضوعات البحث، وذلك في أبوابه، وفي فصوله، وأيضا يكون هناك تنسيق وترتيب أيضًا منطقي.
    أيضًا: أن تكون هذه الخطة، وما يتعلق بالخطة، وعناصر الخطة، وما يدخل تحت عناصر الخطة، يكون مفهوم لمن يقرأ، تكون مفهومة لمن يقرأها، بعض الباحثين -ما شاء الله- يفهم بحثه، يفهم العنوان، يفهم الموضوع، ويفهم عنوانه، ويفهم الخطة، ويظن أن الناس كلهم يفهمون ما فهم، وهذا ليس بصحيح، ينبغي أن تُفهم الشخص خاصة الذي لم يقرأ عن هذا الموضوع، والذي قرأه لأول وهلة، لأنه حينما يقرأ عن خطتك يعني يرى وصفًا عظيمًا لما سوف تقوم به، وهذا ما يأتي من فراغ، يحتاج إلى تعب.
    طيب.. سؤال: نسألكم سؤال يا شباب، نسألكم سؤال يا أيها الباحثون: ما الخطة الناجحة في نظرك؟ ما هي الخطة الناجحة؟ أو إذا أردت بصيغة أخرى السؤال: إذا أردت أن يكون بحثك، أو خطتك التي سوف تقدمها تكون ناجحة وتقبل من الجهات العلمية، من الجهات الأكاديمية، فما هي مواصفاتها؟ أو مواصفات ذلك النجاح؟
    طيب.. أنا أجيبكم: هي التي يمكن لأي شخص أن يتعقلها -أن يفهمها- ويتفهمها، وتتضح له معالمها، ويعلم أن هناك ترتيبًا منطقيًّا يراه أمام عينه، والذي يستطيع أن يتابع من خلالها أفكار الباحث، وميول الباحث، يعني تعطيه تصور تام، هذه هي الخطة الناجحة.
    وبالتالي سوف تقبل من الجهات ماذا؟ المختصة، الجهات العلمية التي تقبل خطط البحث؛ لأنه لا يمكن تبدأ في البحث في جهة رسمية علمية، الجامعات، الأكاديميات، والكليات إلا بعد أن يوافق على ذلكم المخطط أو تلكم الخطة.
    طيب بعد هذا، نريد أن نتحدث عن عناصر الخطة، ما هي عناصر الخطة؟
    أشرت إلى إلماحة موجزة عن عناصر الخطة في بداية درسنا هذا، من يتذكر عناصر الخطة؟ ينبغي أن تسير على عناصر، العنصر الأول هو كذا كذا، والعنصر الثاني هو كذا كذا، أتذكرون عناصر الخطة؟
    طيب.. كل بحث له خطة تُناسبه، يا إخوان، كل بحث له خطة تناسبه، والخطة، والخطة هذه وصياغة هذه الخطة تدل على أمرين، صياغة هذه الخطة تدل على أمرين:
    - أولاً: أهمية البحث وقبوله من الجهات الرسمية.
    - وأيضًا: كفاءة الباحث.
    إذن: جودة هذا المخطط يدل على أهمية البحث وقبوله في الجهات الرسمية، وأيضًا على كفاءة الباحث.
    وأنتقل إلى ما سألتكم قبل قليل إلى سؤال هو: ما هي عناصر خطة البحث؟
    أولاً: عنوان البحث، أنت الآن حينما تقدم خطة يعني مثل هذه الخطة الآن مثلاً، هذه خطة لطالب باحث أشرفت عليه، لا بد من عنوان البحث، رأيتم هذا عنوان البحث، وهذه الخطة مثلاً اشتملت على ماذا؟ على اثنتي عشرة ورقة، فيها كل ما ذكرناه من قبل في هذا الدرس، وما سوف أذكره، ذكر العنوان، ذكر الجهة الرسمية، ذكر المشرف، اسم الطالب، ومعلومات أخرى، وموضوعات أخرى.
    طيب.. إذن: أولاً عنوان البحث، لعلي أعرض الخطة أيها الإخوة والأخوات في درس قادم، ويكون عرضها إن شاء الله على السبورة، يعني نبرز فيها خطة تطبيقية تم الإشراف عليها، والباحث الآن يبحث في هذا -إن شاء الله- هذه فقط لمحة حينما أبرزت لكم هذه، لمحة فقط يسيرة، طيب..
    إذن: عناصر الخطة:
    - أولاً: عنوان البحث، أولاً: عنوان البحث، وهذا تحدثنا عنه، تذكرون أننا تحدثنا عنه في الدرس الماضي، وكيف ينبغي أن يُختار العنوان.
    - ثانيًا: أهمية البحث، إذن لا بد أن نتحدث في الخطة هذه يا عبد الحميد، لا بد أن نتحدث في هذه الخطة عن أهمية البحث، فيه شيء في عناصر الخطة اسمه: أهمية البحث، إذا ما له أهمية كيف أبحثه؟! وكيف أوافق عليه؟!!
    إذن لا بد من بيان أهمية البحث، وإذا أبرزتن الأهمية فهذا فيكون من ناحيتين:
    - ومن الناحية العلمية.
    - ومن الناحية العملية للموضوع.
    العلمية والعملية، لعل البعض يتساءل، كيف يعني أوضح الأهمية؟
    لعلنا يعني أذكر لك بعض الأشياء تساعدك في إبراز أهمية ماذا؟ في إبراز أهمية البحث، من ذلك:
    - إبراز بعض الجوانب أو وصفها وشرحها، الجوانب الكبيرة في البحث، إذن: ننظر للجوانب الكبيرة، هذا أولاً.
    - ثانيًا: تُبين وتُبرز صحة بعض النظريات والأفكار من عدمها، فهذا فيه بيان لأهمية البحث، وهو أدعى لأن يُقبل من الجهات أيضًا الرسمية.
    - أيضًا سد بعض الثغرات فيما هو متوفر من المعلومات، أنت حينما تبين لهم أنك سوف من خلالا هذه المعلومات، ومن خلال بحثك سوف تسد ثغرة هنا ما سُدت من قبل فإن هذا يبين لك أهمية الموضوع.
    - أيضًا كشف القناع عن بعض التفسيرات الخاطئة، قد تكون هناك بعض البحوث، وبعض المعلومات خاطئة، وأنا أتكلم هنا إخوتي الكرام، أخواتي الكريمات، إخوتي هنا، أتكلم عن البحث العلمي عمومًا سواء في الدراسات الشرعية أو في غيرها، ولكن أيضًا نخص.. لا مانع لأننا ندرس في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة.
    إذن سد بعض الثغرات فيما متوفر من المعلومات، كشف القناع عن بعض التفسيرات الخاطئة، قد يكون هناك لبس أو تفسير خاطئ فإنك سوف تكشف المعلوم عن هذا، وهذا تبرزه في بحثك، هذا تبرزه في مخطط رسالتك في الأهمية، وهذا يفيدك كثيرًا وأدعى لقبول الموضوع.
    - تصحيح أيضًا بعض المناهج الخاطئة، وتُبرز ذلك.
    - حل بعض المشاكل العلمية، هذا مما ينبغي أن تشتمل عليه الأهمية في صياغتك لأهمية البحث؛ لأن بعض الباحثين يتعب في بيان المشكلة أو في بيان أهمية بحث الرسالة.
    - أيضًا إذا عندك إضافة، في بحثك إضافة علمية جديدة، أو تطورات ممكن تتوقع، فإن تبرزها تبينها، فهذا أيضًا أدعى لقبول الموضوع.
    إذن نحن قلنا أولاً من العناصر: عنوان البحث، وهذا تحدثنا عنه.
    ثانيًا: أهمية البحث.
    ثالثًا: تقرير للموضوع، تقرير عن موضوع البحث، أو تقرير عن البحث، أو عن الرسالة، سواء كانت ماجستير أو دكتوراه، بمعنى أن نحدد الفكرة الأساسية في البحث، هذا يسمونه تقريرا.
    التقرير هو: تحديد الفكرة الأساسية للبحث، وأيضًا التقرير لما يقصده الباحث في عمله، وذلك بعبارات مركزة يُبرز فيها الباحثُ خصائصَ المشكلة التي سوف يبحثها، أنت الآن تبين المشكلة وتوضحها، وتبين خصائصها، وذلك في تقرير ميسرٍ عن موضوعك.
    أيضًا هذا التقرير تُبين فيه منهجك في البحث، وأيضًا إضافة إلى بيان منهجك في البحث، إضافة إلى بيان منهجك في البحث وما سوف تقوم به، لعلَّ هذا التقرير يُبين لك حدود بحثك، أو حدود رسالتك.
    إذن هذه الفقرة أو هذا العنصر والذي هو تقرير لموضوع البحث هي المفتاح الحقيقي للبحث، هذه مفتاح حقيقي وهو التقرير، وهذا له فائدة من وجهين:
    - الأول: تحديد منهج الدراسة واتجاه الدراسة، إذن أنا الآن أحدد منهج دراستي في التقرير هذا، أحدد منهج الدراسة، وطريقتي في عرض المعلومات، وفي تناول بحوث الرسالة، وفقرات الرسالة وما يتعلق بهذه الرسالة، إذن نُبين هنا فيها تحديد للمنهج.
    أيضًا فيها تكثيف لجهود، للجهود والدراسات في موضوع بحثي أنا، أو في موضوع بحثك الذي اخترته أنت الآن تكتب عنه تقرير.
    إذن: الفائدة من وجهين:
    - تحديد منهج الدراسة.
    - وأيضًا أكثف الجهود والدراسات في اتجاه موضوع واحد، بحيث إنني لا أتشتت.
    هذا عنصر من عناصر إعداد الخطة، يذكره بعض الباحثين، وبعضهم أيضًا.. الذي هو تقرير، بعضهم قريب من هذا، فيجعل مكان هذا العنصر، حدود البحث، حدود الدراسة، وبعضهم يتحدث فيقول: منهجي في البحث، أو منهج الدراسة، وماذا سوف أقوم به.
    رابعًا: من العناصر التي ينبغي أن تشتمل عليها الخطة: تبويب البحث، تبويب البحث، كيف؟ يعني أبوابه، فصوله، مباحثه، مسائله، ولا بد أن يكون ذلك التبويب رائعا وجيدا ومنسقًا، كيف يكون هذا التبويبُ؟ كيف يكون؟
    أولاً: أن تكونَ أقسامه واضحة، تكون أقسام هذا التبويب واضحة، ومرتبة ومنسقة.
    ثانيًا: تكون منطقية التبويب، لا يأتي بالجزء ثم بعد ذلك يأتي بالكل، لا يأتي بمسألة فرعية ثم بعد ذلك يُتبعها بمسألة عامة، اشتملت على تلكم الفرعية، لا.. يبدأ بالأهم والمهم، ويكون هناك تسلسل، وما ذلك إلا بقراءة وفهم للموضوع، واستيعاب واستشارة المختصين، واستشارة المشرف والمرشد.
    أيضًا لا يبالغ في التقسيمات، ويكثر من التقسيمات الجزئية، وهذا تحدثنا عنه في البداية، يعني في بداية هذا الدرس، أو في ثنايا هذا الدرس، يعني لا يبالغ في التقسيمات فيأتي مثلاً الباب، وتحت الباب مثلا مباحث، وتحت كل مبحث مطالب، وعدة مطالب كثيرة، تحت هذه المطالب مسائل، أو مشاهد، يسمونه مشهدا مثلاً، المشهد الأول، المشهد الثاني، وتحت هذا تقسيم، وتحت هذا التقسيم مثلاً أولاً، وتحت أولاً أ، ب، هذا يُشتت، حاول أن تنسق وتختصر، وتجمع الجزئيات والشتات فتجعله في كليات.
    بعد ذلك، خامسًا: من عناصر الخطة: شيء يُسمى منهج البحث، يعني المنهج الذي سوف تسير عليه في في بحثك، يعني تبين كيفية العرض، كيف سوف تعرض، ونحن تحدثنا عن مناهج البحث في البدايات، الدروس الأول، طرح القضايا، كيف سوف تطرح هذه القضايا، كيف ستحلل هذه القضايا، أيضًا تُبين في منهجك هذه الوسائل التي سوف تسلكها أنت أيها الباحث.
    إذن منهج البحث: أُبين كيفية العرض، كيفية عرضي لهذا المسائل، ومسائل البحث، وأبوابه وفصوله ومباحثه، و.. و.. إلى آخره، وكيفية طرح القضايا، وكذلك كيفية الوسائل، أو ما هي الوسائل التي سوف أسلكها في هذا البحث ليكون القارئ على علم ودراية بماذا؟ بما سوف تفعله.
    ما الفائدة من أنني أكتب هذا العنصر الذي هو منهج البحث، أنا أكتب في المخطط منهجي في هذا البحث، فكأنني أقول: أيها الناس، ويا أساتذتي الكرام، سوف أسير في بحثي هذا على هذا المنوال، كيت، وكيت، لماذا؟ ما الفائدة من ذلك؟ الفائدة من ذلك: وضوح البحث، ووضوح طرق البحث، ووسائل البحث تتضح ومعالمه.
    إذن: الفائدة من بيان المنهج:
    أولاً: يتضح البحث، يصبح واضح لا لبس فيه ولا فيه غموض.
    - أيضًا تتبين لي طرقه.
    - أيضًا تتضح لي وسائله.
    - أيضًا يتبين لي معالمه، تتبين لي معالم هذا البحث.
    طيب.. بعد ذلك، العنصر الذي يلي ذلك فيما اشتملت عليه الخطة، أو عناصر الخطة: الدراسات السابقة، لا بد يا شباب من بيان الدراسات السابقة كيلا تكرر، وهذه من الأمانة العلمية، إذن لا بد أن أُبين الدراسات السابقة لكي لا أكرر، وأيضًا أوجد وأُبين المبررات التي تُقنعني أنا أولاً وتريح ضميري، وتُقنع أساتذتي أو الجهات المختصة في قبول بحثي.
    إذن أولاً: أنني لا أكرر إذا بينت الدراسات السابقة، وأيضًا أبين المبررات المقنعة لدراسة الموضوع الذي سوف أختاره، الدراسات السابقة يعني الدراسات في نفس موضوعك، يعني تخيل الآن تريد أن تكتب مثلاً عن حب الصحابة -رضوان الله عليهم جميعًا- أو فضائل الصحابة، أو فضل الصحابة، تنظر من الذين كتبوا، القدامى والمعاصرين، أو مثلا الدفاع عن الصحابة، تنظر ما الذي كتب وما الدراسات، وما الجديد لكي لا تكرر، ولكي لا تأخذ شيئا جاهزًا، أنت باحث، نريدك تتعب وتمحص وتجمع، وتدقق، ونريد منك باحثًا، ما يأخذ شيء جاهزًا ويأتي به ونسميه باحثًا، لا ما يصلح هذا، نعم.
    إذن: الدراسات السابقة يعني فائدتها عظيمة، ولذلك الجهات الرسمية تركز على قضية الدراسات السابقة، وتُركز كيف يتعامل الباحث مع الدراسات السابقة، وتبين كيف يتعامل الباحث مع الدراسات السابقة، طبعًا هذه الدراسات السابقة ينبغي أن يقرأها بتمعن، ينبغي أن يقرأ بتفحُّص، ينبغي أن يبين لنا ما صلتها بالموضوع، وهذا لن يأتي إلا بالقراءة الفاحصة لذلك، يُبين ماذا سوف يأتي به في دراسته، ما الجديد، هذه فائدة الدراسات السابقة.
    وخذوا هذه الفائدة، ولعلنا نحتم درسنا اليوم، ألا وهي: ليس من الخطأ -إخوتي الكرام أخواتي الكريمات، إخواني في الاستوديو- ليس من الخطأ الكتابة في موضوع سبق بحثه، لا يا أخي، اكتب في موضوع سبق بحثه، لا مانع، لكن لا بد، لا بد إذا أردت أن تكتب في موضوع سبق بحثه فإننا نشترط عليك شروطًا:
    أولاً: اشتمال دراستك هذه على تقويم الدراسات السابقة أو دراسة شيء منها، وتُبين لنا ما الجديد في ذلك، أو تبين لنا مثلاً ما النقص هناك، مع احترامك لجهود غيرك.
    ولعلنا نتحدث عن بقية عناصر الخطة في درس قادم بإذن الله -عز وجل- أيها الإخوة والأخوات أشكركم على حسن الإنصات، وأشكر إخوتي أيضًا هنا في الاستوديو.
    سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وإلى درس قادم بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:39 pm


    الدرس السابع"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عن نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد.. أيها الإخوة الكرام، الأخوات الكريمات، إخوتي الكرام في الاستوديو، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أحييكم من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، ومع منهج البحث العلمي.
    لا زلنا في الحديث عن الخطة وما يتعلق بها، تحدثنا عن مقدمات في الخطة وأهمية الخطة في درس سابق، وقلنا: إن خطة البحث العلمية، هذه الخطة هي مصيره، مصيره من حيث الموافقة في الجهات الرسمية على بحثك الذي قدمته، يعني إذا كانت الخطة جيدة ودقيقة وجميلة ورائعة، وأجهدت نفسك في تقديمها، فإنه سوف تقبلها الجامعات أو الأكاديميات، أو الكليات المتخصصة.
    وقلنا إن الخطة الناجحة، وقد سألت سؤالًا عن هذا وأجبنا وتحدثنا عن ذلك -ولكن هذا إيجاز للدرس الماضي-، قلنا: هي التي يمكن لأي شخص أن يتعقلها ويتفهمها، ويرى الأسلوب المنطقي الرائع فيها، ويفهم من خلالها البحث، وشخصية الباحث نوعًا ما، يستشعر شخصية الباحث، وماذا سوف يقدمه الباحث. هذه الخطة الناجحة.
    ثم قلنا: إن هناك عناصر لهذه الخطة بعد أن بينا أهمية هذه الخطة، وقلنا أيضًا: إنها تدل على أهمية البحث وقبوله من الجهات الرسمية، وأيضًا تدل على كفاءة الباحث وماذا سوف يُقدمه.
    أيضًا تحدثنا وقلنا: إن هناك عناصر لهذه الخطة، وهذا المخطط الذي هو أشبهُ بهيكلة تقدمها للجهات، لمشرفك، أو للجهات الرسمية، أقصد بالرسمية: هي الجهات العلمية، المجالس العلمية، مجالس الأقسام والكليات.
    وقلنا: إن هناك عناصر، ومن تلكم العناصر تحدثْنا عن عنوان البحث، لا بد أن تشتمل الخطة على عنوان البحث، وقد تحدثنا عن عنوان البحث، وكيف ينبغي أن يكون عليه عنوان البحث، لعله يُراجع إما من خلال الدروس السابقة، وهي في موقع الأكاديمية، أو من خلال الكتاب الذي بين أيدينا، وهو المرجع.
    كذلك تحدثنا عن أنه لا بد أن تشتمل هذه الخطة على قضية أهمية البحث، شيء يسمى أهمية البحث، تُبرز فيه أهمية هذا البحث الذي سوف يقوم البحث، وسوف يكون معك أياما وشهورا وسنن، يعيش معك، يصبح معك، ويظهر معك، ويمسي معك، دائمًا معك، وفي فكرك وفي ذهنك، حتى إنك تراه في المنام؛ لأنه يكون حديث نفس الحقيقة، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه الباحث، وعلى الباحث أن يقوم به، يكون بحثه معه وصديقا له، وملازما له، هذا من الإخلاص في البحث، وقد تحدثنا عن هذا.
    أيضًا تحدثنا عن تقرير عن الموضوع، وأنه لا بد أن تقرر تقريرًا دقيقًا عن مشكلة هذا الموضوع الذي أنت اخترته، لأنه لا بد أن يكون له مشكلة، يعني تساؤل وتقوم بحل ذلك التساؤل، وقلنا إن التقرير يفيد في تحديد منهج الدراسة واتجاهها، تحدد لك هدفا، وتحدد لك طريقة في هذه الدراسة، وفي توجهها واتجاهها.
    وأيضًا تُكثف جهودك في هذه الدراسة؛ لأنه إذا ما كان هناك حدود للبحث، ولا يوجد تقرير للبحث، ولا بيان لمشكلة البحث، فإنك سوف تأخذ كل معلومة وتظن أنها تليق ببحثك، وهذا يُجهدك ويأخذ منك وقتًا ليس باليسيرِ.
    أيضًا قلنا: لا بد أن تحتويَ الخطة على تبويبِ البحث، وتبويب البحث يعتبر عنصرا من عناصر الخطة، ألا وهو أن تكتب عنوانا اسمه في عناصر الخطة تبويب البحث. أو تقول: أبواب ومباحث، أو أبواب وفصول ومباحث ومطالب هذه الخطة.
    هذا معنى تبويب البحث، تبين أبوابه تبين فصوله، تبين مباحثه، تبين مطالبه، ويكون في تنسيق وتبويب رائع ومنسق، ويكون هذا لا بد أن تكون هذه الأقسام واضحة، لا بد أن تكون منطقية، لا بد ألا تبالغ في كثرة الجزئيات، يعني مثلًا، أضرب لكم مثالا: بعض البحوث اشتملت على -مثلًا- بابين أو ثلاثة، الباب يعتبر أكبر شيء في التبويب، تحت الباب يدخل فصول، الفصل الأول والثاني والثالث، كل فصل يدخل تحته مباحث، المبحث الأول والثاني والثالث، كل مبحث -ممكن إذا احتجت- يدخل تحته مطالب.
    الباحثون والذي كتبوا في منهجية البحث العلمي يرون عدم التوسع والتكثير في كثرة الأبواب أو كثرة الفصول، أو كثرة الباحث، يعني أعط الخطة وأعط البحث ما يستحق، إن احتاج أنك تطيل فلا مانع قدر المستطاع، وإن لم يحتجْ فلا تقول سوف: أُكثر في الأبواب والفصول والمباحث والمطالب، والمطالب إلى مشاهد، والمشاهد إلى فقرات، والفقرات إلى أولًا وثانيًا وثالثًا، وأولًا وثانيًا وثالثًا كل فقرة تشتمل على أ، ب، ج، و .. و.. وإلى آخره، لكي تطيل البحث وتبين فخامته وأهميته، هذا ما هو صحيح، أعط البحث حقه.
    يعني ماذا يستحق من أبواب، وماذا يستحق من فصول، وماذا يستحق من مباحث، وماذا يستحق من مطالب، وكلما اختصرت كان هذا هو الأفضل، وهذا تحدثنا عنه في الدرس الماضي.
    أيضًا تشتمل الخطة على عنصر مهم أيضًا، ومن تلكم العناصر منهج البحث، منهجك، ما هو المنهج الذي سوف تسلكه وتسير عليه، يعني تبين فيه كيف تعرض المسائل، كيف عرضك للمسائل، أيضًا تطرح القضايا، كيفية طرحك لهذه القضايا، كيفية معالجة هذه القضايا، كيف تتعامل مع المصادر، كيف سوف تتعامل مع الدراسات السابقة، وهكذا، كيف تتعامل مع معلومات البحث، وما يتعلق بالبحث عمومًا، الإحالات، تبين فيه كل شيء، الوسائل التي سوف تسلكها في بحثك العلمي.
    وأيضًا تحدثنا عن مناهج البحث العلمي، الوصفي، التطبيقي، العلمي، تحدثنا عن هذا بتطويل يعني في الدروس الماضية.
    هذا ما هو إلا اختصار للدرس الماضي، أيضًا تحدثنا عن الدراسات السابقة، وأنها عنصر من عناصر الخطة، ووقفنا هنا.
    سوف أحدثكم عن الدراسات السابقة، مع أنني تحدثت عنها الدرس الماضي، ولكن كان الحديث على عُجالة لانتهاء وقت الدرس والحلقة.
