ابن خُلدون ( 732هـ - 808هـ ) ( 1) :
هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن خلدون التونسي , ولد في تونس سنة ( 732هـ ) لأُسرةٍ عريقة النسب ، رفيعة المقام ، جمعت بين العلم والسياسة ، ولذلك نجده قد تأثر بتلك الناحيتين : العلم والسياسة .
تلقى علومه على يد والده وعلى أيدي عُلماء كثيرين , فقرأ القرآن الكريم وحفظه ، ودرس علومه كالتفسير ، والحديث ، والفقه , كما درس النحو والبلاغة والتاريخ , وألمَّ بعلوم أُخرى كالرياضيات ، والطبيعة ، والمنطق ، والفلسفة . عمل وزيرًا ، وكاتبًا ، وقاضيًا لكثيرٍ من ملوك المغرب العربي , ولكنه ملّ السياسة وعافها ، فاستقال وانقطع للتدريس والتأليف حتى توفي بالقاهرة عام ( 808 هـ ) . يُصنف ابن خلدون كواحدٍ من كبار أعلام ومفكري التربية الإسلامية ، حيث شارك في وضع كثيرٍ من مبادئها .
= أهم أفكاره التربوية ( 2 ) :
1- يرى أبن خلدون أن العلم والتعلم طبعي في العمران البشري, لأن الإنسان يتميز عن الحيوان بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه والتعاون مع أبناء جنسه والاجتماع معهم .
2- وردت كلمة ( التربية ) عند ابن خُلدون مرةً واحدةً في كلامه عن مراتب الملك والسلطان وألقابها في الفصل ( 34 ) من مقدمته الشهيرة ، والواضح أنه يقصد بها المعنى الذي ينصرف إلى التنشئة .
3- قسّم منهج التعليم إلى قسمين :
أ) منهجٌ ابتدائي : ويعتبر منهجًا عامًا يتضمن حفظ القرآن الكريم ، ورواية الشعر والنثر ، وتعليم قواعد اللغة العربية ، وجودة الخط والحساب .
ب) منهجٌ عالٍ : وينقسم إلى قسمين هما :
- علومٌ مقصودةٌ لذاتها كالعلوم الشرعية .
- علومٌ غير مقصودةٍ لذاتها ، وإنما هي مساعدةٌ لتعلم العلوم السابقة كاللغة العربية ، والحساب ، والمنطق .
4- كان يرى أن القرآن الكريم هو أصل التعليم ، وأول ما ينبغي تعليمه للصبيان , وأن تعلم اللغة أمرٌ أساسيٌ لتعلم سائر الفنون .
5- يرى أن التعليم في الصغر أشد رسوخًا ، وأنه أصلٌ لما بعده .
6- دعا إلى عدم الخلط بين علمين في وقتٍ واحدٍ على المتعلم , لأنه حينئذٍ قلّ أن يظفر بواحدٍ منهما . وهو بهذا يدعو إلى ما يُسمى بالتخصص الدقيق ، كما تقول التربية الحديثة .
7- اشتهر بدعوته إلى استخدام مبدأ التدرج في تعليم الصبيان ومراعاة قدراتهم ، بمعنى أن يكون هناك ثلاث مراحل متدرجة هي : الإجمال ، ثم التفصيل ، ثم تعميق الدراسة ، بمعنى التدرج من السهل إلى الصعب ، ومن البسيط إلى المعقّد ، ومن المعلوم إلى المجهول , ومن الأمثلة الحسية إلى القوانين العامة والغايات .
8- نادى باستخدام وسائل الإيضاح في تبسيط الدروس كاستخدام الأمثلة الحسية والانتقال من المحسوس إلى المجرد .
9- قرّر فائدة الرحلات في طلب العلم ، ولابد منها لما فيها من اكتساب الفوائد والتعلم المباشر الناتج عن التقاء المتعلم بكثيرٍ من المشائخ والعلماء ، والاستفادة منهم مباشرة .
10- رأى تجنب الاختصارات في التعليم لأنها تفسده , وتُخلُ بالتحصيل العلمي ؛ حيث إن معلوماتها لا تثبُت في الذهن طويلاً .
11- يرى أن استخدام العقوبة والشدة مُضرةٌ بالمتعلم وتُسلمه إلى التبلد و الكذب والخبث , ولذلك فقد نصح باستخدام الشفقة في معالجة الأطفال ، وطرق تهذيبهم وتأديبهم , ولكنه مع ذلك لا ينكر العقاب ، ويرى أن يكون خفيفاً ، وألاّ يزيد على ثلاث ضربات .
12- دعا المعلم لأن يكون قدوة حسنة خاصة في تعلم الأخلاق السامية , لأن الأطفال يتأثرون بالتقليد والمحاكاة لمن هم أكبر منهم سناً . وفي هذا دعوة إلى تنوع أساليب التربية والتعليم .
13- يؤكد أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم بالفهم والوعي والمناقشة ، لا الحفظ الأعمى عن ظهر قلب , ويشير إلى أن ( ملكة العلم ) إنما تحصل بالمحاورة والمناظرة في المسائل العملية .
المراجع :
( 1 ) صالح سالم باقارش ، وعبد الله علي الآنسي . ( 1406هـ / 1986م ) . مشاهير الفكر التربوي عبر التاريخ . ( د . ن ) . الطائف : مطابع دار الحارثي للطباعة والنشر . ص ( 193 ) .
( 2 ) محمد منير مرسي . ( 1985م ) . تاريخ التربية في الشرق والغرب . القاهرة : عالم الكتب . وصالح سالم باقارش ، وزميله . مرجع سابق ، ص ص ( 194 - 195 ) .
هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن خلدون التونسي , ولد في تونس سنة ( 732هـ ) لأُسرةٍ عريقة النسب ، رفيعة المقام ، جمعت بين العلم والسياسة ، ولذلك نجده قد تأثر بتلك الناحيتين : العلم والسياسة .
تلقى علومه على يد والده وعلى أيدي عُلماء كثيرين , فقرأ القرآن الكريم وحفظه ، ودرس علومه كالتفسير ، والحديث ، والفقه , كما درس النحو والبلاغة والتاريخ , وألمَّ بعلوم أُخرى كالرياضيات ، والطبيعة ، والمنطق ، والفلسفة . عمل وزيرًا ، وكاتبًا ، وقاضيًا لكثيرٍ من ملوك المغرب العربي , ولكنه ملّ السياسة وعافها ، فاستقال وانقطع للتدريس والتأليف حتى توفي بالقاهرة عام ( 808 هـ ) . يُصنف ابن خلدون كواحدٍ من كبار أعلام ومفكري التربية الإسلامية ، حيث شارك في وضع كثيرٍ من مبادئها .
= أهم أفكاره التربوية ( 2 ) :
1- يرى أبن خلدون أن العلم والتعلم طبعي في العمران البشري, لأن الإنسان يتميز عن الحيوان بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه والتعاون مع أبناء جنسه والاجتماع معهم .
2- وردت كلمة ( التربية ) عند ابن خُلدون مرةً واحدةً في كلامه عن مراتب الملك والسلطان وألقابها في الفصل ( 34 ) من مقدمته الشهيرة ، والواضح أنه يقصد بها المعنى الذي ينصرف إلى التنشئة .
3- قسّم منهج التعليم إلى قسمين :
أ) منهجٌ ابتدائي : ويعتبر منهجًا عامًا يتضمن حفظ القرآن الكريم ، ورواية الشعر والنثر ، وتعليم قواعد اللغة العربية ، وجودة الخط والحساب .
ب) منهجٌ عالٍ : وينقسم إلى قسمين هما :
- علومٌ مقصودةٌ لذاتها كالعلوم الشرعية .
- علومٌ غير مقصودةٍ لذاتها ، وإنما هي مساعدةٌ لتعلم العلوم السابقة كاللغة العربية ، والحساب ، والمنطق .
4- كان يرى أن القرآن الكريم هو أصل التعليم ، وأول ما ينبغي تعليمه للصبيان , وأن تعلم اللغة أمرٌ أساسيٌ لتعلم سائر الفنون .
5- يرى أن التعليم في الصغر أشد رسوخًا ، وأنه أصلٌ لما بعده .
6- دعا إلى عدم الخلط بين علمين في وقتٍ واحدٍ على المتعلم , لأنه حينئذٍ قلّ أن يظفر بواحدٍ منهما . وهو بهذا يدعو إلى ما يُسمى بالتخصص الدقيق ، كما تقول التربية الحديثة .
7- اشتهر بدعوته إلى استخدام مبدأ التدرج في تعليم الصبيان ومراعاة قدراتهم ، بمعنى أن يكون هناك ثلاث مراحل متدرجة هي : الإجمال ، ثم التفصيل ، ثم تعميق الدراسة ، بمعنى التدرج من السهل إلى الصعب ، ومن البسيط إلى المعقّد ، ومن المعلوم إلى المجهول , ومن الأمثلة الحسية إلى القوانين العامة والغايات .
8- نادى باستخدام وسائل الإيضاح في تبسيط الدروس كاستخدام الأمثلة الحسية والانتقال من المحسوس إلى المجرد .
9- قرّر فائدة الرحلات في طلب العلم ، ولابد منها لما فيها من اكتساب الفوائد والتعلم المباشر الناتج عن التقاء المتعلم بكثيرٍ من المشائخ والعلماء ، والاستفادة منهم مباشرة .
10- رأى تجنب الاختصارات في التعليم لأنها تفسده , وتُخلُ بالتحصيل العلمي ؛ حيث إن معلوماتها لا تثبُت في الذهن طويلاً .
11- يرى أن استخدام العقوبة والشدة مُضرةٌ بالمتعلم وتُسلمه إلى التبلد و الكذب والخبث , ولذلك فقد نصح باستخدام الشفقة في معالجة الأطفال ، وطرق تهذيبهم وتأديبهم , ولكنه مع ذلك لا ينكر العقاب ، ويرى أن يكون خفيفاً ، وألاّ يزيد على ثلاث ضربات .
12- دعا المعلم لأن يكون قدوة حسنة خاصة في تعلم الأخلاق السامية , لأن الأطفال يتأثرون بالتقليد والمحاكاة لمن هم أكبر منهم سناً . وفي هذا دعوة إلى تنوع أساليب التربية والتعليم .
13- يؤكد أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم بالفهم والوعي والمناقشة ، لا الحفظ الأعمى عن ظهر قلب , ويشير إلى أن ( ملكة العلم ) إنما تحصل بالمحاورة والمناظرة في المسائل العملية .
المراجع :
( 1 ) صالح سالم باقارش ، وعبد الله علي الآنسي . ( 1406هـ / 1986م ) . مشاهير الفكر التربوي عبر التاريخ . ( د . ن ) . الطائف : مطابع دار الحارثي للطباعة والنشر . ص ( 193 ) .
( 2 ) محمد منير مرسي . ( 1985م ) . تاريخ التربية في الشرق والغرب . القاهرة : عالم الكتب . وصالح سالم باقارش ، وزميله . مرجع سابق ، ص ص ( 194 - 195 ) .