    الدراسات السابقة لا بد أن يطلع عليها الباحث إخوتي الكرام، إخوتي الكرام، أخواتي الكريمات، إخوتي هنا في الاستوديو، لا بد من الاهتمام بالدراسات السابقة في البحث العلمي، والذي لا يهتم بالدراسات السابقة هذا كأنه صادر جهود المتقدمين والمتأخرين، لا يريد أن يكون بحثه قد أتى بالجديد.
    ولذلك الجهات العلمية والرسمية التخصصية تلزم الباحث بالدراسات السابقة، يعني أخذت مثلًا موضوعا معينا، هذا الموضوع تنظر ماذا كُتب عنه، ماذا كتب عن هذا الموضوع؟ سواء من المتقدمين أو من المتأخرين، وخاصة البحوث والرسائل الجامعية سواء ماجستير أو دكتوراه، أو حتى البحوث التي قد لا تكون أكاديمية، ولكنها بحوث قوية ترتقي إلى الأكاديمية، بل وترتقي وتزيد عن البحوث الأكاديمية، فإننا لا بد أن نهتم بهذه الدراسات، لماذا؟ لأنك ممكن تكرر، ما الفائدة يكون عندي نسخة زائدة في رفوف المكتبات؟
    نحن نريد منك باحثًا يأتي بالجديد، وباحثًا ذا أمانة علمية، وباحثًا ذا تأصيل، هذا الذي نريده، ما نريد أن تأتي وتختار البحث وتقول: الحمد لله وجدت عندي عشرين، ثلاثين، أربعين، مائة مصدر، آخذ منها وانتهى الأمر، لا، هذا هو الباحث الضعيف.
    هذا يريد ألا يفيدَ ولا يستفيد، يريد أن يؤديَ هذه المهمة، ويأخذ مثلًا الشهادة ويذهب، وهذه ليست من الأمانة، ولن تجعل منا باحثين جيدين.
    إذن: الدراسات السابقة تمنعك من التكرار وتتفادى التكرار، أيضًا من خلال دراساتك السابقة والقراءة بالتمحُّص، ثم بيانك في مخطط رسالتك، بيانك من خلال قراءتك للدراسات السابقة، بيانك ماذا سوف تأتي به، بيانك للجهات المختصة، للمجالس العلمية، لمشرفك، لأساتذتك، تقول: نعم، هناك دراسات سابقة، هي كذا، وكذا، وكذا، لكن هذه الدراسة أنقصت، هذه الدراسة شاملة، هذه الدراسة لم تتعرض للنقطة الفلانية، وأنا سوف أتعرض لهذه النقطة وهذه المسألة. هنا تبين لنا ماذا سوف تقوم به.
    ولذلك الدراسات السابقة الآن من أعظم ما يواجه الباحثين حقيقة، مثلًا لو أراد أن يبحث في موضوع معين، أيًّا كان ذلك الموضوع، فإنه يأتي بالكتب، ويأتي بالدراسات، ويقرأ في الجامعات، في الرسائل الجامعية، سواء في المملكة أو في خارجها، ثم بعد ذلك يُبين لنا ما هو الجديد، وكيف سيكون بحثه، وليس من العيب أنك تبحث، أو من الخلل أنك تبحث موضوعًا قد سُبق بحثه، ليس هذا يعني عيبًا أو أنه يجعل الجهات ترد ذلك، لا، لكن ما هو الجديد هنا، ماذا سوف تبرز هنا، هذا مهم.
    إذن قضية الدراسات السابقة إذا قرأها الباحث، وأنا أوصيكم جميعًا، أُوصي الإخوة كذلك والأخوات أن يقرأها بتمعُّن ويقرأها بتفحُّص، ويبين مدى صلتها بموضوعه، ثم يبين ماذا سوف يأتي، أين الجديد هنا، وبالتالي هنا يكون باحثا جيدا وذا أمانة علمية، وأيضًا مطلعًا على بحثه، ويستفيد أيضًا من تلكم الدراسات السابقة.
    لا يقول أخ: أخشى أنني.. ذهب الجهد والوقت وأنا أبحث عن الدراسات السابقة، لا، هذه تريحك بعد ذلك، إذا ووفق على موضوعك وبدأت تكتب في الموضوع، فإن هذه ستكون أمامك، ستتذكر أنك ذهبت المكتبة الفلانية، وبحثت في الشبكة الفلانية، ومر عليك الكتاب الفلاني، والكتاب الفلاني -مثلًا- نزلته على جهازك من خلال الشبكة العنكبوتية، والكتاب الفلاني صورته حينما كنت تبحث في الدراسات السابقة، وقد مررت على الجامعة الفلانية، ورأيت في الرف الفلاني، أو في المكان الفلاني ذلكم الكتاب، وبالتالي اختصرت عليك، إذا بدأت تبحث لن يذهب بحثك في البدايات عن الدراسات السابقة، وإن كنت لم تبتدئ في البحث بعد، لكن لنْ يذهبَ ذلك الوقت وذلك الجهد سُدى، سوف تستفيد من تلك الدراسات السابقة.
    إلى هنا وصلنا في الدرس الماضي.
    نضيف على عناصر الخطة أيضًا التعريفات -سجلوا هذا تكرمًا- التعريفات بمصطلحات البحث، هناك شيء في البحث له مصطلحات، هناك مصطلحات وأشياء مهمة اشتمل عليها خاصة عنوان الرسالة، ونحن قلنا: اختيار عنوان الرسالة هذا مهم، اختيار عنوان الرسالة أو البحث هذا مهم، وتحدثنا عنه مطولًا، وقلنا: لا بد فيه من كيت، وكيت، وكيت، وكيت.
    أنت الآن أمامك العنوان، لا بد أن تُعرف بالمصطلحات التي اشتمل عليها بحثك، وخاصة ما ورد في العنوان.
    يعني -مثلًا- أنت الآن، دعنا نقول -مثلًا- عنوان بحثك -مثلًا- العصمة، مثلًا. العصمة هذه لا بد أن تعرفها، لأنها في العقيدة لها معنى، عصمة الأنبياء، ماذا تقصد؟ عصمة الأنبياء، عصمة الملائكة، عصمة غير الأنبياء والملائكة عند أيضًا بعض الفرق الضالة حينما ترى أن الأئمة معصومون، ماذا تقصد بالعصمة؟
    أو أنك تقصد بها العصمة في الفقه الإسلامي، عصمة المال، عصمة النفس، عصمة الدم، ماذا تقصد هنا بالعصمة، فإنك في بدايات المخطط تُبين ماذا تقصد هنا بالعصمة، لأن التعريفات بمصطلحات البحث يعني تُجنب، تجنب القارئ لمخططك الالتباس والاشتباه بين مصطلحٍ وآخر.
    مثلًا مر عليك فرقة معينة في بحثك، لم تكن يعني ما هي معروفة عند الناس، فرقة ليست بواضحة مثلًا ودعنا نقول مثلًا فرقة الأطرافية مثلًا عند الخوارج مثلًا، ما معنى الأطراف؟ تحاول أن تُعرِّف -مثلًا- بها تعريفًا ولو يسيرًا.
    مر عليك -مثلًا- مصطلح أيًّا كان ذلك المصطلح يحتاج إلى توضيح وبيان، فإنك توضحه تحت هذا العنصر، ألا وهو التعريف بمصطلحات البحث، أو مصطلحا البحث والتعريف بها، ثم تُبين تلك المصطلحات.
    أيضًا ثامنًا تحديد المشكلة، أو تحديد موضوع البحث.
    وهذا مهم جدًّا، فتبين لهم ماذا سوف تبحث في بحثك هذا، لأنَّ العنوان قد لا يفي بأشياء تُريد أن تضعها في الرسالة، وأيضًا العنوان قد يُوهم أنك سوف تقوم بأشياء وأنت لن تقوم بها، ما الذي يُزيل هذا اللبس وهذا الإشكال ويُريح الباحث هنا؟ شيء اسمه حدود البحث، أو اسمه تحديد مشكلة البحث.
    هذا يبين فيه -كما ذكرت لكم- الباحث ما سوف يدخل في الموضوع من عدمه، سوف تدخل هذه الأمور أو هذه المسائل، أو هذه الأشياء في البحث، أو لن تدخل هذه الأشياء.
    هذا مهم جدًّا جدًّا، ولذلك أيضًا يُشترط في مخطط، مخططات البحوث العلمية التي تقدم للجهات الرسمية مثل الجامعات والكليات والأكاديميات، لا بد أن تحتوي خطة البحث على حدود البحث، أو تحديد المشكلة.
    طيب.. وأخيرًا وبعدها أفتح باب للأسئلة، قبل أن أنتقلَ لموضع آخر في هذا الدرس، بعد ذلك يأتينا شيء مهم، وهو مهم لكم -أيها الإخوة، أيها أيضا الإخوة الذي يتابعوننا والأخوات- هذا مهم جدًّا، ألا وهو جدولة مراحل البحث، يا شيخ جنيد، يا شيخ موسى، يا شيخ نواف، هذا من أهم العناصر حقيقة، وبه نختم عناصر الخطة.
    طبعًا بعضهم أضاف هناك عناصر أخرى، وأنا قلت لكم إن كتابة البحث أو طريقة كتابة البحث ما هي إلا أمور اجتهادية، أناس سبقونا علماء وباحثون سواء كانوا من المسلمين أو من غيرهم، لهم تجارب كبيرة في كيفية كتابة البحث، وكيف تكتب بحثًا أو رسالة، بعضها تُرجم إلينا، وبعضها كانت من أناس أو من باحثين مسلمين قاموا بها، يعني بحثًا صرفًا خاصًّا بالمسلمين، الشاهد من هذا أن هذه الأفكار وهذه المناهج من خلال تجارب، فأنت الآن حينما أتينا بعناصر الخطة، وقلت لك هي كذا كذا كذا، قد تقرأها في كتاب آخر مثلًا كتاب كيف تكتب بحثًا أو رسالة، تختلف ولو شيئا يسيرا.
    عند الثالث في منهج البحث العلمي قد تجدها قريبة أو مطابقة، بينما تجد في كتاب آخر اهتم بكتابة البحث العلمي تجد عناصر أكثر، فهي قابلة -إخوتي الكرام- للاجتهادات على حسَب بعض التجارب.
    ولذلك حرصت أن آتي ببعض التجارب، وإن كانت ذا جهد متواضع لأخيكم لإرسال رسالة أن منهجية البحث العلمي، وكيفية الكتابة في البحث العلمي ما هي إلا اجتهادات، ولكن اجتهادات تؤخذ بعين الاعتبار، اجتهادات رائعة، يعني بعضهم مكث في البحث العلمي أربعين وخمسين -وأكثر- سنة، أخذ جوائز علمية، أشرف على رسائل عظيمة، سواء من الباحثين المسلمين أو من غيرهم، وأقصد من غيرهم: الذين تُرجمَت كتاباتهم، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها.
    إذن تاسعًا: من عناصر لخطة جدولة مراحل البحث.
    كيف يعني؟ جدولة مراحل البحث لكي يحافظ على الوقت، بمعنى: تجدوله يعني كتابيا ووقتيا، يعني عندي الباب الأول، الباب الأول هذا كم فصلا؟ مثلًا ثلاثة فصول، كل فصل اشتمل على ثلاثة مباحث، إذن هذا يجعلني أعطيه زمنا محددا لا أتجاوزُه، إذن: أنا جدولت بحثي، مرحلة الجدولة هذه من ناحيتين:
    - من ناحية كتابية واهتممتُ بجدولته، وبيان رسمه الهندسي الرائع الجيد.
    - وأيضًا أنا اهتممت به من ناحية الوقتية، وناحية الوقت، لكي لا يذهب عليَّ الوقت.
    بعض الناس ذهب عليها الوقت، وسحب منه البحث، مدة سنة، وسنتين، وثلاث، وأربع. يعني أنا انزعجت حقيقة، يعني من باحث مكث عشر سنوات في إحدى البحوث، ما يصلح. إذن الجدولة تحافظ على وقتك.
    وأخيرًا أقول: لا ينبغي في هذه العناصر التي ذُكرت من قبل، التي ابتدأناها من عنوان البحث إلى الجدولة، لا ينبغي التطويل فيها، وفي الخطة عمومًا -كما ذكرت لكم سابقًا وفي دروس سابقة- التطويل لا ينبغي، ينبغي أن يكون بدقة وعناية، لأنك كلما طولت، تعبت أيضًا، بعض الناس يجعل في التطويل حشوا، ويلزم بعد ذلك بكتابة هذا الحشو الذي لا داعي له، ويأخذ منه وقتًا وجهدًا ومعلومات، و.. و.. وإلى آخره.
    إذن ينصح الباحثون، وننصحكم كذلك بأنه لا تطويل في الخطة، وأيضًا ينبغي أن تعلم ولا تنزعج -أيها الباحث- أنك لا تتوقع أن تكون هذه الخطة وافية ونهائية، لماذا؟ لأنك أنت جعلتها، يعني وضعتها من خلال.. يعني فعلًا في دراسات فاحصة، واستشارات، وإلى آخره، ونحن تحدثنا عن كيف تكتب خطة، لكن ليس شأن هذه -شأن وضع الخطة- كشأن ولوغك في البحث، ومكثك في البحث، وممارستك للبحث، ومكوثك سنين وأنت تكتب في البحث، سوف يظهر لك نتائج، دراسات، مسائل جديدة، مما يجعل ذلك يتغير ولو يسيرًا طريقة الخطة، والمخطط، وعناصر الخطة.
    إذن نستطيع أن نقول: لا تتوقع أن تكون هذه الخطة التي قدمته وووفق عليها أن تكون وافية ونهائية، ينبغي أن نعرف ذلك جيدًا.
    ولذلك، في شيء عادة في الخطة يُكتب وينصح به الناصحون، وينصح به المخلصون حقيقة، والذين لهم دراية في البحث العلمي، أن يُكتب: أن الخطة قابلة للتعديل، وذلك لمصلحة الرسالة بعد موافقة المشرف على ذلك، فالباحث الممارس والناصح والمخلص فإنه يوافق على هذا الأمر حقيقة يعني، هذا أنا رأيي أن الخطة قابلة للتعديل لماذا؟ لأنه سوف يمر بك معلومات وأشياء وتكون في مصلحة البحث.
    البعض من المختصين -إلا من شاء الله- البعض يقول:لا، الخطة لا بد أن تكون كما هي، لا يا أخي، هذا ما هو قرآن منزل ووحي لا يتغير، لا.. الخطة وضعها اجتهادات بشرية، ووفق عليها في حينها كانت وصلت إلى ما نريده، مثالية وجيدة، ووافقنا عليها، الآن أتتنا بحوث، أتتنا دراسات، أتتنا أشياء رائعة، فلماذا لا نضعها؟ وهذه من مصلحة البحث العلمي، ومن النصح للبحث العلمي، ومن النصح للطالب، ومن النصح للجهة الرسمية المختصة العلمية، سواء كانت جامعة أو كلية أو أكاديمية.
    هذا عن خطة البحث، وقبل أن ننتقل إلى الطريقة العلمية للبحث، نفتح مجالا للحوار، أو لمن عنده سؤال أو إضافة، وأتمنى أن تشاركوني جميعًا، شيخ جنيد، شيخ موسى، شيخ نواف، أنتم باحثون قريب -إن شاء الله- أحد عنده سؤال فليتفضل، تفضل يا شيخ..
    {جزاك الله خير، قلت فيما سبق: كيف أتميز في بحثي، وأضع بصمة في البحث، أريد إضافات وافية لكي أتميز في بحثي}.
    الشيخ:
    هو إذا أنك كانت بدايات بحثك، اختيارك للموضوع، واختيارك للعنوان عن دراسة فاحصة وجيدة، واستشرت المشرف، وبعد ذلك وضعت الخطة وووفق عليها، وإلى آخره، وقرأت بتمعن، وما جعلت أي معلومة تغيب عنك، وتسلحت بغذاء الباحث فعلًا، الصبر والإخلاص، وقدمت لبحثك أشياء، سوف يخرج أشياء تميز بحثك، ويخرج لك إضافات، أنت الآن التي سألت عنها تثلج صدرك، عرفت؟ وبالتالي تفيدك وتفيد القارئ.
    {جزاك الله خيرا}.
    الشيخ:
    وإياك، ويسعد بها مشرفك والجهة العلمية، ثم تكون نتيجة رائعة، ما أجمل أن تأخذ -مثلًا- الماجستير أو الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى، ويوصى بطبع الرسالة، وينفع الله بها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أنه: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به»، وهذا من العلم الذي يُنتفع به، ولا شك أن دارستكم أنتم أيضًا دراسات شرعية، ينفع الله بها.
    بل حتى الدراسات الأخرى إذا نفع الله -عز وجل- بها، يعني انتفع بها المسلمون يدعون لصاحبها وله بذلك أجر، فإنما الأعمال بالنيات، والمسلم في كل مجال، والباحث في كل مجال يرضي الله -سبحانه وتعالى-.
    أحد عنده سؤال، إضافة، شيء.
    طيب.. الآن ننتقل إلى ماذا؟ إلى طريقة البحث العلمي.
    البحث العلمي له طريقة، وكما قلنا: ما دام أننا نسميه البحث العلمي فلا بد أن تكون الطريقة علمية، لا تكون عشوائية، لا تكون خبط عشواء، لا تكون مزاجية، هناك طرق وأطر يسير عليها الباحث لأن بحثه اسمه بحث علمي، وما سُمي علميا إلا لأنه اتخذ الطرق والسبل العلمية التي سار الباحثون، وانتهجها الباحثون يستفيد منها، ويستفيد من ذلك لكي -فعلًا- يصبح البحث بحثًا علميًا.
    طبعًا أفضل طرق البحث، أفضل طرق البحث هي: الطريقة الاستقرائية الاستنتاجية، هذه الطريقة الاستقرائية الاستنتاجية هي الطريقة العلمية، تسمى الطريقة الاستقرائية الاستنتاجية العلمية، كيف هذا؟
    أنا أسأل سؤالا: ما معنى استقرائية؟ حينما تبحث في المعلومات، هناك شيء نسميه استقراء، وهناك شيء نسميه استنتاج. استقراء، تستقرئ كيف؟
    استقراء: تحاول تقرأ وتفهم وتجمع، عرفت؟
    الاستنتاجية: النتائج التي تخرج من ذلكم الاستنتاج، أنت استنتجت وجمعت وقرأت وتمعنت وخرجت، وجمعت وقرأت بفهم، ما تقرأه، أو نتيجة ذلكم هو الاستنتاج، هو استنتاج، عرفت؟
    ولذلك استنتاج لتلك المعلومات، تستنتج الفوائد، النتائج، وأنا ذكرت لكم، أقول: حينما نتحدث عن البحث العلمي، فإننا لا نقصد فقط البحث العلمي في المجال الشرعي، إنما كل الباحثين، حتى الذي يبحث في العلوم النظرية، العلوم الطبية، أيًّا كانت تلكم العلوم، فالبحث العلمي في تلكم العلوم عمومًا، وخاصة، ونخص المجال الشرعي لأنه مجالنا هنا، أحسن طريقة له هي الطريقة العلمية، الطريقة العلمية هذه هي: الاستقرائية الاستنتاجية.
    طيب..كيف الاستقرائية؟
    قلنا: الاستقرائية: حصر كافة الجزئيات، الجزئيات الخاصة ببحثك، أنت اخترت بحثا بعنوان معين، فإنك تقرأ حوله، تجمع المعلومات، تحصر كافة المعلومات لكي لا يأتي بعد ذلك شخص وستدرك عليك قريبًا، إذا استدرك عليك بعد عشر، عشرين، قد تكون خرجت معلومات وفوائد، أو مخطوطات، أو أشياء تطبيقية، أو أشياء طبية جديدة، لا مانع من هذا، لكن أما إنه يستدرك عليك حتى في المناقشة، ويقال لك: يوجد البحث الفلاني أو الدراسة الفلانية، أو النتيجة، أين أنت عنها؟ فهذا خلل من الباحث وتقصير.
    إذن: نحن الآن نحصر كافة الجزئيات، يعني كافة المعلومات من المراجع ومن المصادر والوقائع، ونفحصها، وندرس ظواهرها، ثم نخرج بحكم عام، ولو كان يسيرا. هذه الاستقرائية.
    نضيف إليها طريقة أخرى، ألا وهي: الاستنتاجية، بعد أن جمعنا ذلك، فإن الطريقة الاستنتاجية هي عبارة عن تنظيم المعلومات، تنظيم المعلومات التي توفرت من تلكم المصادر، وتنظيم تلكم النتائج، وتنظيم تلك الاستنباطات، وتنظيم تلكم الحلول، ثم الخروج بعد ذلك بنتائج وتوصيات.
    إذن الاستقراء: تستقرئ كل شيء وتجمعه، تقرأه بتمعُّن، تفحصه، تحلله، تفهمه كثيرًا، قد يتضح عندك حكم عام، لا يكفي هذا، حاول أنك تستنج، تمحص، تستفيد، تُخرج الفوائد، النتائج، الفوائد، التوصيات، وبعد ذلك يخرج البحث خروجًا جيدًا.
    هذه الطريقة إخوتي الكرام تجمع بين خصائص الطريقتين، التي هي الطريقة العلمية، الطريقة العلمية المقصود بها: الاستقرائية والاستنتاجية. أنت إذا جمعت بين الطريقتين، والتي هي مرحلة الاستقراء، استقراء المعلومات ومراقبتها والاهتمام بها.. تنتقل بعد ذلك إلى مرحلة استخراج المقترحات واستنباط الحلول التي تتوصل بها إلى نتائج، تلك النتائج ترتبها ترتيبًا مُنسقًا ومنطقيًّا.
    هذه الطريقة الجيدة للبحث العلمي، هذه تسمى -يا إخوان، هذه فائدة خذوها دونوها- تسمى بالطريقة الاستقرائية الاستنتاجية، الطريقة الاستقرائية الاستنتاجية هي الطريقة العلمية، نستقرئ، ونجمع ثم نستنتج ونستنبط ونُحلل ونُمحص، ثم نُرتب تلكم النتائج ترتيبًا منطقيًّا ليخرج البحث يسر الناظرين ويفيد القارئين.
    بعد أن تخرج لنا.. بعد الطريقة الاستنتاجية، تخرج لنا تلكم الحلول، وتلكم المعلومات الجميلة، وذلكم التمحيص، وذلكم التدقيق، نستطيع أن نحكم على تلكم المعلومات بالصحة من عدمها، ويكون لك أيضًا أنت في هذا رأي، ويكون لك في ذلك حُكم، فالباحث ليس مقلدا دائمًا، سُمي باحثا لأنه حر، والحرية هنا حرية مسؤولة تندرج تحت الضوابط الشرعية خاصة مسائل البحث العلم الشرعي.
    طيب.. هذه الطريقة، التي الطريقة العلمية الاستنباطية، الاستقرائية الاستنتاجية إذا أردنا أن نأخذ بها كباحث فلا بد لك أن تتصف بأمور، لكي تستفيد بهذه الطريقة وتفيد، وتستفيد بحثك.
    أولًا: عدم التسليم والقبول لأي شخص، يعني لأي شيء، أو لأي باحث بحث ما لم يُقِم على ذلكم أو تلكم المسألة، أو ذلكم الأمر، أو ذلكم الشيء دليل وبرهان، ما دام أنه لا يوجد دليل ولا برهان فإنك لا تُسلم، أنت الآن في موطن البحث، ابحث واقرأ وأفِد أنت الأمة من خلال بحثك وقراءتك واطلاعك ونتائجك، ولذلك بعض البحوث تضيف فائدة عظيمة للناس، ويُشكر عليها صاحبها ويُعطى عليها الجوائز، وهو مأجور عليها.
    إذن: عدم التسليم والقبول لأي شيء ما لم يقم عليه الدليل أو البرهان، والفحص لكل الآراء والأشياء المتعلقة بالموضوع، تفحصها وتُدقق فيها، أنت باحث حر مستقل.
    وقد ذكرت لكم أن بعض أهل العلم -جزاهم الله خيرًا- كان يُربي طلابه على ذلك، وهم علماء كبار، مثل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله رحمة واسعة- يذكر لي أحد طلابه أنه كان يأتي بالآية، يقول: من عنده شيء في هذه الآية؟ فكانوا يتحرجون، فقال: أليس القرآن نزل بلغة العرب؟ بلى، ألست أنت بعربي؟ بلى، إذن: ماذا تفهم من هذه الآية؟ القرآن واضح، فيفهم فيقول: صحيح.
    بعض الألفاظ، بعض الكلمات، بعض الأشياء تحتاج إلى الرجوع لأهل العلم، لكن القرآن واضح، لذلك بعضهم لا قرأ ولا كتب، لكنه صاحب لغة، لما سمع قول الله -عز وجل- يُتلى من قِبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ﴾ [الطور: 35]، يقول: كاد قلبي يتفطر لها، أو يطير.
    ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ هل خلقنا نحن من غير شيء؟ لا، والله، ﴿أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ﴾، هل نحن خلقنا أنفسنا؟ لا، والله. فما كان منهم إلا أن أسلم.
    والآخر مباشرة سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرأ ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراًّ يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7، 8]، قال يا رسول الله، مثقال ذرة؟ قال: نعم. قال: دين لا يضيع فيه مثقال ذرة حري بأن يُتبع ويُدخل فيهو فأسلم.
    إذن: هو الآن ما رجع لكلام مفسرين، ولا رجع لكلام.. بل لغته لغة سليمة، لغة عربية سليمة ورائعة، والقرآن أُنزل باللغة العربية الفصحى، واللسان العربي المبين كما أخبر الله -عز وجل- بذلك في قرآن الكريم، مباشرة فهم وأسلم.
    أنت أيضًا ينبغي أن يكون لك حرية، لكن حرية منظمة، وحرية مسؤولة، ولا تُسلم لكل شيء، تقول: هذا بحث الأمر إذن آخذه، لا، استفد، بل أنت دورك هنا، تقول: أخطأ، أصاب، لكن تقدر وتحترم جهود الذين سبقوك، وتبين جهودهم، وهذا من الأمانة العلمية، وهذا من العدل. ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8].
    ثانيًا: التجرد وعدم التحيز، التجرد وعدم التحيز بأن يبحث الباحث عن الحقيقة ويتقبل الواقع يا شباب، يتقبل الأمر حتى لو خالف رأيه، دعنا نقول -مثلًا- لو وُجِد طبيب يرى أن هذا العلاج لهذا المرض ما ينفع، ويتكلم في المجالس وفي المؤتمرات، ويقول: أرى أنه لا ينفع من خلال قراءتي وبحثي، و.. و.. وإلى آخره.
    بعد ذلك وهو يبحث اتضح له أمر، أنه ينفع ويفيد، من باب التجرد وعدم التحيز فإنه يكتب في بحثه: أنني كنت أرى كذا كذا، والآن أرى كذا كذا؛ لأن هذا يفيد الأمة، وينفع الناس، ولا يجوز إخفاؤه، هذا في أمور طبية، فما بالكم بالعلوم الشرعية.. أنت كنت ترى رأيًا ولا ينبغي، فمن باب التجرد وعدم التحيز، والبحث عن الحقيقة، والنزاهة العلمية، وأنت طالب علم شرعي، تخاف الله وتتقيه، إذا مر عليك مسألة يعني مخالفة -مثلًا- لرأيك، أو لم تكن تراها، فلا بد أن تبين رأيك، وترجع، وأن رأيك الأول كان خاطئًا، والصحيح بعد البحث العلمي هو كذا وكذا، وهذا من النزاهة العلمية، ومن يعني العدل، والناس يكبرونك في ذلك، وليس هذا من العيب.
    وقد كان حول هذا يدندن علماؤنا، لما أتوا عند الإمام مالك يسألونه، قال: قولوا أن الإمام مالكا أخطأ، ما أصاب إلا في مسائل قليلة، وأخطأ في مسائل كثيرة، ومن قال: لا أدري فقد أجاب. هذه مشابهة لهذه، تتجرد وتبين أنك أخطأت وأن هذا هو الصحيح.
    إذن لكي تأخذ بتلك النتيجة الاستقرائية والاستنتاجية، والطريقة العلمية، لا بد أن تتصف بأمور، هذه صفات رائعة، وإن كنا قد تحدثنا عنها في دروس سابقة عن صفات الباحث.
    ثالثًا: أن يتعامل الباحث دائمًا مع الواقع، يكون هناك شيء واقعي، واقعي في تعامله وفي كتاباته.
    رابعًا: عدم الاهتمام بالوقائع الشاذة، هناك بعض الوقائع، بعض المسائل، بعض الأشياء شاذة، والبحث فيها والجهد فيها وذهاب الوقت فيها مضيعة للوقت، ويعني لا تهم، قد لا تهم البحث، فعليه أن يفتش عن الوقائع المتجانسة لفحصها وبلورتها في إطار واحد. هذا ما يخدمك من صفات لكي تأخذ بتلك الطريقة العلمية للبحث العلمي.
    هذه الطريقة العلمية للبحث، هذه الطريقة العلمية للبحث لكي نسهلها ونبينها لك، لها خطوات، الطريقة العلمية، ماذا قلنا؟ الاستقرائية الاستنتاجية، وتسمى ماذا؟ تسمى علمية، تسمى العلمية.
    هذه لها خطوات سوف نتحدث عنها بعد قليل، ولكن قبل الدخول في شرح هذه الخطوات لا بد من التذكير بأمور:
    أولًا: اتباع هذه الطريقة العلمية الاستنتاجية، أو الاسقرائية الاستنتاجية قد لا يكفي في حد ذاته، قد لا تفي بالمطلوب، قد يكون هناك أدوات خاصة للباحثين في علم الطب والفلك والهندسة، وحتى في العلوم الشرعية، هذه فقط تُعينك، فقد يكون هناك أدوات وأمور ووسائل ذكرها الذين كتبوا في منهجية البحث العلمي، أو أنت تمر عليك واقعيًّا من خلال ممارستك، فإنك أيضًا تستفيد وتأخذ بها.
    أيضًا قد لا يتبع - ولذلك لا تنزعج، كما أنني قلت لكم أن الحديث عن البحث العلمي ومنهجية البحث العلمي، ما هي الاجتهادات- كذلك نقول: يعني أنت كباحث لا تقوم بهذه الطريقة بحذافيرها، فقد تخدمك في جانب دون آخر، أو في مسألة دون أخرى، يعني ليس من الضروري في كل مسألة، وخاصة في المسائل الشرعية وأنت معك مشرف تستشيره في ذلك.
    أيضًا هذه الطريقة، الطريقة الاستقرائية والاستنتاجية، أو ما سوف نتحدث عنها من خطوات، خطوات سوف تأتينا، أيضًا كما ذكرت لكم هذه حقيقة اجتهادية، وهي تختلف من باحث دون آخر، الآن أقول لك الطريقة العلمية التي هي الاستقرائية الاستنتاجية لها طرق:
    أولًا -مثلًا: تحديد المشكلة، الاستنتاج، الاستقراء، الاستنتاج، إلى آخره.
    قد تأتي إلى شخص أيضًا كتب في منهجية البحث العلمي، وأتى أو أضاف؛ فهذا أيضًا من الاجتهادات، ومن تجربة أنت لعلها تفيدك وتعينك، وتستفيد منها.
    إذن: هذه الخطوات تختلف من مؤلف لآخر، فليس هذا هو المهم، بل المهم هي الأفكار والمسائل العلمية، وماذا سوف يُقدمه بحثك، أخيرًا: ماذا سوف تقدمه كباحث من نتائج وتوصيات، يعني ينفع الله بها، لعل الله ينفع بها.
    طيب.. خطوات البحث العلمي، أحد له سؤال فيما مضى قبل أن تتحدث عن خطوات البحث العلمي، وخطوات هذه التي هي الطريقة الاستقرائية الاستنتاجية، وتسمى العلمية؟ أحد له سؤال؟ طيب.
    خطوات البحث العلمي:
    تعتمد الطريقة العلمية للبحث العلمي على خطوات، دونوها معي، وسوف أسألكم فيها، انتبهوا معي.
    أولًا: تحديد المشكلة، إذن تحديد ماذا؟ المشكلة، وتسمى هذه مشكلة البحث، أنت إذن في خطوات البحث العلمي لا بد أن تحدد المشكلة، وقد تحدثنا عن المشكلة، وقضية المشكلة، وصياغات المشكلة أيضًا في دروس سابقة، يعني يُنشئ سؤال، تحديد المشكلة يعني أنت تُنشئ سؤالا في بحثك هذا، ينشأ السؤال العلمي عادة من مشكلة تمر عليك في بحثك العلمي.
    يعني مثلًا دعنا نقول مثلًا: هل -مثال- هل الخوارج كافرون؟ مثلًا أنت بحثك الآن مثلًا عن الخوارج مثلًا، أنت سألت هذا السؤال، إذن أجيب له، أحاول أنني أفترض له فرضيات للإجابة، أو هل العمل يدخل في مسمى الإيمان؟ مثلًا، فتأتي بعدة فرضيات تعتبر حلا لهذه المشكلة، لعل هذا يتضح أيضًا لما ضربت لكم مثالًا سابقًا، تذكرون يا شيخ جنيد أم لا؟ لما تحدثنا عن مثلًا معاملة الزوجة الكتابية في ضوء العقيدة الإسلامية، قلت لكم: هذا بحث مر علي، كانت مشكلته: أن الله -عز وجل- أباح النكاح من أهل الكتاب، وأيضًا حرم مودة أهل الكتاب، وأنت الآن تتزوج زوجة وسوف يكون بينك وبينها مودة ورحمة كما أخبر الله -عز وجل-، وهناك الله أمرنا بقضية الولاء والبراء، إذن: هذه هي الآن مشكلة، فنشأت موضوع البحث من هذا، ومن هذه المشكلة، نريد إجابات على هذه المشكلة، ثم نخرج بعد الإجابات ببحث علمي نخرج فيه بحل لهذه المشكلة، وتوصيات، وإلى آخره.
    ثم بينا أن هذه المحبة جبلية عادية، وهناك المحبة التألهية، ثم قلت: لعله يقرأ البحث، وهو موجود -إن شاء الله- على الشبكة، ومطبوع. هذا من خلال التجربة، لأننا نحن نتحدث عن البحث العلمي كتجربة، وهذه تجربة مرت مثلًا علي في قضية.
    إذن: لا يوجد بحث إلا وله مشكلة، هذه المشكلة تنشأ أو تصيغها عن طريق مثلًا أسئلة، أسئلة علمية يعني دقيقة، يحتاج الإجابة عليها، الإجابة عليها تكون في صياغة الفرضيات، أو مقترحات، يعني عندي الآن مشكلة، كيف ممكن أنني أجيب عليها، يعني مثال، أضرب أيضًا مثالا لكي يتضح الأمر: أُطفئ مثلًا هذا السراج، أي سراج أمامكم الآن، هذه مشكلة، أم لا؟
    طيب.. السؤال: لماذا أُطفئ السراج؟ لعل التيار الكهربائي عامة في البلد انقطع، لعل المفتاح به عطب، لعل الأفيوز الخاصة باللمبة هذه مثلًا محروق، أو إلى آخره، لعل التيار الكهربائي بين المفتاح وهذا السلك هذا مفصول أو قد انقطع، هذه ما هي إجابات، ثم نذهب ونتلمس الحل، وجدنا الحل، بدأنا في حل المشكلة.
    البحث العلمي هكذا يا إخوان، وهناك معايير حقيقة لهذا الفرضيات الجيدة لكي تفرض، مثل أسئلتك هذه، يعني أن تقرر العلاقة بين أمرين مختلفين، يعني لا تكون الأسئلة في جانب، والمشكلة في جانب، والإجابات في جانب، ما يصلح، لا بد أن يكون هناك علاقة.
    تكون أيضًا موجزة المشكلة ومختصرة، مثل ما ضربت لكم قبل قليل مثلًا بالزوجة الكتابية، أو بانفصال التيار الكهربائي، أو إلى آخره.
    ثالثًا: من خطوات البحث العلمي: الاستنباطات المعقولة، الاستنباط المعقول، أنت الآن في مشكلة ولها تساؤلات، الآن هناك فرضيات، حلول، آخذ هذه الحلول والأنسب منها، وأجمعه ثم أستنبط منه تلكم الحلول، أستنتج منه تلكم المدلولات، وتلكم المقترحات، أجمع تلكم الاستنباطات وتلكم المقترحات مجموعة كحلول، ثم إنني أختار أدقها وأحسنها، ثم أنني أؤيد ذلك أو لا أؤيده، وأخرج بعد ذلك بالنتائج التي سوف أستخلصها، ولا يحاول الباحث إثبات فرضية في قرار سابق في مخيلته، حكم مسبق، بل لا بد من خلال سيره على هذا المنهج.
    هذه إخوتي الكرام خطوات البحث، تحدثنا عنها في هذا الدرس، أسأل الله -عز وجل- أن ينفع بها، وإلى درس قادم بإذن الله سيكون عن مصادر البحث العلمي.
    أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما سمعنا، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، أشكركم جميعًا، وأشكر إخوتي في الاستوديو، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:40 pm


    الدرس الثامن
    :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عن نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد.. أيها الإخوة الكرام، الأخوات الكريمات، إخوتي في الاستوديو من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بكم جميعا.
    تحدثنا في المحاضرة الماضية عن الطريقة العلمية للبحث العلمي، يا شيخ عبد الحميد، الطريقة العلمية للبحث العلمي، وقلنا إن أفضل طرق البحث العلمي هي الطريقة الاستقرائية والاستنتاجية، وتحدثنا حول ذلك مطولا.
    ثم تحدثنا عن خطوات البحث العلمي، وقلنا إنه لا بد للبحث العلمي من خطوات يمر بها ذلكم البحث العلمي:
    أولا: تحديد المشكلة.
    ثانيا: صياغة الفرضيات أو المقترحات.
    ثالثا: الاستنباطات المعقولة.
    رابعا: جمع البيانات وتحليلها، وفحصها.
    خامسا: تأييد الفرضيات أو رفضها.
    في هذه المحاضرة وفي هذا الدرس نتحدثُ عن مصادر البحث العلمي، طبعا نحن تحدثنا كثيرًا عن بدايات البحث العلمي، واختيارات الموضوع، وأمور كثيرة، والخطة، وعناصر الخطة، وأمور كثيرة عن البحث العلمي.
    الآن بعد أن حددْنا الموضوع والعنوان وعرفْنا المناهج التي ممكن أن نسير عليها في بحثنا العلمي، نتحدث اليوم عن المصادر، الآن نريد أن نبحث عن المصادر، لكي نبدأ بالإعداد ثم بعد ذلك نبدأ بصياغة الكتابة، بكتابة مسودة بعد جمع المعلومات، ثم بعد ذلك المبيضة، ثم يخرج البحث في ثوبه الجديد.
    إذن: نحن كأننا شارفنا على النهاية، لم يبق معنا إلا ثلاثة دروس، أو ثلاث محاضرات.
    مصادر البحث العلمي، أو مصادر الباحث أنت أيها الباحث مصادرك العلمية، لا شك أن المصادر العلمية للبحث من خلالها يقاس ذلكم البحث، وتقاس جودة ذلكم البحث، ومكانته، ورفعته، وذلك بِحَسَبِ تلكم المصادر التي رجع إليها الباحث.
    فالمصادر المعتمدة في البحث، يا شيخ جنيد، المصادر المعتمدة في البحث + المخطوطات الجيدة والجميلة والنادرة، التي في نفس الموضوع، وتخص ذلكم الموضوع، لا شك أن تلكم المصادر القديمة وتلكم المخطوطات النادرة، تزيد من قيمة ووزن البحث، هذا لا شك فيه.
    إذن: يوزن البحث ويقاس بمقاييس، من أعظم تلكم المقاييس تلكم المصادر، وتلكم المخطوطات، والاهتمام بالمصادر والمخطوطات، وكذلك كيفية التعامل مع تلكم المصادر وتلكم المخطوطات.
    إذن ليس كل كتاب، يا شيخ عبد الحميد، أيها الباحثون، ليس كل كتاب جديرًا بأن يُسمى مصدرا من مصادر بحثك الذي أنت تبحث فيه، ليس كل مصدر نستطيع أن نجعل له المكانة والجدارة بأن يرتقي ويُسمى مصدرًا من مصادر البحث العلمي.
    لا بدَّ أن يكون لذلكم الكتاب مواصفات وتلكم المخطوطة مواصفات، وحتى المراجع -التي سوف نتحدث عنها بعد ذلك- لها مواصفات.
    وبهذا يتحتم علينا أننا نتحدث عن أقسام المصادر، أو نوعية تلكم المصادر، فنستطيع أننا نقسم المصادر إلى قسمين:
    - مصادر أساسية.
    - مصادر ثانوية.
    مصادر أساسية، وهي التي أقدم وأقوى من تحدث عن المعلومة التي أنت تطلبها، أو تبحث عنها.
    إذن المصادر الأساسية هي أقدم معلومة أو التي تحتوي على أقدم معلومة في المسألة التي أنت تبحث عنها، ونستطيع أن نأتي بعبارة أخرى: هي الوثائق والدراسات الأولى للموضوع، يا شيخ عبد الحميد، إذن هي الوثائق والدراسات الأولى للموضوع الذي أنت تبحث فيه، بمعنى قد تجد الآن بعض المراجع وبعض المصادر وبعض الكتب وبعض البحوث تتحدث عن الموضوع الذي أنت بصدده، لكن لا نستطيع أن نسميها مصادر أساسية، بل ننظر إلى هؤلاء أين رجعوا، ومن أين استقوا تلكم المعلومات.
    سيتضح لنا أنهم رجعوا إلى كتب قديمة، يعني قد يكون لها مئات السنين، وتتبعوا تلكم المعلومة ووجدوا أن أول من تحدث عنها، أو أول من أفاد فيها، أو أول من شرحها وبينها ووضحها، وقد يكون أول من ابتكرها، ذلكم المؤلف في ذلكم الكتاب القديم، أو ذلكم المصدر القديم.
    إذن هذه هي الكتب التي بين أيدينا، وقد تكون معاصرة، وقد تكون أيضًا قديمة، ليست هي المصدر الأساسي لتلكم المعلومة التي أنت تبحث فيها، إلا إذا تأكدت أنها المصدر الأساسي، خاصة حينما نتحدث عن المصادر القديمة؛ لأنَّ هناك مصادر قديمة، وهناك أقدم.
    إذن: نحن عندنا مصادر أساسية للبحث العلمي وهذه تُسمى وتستحق أن تُسمى مصادر أساسية للبحث العلمي، إذن هي الوثائق والدراسات الأولى للموضوع، أو هي أقدم من كتب في هذا الموضوع.
    وهناك القسم الآخر مصادر ثانوية، انتبهوا معي إخوتي الكرام الذين يتابعونا وأخواتي الكريمات، قضية المصادر، هذه مهمة، فهمها والتعامل معها، هي الأدوات العظيمة لبحثك العلمي، أنت الآن تعلمت معلومات كثيرة في البحث العلمي، وقرأت واستفدت -إن شاء الله- كثيرًا، لكن سواء من قراءتك أو من الأكاديمية أو من خلال المحاضرات السابقة، وأصبح أمامك الآن تلكم المصادر وتلكم المراجع، أو أنت تريد أن تبحث عن تلكم المصادر وتلكم المراجع.
    سوف نتحدث عن كيفية البحث عن تلكم المصادر، أهمية تلكم المصادر، كيف تتعامل مع هذه المصادر التي سوف تكون هي الأساس في تقديمك لبحثك، لا تستطيع أن تبحث من غير المصادر، ويكفي أن لها من اسمها نصيب، نحن نقول مصادر، أي مصدر معلوماتك، مصدر بحثك، مصدر إنتاجك، مصدر هذه المسائل.
    فأنت الآن يعني تستمع، أو نتحدث نحن الآن عن الغذاء لذلكم البحث، ذلكم البحث العلمي، نتحدث عن الغذاء، كيف تغذيه، نتحدث عن طعام وشراب ذلكم البحث العلمي، هذا هو المقصود بمصادر البحث العلمي.
    إذن: نحن نقول مصادر أساسية، وهناك مصادر ثانوية، وتسمى مراجع.
    إذن: المصدر غير المرجع، يعني بعض الباحثين ذهب إلى أن المصدر هو كما ذكرت لكم، المصدر الأساسي كما ذكرت لكم قبل قليل، والمصدر الثانوي هي المراجع، كيف المراجع؟
    المصادر الثانوية هي التي تعتمد على الأساسية التي تحدثنا عنها قبل قليل، التي تحدثت وكانت أقدم شيء في إخراج هذه المعلومة، أو الحديث عن هذه المعلومة، أو -كما ذكرنا- الوثائق والدراسات الأولى للموضوع، هذه المصادر الأساسية تعتمد عليها تلكم المصادر الثانوية، فتستقي من المصادر الأساسية، هذا معنى الثانوية.
    وذلكم إما بالتحليل، تحليل تلكم المسائل، أو مثلا النقد، أو مثلا التعليق، أو التلخيص، يعني عندنا الآن مصادر ثانوية ونسميها مراجع، هذه المصادر الثانوية أخذت من الأساسية، أخذت من تلكم الكتب الأساسية، إما بالتحليل، يعني لم تنسخها كما هي، لو نسختها اعتبرت كأنها نسخة زائدة في المكتبة، أو في رفوف المكتبة، كأنه نسخ المصدر الأساسي فيبقى هو الأساسي كما هو، لكن إذا وجدنا مصدرا ثانويا قام بالتحليل، أو النقد، أو التعليق، أو التلخيص، أو الشرح، فإننا نستطيع أن نسميه مصدرا ثانويا، ويسمى مرجعا.
    لكن أن تسميه مصدرا ثانويا، ولكن أن تسميه مرجع من مراجع البحث، أما المصدر الأساسي فلا يُسمى إلا المصدر الأساسي، وذلك عند بعض الباحثين، ونحن تحدثنا وقلنا إن الكتابة في مناهج البحث العلمي والحديث عن البحوث العلمية، وكيف تكتب بحثا، وكيف تكتب رسالة، هذه اجتهادات لباحثين وهي اجتهادات قيمة، ويؤخذ بها؛ لأنها نتاج سنوات طويلة وخبرات لا يُستهان بها.
    الآن نأتي بمثال لبيان الفرق بين المصادر الأساسية والمصادر الثانوية التي تُسمى مراجع، جزاك الله خير.
    لو أراد أحدكم أن يأتي بدراسة لآراء الغزالي في أصول الفقه، مثال، الغزالي له باع كبير في مسألة أصول الفقه، وأراد أن يأتي بهذه الآراء، نقول له: مصادرك الأساسية هنا، هي مؤلفاته، مؤلفات الرجل نفسه، مؤلفات الغزالي نفسه، لماذا؟ أبي حامد، في أصول الفقه، مثلا، يأخذ مثلا كتاب التحرير، المنخول، المستصفى، شفاء الغليل، هذه كُتب أساسية ونُسميها مصادر أساسية، لأن موضوعنا هو دراسة آراء الغزالي في أصول الفقه، من أين نأتي بها.
    {من كتبه}.
    الشيخ:
    من كتبه، من المصادر الأساسية، المصادر الأساسية هنا التحرير، المنخول، المستصفى، شفاء الغليل، هذه مصادر أساسية.
    الأعمال الأخرى التي قامت على هذه الكُتب من أشخاص كثر، كثير الذين استفادوا من كتب الغزالي، وتحدثوا عنها، وشرحوها، وأضافوا، ونقدوا، وبينوا، وشرحوا، الكثير والكثير من ذلك، هذه تُسمى مصادر ثانوية؛ إذن الأعمال الأخرى التي قامت على تلك المراجع الأساسية من شروح وبحوث وحواشي ومختصرات، فإنها تُسمى مصادر ثانوية.. طيب يا شيخ عبد الحميد، يا شيخ جنيد.
    أحد له سؤال في هذا الآن، لك سؤال يا شيخ عبد الحميد.. طيب..
    إذن نحن الآن عندنا للمصادر ينبغي أن يكون في أذهاننا وفي مخيلة الباحث وطالب العلم أن هناك مصادر أساسية، وهناك مصادر ثانوية وتُسمى مراجع، الاهتمام بهذه المصادر تعطي الوزن العظيم لبحثك العلمي، الاهتمام بها وكيفية التعامل أيضًا معها، ضربنا مثالا على ذلك بكتب الغزالي.
    هناك فائدة -لو تدونوا هذه الفائدة- ألا وهي: أن بعض الباحثين أو الذين تكلموا عن البحث العلمي ومنهجية البحث العلمي، وكيف تكتب بحثا أو رسالة، يذهب البعض إلى أن كلمة مرجع تعني كل شيء رجع إليه الباحث أثناء بحثه، فأفاد منه فائدة ثانوية.
    إذن أي فائدة تستفيدها وتكون فائدة ثانوية نستطيع أن نجعلها أو ندرجها تحت كلمة مرجع.
    مثال ذلك:
    وهذا المثال ضربه ... أحاول الأمثلة أن تكون من الكتاب الذي هو مقرر عليكم، الأستاذ الدكتور عبد الوهاب بن سليمان -حفظه الله-، مثال ذلك: يعني من أراد أن يكتب عن النابغة الذبياني، من أراد أن يكتب عنه، فإنه لا بد أن يرجع للمصادر الأساسية، مصادر أساسية للنابغة الذبياني، ما هي مثلا يا عبد الحميد؟
    {ديوانه}
    الشيخ:
    أحسنت، جزاك الله خير، ديوانه، هذا أعظم شيء في دراسته ودراسة شعره، وأسلوبه، وما إلى ذلك، إذن المصدر الأساسي هنا أنك ترجع إلى ديوانه، وأيضًا ترجع إلى أقدم من ترجم عنه، مثل أبو الفرج الأصفهاني في كتابه "الأغاني" هذه تعتبر مصادر أساسية وقديمة ومهمة في ترجمة أو حياة أو دراسة النابغة الذبياني.
    الكتب الأخرى مثل كتب التاريخ وكتب الأدب، وكتب اللغة التي أتت بعد ذلك، وكتب التاريخ -كما ذكرت لكم- مثل الطبري وغير ذلك، تُعتبر مصادر ثانوية، وبالتالي تُسمى مراجع ثانوية.
    هناك فائدة أخرى: لا يُمانع البعض -بعض الذين اهتموا بالبحث العلمي وبالكتابة فيه- لا يمانعون بإطلاق كلمة مصدر على كِلا النوعين، ما هما النوعان؟ المصادر الأساسية والمصادر الثانوية، هذا هما فبالبعض لا يُفرق بين النوعين، ويُسمي كِلا النوعين مصادر، والبعض أيضًا يُسميها مراجع البحث.
    سواء القديمة، أو الحديثة، أو المعاصرة، استفاد منها فائدة أساسية أو استفاد فائدة ثانوية، فإن هذا يثبته في بحثه ويُسميه مراجع البحث ومصادره.
    حتى إن البعض يقول مراجع البحث، كما ذكرت لكم هذه أمور اجتهادية، فإذا أتانا باحث وفرق بين المصادر الأساسية والمصادر الثانوية، فلا نُنكر عليه، فنقول: رائع، ولو أتانا شخص أو باحث آخر، ولم يُفرق بين ذلك، فأيضًا لا يُعاب عليه، فالأمر في ذلك واسع، أم شيء أنه يهتم ببحثه ورسالته وبمصادره ويهتم بالأمانة العلمية، ويهتم في كيفية التعامل مع تلكم المصادر، ويحيله إلى تلكم المصادر، حتى لو لم يُفرق فلا ضير في ذلك.
    ولذلك نجد بعض الكتابات القديمة، يعني ثلاثين أربعين خمسين سنة، تجدها تُفرق، بعض المعاصرة تجدهم لا يُفرقون، مع أن البحث قيم ولا ضير فيه، ولا يضره ذلك.
    طيب.. عندي سؤال لكم أيها الإخوة الكرام، من خلال ما سمعتم ما هو البحث الأصيل؟ من خلال ما سمعتم ما هو البحث الذي نستطيع أن نسميه بحثا علميا أصيلا؟
    يعني من خلال... الآن أنت أمسكت في يدك بحثا أو رسالة علمية، وقرأتها وقلبت في أوراقها، اطلعت على المقدمة، على الخاتمة، على المراجع، على صفحات البحث، على الموضوعات، على خطة البحث، اطلعت الآن، ما تمالكت نفسك إلا أن حكمت على ما بين يديك، بأنه أصيل؟ لماذا حكمت عليه بأنه أصيل؟ يا شيخ عبد الحميد..
    {المصادر نفسها إذا كانت مصادر أصيلة وقوية يكون البحث قوي}
    الشيخ:
    صحيح، أحسنت، هذا هو، نعم، إذن الذي يعتمد على المصادر -كما ذكر أخونا- يعتمد على المصادر الأساسية القديمة ويهتم بها، ويتجنب خاصة في مصادره وفي المعلومات العامة والمعلومات المهمة لبحثه على المصادر الأساسية فإننا نستطيع أن نُسميه بحثًا أصيلا، ولا مانع من أنه يستفيد من المصادر الحديثة، أو المؤلفات الحديثة، نقول له: استفد من ذلك؛ لأنها سوف تفيدك كثيرًا، تُقرب لك المعلومة، تُجنبك التكرار، تجعلك تبدأ من حيث انتهى الآخرون، تُبين لك ما في الساحة يعني بعض الناس أنا اكتشفت اكتشافا جميلا ورائعا ويُدون ويُفرح به، ثم يتفاجأ أن هذا اكتشفها أحد الباحثين قبل سنة أو سنتين أو ثلاث، وهو صادق هنا يظن أنه اكتشف، فالخلل في هذا الأمر، أنه ما اطلع على الدراسات الحديثة والمعاصرة، أو ما اطلع اطلاعا واسعا وشموليا، لما كُتبَ حول بحثه، وبالتالي ظن أن أتى بالجديد، أو أنه اكتشف مسألة جديدة.. وما هذا إلا بسبب -وليعذرني الإخوة- التقصير في الاطلاع والاستفادة أيضًا من المراجع الحديثة.
    فالكتب الحديثة حول الموضوعات والدراسات التي في بحثه، صحيح أننا لا نستطيع أن نسميها مصادر أساسية، ولكن نستفيد منها، كما ذكرت تقريب معلومة، تُفيدنا في بيان منهجية هذا الباحث، ولعلنا نستفيد من تلكم المنهجية، تبين لنا أين وصل الموضوع، تطور الموضوع، إلى أين انتهى، لكي نأتي نحن أيضًا بالجديد.
    تُبين لنا هذه الدراسات التوصيات التي ذهب لها الباحث الذي سبقنا، والنتائج التي خرج بها ذلكم الباحث، لعلنا نأتي بتوصيات جديدة، وبنتائج أخرى جديدة.
    ولا شك أن أخذ المعلومة من المصدر الأساسي له قيمة كبيرة، ضع هذه في ذهنك: أن الأخذ من المصدر الأساسي لبحثك أو لموضوع بحثك لا يُعادله -حقيقة- شيء، ولا يصل إليه المصدر الثانوي أو الكتب الحديثة مهما كانت.
    فلو رجعت إلى أحد المسائل في بحثك إلى مصدر أو مصدرين، وأتى غيرك في بحث آخر ورجع لمسألة لعشرين مرجعا، أو ثلاثين مرجعا، في هذه المسألة، ولكنها حديثة، اعلم أن بحثك قيمٌ وجيدٌ، وأفضل من الذي لم يرجع إلى المصدر الأساسي أو المصادر الأساسية أو المصادر القديمة.. خُذوا هذه إذن معلومة.
    من غير التقليل، نحن لا نقلل من شأن المراجع -انتبهوا معي- لا نقلل من شأن المراجع الحديثة، والمصادر الحديثة، والمؤلفات الحديثة، فهي قيمة جيدة وأصحابها بذلوا الغالي والنفيس من جهد ومال ووقت، فنستفيد منهم، ونحث على ماذا استفادة الباحث منهم، وأن يكون أمينا في ذلك، ويُقدر جهود الباحثين المعاصرين، أو زملائه في البحث، فإنه يستفيد ويستشير ويقرأ.
    والحقيقة أنني اذكر، نحن قلنا أن البحث العلمي مبنى على تجربة، مرَّ عليّ مسألة، والحقيقة كانت مسألة شائكة، وهي جيدة حقيقة، فبحثت كثيرًا ما وجدت إلا القليل، فاتصلت بأحد الإخوان كان بعيدا جدا، صاحب عِلم ودراية وبحث علمي واطلاع، فسألته هل يوجد مراجع في هذا، بعد أن أعيتني الحيل، لأنني ظننت الذي أمامي هو الموجود، فجزاه الله عني خيرا، أرسل لي وهذه فائدة التقنية الحديثة على الإيميل ثلاثة أو أربعة مراجع كانت قيمة، كان أحدها ثمانمائة ورقة، أو تسعمائة ورقة، رسالة علمية قيمة، ومن جمالها والله حاولت أن أعتكف عليها يومين أو ثلاثة إلى أن استوعبت ما فيها، ولا زلت أذكرها، وأقول جزاه الله خيرا.
    إذن نستفيد من جهود الإخوان، من استشارة الإخوان، ومن أيضًا الكتب المعاصرة، كانت هذه الرسالة معاصرة، لكنها قيمة جدا، وأنا اعتبرها حقيقة مصدرا من المصادر الأساسية في هذا، لأننا لا نستطيع أننا نُصادر جهود الذين بحثوا من الإخوة المعاصرين، وأتعبوا أنفسهم وأجهدوا أنفسهم، وقاموا ببحوث قيمة، من الخطأ ومن هضم حقوقهم، أننا لا نجعل ذلك مصدرا من مصادر بحثنا، إذا كان البحث جيد وقوي، فإننا نجعله من المصادر، وأنا ذكرت لكم البعض من الباحثين والذين تحدثوا عن البحث العلمي، لا يُفرقون بين المصادر الأساسية والمصادر الثانوية.
    أحد له سؤال في هذا؟ تفضل يا شيخ عبد الحميد.
    {في القضايا المعاصرة لا نجد كُتب قديمة}
    الشيخ:
    أحسنت، كأنك تقول القضايا المعاصرة قد لا نجد لها مصادر أساسية وقديمة، فكيف نفعل؟!
    فأقول لك: إن المسائل الحديثة والنوازل الحديثة مصادرها الأساسية هي المصادر المعاصرة، عرفت، مصادرها الأساسية هي المصادر المعاصرة، وهي الاهتمام بكل ما بُحث في هذه المسألة، وتنظر أيضًا لما رجع إليه هؤلاء المعاصرون، هذه نعتبرها أيضًا هي المصادر الأساسية لهذه المسألة المعاصرة.
    يعني لو كان مثلا عندك بحث مثلا الشبكة العنكبوتية، ما لها وما عليها، أو المخالفات العقدية في مواقع الشبكة أو الشبكات العنكبوتية، فإن هذا كيف، كثير من مصادرك الأساسية، سوف تكون معاصرة وحديثة.
    أو مثلا الأخطاء العقدية أو المخالفة للتوحيد في القنوات أو بعض القنوات الفضائية، كيف تفعل ذلك، كيف تكون مراجعك، سوف تكون كثير من المراجع حديثة، ولكن نستطيع أن نقول إن هذه المراجع الحديثة، أهم شيء تكون جيدة وقوية، وفعلا تندرج تحت مسمى البحث العلمي، فنستطيع أن نقول هذه مراجعك الأساسية.
    سؤال موفق يا شيخ عبد الحميد.
    إذن مهم أيضًا هذه فائدة مهمة عن المراجع الحديثة، أو الثانوية، أنا أقول هناك أهمية للمراجع الثانوية، فهي تجمع فوائد وفوائد، الثانوية قد تأتي بفوائد وفوائد جميلة، وقد تكون بعض المراجع الثانوية أتت بشيء مفقود من المراجع الأساسية، فمثلا قد يكون عندنا مرجع أساسي في فصل أو فصلين مفقودة، أتانا مرجع بعد ذلك ثانوي شرح ذلك المرجع الأساسي، وأتى بالنواقص أو أتى بفوائد عظيمة، أو كذا، فنستطيع أن نُسمي هذا مصدرا ومرجعا يرتقي مرتقى أو يصل إلى درجة المرجع الأساسي، لأن فيه شيئا جديد وفيه قيمة علمية وقيمة بحثية علمية رائعة، أوصلته وارتقت به إلى المرجع الأساسي.
    إذن: معرفة المراجع الثانوية ضرورية للباحث، ضرورية جدا للباحث لكي لا يقع في التكرار، وأيضًا يبدأ من حيث انتهى الآخرون، وفوائدها كثيرة، كما ذكرت لكم قبل قليل.
    طيب.. مما يدل أيضًا -قبل أن نبدأ في وسائل التعرف على المصادر- مما يدل على أهمية المصادر الأصلية أو الأساسية، مما يدل على ذلك أنك حينما ترجع إلى معلومة، وتدونها في بحثك، وتريد أن تجعل في الهامش المرجع، فإنك لا تبدأ إلا بالقديم، تقدم القديم، الأقدم فالأقدم فالأقدم، وهذا يدل على أهمية المصادر الأصلية، هذه من باب الفائدة.
    ونفعل هذا في جميع طيات الرسالة ومراجعها أو بحثك العلمي، فإنك تُراعي في إثبات المصادر الأسبقية، والأقدمية في ذلك.
    يعني مثلا لو رجعت في فقرة من فقرات بحثك، في فقرة رجعت إلى مثلا عشرة مراجع، أو سبعة مراجع، أو خمسة مراجع، فإنك لا تكتب المراجع هكذا عشوائيا، تقول مثلا: انظر أو تقول: المرجع.. تنظر إلى سنين وفاة المؤلفين، فتجعل الأقدم ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، على حسب وفاتهم، وحسب أقدمية ذلكم الكتاب.
    أما مثلا تأتي بمرجع مثلا تُوفي صاحبه عام 628، ثم تأتي بعد ذلك بمرجع صاحبه تُوفي سنة 500، ثم المرجع الذي بعد ذلك لمرجع مؤلف تُوفي عام 400 هجري، هذا ما يصلح، فأنك تأتي بأول شيء الذي كان 400 للهجرة، ثم 500 للهجرة، ثم 600 للهجرة، وهكذا، كيف تعرف ذلك؟ تعرف ذلك من خلال الكتاب وطبعاته، فإنه مكتوب، متى تُوفي ومتى ولد المؤلف، وإذا لم يوجد، فإنك ترجع إلى ترجمة ذلكم المؤلف؛ لكي تعلم متى ولد ومتى تُوفي.
    أحد له سؤال يا شباب فيما سبق؟
    طيب.. هناك وسائل من خلالها تستطيع أن تعرف المصادر، هناك وسائل وطرق من خلالها تعرف المصادر، أنت الآن عندك بحثك وموضوع بحثك، عنوان الموضوع، والآن أنت في المكتبات و .. و .. إلى آخره، تريد أن تجمع تلكم المصادر، كيف تجمع هذه المصادر؟ ما هي الوسائل في معرفة تلكم المصادر؟
    قبل أن نعرف الوسائل -يا إخواني الكرام- لا بد أن نعلم علم اليقين أن المصادر ليست فقط هي المكتوبة، مثلا الكتاب هذا الذي بين أيدينا، كتب معينة، مجلدات معينة، يعني كتب أو كتيبات أو رسالة، لا.. المصادر والمراجع مفهومها واسع، مصادر ومراجع البحث مفهومها واسع، فهناك المراجع المطبوعة، التي بين أيدينا وفي المكتبات، سواء كانت القديمة أو الحديثة.
    هناك يا شباب المراجع المخطوطة، المخطوطات وهي موجودة في كل أنحاء العالم، ومكتبات العالم، ومراكز العالم، موجودة المخطوطات، فابحث عنها، إذن: عندنا شيء مطبوع، وعندنا شيء مخطوط، هذه تُسمى مراجع، أيضًا عندنا شيء مسموع، الآن مع الوسائل الموجودة والحديثة التلفاز الراديو المسجل الحاسب الإنترنت، وغير ذلك.. هذه وسائل جديدة لم تكن من قبل.
    إذن المسموعة، أنت الآن تستمع إلى برنامج معين، أو تستمع إلى محاضرة، أو تستمع إلى درس مثلا معين، فإن هذا يُعتبر مرجع، لا يُستهان به، حلقة مثلا تليفزيونية وحلقة إذاعية أصحابها تعبوا، وقد يكونون علماء ومتخصصين في هذا الجانب، فإنك لا تهمل ذلك، أهم شيء أنك توثق ذلك في بحثك.
    كذلك المرئية، مثلا فيلم علمي مرئي هذا أيضًا يُوثق، شيء مثلا عبر النت، موجود في النت وفي كذا، فإنه أيضًا يُوثق ويُكتب من أي المواقع أُخذ، ومن المتحدث؟ ومتى؟ فإنها لها طريقة في أنك تُثبت ذلك في بحثك.
    إذن: المطبوع والمخطوط والمسموع والمرئي، هذه كلها مصادر ، اللقاءات المقابلات، قد تكون أنت التقيت بأحد العلماء، العلماء الكبار أو أحد الباحثين، أو أحد المختصين، فإنك تجعل ذلك مصدر ومرجع، تقول مثلا: لقاء يوم مثلا 1/ 1/ 1433 أو 1434 مثلا، الساعة كذا، في المكان كذا، هذا يُعتبر موثق؛ لأن بعض المعلومات في بحثك، نحن لا نتحدث عن بحوث معينة، أو بحوث شرعية معينة، البحث عامة، نتحدث عن صياغة البحث العلمي عامة، ولا مانع أننا نخص البحث الشرعي.
    فقد تكون هناك أيضًا مسألة شرعية وهي من النوازل الحديثة التي وقعت مثلا مؤخرا، والعالم الفلاني من هيئة كبار العلماء، ومن علماء العالم أجمع، له كلام في هذا، فإنك تلتقي به، إن لم يكن مدونا، أو لم يكتب لك، فتستطيع أن تأخذه مسموعا أو مرئيا، وتُثبت ذلك في بحثك، مع مشاورة المشرف والاتفاق على صيغة معينة في ذلك، وتنظر إلى من سبقك في هذا الشأن، ولعلك تستفيد من طريقته.
    لا شك أن توفر المصادر حينما نتحدث عن المصادر أن توفر المصادر حقيقة أحد المقاييس الأساسية لصلاحية بحثك ونجاحه، وأيضًا توفر المصادر يعطيك حقيقة راحة واطمئنان، يعني الحمد لله موجود عندي مصادر ومراجع لأن أبدأ في بحثي، فتوفر المصادر أيضًا تجعل أن هناك اطمئنانا وارتياحا من الباحث، ولا شكَّ أنه إذا ارتاح الباحث واطمئن وكان الذهن صافيا سوف يكون إنتاجه رائعا.
    أيضًا حصر المصادر والدراسات والبحوث حول الموضوع الواحد، يجعل الباحث على إلمام واسع ببحثه.
    طيب.. يمكن لنا أن نتعرف على مصادر البحث من خلال ما يلي، تتعرف المصدر، وتأخذ مصادرك أو تأخذ هذه المصادر التي تستفيد منها في بحثك من أماكن معينة، سوف أذكرها لك.
    أولا: الموسوعات العلمية.
    إذن الموسوعات العلمية التي أشرف عليها أساتذة متخصصون أو باحثون، موسوعة علمية رائعة وجيدة، فإنك تستفيد منها، موسوعة علمية فإنك تستفيد من الموسوعات العلمية.
    أيضًا دوائر المعارف، فإن تستفيد منها، لأن هذه الموسوعات والدوائر عادة تشتمل على بحوث، يا إخواني تشتمل على بحوث علمية، في نهاية كل بحث، مراجع ومصادر، إذن هو يدخل تحت البحث العلمي، كثير من الموسوعات الجيدة والمحترمة، التي اهتم أصحابها بها واحترموا عقول الناس، فإنك تستفيد منها، لأنها ما هي الموسوعات وما هي دوائر المعارف، ما هي إلا مجموعة بحوث ومسائل مذيلة بمراجع ومصادر، فإنك تستفيد من تلكم البحوث، وتستفيد من المراجع التي رجع إليها أصحاب تلكم البحوث التي أُثبتت في الموسوعات العلمية ودوائر المعارف.
    إذن: الموسوعات العلمية ودوائر المعارف، هذا وسيلة من وسائل أخذ أو التعرف على المصادر.
    ثانيا: الدوريات العلمية المتخصصة المهتمة بنشر البحوث العلمية المحكمة، الدوريات يعني مجلات علمية، مثل المجلات العلمية، الآن الجامعات ومراكز البحوث العلمية يا إخوان عندهم مجلات، هذه المجلات تُسمى مجلة علمية محكمة ومتخصصة سواء في أصول الفقه، أو في العقيدة أو في الطب أو الفلك أو الهندسة، أيضًا كانت.. على حسَب الجامعة وكلياتها، وحسب تلكم الكليات.
    فكثير بل العالم كله، كل الجامعات وكل الأقسام المتخصصة، وكل الكليات، وكثير من مراكز البحوث العلمية، فيها تلكم الدوريات أو المجلات المحكمة، تُحكم البحوث يعني مثلا الشيخ عبد الحميد عنده بحث، أيا كان ذلك البحث، فإن لهم شروطا في ذلك، لا يزيد عن صفحات محددة، ويتسم بمنهجية البحث العلمي، وأيضًا فهي الخطة، ومشكلة البحث، والدراسات السابقة، و.. و.. إلى آخره، مثل ما تحدثنا في محاضراتنا السابقة.
    ثم يعطيه المجلة، تنظر في المجلة ثم تبعثه إلى أساتذة متخصصين في ذلكم العلم، ثم يحكمون يقولون: يُعدل، يزيد، يُنقص، يجتاز، ثم إذا أثبتته المجلة في موضوعاتها أو في بين طياتها وأوراقها، فإنه يُعتبر بحثا علميا محكما، ينبغي الاستفادة منه.
    وللأسف الكثير من الباحثين إلا من شاء الله، يُهمل ذلك؛ لأنه من السهولة أخي الكريم أنك تجد مؤلف في السوق، قد يؤلفه فلان، ألَّف ولا يقوم بقوام وأساسيات البحث العلمي، ويُطبع ويُنشر، بينما البحث العلمي في دورية محكمة، يتعب صاحبه إلى أن يُحكمه.
    ولذلك هذه رسالة للباحثين ولطلاب العلم، أن يهتموا بقضية الدوريات المحكمة، وأيضًا رسالة إلى الجامعات وإلى مراكز البحوث العلمية، أن يهتموا -وهم كذلك إن شاء الله- بما يُنشر في دورياتهم، ولا يكون هناك مجاملة أبدا، وهم كذلك إن شاء الله.
    كذلك البحوث والرسائل الجامعية، فإنك تستفيد منها وتستفيد من المراجع التي رجع لها أولئك الباحثون، سواء كانت رسائل ماجستير أو دكتوراه، طبعا تؤخذ هذه من الجامعات من مراكز البحث المتخصصة، من المكتبات العامة، من المكتبات أيضًا التجارية، فبعض الأطروحات سواء دكتوراه ماجستير طُبعت وتُباع في السوق، فإنك تستفيد منها.
    أيضًا رابعا: من الوسائل: المدونات المتخصصة في المصادر والتعريف بها، سواء كانت قديمة أو حديثة، هناك مدونات تكلمت عن مؤلفات معينة في فنون معينة، مثل "مفتاح السعادة" لزادة، هذا جيد، أتى لك بكثير من الفنون وكذا.
    كذلك كتاب "كشف الظنون" وهو يتحدث عن أسامي وعن مؤلفات لفنون كثيرة، لحاجي خليفة، أيضًا رائع.
    كذلك "الفهرست" ممتاز أيضًا لابن النديم، كذلك " التاج المكلل"، وغير ذلك.
    أيضًا الذين تحدثوا عن بعض المؤلفين ومؤلفاتهم، مثل معجم المؤلفين كحاله، أيضًا يعني لعله يفيد الباحث ويُقرب له بعض المصادر.
    ونستطيع أن نقول الآن أن الشبكة العنكبوتية ومحركات البحث، وخاصة جوجل وكذا، حقيقة فيها ثروة هائلة ينبغي ألا نهملها، فإنها تقرب لنا المعلومات، وفي النت الآن مكتبات ضخمة فيها كُتب كثيرة ينبغي أن يستفيد منها طالب العلم، وتقرب به المصادر والمعلومة.
    أيضًا من الوسائل الكتب العلمية والرجوع إلى مصادرها في آخرها، أنظر إلى الكتب العلمية، مثلا بحثك في آراء ابن القيم، أو جهوده، فإنك تنظر لكل من كتب عن ابن القيم رحمه الله، وتأتي بعض الكتب التي تحدثت عن ابن القيم، الكتب العلمية، وتنظر إلى مراجعها، فسوف تفيدك كثيرًا.
    أيضًا بطاقات وفهارس المكتبات والمراكز العلمية، أنت الآن أول ما تدخل للمكتبات، المكتبات: مكتبات الجامعات، المكتبات العلمية، أو مراكز البحث، مثل مركز الملك فيصل، ومكتبة الملك فهد الوطنية، أو مكتبة جامعة الملك سعود، أو غيرها في أنحاء العالم جميعا.
    حينما تدخل المكتبة فإنك تجد بطاقات دروج مخصصة، تلكم الأدرج الصغيرة مخصصة للبطاقات، تستطيع أن تستعر من تلكم البطاقات المصادر التي تُهم بحثك.
    إذن زيارة المكتبات وزيارة مراكز البحوث، والاطلاع على بطاقاتها، لأن كل مرجع وكل مخطوط وكل مصدر وكل كتاب، حتى الكتب المعاصرة، له بطاقة عنده.
    أيضًا الآن مما يُفيدك كل مكتبة وكل مركز بحث علمي تجد فيه خدمة الحاسوب فإنه أيضًا يُقرب ويسهل لك المعلومة.
    أيضًا أُمناء المكتبات، أنت عادة كل ما تدخل مكتبة تجد فيها رجلا يُسمى أمين المكتبة، وقد تجد أمينين أو ثلاثة، هؤلاء يفيدونك كثيرًا، أمين المكتبة مثل مفتاح النور، حينما تحركه يأتيك النور، أيضًا هذا حينما تحرك ذلكم الأمين، فإنه سوف يكشف لك ماذا المعلومة.
    كذلك المُشرف على الرسالة، المشرف يا شباب، يا شيخ عبد الحميد، المشرف على الرسالة، مشرفك الذي يُشرف عليك رسميا، فإنه سوف يفيدك، وكذلك أساتذتك يفيدونك في معرفة المصادر.
    أيضًا مشاورة الزملاء والأساتذة وضربت لك مثالا قبل قليل على ذلكم، كونك تشاور فإنك لعلك يُهدى لك أو يُسدى لك معلومة، أو يُهدى لك كتاب، أو تستعير كتاب، والعلم رحم بين أهله.
    بعد أن تعرفنا على الوسائل، وسائل معرفة تلكم المصادر إخوتي الكرام، بعد أن تعرفنا على مصادر على تلكم المصادر، أصبحت الآن بين أيدينا وفي متناول اليد وجمعنا وتيسر لنا، ينبغي أن ندونها تدوينا أوليا، ثم بعد ذلك نأخذ لكل معلومة، أو كل مرجع بطاقة لكي لا يذهب بحثنا عن معرفة تلكم المصادر لا يذهب سدى لماذا، لكي نعد الآن للبحث ونكتب البحث مسودة، ثم بعد ذلك مبيضة، ثم يخرج ثوبه الجديد.
    وللحديث إن شاء الله بقية.. بقي معنا القليل من الدروس لا أدري هل هي درسين، أو بقي درسان أو ثلاثة، أسأل الله عز وجل أن يعيننا وأن يُبارك لنا في الوقت لكي نستكمل البحث العلمي، ليكون في ثوبه الجديد.
    وبهذا إخواتي الكرام وأخواتي الكريمات وإخوتي في الاستوديو نختم درسنا هذا اليوم، وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:41 pm


    الدرس التاسع
    :

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عن نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد.. أيها الإخوة الكرام، الأخوات الفاضلات، أحييكم بتحية الإسلام الخالدة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، وأرحب بإخوتي في الاستوديو فحياكم الله.
    كنا قد تحدثنا في المحاضرة الماضية أو الدرس السابق، عن ماذا يا شيخ عبد الحميد؟
    {عن المصادر}
    الشيخ:
    نعم، عن مصادر البحث، تحدثنا عن مصادر البحث وقلنا أنها تنقسم إلى قسمين:
    {المصادر الأساسية، والمصادر الثانوية}.
    الشيخ:
    المصادر الأساسية التي بها أصل المعلومة، ثم المصادر الثانوية التي تأتي بعد الأساسية في الأهمية.
    ثم تحدثنا عن الفرق بينهما، أيضًا تحدثنا عن أمر مهم، وقد تساءلنا فيه ما هو البحث الأصيل؟ تذكرون شيئا من هذا يا إخوان، البحث الأصيل.
    {البحث الأصيل هو الذي يعتمد على المصادر الأساسية}
    الشيخ:
    أحسنت، والله يفتح عليك، ويجزيك خيرا، هو الذي يعتمد على كثرة المراجع الجيدة، وكذلك الأساسية، والاهتمام بالمراجع.
    أيضًا تحدثنا وقلنا إن المراجع هذه المراجع أنواع... تذكر شيئا يا شيخ جنيد، نوعيات المراجع..
    {المطبوع}.
    الشيخ:
    أحسنت.
    {مخطوط}
    الشيخ:
    وهناك المخطوط، الذي لم يطبع بعد، لا زال مخطوطا بالخط القديم، معروفة المخطوطات. نعم.
    {وكذلك المسموع}.
    الشيخ:
    وكذلك المسموع، بعض الناس يحصر المراجع في ما هو بين أيدينا من مقروء فقط، سواء كان ذلك المقروء مخطوطا أو مطبوعا، وينسى أن هناك أنواعا أخرى للمراجع، ألا هو قلت ماذا؟
    {المسموع}.
    الشيخ:
    المسموع، شيء مسموع: محاضرات، دروس، عبر السيديهات هذه الموجودة الآن، عبر الشبكة العالمية العنكبوتية، أشرطة الكاسيت، محاضرة مسموعة موثقة، حضر محاضرة لعالم أو درس أو كذا فيعتبر أهم شيء أنه يوثق من هو العالم؟ متى كان ذلك؟ المكان؟ إذن من هو العالم؟ عنوان ذلكم الدرس أو تلكم المحاضرة، المكان الذي كانت فيه، التاريخ.
    وغير ذلك يا شيخ جنيد؟
    قلت أنت: مطبوعة، ومخطوطة، ومسموعة.
    {والمرئية}.
    الشيخ:
    المرئية، وكذلك المرئية، والآن مع كثرة المعلومات، وتوافرها، وتقاربها، وكثرتها -ولله الحمد- فإنه أصبح عندنا مصادر الآن شيء مرئي، يعني ممكن يكون يوم من الأيام أخذ معلومة من الأكاديمية الإسلامية المفتوحة عبر الصوت والصورة، فإنه يوثق ذلك، ولذلك حديث ألا وهو التوثيق -إن شاء الله- آت قريب -بإذن الله-.
    أيضًا تحدثنا وقلنا كيف يمكن نتعرف على مصادر البحث، تذكر شيئا يا شيخ عبد الحميد؟
    {هناك مصادر عديدة للتعرف على المصادر}.
    الشيخ:
    هناك طرق كثيرة للتعرف، إذن هناك طرق عديدة للتعرف على المصادر، من ضمنها؟
    {الموسوعات العلمية}.
    الشيخ:
    الموسوعات العلمية.
    {الدوريات}
    الدوريات والمجلات والأشياء المحكمة هذه، نعم..
    {وفيه استشارات}.
    الشيخ:
    استشارات، المشرف.
    {الإنترنت}
    الشيخ:
    الإنترنت، البحوث والرسائل العلمية.
    {أمناء المكتبات}.
    الشيخ:
    أمناء المكتبات، إذن هذا مهم، قلنا أمين المكتبة يعني مهم عنده معلومات كثيرة، لأنه أمضى وقتا ليس باليسير في المكتبة، فهو يعينك بعد الله عز وجل.
    {المشرف على الرسالة}.
    الشيخ:
    المشرف كذلك على الرسالة، المدونات، هناك مدونات تحدثت عن الكتب ومثل الفهرست، وغير ذلك، التاج المكلل، وغير ذلك، تحدثت عن بعض المؤلفات.
    بعض تراجم الأعلام، تُعينك مثل "الأعلام" للزركلي، يأتي بكل علم ومؤلفاته عادة، مثلًا، يعني هذا كمثال.
    {الدراسات السابقة}.
    الشيخ:
    وكذلك الدراسات السابقة، هذه من وسائل التعرف على مصادر البحث.
    ثم قلنا هناك بطاقات أو قائمة أولية للمصادر، تذكر شيئا منها يا شيخ عبد الحميد؟
    {حتى لا يذهب مجهود الباحث سدى، فإنه يبدأ يدون أي مرجع يقع بين يديه}
    الشيخ:
    أي معلومة عن ذلكم المرجع.
    {نعم}.
    يعني الآن هو في المكتبة، مثلًا في المكتبة، إحدى المكتبات، فدخل هذه المكتبة، وموضوع البحث وعنوانه، وخطة البحث معه، فهو الآن يتعرف عن تلكم المصادر.
    من طرق التعرف -نحن قلنا- الذهاب إلى المكتبات، رؤية الفهارس التي في تلكم المكتبات، البطاقات عن كل مرجع، فهب أنه في هذا اليوم يعني أسعفه الوقت بأن يرى عشرة مراجع، فقط يراها، يبصرها فقط ويجعلها في ذهنه ثم يذهب؟ لا، تضيع المعلومة هنا، لا بد أنه يجعل لكل مرجع بطاقة معلومة، أو أنه لأول مرة ولأول وهلة يأتي بورقة ويضع فيها قائمة بأسماء المراجع التي رجع إليها.
    ثم تأتينا مرحلة أخرى ينتقي ما يهم من تلكم المراجع، ما يهمه يعني قد يترك بعض الأشياء في الأخير، هب أنه بعد زمن كافٍ للبحث عن المصادر، وجد أن هناك من المراجع المئة والمئتين، وجد مائتين مرجع وثلاثمائة مرجع، فإنه مع -إن صح التعبير- مع الغربلة والتمحيص وكذا، وجد أن الذي يفيده هنا مائة أو مائة وعشرين أو مائة وخمسين مثلًا؛ فإنه يحاول أنه يجعل لكل كتاب معلوماته من حيث المؤلف، المحقق، عدد الأجزاء، كل ما يتعلق بالكتاب.
    والحقيقة أن المرجع الذي هو الأساسي بين أيدينا للدكتور عبد الوهاب سليمان وضّح هذا وفصَّل فيه، فأرجو أن يرجع الإخوة جميعًا والأخوات إلى ذلكم التفصيل، لأنه لا مجال له هنا، لأن الوقت داركنا.
    ثم بعد ذلك يضع مختصر في كل بطاقة؛ لأن كل كتاب وكل مرجع له بطاقة، يجعل هناك ملخصا عن ذلكم الكتاب، هذا الكتاب تكلم عن كذا، وبالمعلومة كذا، يعني في خلال سطر أو سطر ونصف فيه بيان لأهمية هذا المرجع، بعد ذلك إذا كثرت المراجع هذا يخدمه بعد ذلك ويفيده، إذا كثرت المراجع فإنه يستطيع أن يرجع لكل بطاقة ويعلم ما يدور حول هذا الكتاب، أو أهمية هذا الكتاب.
    طبعًا أهمية الكتاب تبرز إذا قرأ المقدمة، قرأ خاتمة الكتاب، تصفح الكتاب، قرأ -ولو اليسير- بعض النصوص التي تخدم بحثه، رأى الفهرس، مراجع الكتاب، بالتالي يتكون عند الباحث فكرة يعني نقول جيدة عن ذلكم المرجع، فيحاول أنه يكتب في البطاقة معلومات تهم ذلكم المرجع.
    حقيقة، هذا نستطيع أن نقول أنه يُمثل الخطوة الأولى والأساسية في الإعداد للبحث، محاضرة اليوم ودرس اليوم هو: الإعداد للبحث.
    أنت الآن جمعت المصادر، و.. و.. إلى آخره، الآن نبدأ نعد للبحث، يعني ما قبل كتابة البحث، لأن -إن شاء الله- المحاضرة القادمة وهي الأخيرة، لعلها الأخيرة، سيكون الحديث عن كتابة البحث، مسودة البحث، أو مسودة البحث، ثم صياغته الصياغة النهائية، وخروجه في ثوبه الأخير، وبالتالي نكون انتهينا من ماذا؟ من البحث.
    اليوم هو: الإعداد البحث، يعني خطوة أساسية في البحث العلمي التي هي تسبق الكتابة، ألا وهو الإعداد.
    طبعًا إذا أُفرد كل مصدر ببطاقة كما ذكرنا قبل قليل، وفيها تعريف موجز بالكتاب، سيجتمع عندنا مجموعة بطاقات، وكل باحث له طريقة في فهرسة تلكم البطاقات، يعني سوف تكثر وتصبح بالمئات، فهو لكي لا تتكاثر عليه، وبعد ذلك لا يعلم هذه تخدم في ماذا، وهذه تهمه في ماذا؟ وتتكاثر على الباحث، فإنه ينبغي أن يحرص، ينبغي أن يحرص الباحث على فهرسة تلكم البطاقات في مثلًا دروج صغيرة، أو في أظرف، يعني كل باحث طريقة -كما يقولون-، كل شيخ له طريقة، كل باحث له طريقة في ترتيب تلكم البطاقات.
    إذا أردت أن تتعرف أكثر -كما ذكرت لكم- يا شيخ عبد الحميد، يا شيخ جنيد، إخواني وأخواتي، ترجعون إلى الكتاب الذي هو بين أيدينا، أو لأي كتاب مرجع تحدث عن كتابة البحث أو كتابة الرسائل العلمية سواء كانت الماجستير أو الدكتوراه، فإنه يبين لنا كيف نهتم بالبطاقة، كيف نفهرس البطاقة، ماذا نكتب في البطاقة.
    بعد التدوين -كما ذكرنا- وجمع تلكم البطاقات، فإن الباحث هنا يبدأ بترتيب وضعه، ترتيب تلكم البطاقات الأهم فالمهم؛ لأن كل بطاقة اشتملت على معلومة، وعلى معلومة عن المصدر، وعن ذلكم الكتاب.
    يبدأ بالقراءة بتمعن وبتمحُّص، ثم إذا رتب تلكم البطاقات ترتيبًا جيدًا، طبعًا الترتيب يكون على حسب الأهمية، والأهمية أهمية للمصدر، وأهمية المصدر -كما ذكرت لكم- يعني تتبين تلكم الأهمية من خلال قراءتك لمقدمة الكتاب وخاتمته، أو مراجعه، أو ما يهم بحثك فيه.
    ثم تُدون تلكم المعلومات على حسب خطة..، أنت لا بد أن تصطحب معك دائمًا خطة البحث، تذكرون خطة البحث؟ خطة البحث التي تشتمل على عناصر، وفيها أمور البحث جميعًا، أبواب البحث، فصول البحث، مباحث البحث، كل ما يتعلق بالبحث لكي تكون مرتبًا في المعلومات، وفي المصادر، ويعني كذلك هذه ترتب لك وقتك.
    طبعًا هنا تحاول أن.. يعني هذه البطاقات تخدمك في فعلًا التعرف على هذا المصدر، وحبذا لو كان عندك بطاقات الآن كبيرة، بطاقات كبيرة؛ لأنك الآن بدأت تُدون وتأخذ النصوص، الآن بدأت تدون المعلومات وتأخذ النصوص، وتكتب بعض التعليقات لكي لا تذهب عنك، ومن الأفضل أن يكون حجم البطاقة يعني الحجم إما الوسط أو الكبير، لكي لا يضيق بك الحال في هذه البطاقة، وبالتالي يكون عندك نص كبير، فتحتاج أن تأخذ له بطاقتين أو ثلاثا، فحبذا لو كانت البطاقة كبيرة لتستوعب ذلكم النص.
    طبعًا ليست كل معلومة تُدون، يعني ما هو كل معلومة سعدتَ بها وأنست بها، ورأيت أنها فائدة عظيمة أنها يعني ممكن تدون أو تجعلها في بحثك، إذا أردت ألا تذهب، فاجعل هناك بطاقات تستطيع أن تفهرسها فهرسة خاصة بك خارج البحث، وتدون فيها تلك المعلومات لكي لا تذهب، لعلها تفيدك في يوم من الأيام.
    وأيضًا وليس كل مرجع يُقرأ كاملًا لكي وقتك لا يذهب؛ لأن أنت محصور بوقت، محصور بخطة ومشرف ووقت ومؤسسات مثلًا علمية لها وقتها وكذا، فليس من الضروري أن تقرأ كل كتاب، فبعض الكتب يحتاج فعلًا أن تقرأه كاملًا، بعض الكتب يحتاج تقرأ فيه عدة نصوص، بعض الكتب يحتاج أنك تقرأ فيه مبحثا أو مبحثين، بعضهم نصفه، بعضهم فقط يعني مقدمته أو خاتمته، فكل باحث أدرى ببحثه، وهو يعني على بصيرة ببحثه فيما يعني يخدم بحثه، وأيضًا يحافظ على وقته.
    لكن إذا كان المرجع أيضًا جيدًا ومرت معلومات، لا مانع أنك تدون هذه المعلومات لكي ترجع لها في يوم من الأيام لبحث آخر، أو في وقت راحتك، أما بحثك فهو له زمنه ووقته، فيعني ليس من الضروري أن تقرأ كل مرجع وكل كتاب، لا ليس من الضروري، لكي لا يذهب الوقت.
    طبعًا كل بطاقة، كل نص الآن، نحن الآن قبل قليل تكلمنا عن قائمة أولية للمصادر، الآن أصبح عندنا بطاقة لكل مصدر وفيها تلكم المعلومة، فيها ذلكم النص المقتبس كما هو، أو نص أنت علقت عليه، أو معلومة مثلًا معينة؛ فإنك تُدون تدوينًا دقيقًا لكي لا تتعب بعد ذلك، أنت تتعب الآن لكي لا.. أنت تتعب نفسك الآن لكي ترتاح بعد ذلك، أما إذا كانت هناك معلومة، ثم تقول بعد ذلك اكتب مرجعها، أو اكتب مصدرها، فإنك سوف تتعب بعد ذلك.
    أنت الآن مرَّ عليك النص، دعنا نقول مثلًا: هذا النص مثلًا مر عليك في سير أعلام النبلاء، مثلًا مرَّ علي هذا النص في سير أعلام النبلاء، تقول: سير أعلام النبلاء للذهبي، المجلد كذا، وإن أردت أن تكتب معلومات مثلًا عن الكتاب فلا مانع، وطبعًا تكتب ذلك بعد النص، في البطاقة بعد النص مباشرة.
    أريد أن أقول -كما ذكرنا- دائمًا أذكر ذلك: إن قضية البحث العلمي والكتابة فيه ما هي إلا تجارب قيمة، وتعب أصحابها في ذلك، وأهدوا لك وأسدوا لك هذه المعلومات بعد تعب، فأنت تبدأ من حيث انتهوا، فخذ بهذه المعلومات، خذ بهذه الاجتهادات الجديدة، خذ بما قالوا عن البطاقات، عن ترتيب البطاقات، لكي ترتاح بعد ذلك.
    بعض الناس يقول: أنا لا أرتاح كثيرًا لقضية البطاقات، بينما هي تخدم نوع من الباحثين يقول: أنا لا أرتاح إلا للبطاقات، وبعضهم يقول: أن لا أرتاح إلا لبطاقات وبطاقات معينة مثلًا، بعضهم يقول: أنا أرتاح أنني أكتب في البطاقة في وجهها، أما في الوجه الآخر وفي خلفها الآخر لا أكتب، له ذلك، بعضهم يقول: أنا لا أستطيع إلا أن أكتب في ورق. لا مانع، تجعل هذه الورقة كأنها بطاقة وتدونها وتفهرسها بعد ذلك، وتجعلها في ملفات، كل على حسب ارتياحه، أهم شيء المعلومة والنص ودقة المعلومة، وهذه يعني أشياء نعتبرها من الإعداد لماذا؟ للبحث.
    هناك طرق لنقل المعلومات من المصادر، لكن قبل أن ننتقل لهذه الطرق، هل من سؤال فيما مضى يا شيخ عبد الحميد؟ هل في شيء يا شيخ جنيد؟
    طيب.. هناك طرق لنقل المعلومات. الآن أصبح عندنا قائمة للمصادر الأولية، ثم أصبح عندنا بطاقة لكل مرجع، والمعلومات التي تهم ذلكم المرجع والملخص فيه، أصبح عندنا -كما ذكرت لكم قبل قليل- عندنا بطاقة نستطيع نقول: ثالثة ندون فيها المعلومة والنص.
    إذن نحن عندنا قائمة أساسية للمراجع، لكي لا يذهب جهدنا ووقتنا سدى، ثم قائمة أو بطاقات خاصة لكل مرجع وأهميته لكي ترجع له في الوقت الذي تحتاجه، ثم بعد ذلك الآن بدأنا ندون النصوص عندنا بطاقات أيضًا، بطاقة ثالثة، وهذه هي المهمة أيضًا لكل نص، بطاقة لكل نص، وهي التي أقول لكم ينبغي أن تكون من الحجم الكبير أو الوسط لكي تستوعب النص والتعليق، وتستوعب يعني.. لأن كل بطاقة نستطيع أن نقول -لو صح التعبير- لها تهميش، لها هامش، لكل بطاقة تكون هذا المرجع لهذا النص تذكره في نفس البطاقة.
    هب أننا مثلًا قلنا: الآن هذه بطاقة، هذه كلها مثلًا بطاقة، هذه الآن بطاقة، أتينا بالنص مثلًا بين قوسين، وأخذ من النص مثلًا هنا، هذا رائع، في الأخير هنا مثلًا تكتب: "سير أعلام النبلاء" مثلًا كاملًا، تكتب: للذهبي، جزء كذا، أو "ص" كذا، وهذه تعتبر توثيق لهذا النص.
    بعد ذلك يعني ما تتعب، لأنه لن يكون عندك بطاقة واحدة أو اثنتين أو ثلاث، قد يكون عندك المئات، وقد يكون عندك الآلاف من البطاقات.
    طيب.. الآن عندي النص، عندي شيء ألا وهو: طريقة نقل المعلومة من هذه المصادر، كيف أنقل تلك المعلومة إلى هذه البطاقة التي سوف تنقلني هذه البطاقة إلى كتابة المسودة أو مسودة للبحث، وبالتالي صياغة البحث، لأننا الآن في المراحل الأخيرة في البحث، وهذه البطاقة هي يعني عصب البحث، وهي مهمة هنا، هذه البطاقة مهمة جدًا جدًا، فماذا سوف أنقل فيها؟ أو طريقة النقل من المصادر؟
    هناك طرق عدة:
    - إما أنك تنقل النص كاملًا، يعني مثلًا هناك نص لابن القيم، مثلًا جاء ابن القيم كلام، فنقول مثلًا، مثال يعني: "الله كريم يحب الكرماء، حيي يحب أهل الحياء، قوي يحب المؤمن القوي"، هذا نص جميل مثلًا لابن القيم، من أين أخذته مثلًا؟ من كتابه "مدارج السالكين"، إذن أجعل هذا النص كاملًا مثلًا بين علامتي تنصيص أو بين قوسين، ثم بعد ذلك أقول: "مدارج السالكين" لابن القيم، أو أكتب: ابن القيم "مدارج السالكين"، لك في ذلك يعني طرق، ولك الخيار في هذا، إما أنك تبدأ باسم المؤلف، أو تبدأ باسم المؤلف الذي هو الكتاب.
    إذن: هناك طرق لنقل المعلومات من المصادر.
    - الطريقة الأولى: نقل النص كاملًا.
    - ثانيًا: طريقة أخرى، أو إعادة صياغة النص، إذن: أنت الآن النص جيد ورائع وأعجبك هذا النص، فإنك.. طبعًا نحن نتحدث عن غير النص من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، إذا مرت عليك آية فإنك تضعها كما هي، وإن هناك تفسيرا أو تعليقا لها فإنك تدونها وتكون دقيقًا في كتابة الآية. إذا كان حديث فإن أيضًا تنقله كما هو، وتكون دقيق في ذلك، وتُشير إلى مرجعه في نفس البطاقة.
    نتكلم عن النصوص الأخرى، فالنصوص الأخرى فإما أنك تنقل النص -كما ذكرنا- يعني كاملًا، قد يكون أعجبك النص، جميل النص، يخدمك النص؛ فإنك ترى أنك تنقله كاملًا انقله الآن كاملًا، حتى وإن كان في ذهنك أنك لن تأخذه بعد ذلك كاملًا، لكن لعله يخدمك، فخذه الآن كاملًا، لعله يخدمك في وقت لا تستطيع أن ترجع إليه وتأخذه مرة أخرى كاملًا، فخذه الآن كاملًا حتى لو ما تأخذ بعد ذلك من هذا النص إلا ثلثه أو ربعه أو نصفه، فهذه نصيحة يعني أرجو أن يُؤخذ بها.
    اكتب النص كاملًا الذي تراه يخدمك في بحثك، أو أنك تعيد.. يعني ممكن تعيد صياغته، يعني قد يكون النص.. هذه طريقة أخرى في نقل المعلومات إلى البطاقة، قد تعيد الصياغة، يعني لماذا؟ لأن النص إما أنه ركيك، أو ليس بالقوي، أو نص ما هو مفهوم، أو نص مثلًا فيه سقط أخذته من مخطوط، فقد ترى أنك تُعيد صياغته، فتعيد الصياغة، وتُشير بعد ذلك إلى هذا النص ومكانه، طبعًا سيمر بنا هذا.
    هنا إذا أعدت الصياغة فإنك تقول: انظر، لا تقول مثلًا: راجع، ما تقول كلمة (راجع)، أو أنك تقول مثلًا: "مدارج السالكين لابن القيم" هكذا مباشرة بدون أن تُسبَق بـ (انظر)، أو كذا، أو بتصرف.
    إذا قلت: "مدارج السالكين". معنى هذا أنك أخذت النص كما هو، معنى هذا أنك أخذت النص كما هو، أو أنك ممكن تلخصه، نص طويل تريد أن تلخصه، لكن تلخيصًا غير مخلّ، توجزه إيجاز غير مخل، هذه طريقة من طرق كتابة المعلومات وتدوينها إلى البطاقات، طريقة، أو أنك مثلًا..، طبعًا التلخيص هنا يكون بأسلوبك.. عفوًا، التلخيص غير الإيجاز، هنا التلخيص قد يكون بأسلوبك، بأسلوبك لكن يكون فيه إيجاز.
    هناك أمر آخر: اختصار: يعني أنك تبقي النص كما هو إلا أنك تختصره، يعني تحذف منه أشياء وتشير أنك حذفته، ذلك بالنقاط، مثلًا تضع نقطتين أو كذا، طبعًا قضية..، أتمنى الرجوع، الإخوة الأستاذ عبد الحميد والشيخ جنيد، والإخوة الذين يتابعوننا، أتمنى أننا نرجع إلى الكتاب، إلى المرجع في مادتنا هذه، التي هي منهج البحث العلمي، أو كتابة البحث العلمي، نرجع إلى قضية النواحي الإملائية، متى تضع النقطة، متى تضع الفاصلة، متى تضع النقطتين، متى تضع يعني نقطتين رأسيتين، وهكذا، متى تضع علامة الاستفهام، علامة التعجب، ثلاث نقاط مثلًا عمودية، متى يكون هذا، وهي سهلة وميسرة، وأتمنى الرجوع لذلك، لأن هذه تهم الباحث كثيرًا.
    - إذن من الطرق: الاختصار، يعني تختصر النص وتضعه في هذه البطاقة أو الورقة.
    - كذلك من الطرق: الشرح والتحليل والتعليق، يعني تشرح وتُحلل وتُعلق وتدون ذلك في البطاقة، هذه طريقة من طرق نقل المعلومات من المصادر إلى البطاقات، ممكن أنك تجمع بين التلخيص والاختصار والشرح والاقتباس والنص، يعني تجعل النص، وتحاول أنك تجمع بين تلخيص واختصار وشرح، وتدون ذلك، ثم ذلك في الكتابة تُبين ما هو النص، وأيضًا تبين يعني يفرق بين النص وبين كلامك، كلامك هذا يبرز شخصيتك، وهذا مهم أن يكون لك أيضًا كلام وشرح وتعليق، وما إلى ذلك، وهذا تحدثنا عنه في البدايات.
    بعض الباحثين أيضًا، أو من الطرق: أنك يا أخي الكريم قد لا تأخذ من المرجع إلا بعض الخطوط العريضة فتدونها في البطاقة، خطوط عريضة مهمة تُدونها في البطاقة لعلها تنفعك بعد ذلك حينما تكتب البحث، أو حينما تبدأ في كتابة البحث.
    إذن: عندنا الطرق، ماذا قلنا يا شيخ عبد الحميد؟
    نقل النص كاملًا، تفضل..
    {نقل النص كاملًا، أو إعادة صياغة النص}.
    الشيخ:
    إعادة الصياغة لأمر ما مثلًا، نعم.
    {وتكتب: انظر، أو راجع}.
    الشيخ:
    تكتب: انظر أو راجع، وسيمر بنا ذلك -إن شاء الله-، ثالثًا؟
    {التلخيص، تلخيص النص}.
    الشيخ:
    التلخيص، يعني عادة يكون التلخيص بأسلوبك، نعم.
    {الاختصار}.
    الشيخ:
    اختصار، عادة يكون الاختصار تبقي النص كما هو لكنك حذفت منه أشياء، نعم.
    {التحليل والشرح}.
    الشيخ:
    نعم، الشرح والتعليق والتعليل، نعم، أحسنت.
    الجمع بين ذلك، بين هذه الأمور، وقد تستفيد من المرجع الخطوط العريضة تدونها لعلها تنفعك بعد ذلك، أحسنت، وبارك الله فيك.
    طبعًا، كل هذه الطرق لا بد من الإحالة والإشارة فيها إلى المصادر، كل هذه الطرق لا بد من الإحالة والإشارة إلى المصادر والمراجع وتوثيقها، يعني كل بطاقة لا بد أن تُدون فيها تلك المعلومات كاملة عن المرجع، أو ذلكم المصدر، لا بد، سوف تتكاثر عليك البطاقات، وبعد ذلك لا تعلم من أين أتيت بهذه المعلومة؟ من أين أخذت هذه المعلومة؟ وبالتالي يعني تبدأ في البحث من جديد ويذهب وقتك، فلا بد أن تكون على تنظيم منذ بدايات بحثك.
    بعد ذلك حاول أن تأخذ هذه البطاقات وتنظمها تنظيمًا جيدًا، كل باحث على حسب ذلك التنظيم، على حسب الفصول، النقاط، المسائل، الأبواب، فصول الرسالة، مباحث الرسالة أو البحث، ترتب تلك البطاقات، حينما تكون منظمًا ودقيقًا في هذه الأمور سوف تراح كثيرًا بعد ذلك، نعم.
    ثم بعد ذلك، ماذا تظن يأتي بعد هذا يا شيخ عبد الحميد؟ بعد هذه المرحلة ماذا تظن يا شيخ جنيد؟
    تأتي مرحلة مهمة، ألا وهي: بعد أن جمعنا تلكم المعلومات وأصبح عندنا يعني الكم الهائل من البطاقات التي احتوت على تلكم النصوص أو تلكم المعلومات، فإننا نبدأ الآن.. ليس من الضروري أننا نقحم كل تلك المعلومات التي احتوت عليها تلكم البطاقات ونجعلها في البحث، لا؛ يكون هنا حشو، ليس من الضروري أننا نقحم هذه كلها، أحسنت، نغربل الآن، بدأت الغربلة، بدأت الآن الغربلة والفرز والتمحيص والتدقيق؛ لكي نختار الأحسن منها والأفضل، وأيضًا ما يخدم وما يهمنا في بحثنا.
    إذن يأتي بعد ذلك: اختيار المادة العلمية، والأحسن من تلكم المعلومات والأهم ثم المهم، وإزالة ما لا يصلح، قد تكون معلومة جيدة، وأنت تتألم أنك أخرجت أشياء كثيرة لا تصلح لك، لعلها تفيدك بعد ذلك، أو أنت هنا كباحث لم تعدم الفائدة، أنت قرأت هذا النص في يوم من الأيام أصبح عندك وفي ذهنك تلك المعلومات، حتى وإن لم تدونها في بحثك إلا أنه أصبح عندك معلومة وثقافة عن تلكم المعلومة. إذن لا نقحم كل شيء في البحث أبدا.
    طبعا في ملاحظة مهمة، ألا وهي: الاقتباس، أو كتابة النص، ما في شك أن كل باح يحتاج أنه يرجع إلى النصوص، كل باحث لا بد أنه يرجع إلى نصوص مَن سبقه، وإن كان بعض العلماء مثلًا يرون أنه ينبغي أنه لا ترجع لنصوص مَن سبقك، يعني ترجع فقط إلى الكتاب والسنة، والبقية تكون من عندك، وهذه قد يعني تصعب خاصة في هذه الأواني، لا بد أن ترجع إلى ماذا؟ أو أنت لا تستغني عن كتابات الآخرين، وعن مراجع الآخرين، وعن نصوص الآخرين، وأن تبدأ من حيث انتهى الآخرون، أنت لا تستغني عن ذلك، ولكن نسدد هنا ونقارب بحيث أننا لا نقتبس مثلًا مبحثًا كاملًا أو مطلبًا أو فصلًا، إذن أنت هنا ماذا فعلت؟ ما قدمت شيئا.
    فنحن يعني نأخذ نصوص لكن بقدر، بالتالي يعني نبرز، الباحث يبرز شخصيته هنا، يُحلل ويُبين ويُوضح ويُعلل ويكون له رأي في ذلك، والرأي يكون دقيق مبني على الدليل، ويكون فيه حكمة وتأني، البحث يحتاج منك ذلك.
    أما أنك تأتي وتقول: أنا سوف أقتبس، تقتبس مثلًا فصلًا أو مبحثًا أو خمس ورقات، أو ست ورقات، أو.. بعضهم يعيب أنك تأخذ ورقة كاملة، تقتبس ورقة كاملة هذا يعيب عليك، حتى نصف ورقة إن لم يعني تكون مضطر إلى ذلك، وإن كنت ولا بد أنك تحتاج إلى هذه الورقة الكاملة وهذا النص الكامل، فحاول تأخذ المهم منه ثم بعد ذلك تعلق وتبين، أما أنك تأخذه كما هو، إذن هو سبقك بذلك، ما أتيت بشيء جديد..
    فقضية الاقتباس: لا مانع أنك تأخذ النصوص، ولكن يعني بقدر.
    طبعًا هنا يأتينا قضية أيضًا في البحث وفي الإعداد للبحث، وهي: قضية الهوامش، قضية الهوامش أو التهميش، يعني نجعل لكل معلومة هامش، يعني في مؤخرة مثلًا البطاقة، أو مؤخرة الورقة نكتب فيه.. أو في أسفل الورقة أو البطاقة نكتب فيه يعني معلومات تهمنا، معلومات كثيرة، يعني بعض الناس يظن أن الهامش فقط للمرجع.
    يعني قال ابن تيمية كذا كذا، أو مثلًا قال الإمام مالك كذا كذا، ثم بعد ذلك ترجع وتقول: المرجع الفلاني، الكتاب الفلاني، الصفحة الفلانية، يظن أن الهامش لذلك فقط، لا، الهامش أعم من ذلك وأشمل، فهو يشتمل على التوثيق، يعني توثيق المعلومة يا شيخ جنيد، يا شيخ عبد الحميد، فهو يشتمل على ماذا؟ على توثيق المعلومة من مرجعها ومن مصدرها -كما ذكرت لكم التوثيق- يعني يكون تبدأ بالمرجع، ثم يعني عنوان المرجع، مؤلف المرجع، الأجزاء، المحقق، دار النشر، الطبعة متى كانت، سنة الطبع، الطبعة رقم كم؟ ثم بعد ذلك يذكر الجزء والصفحة، هذا المقصود بالتوثيق، والتوثيق أيضًا له طرق، حبذا لو روجعت بعض البطاقات في المرجع وفي المصدر، تقريبًا في صفحة 133 من كتاب الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان.
    قد يشتمل أيضًا التهميش على بعض التعليقات من الباحث، تعليق مهم، أو تنبيه مهم، أو شرح مهم، أو تعليق مهم يضعه في الحاشية، إلا إذا كان ذلكم التعليق أو التلخيص أو التنبيه قوي ويخدم النص فإنك تضعه في المتن، يعني هذا يُقدر بقدره، إذا كانت معلومات ثانوية، فإنك لعلك تنبه، ممكن بعض الباحثين يقول: هذا سبق أنني تحدثت عنه في صفحة مثلًا، أو في الباب الأول من البحث، وهو الآن يكتب في الباب الثاني، فهو ينبه، أو أنه قد يذكر في هذا التهميش، يقول: سوف تمر بنا هذه المعلومة مثلًا -إن شاء الله- في صفحة. أو في الباب الأخير من البحث.
    إذن: هل خدمنا التهميش هنا خدمة غير التوثيق أم لا يا شيخ عبد الحميد؟
    خدمنا هنا خدمة غير ماذا؟ غير التوثيق.
    أيضًا قد توضح بعض النقاط، تشرح مثلًا بعض النقاط، وقد تشير إلى مراجع أخرى، يعني مثلًا تقول: وللاستزادة، أو من أراد المزيد فعليه أن ينظر إلى كتاب مثلًا.. دعنا نقول هو يترجم لرجل، يرجع لكتاب مثلًا "الإصابة في تمييز الصحابة" كتاب "الإبانة"، كتاب "سير أعلام النبلاء"، كتاب "الأعلام"، يعني يأتي بمصادر أخرى يعني جميلة وجيدة تُفيد القارئ.
    إذن: التهميش أو الهامش ليس فقط للتوثيق، وإنما له فوائد أخرى يا شيخ جنيد، له فوائد أخرى. تستطيع تذكرها يا شيخ عبد الحميد بعض الفوائد غير التوثيق؟
    قلنا: التوثيق.
    {غير التوثيق، ممكن تكتب تعليق}.
    الشيخ:
    التعليق.
    {تشير إلى...}.
    الشيخ:
    مصدر آخر.
    {مصدر آخر، تكتب مثلًا: سبق الحديث عن موضوع معين في الباب السابق، أو سيأتي في الفصل القادم مثلًا}.
    الشيخ:
    ممتاز، ممتاز، توضيح فكرة، التعليق على فكرة، إذن: الهوامش يعني تبين لنا.
    طيب.. ترقيم هذه الهوامش يا إخواني، ترقيم هذه، بعض الناس أو بعض الباحثين -ولا ضير في ذلك- يجعل الترقيم، يجعل للبحث ترقيمًا واحد، للبحث كله، مثلًا من 1 إلى مثلًا 1000حاشية، البعض يجعل لكل ورقة ترقيمها، يعني مثلًا ورقة فقط تحتاج إلى مثلًا هامشين أو ثلاثة أو كذا فتأخذ هذه الوقة1، 2، 3 ، ثم إذا بدأت بورقة أخرى 1، 2، 3، 4، ثم بورقة ثالثة 1،2، 3، 4، 5، 6، وورقة بعد ذلك: حاشية مثلًا واحدة، إذن كل ورقة لها رقمها الخاص وتهميشها الخاص.
    ببعضهم لا، يعني يجعل الترقيم من 1 إلى نهاية كل الحواشي، قد تصل إلى 700، إلى 200، إلى 300 .. كل بحث له طبيعته وله هوامشه، وله مرجع.
    بعضهم يجعلها لكل فصل، كل فصل من فصول الرسالة أو البحث له ترقيم، من بداية الفصل إلى نهايته، مثلًا 70 رقم، أو 80 أو 60 حاشية، وما إلى ذلك.
    هناك.. قبل أن ننتقل إلى النقطة التي تلي هذا، هل في سؤال يا شيخ عبد الحميد فيما مضى؟
    {ما هي أفضل طريقة لترقيم الحواشي؟}
    الشيخ:
    والله أحسن شيء -أحسنت والله سؤال رائع-، أفضل شيء: أنك تجعل لكل ورقة تهميشها لكي لا يتعب القارئ، لكي لا يتعب يعني القارئ بعد ذلك، وأنت أيضًا ترتاح، هذا الذي أميل له، هذا الذي أميل له.
    يا شيخ جنيد في شيء؟
    {أحسن الله إليك يا شيخ، الاقتباس يا شيخ، ألا يكون أحسن في أول المرحلة؟}
    الشيخ:
    هذا الاقتباس، أنت تأخذ النص، أنت الآن أخذت النص ووضعته في البطاقة، دعنا نقول مثلًا النص سطرين، ثلاثة، أربعة، خمسة، بعض الناس أخذ النص حتى يكتبه، أنت أخذت النص الآن كما هو وضعته، هذا يخدمك بعد ذلك في صياغتك للبحث، في المسودة، أنت عرفت. سيمر بك عدة نصوص، أنا لا أريد أن يكون بحثك ورسالتك كلها نقل نص ونص ونص، أين شخصيتك؟ أين بحثك؟ أين تحليلك؟ أين ما قبل النص؟ وما بعد النص؟ ولماذا وضعت النص؟ حتى النص وضع في موضعه هذا فن وذوق من الباحث، يتفنن في ذلك، هذا هو الباحث الجيد، وهذا هو البحث الأصيل، متى تأخذ النص، ومتى تعلق على النص، ومتى ينبغي أن تختصر النص، ومتى ينبغي أن تأخذ النص كله وتضعه كله.
    إذن القضية قضية يعني فعلًا حرفة واهتمام وتفكير ودقة في أخذ ذلكم النص.
    فأنت قصدك جنيد بالنسبة لهذا النص، أنت تقول: لماذا لا يكتبه في البداية؟ بل إنه كتبه الآن، الآن هو كتبه في البطاقة كما هو، وفي المسودة لعله كتب بعضه أو كتب كاملًا، لكن بعد ذلك الصياغة النهائية سوف يقرأ المسودة مرة -سيمر بنا الحديث عن المسودة، ومسودة البحث- قرأ المسودة مرة ومرتين وثلاث، فقد يزيل شيئًا من هذا النص، وقد يحذف هذا النص الذي رآه قبل فترة.
    وكما قال أحد العلماء يعني من كتب يعني بحثا ورآه اليوم الثاني، فإنه يقول: ليتني لو أنني أضفت كذا، أو حذفت كذا، أو قدمت كذا، أو راجعت كذا، نفس الباحث يعني، أنت كباحث لو تأخذ بحثك بعد أن تكتبه في الصياغة النهائية وتنظر إليه كقارئ لست كباحث، كقارئ وناقد سوف تنقض نفسك، فأتمنى أن يصل الباحث إلى هذه المرحلة، أنه بعد أن يصيغ بحثه وينتهي يقرأ مرة ومرتين وثلاثا حتى لو أنه انتهى منه في النهاية، وصاغ الصياغة النهائية؛ فإنه حبذا لو قرأ مرة ومرتين وثلاث، ورأى بعض الانتقادات من تلقاء نفسه؛ لخرج البحث بعد ذلك رائعًا وجيدًا.
    بعض الباحثين يقول: أنا يعني تمنيت.. كنت أتمنى هذا اليوم أنني أنتهي منه، تعبت، ومللت من البحث، لا أريد أن أقرأ مرة ثانية وثالثة. نقول له: اقرأ مرة ثانية وثالثة ورابعة، فإذا قرأته في المرة الأولى سوف يخرج لك بعض الملاحظات، الثانية بعض الملاحظات؛ لأن الله -عز وجل- أبى أن يكون الكمال إلا لكتابه -عز وجل-.
    هناك قواعد عامة لتوثيق المعلومات حقيقة، وبها نستطيع أننا نختم درسنا، الذي يعتبر الدرس التاسع، ما قبل الأخير.
    هناك قواعد عامة لتوثيق هذه المعلومات، وكذلك للاقتباس، اقتباس النص، وجعله كتابته في هذه البطاقة.
    سوف نذكر بعضها ولو ما خدمنا الوقت لعلنا تُذكَّرنا يا شيخ عبد الحميد أو الشيخ جنيد أننا في الدرس القادم بإذن الله نذكر ما تبقى في هذه القواعد.
    - القاعدة الأولى: وضع النص بين علامتي تنصيص، يعني بين قوسين إما كبيرين أو قوسين صغيرين، يسمونها علامات تنصيص، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن هذا النص لغيرك، وهذا يدل على أمانتك العلمية، واحترامك لجهود الآخرين، ونزاهة الباحث؛ لأنك الآن تجعل النص بين قوسين، ثم إذا كان عندك تعليق أو تحليل أو انتقاد للنص أو كذا؛ فإنك تذكره بعد ذلك. هنا -كما ذكرت لكم- هذه شخصية الباحث.
    - إذن: وضع النص بين علامتي تنصيص، هذه واحدة.
    - ثانيًا: التفريق، لا بد أن تُفرق أخي بين كلمة (راجع) و(انظر)، إذا قلت: (راجع) فإنك تقصد يعني النص كما هو، وبعض الناس لا يكتب كلمة راجع، فقط إذا جعل النص في المتن، وجعله بين قوسين، ووضع له رقمًا، ثم في الحاشية كتب مثلًا: "الأم" للشافعي، يعني دل ذلك على أنه أخذ النص كما هو من كلام الشافعي.
    بعضهم يكتب كلمة (راجع)، وبعضهم لا يكتب أي كلمة، إذا ما كتب أي كلمة معنى ذلك، تعارف الباحثون على أن ذلك يعني نص، يعني أنه نقله كما هو.
    لكن لو كتب (انظر)؛ فإنه تصرف في ذلكم النص، إما أنه لخصه، أو أخذ فحوى ذلكم النص، أو أخذ منه بعضه، يعني ليس هذا كلام ذلكم المؤلف؛ بل هو من كلام ومن أسلوب ومن صياغة الباحث نفسه، إذا كتب (انظر) أو كتب مثلًا (بتصرف)، فهناك فرق بين أخذ النص كما هو واقتباسه، وبين التصرف في النص. إذن هذه قاعدة.
    - القاعدة الثالثة: لا بد أن تميز التعليقات من الباحث والتحليلات عن النصوص، يعني مثلًا: هنا نص، إذن أجعله بين قوسين، وأميز ذلك وأوضحه، ولا تغفل عن هذا، ثم إذا كان لي تحليل وتعليق، وكلام لي أنا كباحث أحاول أن أُميزه عن ذلكم النص.
    طيب لو مر عليك نص، أنت الآن رجعت لكتاب، نفس صاحب هذا الكتاب رجع إلى نص ثم علق، ثم أنت الآن تريد أن ترجع لهذا النص، ولهذا التعليق ثم تريد أن تعلق، ماذا تفعل هنا يا شيخ عبد الحميد؟ هذه قضية، هذه الآن قضية.
    إما أنك ترجع لما رجع إليه وتشير إلى جهده؛ لأن هذا الكتاب خدمك بعد ذلك، تقول: (وانظر) مثلًا، ترجع إليه.
    ما وجدت؟ فإن تأخذ النص وتشير إلى ما أشار إليه ذلكم الباحث، ثم تجعل كلام الباحث أيضًا يعني بين علامتي تنصيص، ثم أنت كلامك لا يكون بين طبعًا علامات تنصيص، فأنت هنا تفرق بين هذا. فهمت يا شيخ عبد الحميد؟ فهمت؟
    إما أنك ترجع إلى ما رجع إليه، يعني مثلًا عبد الحميد الآن ألف كتاب مثلًا، الآن عبد الحميد رجع إلى كتاب مثلًا شيخ الإسلام ابن تيمية وأتى بنص، وعبد الحميد له تعليق، أنا أنظر وأريد أن آخذ من كتابك أنت يا عبد الحميد وأجعله لي مرجع في بحث مثلًا؛ أرجع إلى ما رجعت إليه أنت من كلام شيخ الإسلام، ثم بعد ذلك أرجع إلى كلامك وأجعله نص، ثم بعد ذلك أعلق، ما وُجد هذا؟ اعتبر أنه مخطوط ورآه مثلًا عبد الحميد في ألمانيا وهو ما هو متيسر لي، في إحدى المكتبات بعيد عني، فإنني أجعل نص شيخ الإسلام ابن تيمية كما هو، وأشير إلى أن عبد الحميد أشار إليه، ثم أجعل أنت كلامك بين نصين، ثم إنني أعلق بعد ذلك، فهمت يا شيخ عبد الحميد؟
    هذه طرق، سيمر بنا طرق، بقية الطرق إن شاء الله، ثم صياغة البحث، ومسودة البحث، وصياغته في ثوبه الأخير في الدرس القادم -بإذن الله.
    أحد له سؤال سريع قبل أن نختم؟ طيب..
    وبهذا نختم أيها الإخوة والأخوات، أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما قلنا وبما سمعنا، سبحانك اللهم بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 527
    تاريخ التسجيل : 20/10/2008

    تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني Empty رد: تفريغ دروس"منهج البحث العلمي" د.علي بن موسى الزهراني

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:42 pm



    الدرس العاشر"
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد.. أيها الإخوة الكرام، فعبر الأكاديمية الإسلامية المفتوحة أحييكم بتحية الإسلام الخالدة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأحيي إخوتي الاستوديو.
    وحقيقة هذه حلقة الختام، والدرس الخاتم للدروس السابقة التي كانت عن البحث العلمي، أسأل الله -عز وجل- أن ينفع بها ملقيها ومتلقيها.
    إخوتي الكرام، كان الحديث في الحلقة قبل الأخيرة، الحلقة الماضية عن قضية الإعداد، قضية الإعداد للرسالة، أنت معي يا عبد الحميد؟ كان الحديث عن الإعداد للرسالة، ومن ذلك من المصادر والاهتمام بالمصادر، وتدوين تلكم المصادر والنصوص، وما يتعلق بالنصوص، وتوثيق تلكم النصوص، وكيف نتعامل مع تلكم النصوص.
    إذن: كان الحديث عن الإعداد، وكنا قد تحدثنا عن قواعدَ مهمة في توثيق النصوص، أو تحدثنا عن بدايات القواعد المهمة في توثيق النصوص، مثل وضع النص بين قوسين، إذا كان هناك نص أخذته واقتبسته من كتاب معين، فإنك تضعه بين علامتي تنصيص أو مثلًا بين قوسين، وتُشير له مباشرة في الهامش، تذكر اسم الكتاب، واسم المؤلف، وما يتعلق بالكتاب، وقد تحدثنا عن ذلك، ومن فاته؛ فليرجع إلى تلكم الدروس فهي مسجلة، وأيضًا يرجع لمرجعنا "كتابة البحث العلمي".
    تحدثنا عن التفريق بين كلامك أنت أيها الباحث وبين النص، فأنت لك كلام وتعليق، وكذلك هناك يوجد نص اقتبسه وأخذته، فلكي لا يُخلط بين الأمرين، ويُدمج بين الأمرين، فإن هذا له وضعه، وكلامك وتعليقك له وضعه.
    أيضًا متى نكتب: انظر، ومتى نكتب المرجع مباشرة، فأنت إذا أخذت النص كما هو فإنك تشير للمرجعِ بدون أن تقول: انظر أو بتصرف، هكذا تكتبه مباشرة، أما إذا كان هناك فيه اختار أو لك تعليق أو أضفت أو نقلت النص بالمعنى؛ فإنك تقول: انظر، أو تقول مثلًا بتصرف.
    أيضًا من القواعد: إذا شاركك مؤلف آخر، شارك في أخذ النص أو في هذا المرجع كان لعدة مؤلفين، فإنك تذكر هؤلاء الذين ألفوا، فهذا من باب الأمانة، لا تنسبه مثلًا لشخص واحد، وإن أردت أن تختصر، فالبعض يرى أنك تقول: انظر مثلًا إلى الكتاب الفلاني، مثلًا كتاب الإيمان لمثلًا المؤلف الفلاني، ثم تقول: وآخرون، إذا كان ولا بد إذا أردت أن تختصر وكانوا كُثرا، أما إذا كان الأمر قليلا، يعني مؤلف واحد أو كان اللذان قاما بالتأليف اثنين، فإنك تذكرهما.
    هذه بعض القواعد، هناك قواعد أخرى أتمنى أن يرجع لها إخوتي معي هنا، وكذلك الذين يتابعوننا من المنتسبين للأكاديمية يرجعون لها في المرجع، ألا وهو "كتابة البحث العلمي".
    الحقيقة أن كل الجهود السابقة على مدى تلكم الحلقاتِ، يعني من تفكير، طبعًا أنا حينما أتكلم وقلت تلكم الحلقات، الحلقات التي تحدثنا فيها عن البحث العلمي، ومنهجية البحث العلمي، كتابة البحث العلمي، ثم عرفت كيفية الكتابة الآن بعد هذا المشوار الطويل، وبعد هذه السلسلة من الدروس، وبعد القراءة، وبعد التمحيص، وبعد معرفتك كيف تكتب البحث العلمي، الآن أنت بدأت في اختيار الموضوع والعنوان، وجمعت المصادر، وإلى آخره، كل هذه الجهود إلى ما قبل الكتابة، إلى مُسودة البحث، كل هذه الجهود من تفكير واطلاع وتدوين، ما هي إلا إعداد لكتابة البحث.
    طبعًا البحث العلمي يسبقه، أو كتابة البحث العلمي النهائية أو في صيغته النهائية يسبقه المسودة أو المسودة، مسودة البحث، لعلنا نتحدث عن كتابة البحث العلمي في هذا الدرس أو في هذه المحاضرة، بحيث أننا نُقسم هذه المحاضرة إلى قسمين:
    - القسم الأول: نتحدث عن المسودة.
    - والقسم الثاني، وفي آخر المحاضرة: نتحدث عن صياغة البحث في ثوبه الأخير، وخروجه ببهائه وثوبه الجميل والجديد بعد المراجعة والتمحيص، يعني صياغته في وضعه النهائي.
    طبعا مرحلة قضية المسودة، مسودة البحث، لا بد فيها من صياغة سليمة، صياغة سليمة يا عبد الحميد، صياغة أيضًا جميلة، ويُتعب الباحث نفسه في هذه الصياغة، لا يقول: هذه مسودة أكتب فيها ما أشاء، إذا قال: هذه مسودة أكتب فيها ما أشاء؛ فإنه سوف يتعب نفسه يعد ذلك. إلى متى وأنت تقول هذه المسودة ضع فيها هذا، فتضع فيها الغث والسمين، لا.
    أنت الآن، وإن كنا نسميها مسودة إلا أنه ينبغي لك أن تضعَ كل ما في جهدك، وكل ما في وسعك لأن تخرجَ هذه المسودة بمظهر جميل، هي فعلًا مُسودة لكن أرجو أن تضعَ في ذهنك أنها كتابة البحث النهائية، أنها الكتابة النهائية، وبالتالي أنت لن ترضى بالدون هنا، أنت تُريد المعالي، وتُريد أن تكون هذه المسودة من أفضل ما كُتب لكي ترتاح بعد ذلك.
    فأنت تكتب المسودة هنا كتابة علمية، وتصيغها صياغة سليمة، وتحسن التأليف فيما بين المعلومات، وبين النصوص، وبين الأبواب، وبين المباحث، وبين المطالب، وتراعي في ذلك الترابط، يعني أرجو أن تجعل هذه المسودة كأنها البحث النهائي أو الكتابة النهائية، أو الصياغة النهائية لماذا؟ لبحثك ذلك، أو لذلكم البحث.
    أيضًا تلتزم بالمنهج العلمي في الكتابة والعرض، نحن تحدثنا عن المناهج العلمية، ومناهج البحث العلمي، أتذكرون ذلك؟ نحن تحدثنا عن أنواع المناهج، أو أنواع مناهج البحث العلمي، فأنت تسير في هذه المسودة أيضًا على منهج علمي رصين على حسب ما قرأت وتعلمت ودرست، وعلى حسب دروسنا السابقة.
    سيكون هناك نتيجة بعد هذا، نحن ماذا قلنا الآن؟ قلنا: صياغة سليمة، حسن تأليف وتنسيق وترابط فيما بين مسائل ومباحث وفصول وأبواب البحث، أيضًا نلتزم بالمنهج العلمي في هذه المسودة، لا نقول: هذه مسودة ونقلل من شأنها، بل المسودة هي النواة الأساسية والصلبة والجميلة والقوية لكتابة البحث أو خروج البحث في صيغته النهائية، فإن أحسنت في المسودة كان بحثك يعني على جودة وعلى جمال وعلى أيضًا بهاء.
    أما إذا لم تحسن فيها فإنك سوف تكتب.. يعني المسودة تحتاج إلى مسودة، ثم المسودة تحتاج إلى مسودة، وتتعب نفسك في ذلك، إذن ينبغي الاهتمام البالغ بمسودة البحث.
    إذا كان اهتمام بصياغة سليمة وحسن تأليف، والتزام بالمنهج، المنهج العلمي في البحث، فإن النتيجة تكون جودة تلكم المسودة التي تسوقك إلى الكتابة النهائية وصياغة البحث النهائي.
    طيب.. خذوا هذه الفائدة، أحد له سؤال هنا؟ أحد له سؤال فيما مضى؟ أحد له سؤال هنا؟ طيب..
    خذوا هذه الفائدة: البحث العلمي إخوتي الكرام لا بد له من أسلوب، ولا بد له من منهج، وكذلك مادة، أسلوب ومنهج ومادة.
    المادة قد تحدثنا عنها، يعني من أين تأخذ هذه المادة العلمية، وحسن اختيار المادة العلمية، واقتباس تلكم النصوص، والاهتمام بمراجعها، وما إلى ذلك. إذن المادة العلمية تحدثنا عنها.
    طيب.. وجدت المادة العلمية، لا بد لنا من أسلوب جيد في كتابة البحث العلمي، لا يكون مثلًا نأتي بالنص، ثم النص، ثم النص، وتحدثنا عن هذا سابقًا في حلقات، أو في محاضرات سابقة، أين الأسلوب هنا؟ أين شخصية الباحث هنا؟ أين الترابط بين فقرات البحث؟ بين مسائل البحث؟ بين موضوعات البحث؟ بين أبواب البحث؟ فصول البحث؟ مباحث البحث؟ أين الترابط؟
    إذن لا بد من أسلوب وأيضًا منهجية تسير فيها على منهج البحث العلمي، هذه نسميها نستطيع أن نقول: المنهجية العامة، أنك تختار لك منهجا من مناهج البحث العلمي، ثم أيضًا يكون لك أنت منهجية في كتابتك للبحث.
    بمعنى الإحالات تسير فيها على منهجية واحدة، التراجم على منهجية واحدة، التوازن بين أبواب الرسالة، ما تكون مثلًا هذه مثلًا 100 ورقة هذا الباب، والآخر 30 أو 40 مثلًا ورقة، كذلك التوازن فيما بين فصول البحث، مباحث البحث، هذه تسمى أيضًا منهجية في كتابة البحث العلمي.
    إذن خذ هذه الفائدة:
    البحث العلمي ما هو إلا مادة علمية، وأسلوب رائع، وصياغة حسنة، وكذلك منهج يعني يسير عليه الباحث.
    قد يتساءل سائل يقول: يعني الآن المسودة، مسودة البحث، كيف أبدأ أكتب هذه المسودة؟
    طبعًا هذه المسودة ينبغي أننا نعلم علمًا يقينًا أنها هي التجربة الأولى لكتابة البحث، هي تجربتك الأولى الآن لكتابة البحث، الكتابة يعني ما قبل النهائية، أو كتابتك البحث، أن قلت قبل قليل: أنه لا بد أن تكون هذه المسودة كأنها نهاية البحث، أنت الآن تصيغها صياغة نهائية، لأنك تطمع في المزيد وفيما هو أعلى، أنت تريد أن ترتقي برسالتك إلى الكمال، فلا ترضى بالدون.
    إذن: هي خطوة ضرورية لإبراز ما كُتب في هذه البطاقات وهذه المعلومات إلى حيز الواقع وحيز الوجود، يعني ولادة بحث، نستطيع أننا نُسميها يعني ولادة بحث، هذه ماذا؟ هذه المسودة.
    ثم لا مانع بعد ذلك من التعديل ومن التطوير، ومن أنك تقرأها مرة أخرى وثانية وثالثة، إذن كتابة مسودة البحث بعد أن تأخذ هذه المعلومات، وترتب تلكم المعلومات على حسب الخطة وتنظر إلى أبواب وإلى فصول وإلى مباحث الرسالة، تبدأ من البدايات، حتى لو بدأت بمقدمة، لا مانع، وتمهيد، لا مانع. وإن كان بعضهم يقول: حبذا لو كانت المقدمة في الأخير، لكن أنت الآن اكتبها ثم بعد ذلك لك أن تعدل فيها وتطور فيها وتزيد وتنقص وتبقي وتثبت وتمحو، لك ذلك، فأنت الآن تبدأ مثلًا بالمقدمة، أيضًا تمهيد الرسالة ومعلومات ذلكم التمهيد، ثم تبدأ في الباب الأول من أبواب الرسالة، ثم تأخذ الجزئية الأولى، الفصل مثلًا الأول، مباحث الفصل الأول، تبدأ مثلًا في المبحث الأول، ثم هكذا إلى نهاية الرسالة.
    طبعًا من الخطأ انك تأتي وتقول: أنا أريد الآن، هذا بحثي، أو هذه رسالتي، أريد أن أضع لها مسودة مثلًا هكذا من البداية إلى النهاية، وقد تكون في جلسات محددة، وفي جلسة واحدة، أو إلى آخره.
    لا، هذا من الخطأ، أنت الآن من الأفضل لك في المسودة أنك تبدأ مثلًا تأخذ المبحث الأول، تأخذ مثلًا المبحث الأول وتصيغه الصياغة الأولى، ثم لا مانع أن تصيغه صياغة ثانية، هذا عن تجارب يا إخوتي الكرام تجارب، يعني بعض الباحثين يقول: ممكن أنك تكتبه مرة، ومرتين، ثم المرة الثالثة يخرج لك أشياء في المرة الثالثة، ثم بعد ذلك تترك هذا وتصيغه أنت بنفسك، أنتم معي في هذا يا إخوان، يعني تكتب على حسب المعلومات، وحسب النصوص التي أمامك، وحسب ما جمعته، تكتب مثلًا المبحث الأول، تكتبه للمرة الأولى، تكتبه مسودة للمرة الأولى، ثم المرة الثانية، ثم المرة الثالثة، بعض الناس يستثقل ذلك، ولكن النتيجة جميلة ورائعة، وسوف تخرج بنتائج عظيمة، وسيكون بحثك بحثًا رائعًا وتبرز شخصيتك في ذلك.
    أما أنك تصيغه لأول مرة مسودة، ثم تعدل تعديلًا يسيرًا، ثم بعد ذلك تقول: هذه المبيضة، والمشرف لعله يعدل بعد ذلك.
    هذا ليس بصحيح؛ بل إنه من الأمانة العلمية أنك تصيغه صياغة أنت ترضى عنها، ثم بعد ذلك حتى بعد.. يعني هم يرونك تصيغه الصياغة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم بعد ذلك تدع الأوراق يا شيخ، تضع الأوراق جانبًا، ثم تصيغه صياغة بأسلوبك أنت، ثم بعد ذلك توثق المعلومات، سيكون بحثًا رائعًا.
    تنظر للنواقص، بعض النصوص، بعض الأمور تضعها، لا مانع، لكن اعلم أن هذا هو أسلوبك، وبالتالي هذا أنت ستفرح به وسوف يُسعدك؛ لأن هذا هو أسلوبك، هذا هو أسلوبك، وأنت لم تقلد أحدًا هنا، أنت لم تقلد أحدًا هنا، أنت صغته للمرة الأولى وللثانية وللثالثة.
    ولذلك الآن انظر إلى بعض البحوث في السوق، أو بعض الكتب التي في السوق وتداولها الناس، وطُرح لها -ما شاء الله- القبول، وانتشرت بين الناس، لأن هذا المؤلف له أسلوبه الخاص -وإن صح التعبير- له نكهته الخاصة، وتعلم أن هذا أسلوب فلان، حتى لو مثلًا أزيل الغلاف وأُخفي اسم ذلكم المؤلف فإنك تقول: أنني أشم في هذا المؤلَّف، أو في هذا الكتاب أسلوب فلان، المؤلِّف الفلاني، أو العالم الفلاني، لماذا؟ لأنه تميز وأصبح له أسلوبًا يُميزه عن غيره.
    أما بعض الكتب الذي فقط يأخذ ويؤلف كالتأليف هذا العادي، فإنه لا يكون هناك تميز. أما الباحث الذي قرأ كثيرًا، وأعطى لبحثه من نفسه كثيرًا، ومن وقته كثيرًا، بل ومن ماله كثيرًا، ثم قرأ يعني قراءة فاحصة، ثم سوَّد للمرة الأولى وللثانية وللثالثة، ثم صاغه بأسلوبه، فإن هذا حقيقة سيكون أسلوبًا رائعًا.
    بعضهم يذهب إلى.. وخاصة الذي بلغوا مرحلة في البحث العلمي أو كذا، يرى مثلًا لو كان عنده بحث، فإنه يحاول يذكر كل ما في ذهنه، وكل ما في صدره من معلومات، يدونها ويكتب ويبوب، ثم بعد ذلك يقرأ مرة، مرتين، ثلاثا، ثم يرجع بعد ذلك إلى مصادر وإلى مراجع -هذه طريقة أخرى- إلى مصادر، وإلى مراجع أخرى بعد ذلك، يطعم بحثه ويقويه بالشواهد، سواء من القرآن والسنة، أو من أقوال أهل العلم، أو من النصوص التي يُريد أن يقتبسها، وبالتالي سوف يخرج البحث هنا قويًّا.
    وهنا فائدة، ألا وهي: انتشال الباحث من قضية التقليد، ومن قضية التبعية، يُصبح هذا الباحث غير مقلد، إذا أخذا بهذا الأسلوب.
    إذن: قضية المسودة مهمة، وكونك تكتب لأول وهلة ثم الثانية، ثم الثالثة، هذا يعني شيء مهم للبحث، لا سيما ونحن نتحدث عن البحث في صياغته النهائية، في كتابة البحث وصيغته النهائية، ثم طبع ذلكم البحث، ثم تجليده أو تغليفه، ثم نشره في السوق أو تقديمه للمؤسسة العلمية لمناقشته، فالمسودة هنا مهمة وهي اللبنة النهائية للبحث العلمي.
    طبعًا لا يمل الباحث هنا، لأن كلما عوّد الكاتب نفسه على الكتابة وعلى القراءة؛ توالدت الأفكار، وكلما زيّن بذلك بحثه، طبعًا هنا في المسودة الكتابة -كما ذكرت- تكون على حسب خطة البحث التي سبق أن تحدثنا عنها، أو تكلمنا عن عناصر الخطة، وأقصد هنا خطة البحث، يعني المقدمة مثلًا، التمهيد، الباب الأول مثلًا الفصل الأول والثاني، إلى آخره، يسير على هذا المنهج على حسب الخطة التي أمامه حفظًا للوقت، وأيضًا الترتيب الذهني في ذلك، يعني كلما سار الباحث على تلكم الخطة؛ رتب وقته.
    طبعًا بعد أن يقرأ، نحن قلنا: يقرأ المرة الأولى والثانية والثالثة ثم يكتب بأسلوبه، لا مانع أنه يرتاح قليلًا يا شيخ، لا مانعَ أنه يرتاح قليلًا، ثم بعد ذلك يُعاود القراءة، ولكن هنا قراءة الفاحص الناقد، ليس قراءة الباحث، لا تقرأه كباحث، وأنه بحثك، وأنك راضٍ عن كل شيء فيه، لا، اقرأه قراءة الناقد وسوف يخرج لك يعني أشياء كثيرة لعلك تستدركها على بحثك، وهذا نعمل به في جميع مباحث وفصول أو وأبواب الرسالة.
    طبعًا هنا في المسودة لا بد أن نُراعي أمورًا، ألا وهي:
    حبذا يا شباب لو كُتبت معي، لعل أسألكم فيها إن كان فيه وقت.
    أولًا: عرض موضوعات البحث بصورة دقيقة، يعني أنت الآن وأنت تكتب المسودة أرجو أن يُراعى فيها أمور:
    - أولًا: عرض موضوعات البحث بصورة دقيقة، جميع موضوعات البحث لا بد أن تكون بصورة دقيقة وواضحة وذلك بأسلوب سهل ومتلائم مع المادة العلمية، وأن نُراعي تسلسل الأفكار وترابطها.
    إذن ماذا نقول: عرض موضوعات البحث بصورة دقيقة ومتسلسلة ومترابطة، يكفيكم هذا، اكتب هذا باختصار الآن.
    إذن نقول: عرض موضوعات البحث بصورة أو بأسلوب واضح، ونُراعي التسلسل والترابط فيما بين الأفكار، حتى ونحن نكتب المسودة، ومنتظمة، لا نجعل نقول مثلًا: هذه مسودة فنقدم ونؤخر، ثم نرجع لذلك بعد ذلك، ثم إن كان هناك وقتا أرجع، وما هذه إلا مسودة. لا، أرجو أن تجعل في ذهنك أن هذه هي الصياغة النهائية للبحث، وأنا كررت عليكم ذلك، لأن هذا أخطاء قد يقع فيها يعني بعض الباحثين.
    - أيضًا لا بد أن نراعي -إخواني الكرام- الصلة بين موضوعات البحث وترابطها مع بعضها البعض، نراعي الصلة بين موضوعات البحث، نراعي الترابط بين موضوعات البحث وبين أبواب وفصول البحث أو الرسالة.
    إذن: لا بد أن يكون هناك صلة بين الموضوعات، وبين العنوان، بين الأبواب، بين الفصول، بين المباحث، وعلاقة أيضًا ذلك بالعنوان، عنوان البحث.
    - أيضًا نراعي أننا نُنقح العناوين ونهذبها، خاصة العناوين الرئيسية، بعض العناوين أو العنوانات -والصحيح في ذلك أننا نقول: عنوانات، وليس عناوين، العنوانات، يعني بعض العنوانات سواء الرئيسية أو الثانوية، أو العنوانات الصغيرة، بعض العنوانات لأجل أن الباحث استعجل في صياغة ذلكم العنوان، قد يكون العنوان سطر كامل، هذا ما يصح، قدر المستطاع يعني تأتي.. العنوان ما هو إلا دلالة على ما سوف يأتي، مدخل، فحبذا لو اختصر ذلك العنوان وكان ذو دلالة، وكان قويًّا في أسلوبه، وفي صياغته..
    هذا متى يأتي؟ يأتي عند المسودة، لأن الآن أصبح عندك معلومات كاملة عن بحثك، ولذلك نحن قلنا في المحاضرات الماضية، وتحدثنا عن قضية: أن هذه الخطة بموضوعاته وعنواوناتها قابلة للتعديل، تذكرون ذلك؟ ولذلك بعض الباحثين يكتب "هذه الخطة قابلة للتعديل"، لأنني لا أدري ماذا سوف يأتي، لا يعلم الغيب، وهي خاضعة لما سوف يأتي من معلومات، فقد تأتيني معلومات وأقدم وأؤخر، أصيغ وأقلل، أصيغ بأسلوب أحسن وبأسلوب أفضل، فأنت الآن في المسودة تحاول أن تصيغ تلك العنوانات صياغة قوية وجميلة ودقيقة.
    كذلك لا بد أن نراعيَ -حتى في هذه المسودة- التوازن بين أبواب وفصول ومباحث الرسالة، وهذا تحدثت عنه قبل قليل، لا يكون المبحث، هذا المبحث 50 ورقة، والمبحث الذي يليه عشر ورقات أو خمسة عشر ورقة، هذا ليس هناك توازن، قدر المستطاع يكون هناك توازن؛ إلا إذا احتاج ذلكم المبحث، أو ذلكم الفصل فعلًا احتاج، وقرأته مرة ومرتين وثلاثا، ورأيت أن هذا لا بد من التطويل فيه، وأن لا بد أن نشبعه علميًا، بينما ذلك أقل، وبعد أن يقرأ المشرف، وتأخذ رأي المشرف، وتقرأ أنت مرة ومرتين، ولا مانعَ أن تجعل زميلًا أو صديقًا ترى فيه حُبـًّا للبحث أن يقرأه، لعله يفيدك في ذلك.
    أيضًا مما ينبغي أن يُراعى في المسودة: عرض الأمثلة والشواهد، الآن عندنا أمثلة، عندنا شواهد؛ لا بد أن تكون بصورة مقنعة وعادلة، لا يتحيز لشيء يعني معين، لا، هذا بحث علمي، ومن الأمانة ومن العدل أنك تعرض الأمثلة والشواهد بصورة مقنعة، ويعني موثقة وعادلة.
    كذلك مما ينبغي أن يُراعى وأنت في هذه المسودة، تكتب في هذه المسودة: ملائمة المادة العلمية، يعني موافقة المادة العلمية المقتبسة للموضوع الذي جعلت هذه المادة تحته، يعني مثلًا عندك عنوان معين، عندك عنوان معين، ولكن شتان بين هذا العنوان وهذا النص، لا يوجد ترابط، ولا يوجد ملائمة، فهذا خلل، لا تقول هذا مسودة الآن، مسودة وأكتب ذلك وفي الصياغة أستدرك ذلك، في الصياغة النهائية، لا، لا بد من ملائمة المادة العلمية المقتبسة للموضوع الذي كُتبت تحته.
    ثم أيضًا في المسودة ينبغي أننا نراعي توثيق النصوص، وإحالة النصوص لمراجعها، وأن ندون كل معلومة بدقة، النص من أي أُخذ، المرجع، المعلومات كاملة عن المرجع.
    أما إذا كانت هناك عشوائية سوف تتعب، المسودة تحتاج إلى مسودة وإلى مسودة ويضيع الوقت هباءً، هذا لا يصح. إذن هذا مما يُراعى في كتابة المسودة، كذلك يعني توثيق النصوص.
    أحد له سؤال؟ أحد له سؤال في هذا أو مشاركة أو إضافة؟ تفضل..
    {ما المقصود بكلمة (عادلة) في الأمثلة والشواهد بصورة عادلة؟}
    الشيخ:
    يعني بصورة عادلة: يعني يكون هو صاحب عدل حينما استشهد، حينما أتى بذلك النص، أو بذلك القول من أقوال أهل العلم، حينما علّق عليه، حينما رأى ذلك الشاهد ووضعه هنا، بعض الباحثين قد يكون له وجه نظر -يا إخوان أنتم معي؟- قد يكون له وجهة نظر معينة تخالف ما ذهب إليه البحث أو نتائج البحث، وبالتالي هنا مثلًا تخالف رأيه، فلا، نقول: لا تأتي بالشواهد وبالأقوال.
    طبعًا نحن حينما نتحدث عن البحث العلمي هنا، البحث العلمي عمومًا، وخص به البحث في الدراسات الإسلامية، عرفت؟ لكن مثلًا البحوث الأخرى في الفنون التطبيقية، الفنون العلمية، الطب، الهندسة، الكيمياء، الفيزياء، العلوم الأخرى، فعندك مثلًا شواهد، عندك أشياء، عندك نتائج، أنت لا ترى هذه النتيجة من الدكتور الفلاني أو من الطبيب الفلاني، أو من العالم الفلاني، فمن العدل أن تأتي بها كما هي ثم تُعلق، ثم أنت تذكر رأيك.
    أيضًا قد يكون لك مثلًا رأي في أحد المسائل الفقهية يا شيخ، قد يكون لك يعني رأي في أحد المسائل الفقهية أو العلمية أو بعض المسائل العقيدة التي اختلف فيها مثلًا أهل العلم، فإنك تأتي بأقوال أهل العلم كما هي، والشواهد كما هي، أو الأمثلة كما هي، والأدلة كما هي، وأقوال أهل العلم كما هي، ثم إن أردت أن تُعلق عليه، هذه من نزاهة الباحث، عرفت يا شيخ عبد الحميد؟
    ما شاركتنا يا شيخ، لا بد أن تعطينا فائدة، أو تسأل سؤال، أو تشارك مشاركة، طيب.
    طبعًا الآن نحن انتهينا من ماذا؟ من المسودة، كتبنا مسودة البحث العلمي، بحثنا هذا الذي بين أيدينا وتعبنا وقرأنا ومكثنا السنة والسنتين والثلاث، الآن كتبناه وجعلناه في مسودة، أصبح أمامنا المسودة، وقلنا أن المسودة ممكن أنها تقرأ مرة ومرتين وثلاث، ويعني تصاغ بعد ذلك.
    ولا تظن أن هذه المسودة أو هذه المسودة يعني لأجل أنه مسودة قد كُتبت في يوم أو يومين أو شهر أو شهرين، يعني بعض الناس يقول: لا أحمل هم المعلومات والمصادر والسفر واقتناء الكتب والذهاب من مكتبة إلى أخرى، هذه قد تسهل عليّ أمام كتابة المسودة أو صياغة المسودة، المسودة صعب، ترابط معلومات، أسلوب، صياغة، فهذه تأخذ وقت.
    ولا بد أيضًا -هذه يعني خذوها هدية، وهي ملاحظة مهمة- أن تكتب بالمسودة وأنت صافي الذهن، مرتاح البال، مطمئن، لكي تخرج المسودة أو المسودة بصورة رائعة تخدمك في كتابة البحث الكتابة النهائية، ولا بد أن تقرأ النص المقتبس مرة ومرتين وثلاثة؛ لكي تستطيع أن تصيغ المسودة كما ينبغي.
    طبعًا بعد إتمام الصياغة النهائية للمسودة، اتضحت لك الآن صورة البحث تمامًا يا شيخ، اتضحت الآن بعدما كتبنا المسودة، وطبعًا المراجع عندنا والتوثيق، وإلى آخره، اتضحت لنا صورة البحث، صورة البحث الآن متضحة تمامًا، ويحس الباحث أنه اكتمل هذا البناء العلمي، وبالتالي عرف كلياته وجزئياته، وسَبر أغواره، وهو أدرى الناس ببحثه؛ هنا يسهل أن تبدأ بالصياغة النهائية، تبدأ بالصياغة النهائية، وما هي بداية الصياغة النهائية؟ أريد إجابة.
    بداية الصياغة النهائية الآن، الآن أنت الآن بدأت الصياغة النهائية، بماذا نبدأ في صياغتنا النهائية؟
    الآن المسودة أمام أعيننا وبين ناظريك، بعد أن انتهينا الآن من المسودة وقرأناها مرة أو مرتين أو ثلاث، وممكن كتبناها مرة ومرتين وثلاث، ونحن يعني رضينا عن هذه المسودة، نريد الآن أن نصيغ البحث صياغة نهائية على ضوء آخر نسخة في المسودة، على ضوء آخر نسخة بماذا نبدأ؟
    {بخطة البحث، يعني الفصول والأبواب}.
    الشيخ:
    يعني قبل الخطة؟
    {المقدمة}.
    الشيخ:
    المقدمة، الآن نبدأ بالمقدمة، الآن اتضحت أمور البحث، جزئياته، كلياته، أموره، دراساته السابقة، أسباب اختياره، أهميته، فصوله، مباحثه، مسائله، بل نتائجه، وتوصياته، أصبحت الآن في ذهن هذا الباحث؛ لأنه معه صباح مساء، لأنه معه الآن صباح مساء، ومكث معه سنين، فالآن اتضح، ومع هذه المسودة اتضح لك الآن، اتضحت صورة البحث تمامًا، واكتمل البناء، وعُرفت مداخله ومخارجه، وصغائره وكبائره، وكلياته وجزئياته.
    الآن نبدأ بالكتابة، حينما كتبت المسودة مرة ومرتين وثلاث وأنت راضٍ عنها، أصبح الآن عندك دربة في أنك تكتب الكتابة النهائية للبحث، فتكتب الكتابة النهائية للبحث على ضوء آخر مسودة أنت راضٍ عنها، على ضوء آخر مسودة أنت راضٍ عنها، ولتبدأ في المبحث الأول والثاني، أو الباب الأول ومباحثه، ثم تأخذها قليلًا قليلًا قليلًا، وتراجعها أيضًا كما فعلت في المسودة، يعني قليلًا قليلًا قليلًا إلى أن تنتهي، نعم.
    {شيخ، ما هي الطريقة العلمية حتى نكتب المسودة؟ يعني مثلًا تكتب صفحة ثم تلغي بعض الأجزاء، تكتب صفحة أخرى حتى لا تختلط الأمور}.
    الشيخ:
    أعِدْ، أعِدْ يا عبد الحميد.
    {الطريقة العلمية لكتابة المسودة الآن، قد تكتب صفحة ثم تلغي جزء من الصفحة، وتبدأ في صفحة جديدة حتى لا تختلط عليك الأمور}.
    الشيخ:
    لا مانع، أنت يحق لك.
    {هل لها طريقة معينة في الترتيب؟}
    الشيخ:
    نعم، أنت إذا سرت على حسب مثلًا الخطة، دعنا نقول مثلًا: الباب الأول، الباب الأول هذا لا بد انه فصول، ونأتي إلى الفصل الأول من الباب الأول مثلًا، الفصل الأول أيضًا مباحث، نأتي إلى المبحث الأول ونأخذ مسائله الأولى، قد يكون المطلب الأولى، قد يكون مثلًا النقطة الأولى من المبحث الأول.
    تحاول تأخذ هذه النقطة الأولى ولا تخرج إلى أن تشبعها بحثًا، تقرأها مرة ومرتين وثلاث، تزيل ما شئت، تضع ما شئت، تكتبها مرة، مرتين، ثلاث؛ ثم بعد ذلك تزيل هذه الأوراق عنك، ثم تكتبها مثلًا بأسلوبك، ثم تُطعم بالمراجع والمصدر والشواهد، وإذا كان أدلة من الكتاب ومن السنة، عرفت؟
    ثم لك أن تحذف ما شئت وما لا تراه مناسب وتضع مثلًا الذي تراه مناسبة، وتقرأ مرة مرتين ثلاث، ممكن يُعطى المشرف، يُعطى زميل يقرأه، أنت ترتاح، لأن النفس إذا كلّت عميت، فلازم تراوح وترتاح، لا تقل: أنا لا بد لي وراح الوقت، والآن أكتبه، لا،كتبت المسألة الأولى من المبحث الأول، ارتح قليلًا، ثم ارجع واقرأها، فلك أن تزيل ما شئت، وتحذف ما شئت، وتدع ما شئت باليد.
    الآن مع وجود الأجهزة أجهزة الحاسب وكذا، بعض الإخوان يعني قص ولصق -إن صح التعبير- هذا ما يصح ولا يصلح في البحث، اكتب أنت، هذا ما هو إلا وسيلة ومعين، يصبح عندك دربة، ولا يوجد مثل لذة يعني تصفح الكتاب وقراءته، ولا لذة أنك تمسك القلم بين أناملك وتكتب، هذه لذة رائعة، وتحس أنك عايشت البحث، ومع البحث، أما هكذا قص ولصق؛ ما يصلح. كالنائحة الثكلى والنائحة المستأجرة، النائحة الثكلى تبكي بكاءً بحرقة، بكاء فعلًا، وإن كان البكاء والزيادة فيه يعني يخالف ديننا، لكن المستأجرة على حسب ما تعطى من المال.
    {هل نجعل لكل مبحث مثلًا ملف يا شيخ؟}.
    الشيخ:
    نعم، تجعل لكل مبحث ملف خاص لكي لا تختلط عليك الأمور، ثم إذا انتهيت من المبحث كاملًا تبدأ في المبحث الثاني؛ لكي لا يختلط عليك، وحبذا لو قرأت المبحث مرة ومرتين وثلاث ثم جعلته على حدة، وهكذا المبحث الثاني والثالث، وهذه اجتهادات، بعض الناس يقول: أنا سأقرأه مرة أو مرتين ثم آتي بالمبحث الثاني مرة مرتين، ثم الثالث، ثم في الأخير الرسالة أقرأها مرة أو مرتين أو ثلاث، له ذلك.
    {شيخ -سلمك الله- ذكرتم أن من أركان البحث العلمي: الأسلوب والمهج، فإذا وُفق الباحث في أسلوبه ومنهجه، يعني وفق في الطريقة، لكن طريقته خالفت طريقة شيخه الذي يُصحح، يعني هو له أسلوب خاص يراه أنه هو الأفضل، والباحث له أسلوب أيضًا، فكيف الجمع بينهما؟}
    الشيخ:
    يتفق مثلًا مع الباحث، وليس من الضروري أن يكون الباحث مقلدًا لشيخه أو لمشرفه، لا، ليس من الضروري، إذا كانت المعلومة صحيحة والمنهجية جميلة، فليس من الضروري أن تكون صياغتك وأسلوبك أسلوب يعني شيخك، البعض قد يفوق شيخه، قد يكون له أسلوب المميز، لا نريد أن نأخذ نسخة ثانية من المشرف، لا، لا بد أن يكون لك أسلوبك وعدم التقليد في هذا الشأن.
    {يعني هو يأخذ منه التوجيهات فقط}.
    الشيخ:
    يأخذ منه التوجيهات ويقدر ويحترم ويأخذ.. وإذا كان الأسلوب رائع أفضل من هذا لأسلوب، قد يكون أسلوبك ضعيفا مثلًا، لكن شيخي أقوى، آخذ به، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها.
    أيضًا لا يأتي عندنا حساسية أن يقول: أنا لا أريد، لا أريد أن أكون مقلدًا ولذلك لن آخذ من شيخ، ما هو صحيح، لا، خذ منه، خذ منه وبأسلوبك، فهذه تُقدر بقدرها، والإنسان على نفسه بصيرة أو الباحث يعني، ما بلغ هذه المرحلة وإلا وهو يستطيع أن يميز.
    طبعًا في يعني هذه المرحلة بعد أن كتبنا البحث كتابة نهائية لا بد أن نُراعي أمورًا سأذكرها لكم على عجل لأن الوقت داهمنا، نسمي هذه الأمور: مراجعة البحث.
    الآن المراجعة النهائية للبحث، اهتممنا بالحث أيما اهتمام، بمصادره، بمراجعه، بفصوله، بأبوابه، بكل ما في البحث، وأظن أيضًا اهتمام قضية مراجعه؛ لأن مراجعه تدل على أمانتك وعلى خُلق الباحث، وعلى نزاهة الباحث، ينبغي أن يهتم بتلكم المراجع.
    الآن أصبح البحث بين أيدينا، علينا نُراعي أمورًا في مراجعتنا للبحث لكي نزفه إلى المطبعة فيُطبع ويُغلف ويُجلد ويصبح يسر الناظرين، ويعني أسأل الله -عز وجل- أن ينفع ببحوثكم المستقبلية، وأن يهديني كل واحد منكم نسخة من بحثه حتى الذين يشاهدوننا سوف نتواصل معهم حتى بعد هذه الدروس، ولعلي أسعد ببحوثهم الجميلة التي خططتها أناملهم.
    - نراعي سلامة الجملة والعبارات.
    - وضوح الأفكار والمعاني والترابط فيما بينها.
    - كذلك أن تكون المقدمة ذات جودة عالية، وما اشتملت عليه، وعرضها لمواضيع وما يعلق بالبحث.
    - أيضًا صياغة العناوين الرئيسية.
    الآن نحن سوف.. يعني صياغة نهائية ينبغي أن نهتم بصياغة العناوين الرئيسة ونضعها في أماكنها، قد نكون في المسودة أخطأنا، أخفقنا، فهنا انتهى الأمر، هذه الآن في ثوبها الجديد.
    - كذلك التدرج في الأفكار وتطورها.
    لا تقُل: هذه مسودة أنا تعبت عليها مرة ومرتين وثلاث، خلاص قضي الأمر. لا، لعلك تضيف، ولعلك تأتي بفكرة أو تزيل فكرة.
    - كذلك البدء من أول السطر حينما تأتيك فكرة معينة أو موضوع معين لكي تلفت انتباه القارئ.
    - كذلك سلامة الترقيم والإحالات.
    بعض البحوث تبحث عن صفحة مثلًا 10 أو 15 أو 30 أو 100 مثلًا ما تجدها، فيقول: لماذا؟ والله الطابع، والله المكتبة، والله التصوير، ويجعل هذه على عاتق الطابعة أو جهاز الحاسب أو غير ذلك، وهذا ما هو صحيح، أنت الآن أين أنت؟ هب أن الطابع أو المكتبة التي صورت أو الذين قاموا بترتيب هذا البحث أخطأوا، أين أنت؟ أين مراجعتك النهائية.
    - كذلك سواء ترقيم الصفحات أو ترقيم الإحالات، بعض الأحيان يقول: حالة 1، ثم بعد ذلك 5، طيب و2 و3 و4؟ أو 1و3، طيب رقم2؟ والله ما رأيتها أو هذه أخطاء الطابعة، لا، ليس بصحيح، أين أنت؟ لا بد من المراجعة.
    ولم أر في عيوب الناس عيبًا
    كنقص القادرين على التمام

    أنت تستطيع أن تقدر أن تعمل بحثك، فلماذا لم تعطه من وقتك وتراجعه؟
    - كذلك العناية بالآيات والأحاديث.
    وهذا مهم، وهذا الذي ينبغي أن نجعله في البدايات حقيقة، ألا وهو العناية بالآيات والأحاديث، وتخريجها.
    - كذلك تجنب التكرار، التكرار والإعادة في العبارات.
    طبعًا هذه الأمور تأتي من السرعة والاستعجال، بينما التأني والأناة مهمة للباحث خاصة في النهايات وفي الصياغة النهائية.
    - أيضًا التأكد على أن كل ما حوته الرسالة مهمًّا، وله علاقة بالبحث.
    بعض الأشياء حتى وأنت تكتب في المسودة حينما تقرأ مرة ومرتين ثلاث، بعض النصوص ليست لها علاقة بالرسالة، وإن كانت جميلة ورائعة إذن أزيلها، أستفيد منها في أمر آخر.
    - أيضًا كذلك استعمال العلامات الإملائية وعلامات الترقيم، (الفاصلة، النقطة، إشارات الاستفهام، التعجب).
    والحقيقة المرجع هذا يفيد كثيرًا في يعني من أراد أن يعرف التفاصيل، علامات وما يتعلق بذلك.
    - وفي الأخير أقول: الاهتمام -كما نبهت قبل قليل- بمراجع البحث مهم.
    فمراجع البحث ومصادر البحث -إخوتي الكرام- هي عنوان شرف الرسالة العلمية وبراءتها وصدقها، فيذكر الباحث ويكتب جميع تلكم المصادر، ويرتبها ترتيبًا وتنسيقًا هجائيًا.
    طبعًا نسيت أن أذكر لكم الخاتمة -نسأل الله لنا ولكم ومن يتابعنا حسن الخاتمة- خاتمة البحث، هذه تشتمل على النتائج وأهم ما في البحث، على نتائج البحث وعلى التوصيات، طبعًا الذي قرأ بحثه جيدًا وتعب في بحثه ويفهم بحثه جيدًا، سوف يخرج بنتائج وبتوصيات.
    أما الذي يأتي يقول: ما أدري، لا يوجد، ما وجدت توصيات، ما وجدت نتائج، أين؟ إذن أنت أتعبت نفسك بلا فائدة، لا بد يشتمل بحثك على نتائج وتوصيات، وهذه هي الثمرة، الثمرة من بحثك.
    وبعد هذا التطواف الجميل، أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا بما سمعنا جميعًا، وإن شاء الله أنني أراكم قريبًا يعني من الباحثين، وأرى بحوثكم في المكتبات وفي الأسواق، وكذلك مَن يشاهدنا من الإخوة والأخوات، كما بدأتُ أيضًا في البداية أرحب بكم من موقع الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، وأسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا جمعًا بما سمعنا، وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 5:26 pm